بعد تجاذبات في صفوف حزبهم، تمكن الديمقراطيون من اجتياز عقبة أساسية أمام مشروع الإنعاش الاقتصادي، وتمريره في مجلس الشيوخ بفارق صوت واحد فقط.
فتردد الديمقراطي المعتدل جو مانشين بدعم زملائه لإقرار المشروع الضخم أظهر هشاشة الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، وضرورة أن يكون الصف الديمقراطي متراصاً لتخطي المعارضة الجمهورية الشرسة ضد بعض مشاريع الإدارة الأميركية.
ويشكل مشروع الإنعاش الاقتصادي دعامة برنامج بايدن الانتخابي، وعدم إقراره كان سيخلق إحراجاً كبيراً لكل من بايدن وأعضاء حزبه الذي يسيطر على مجلسي الكونغرس، ولو بأغلبية بسيطة.
وهذه هي الرسالة التي أوصلها كل من بايدن وزعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر للسيناتور المتمرد، فما كان منه إلا أن انسحب تكتيكياً بعد أكثر من 11 ساعة من المفاوضات الداخلية، ليعود إلى الصف الديمقراطي ويدلي بصوته لصالح التمرير.
ولم يكن سبب تراجع مانشين عن معارضته مبنياً على تنازلات تذكر قدمها الديمقراطيون له، فجل ما فعله شومر هو تقدمة تنازل بسيط بشأن إعانات البطالة، من دون أن يؤثر ذلك على وزن المشروع البالغ نحو تريليوني دولار أميركي. وشرح شومر سبب تراجع السيناتور المعتدل عن ولاية ويست فيرجينا ببساطة قائلاً: «إذا وافق مانشين على أي طرح جمهوري، فلما كان المشروع مرر في مجلس النواب. وأنا قلت له ذلك، وهو فهم هذه النقطة».
وما يتحدث عنه شومر هنا هو الخطوة المقبلة التي تنتظر مشروع الإنعاش في مجلس النواب. فعلى الرغم من أن المجلس سبق أن أقر المشروع، فإن مجلس الشيوخ عدله بعض الشيء، الأمر الذي سيستوجب تصويتاً جيداً على النسخة المعدلة في مجلس النواب.
ولو فُرضت تعديلات جذرية على المشروع في مجلس الشيوخ لأثر ذلك على مصير المشروع في مجلس النواب، في ظل معارضة النواب الديمقراطيين الليبراليين الشديدة لأي تعديلات بارزة.
- أغلبية ديمقراطية هشة
ويظهر هذا القلق الديمقراطي الدفين من خسارة أي صوت من حزبهم في مشاريع كبيرة من هذا النوع الأغلبية الهشة التي يتمتعون بها، وحاجتهم إلى دعم كل أعضاء الحزب في سبيل تمرير أجندة بايدن.
وتحدث الرئيس الأميركي عن تصويت مجلس الشيوخ، ووصفه بالخطوة العملاقة نحو تقديم المساعدة التي وعد بها الأميركيين، وأضاف: «لم يكن المشوار سهلاً، لكنه كان ضرورياً... وسوف يؤثر بشكل كبير على حياة كثيرين في بلادنا».
وكان هذا الانتصار التشريعي مهم للغاية لكل من بايدن والديمقراطيين الذين سيعولون على تمرير المشروع في الحفاظ على مقاعدهم في الانتخابات التشريعية المقبلة.
ولهذا السبب قرروا المضي قدماً لإقراره من دون السعي لدعم جمهوري، إذ إن أي مساعي عقد مفاوضات مع الجمهوريين كانت ستؤخر من موعد تمريره، من دون ضمان إقراره في المجلسين.
وانتقد زعيم الجمهوريين ميتش مكونيل الخطوة الديمقراطية، قائلاً: «كنا استطعنا العمل معاً لتحقيق انتصار في هذا المجال، لكن الديمقراطيين قرروا أن أولويتهم ليست المساعدة لمكافحة الوباء، بل تحقيق أمنياتهم».
