البابا والسيستاني بحثا في النجف التحديات المشتركة... ووجها نداء من أجل السلام

بابا الفاتيكان حقق حلمه بزيارة أور... وشدد على العمل معاً من أجل مستقبل أفضل

البابا فرنسيس خلال لقائه المرجع الشيعي علي السيستاني في مقره بالنجف أمس
البابا فرنسيس خلال لقائه المرجع الشيعي علي السيستاني في مقره بالنجف أمس
TT

البابا والسيستاني بحثا في النجف التحديات المشتركة... ووجها نداء من أجل السلام

البابا فرنسيس خلال لقائه المرجع الشيعي علي السيستاني في مقره بالنجف أمس
البابا فرنسيس خلال لقائه المرجع الشيعي علي السيستاني في مقره بالنجف أمس

حقق البابا فرنسيس بابا الفاتيكان ورأس الكنيسة الكاثوليكية حلماً طالما راود سلفه البابا يوحنا بولس الثاني، الذي كان رغب عام 1999 في القيام بالرحلة نفسها التي تحققت أمس (السبت)، بالحج إلى مدينة أور مسقط رأس النبي إبراهيم عليه السلام. فبعد اللقاء التاريخي الذي جمعه على مدى ساعة تقريباً في مدينة النجف مع المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني توجه الحبر الأعظم إلى مدينة أور في محافظة ذي قار جنوب العراق.
وفي الموقع الذي انطلق منه النبي إبراهيم خاطب البابا جمعاً من المسؤولين ورجال الدين من مسلمين وإيزيديين وصابئة قائلاً: «من هذا المكان هنا بدأ الإيمان والتوحيد أرض أبينا إبراهيم». وأضاف أن «الإرهاب والعنف لا يأتيان من الدين، ولا ننسى أن الإرهاب يستغل الدين والأمر متروك لنا لصيانة الدين ضد من يستخدمه كغطاء». وأشار البابا إلى أن «هذا البلد دمرته الحروب والجميع عانوا، نتذكر على وجه الخصوص الإيزيديين الذين مات كثير منهم، وأسيئت معاملة كثير من النساء والأطفال، كان هناك عنف يمارس ضدهم».
وأكد أن «الإرهاب عندما هاجم هذا البلد هاجم جزءاً من التاريخ؛ وهي الكنائس والأديرة، ولكن بهذه الفترة المظلمة أشرقت النجوم والمسيحيون والمسلمون بدأوا ببناء السلام وعملوا معاً لتجاوز هذا الأمر». وقال الحبر الأعظم: «تعلمنا أنه لن يكون هناك سلام دون التعايش السلمي، لو فكر الآخرون في أنفسهم دون أن يفكروا بنا لن يكون هناك سلام في الشرق الأوسط»، مشدداً على أنه «ينبغي أن نعمل معاً من أجل مستقبل أفضل، ونفتح المجال أمام الشباب لتحقيق أحلامهم التي تتأثر بسبب الصراعات».
إلى ذلك، استأثر اللقاء الذي وصف بالتاريخي بين البابا فرنسيس والمرجع السيستاني باهتمام خاص، سواء من قبل الجانبين اللذين أصدرا بيانين حول اللقاء أو عبر الإعلام العربي والعالمي. فطبقاً لما قاله مكتب السيستاني في بيان بمناسبة اللقاء الذي استمر 45 دقيقة، فإن اللقاء بين المرجعين دار الحديث فيه «حول التحديات الكبيرة التي تواجهها الإنسانية في هذا العصر ودور الإيمان بالله تعالى، وبرسالاته، والالتزام بالقيم الأخلاقية السامية في التغلب عليها». وأضاف البيان أن السيستاني «تحدث عمّا يعانيه الكثيرون في مختلف البلدان من الظلم، والقهر، والفقر، والاضطهاد الديني والفكري، وكبت الحريات الأساسية، وغياب العدالة الاجتماعية، خصوصاً ما يعاني منه كثير من شعوب منطقتنا من حروب وأعمال عنف وحصار اقتصادي، وعمليات تهجير وغيرها، لا سيما الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة». وأوضح البيان أن السيستاني أشار «إلى الدور الذي ينبغي أن تقوم به الزعامات الدينية والروحية الكبيرة في الحد من هذه المآسي، وما المؤمل منها من حثّ الأطراف المعنيّة، لا سيما في القوى العظمى على تغليب جانب العقل والحكمة ونبذ لغة الحرب، وعدم التوسع في رعاية مصالحهم الذاتية على حساب حقوق الشعوب في العيش بحرية وكرامة».
وجدد السيستاني طبقاً للبيان، اهتمامه بأن «يعيش المواطنون المسيحيون كسائر العراقيين في أمن وسلام وبكامل حقوقهم الدستورية».
أما الفاتيكان، فقد وصف اللقاء بين الحبر الأعظم والمرجع الشيعي بأنه كان «فرصة للبابا لتقديم الشكر إلى آية الله العظمى السيستاني، لأنه رفع صوته مع الطائفة الشيعية في مواجهة العنف والصعوبات الكبيرة في السنوات الأخيرة، دفاعاً عن الأضعف والأكثر اضطهاداً مؤكدين قدسية الحياة البشرية وأهمية وحدة الشعب العراقي».
وحول أهمية هذه الزيارة التي يقوم بها بابا الفاتيكان إلى العراق، تقول النائبة السابقة في البرلمان العراقي عن المكون الإيزيدي فيان دخيل لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذه الزيارة مهمة جداً للعراق بشكل عام وكردستان بشكل خاص، حيث إن كردستان كانت على مدى التاريخ ملاذاً آمناً للأقليات، سواء كانت مسيحية أم إيزيدية بل وحتى المسلمين ممن تعرض منهم للاضطهاد تحت أي اسم من قبل العصابات الإرهابية، سواء كانت (داعش) ومن قبله (القاعدة)»، مضيفة أن «هناك تعايشاً سلمياً واضحاً جداً بين كل المكونات في الإقليم بصرف النظر عن أي انتماء ديني أو مذهبي، حيث إن كل الأعياد الدينية لكل الأقليات تعد بمثابة عيد وطني رسمي وهو أمر له دلالاته المهمة». ورداً على سؤال بشأن ما تعرضت له النساء الإيزيديات من اغتصاب وخطف وتهجير واهتمام البابا بهذا الأمر، تقول دخيل إن «معاناة الإيزيديات التي بدأت على نطاق واسع منذ عام 2014 لا تحتاج في الواقع إلى إعادة تذكير للبابا، لأنه يعرف ذلك وسبق له أن قابل عدداً منهن في الفاتيكان، كما أنه ذكر معاناة الإيزيديين في كلمته في أور وسوف يقابل في كردستان شخصيات من مختلف الأديان ومن بينهم إيزيديون، ولكون البابا رجل سلام ونحن طلاب سلام، فإن كل ما نريده أن يعم السلام في ربوع بلدنا»، مبينة أن «ذلك لن يتحقق إلا حين تكون هناك سيادة قانون، وحين يكون هناك سلام داخلي يشمل الجميع».
من جهته، يرى أستاذ الإعلام في كلية أهل البيت بالكوفة الدكتور غالب الدعمي في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «زيارة البابا ببعدها السياسي حققت وستحقق نتائج لا يمكن حصرها، حيث إن العالم يصنف الحكومة العراقية الحالية من ضمن الحكومات المدنية»، مبيناً أن «هذا يعني أنها ستُدعم من مصادر القرار الدولية، فضلاً عن أنها رسالة واضحة للداخل بأن الحكومة العراقية ماضية في إعادة العراق إلى مكانته العربية والعالمية التي تجسدت برؤية جديدة، بدأ العالم يدركها بأن العراق هو البلد الوحيد الذي له المقدرة في تحقيق التأثير الإقليمي لو حظي بالدعم العالمي الحقيقي».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.