ولم يدعم المشروع أي جمهوري، فكانت نتيجة التصويت النهائي في الشيوخ 50 صوتاً داعماً (أي كل الديمقراطيين)، مقابل 49 صوتاً معارضاً (أي كل الجمهوريين الحاضرين)، في ظل غياب أحدهم لظروف عائلية، الأمر الذي جنب نائبة الرئيس كامالا هاريس رحلة إلى الكونغرس للإدلاء بصوتها الفاصل.
وفي حين ترددت أنباء عن احتمال انضمام الجمهورية ليزا ماكوفسكي إلى الديمقراطيين، عمدت السيناتورة عن ولاية ألاسكا إلى الإدلاء بصوتها ضد المشروع.
- ترمب يعزز سيطرته على الجمهوريين
لكن هذا لم يجنبها غضب الرئيس السابق دونالد ترمب. فعلاقة ترمب بماكوفسكي تعكرت منذ تصويتها لصالح عزله في مجلس الشيوخ. وقد توعد في الأيام الأخيرة بالسفر إلى ولايتها ألاسكا لعقد أنشطة انتخابية ضد السيناتورة التي تسعى للاحتفاظ بحقها في الانتخابات التشريعية لعام 2022. وقال ترمب في بيان: «لن أدعم المرشحة الفاشلة عن ولاية ألاسكا ليزا ماكوفسكي مهما كان الثمن. فهي تمثل ولايتها بشكل سيء، والبلاد بشكل أسوأ». وتابع ترمب بلهجته المعهودة: «لا أعلم أين ستكونون العام المقبل، لكني أعلم أني سأكون في ألاسكا للترويج ضد سيناتورة غير وفية سيئة».
ويدل تصريح ترمب هذا على أنه لن يجلس ساكناً في الانتخابات التشريعية، بل سيشارك بقوة بهدف إسقاط الجمهوريين الذين عارضوه والانتقام منهم، عبر دعم مرشحين آخرين أظهروا الولاء له. وسبق أن تعهد الرئيس السابق بذلك، قائلاً: «عندما يكون الأمر ضرورياً، سوف أدعم مرشحين في الانتخابات التمهيدية يدعمون جعل أميركا رائعة مجدداً، وأميركا أولاً».
وقد أثارت هذه التهديدات مخاوف كبيرة في صفوف الحزب الجمهوري الذي يخشى من أن تؤدي سياسة ترمب في تقسيم الحزب إلى خسارة الجمهوريين لمقاعد في الانتخابات التشريعية، وتضاؤل حظوظهم في انتزاع الأغلبية من الديمقراطيين في مجلسي الشيوخ والنواب.
لكن على ما يبدو، فإن الرئيس الأميركي السابق مصمم على المضي قدماً بهذه الاستراتيجية، وخير دليل على ذلك إرسال محاميه رسائل إلى 3 لجان جمهورية رسمية معنية بجمع التبرعات للحزب الجمهوري، طلب فيها ترمب من هذه اللجان التوقف عن استعمال اسمه في جمع التبرعات وبيع السلع.
ويعطي هذا التحرك الرئيس السابق سلطة واسعة على حزبه الذي عليه أن يسعى من الآن فصاعداً إلى الحصول على موافقته لتوظيف اسمه في استقطاب الدعم في أنشطة من هذا النوع. وسيسعى ترمب من خلال هذا التحرك إلى الضغط على الجمهوريين الذين عارضوه، أمثال زعيم الأقلية ميتش مكونيل، وتهديد حظوظهم في الحصول على دعم أنصاره في الانتخابات التشريعية.
7:49 دقيقة
بايدن يسجل أول انتصار تشريعي في الكونغرس
https://aawsat.com/home/article/2846716/%D8%A8%D8%A7%D9%8A%D8%AF%D9%86-%D9%8A%D8%B3%D8%AC%D9%84-%D8%A3%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%B1-%D8%AA%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D8%B9%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%86%D8%BA%D8%B1%D8%B3
بايدن يسجل أول انتصار تشريعي في الكونغرس
بعد إقرار «الشيوخ» مشروع الإنعاش الاقتصادي
- واشنطن: رنا أبتر
- واشنطن: رنا أبتر
بايدن يسجل أول انتصار تشريعي في الكونغرس
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة