«فتح» تحذّر القدوة: ستصبح خارج الحركة

سوق نابلس بالضفة الغربية مغلقة ضمن إجراءات لمنع انتشار فيروس {كورونا} أمس (أ.ب)
سوق نابلس بالضفة الغربية مغلقة ضمن إجراءات لمنع انتشار فيروس {كورونا} أمس (أ.ب)
TT

«فتح» تحذّر القدوة: ستصبح خارج الحركة

سوق نابلس بالضفة الغربية مغلقة ضمن إجراءات لمنع انتشار فيروس {كورونا} أمس (أ.ب)
سوق نابلس بالضفة الغربية مغلقة ضمن إجراءات لمنع انتشار فيروس {كورونا} أمس (أ.ب)

هددت حركة {فتح} عضو لجنتها المركزية ناصر القدوة، وهو ابن شقيقة زعيم الحركة التاريخي ياسر عرفات، بأنه سيصبح خارج الحركة إذا مضى في تشكيل قائمة انتخابية لخوض انتخابات المجلس التشريعي، متحدياً قائمة الحركة الرسمية.
وقال أمين سر اللجنة المركزية لـ{فتح}، جبريل الرجوب، في تصريح بثته وكالات فلسطينية محلية مهدداً القدوة: {إذا استمر فإنه سيتخلى عن دوره القيادي في الحركة}. ويعني حديث الرجوب أن الحركة ستفصله من موقعه في اللجنة المركزية وربما من عضويتها كذلك.
ويفترض أن تناقش مركزية {فتح} هذه المسألة في اجتماع يترأسه الرئيس الفلسطيني محمود عباس غداً (الاثنين).
وتهديد الرجوب الذي كان دبلوماسياً وعلنياً، جاء بعد تغريدة من عضو مركزية الحركة حسين الشيخ تضمنت ما بدا أنها رسالة قاسية موجهة للقدوة وآخرين حملت تأكيداً على أن حركته ستخوض الانتخابات الفلسطينية المقبلة {واحدة موحدة}.
وقال الشيخ في تدوينة عبر {فيسبوك}، إن {حركة فتح بقدها وقديدها ستخوض الانتخابات الديمقراطية القادمة واحدة موحدة؛ تعزيزاً للديمقراطية وصيانة مشروع التحرر الوطني وحماية الوحدة الوطنية الفلسطينية}. وأضاف: {أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}. وتابع الشيخ: {فتح أعظم وأكبر من قادتها لأنهم العابرون في تاريخها وهي الفكرة الباقية، ومهما هزت الريح البعض فهي الجبل الذي لا تهزه الرياح}.
وتواجه حركة {فتح} اختباراً جديداً لإظهار وحدتها وقوتها في مواجهة مسؤولين بارزين في الحركة حاليين وسابقين، بينهم القدوة، يخططون لتشكيل قوائم انتخابية منافسة لقائمة الحركة الرئيسية في الانتخابات التشريعية المرتقبة في مايو (أيار) المقبل، وهو تحدٍ قد يمتد ليطال المنافسة على الانتخابات الرئاسية كذلك. وكان القدوة وهو عضو لجنة مركزية للحركة، أعلن تشكيل {الملتقى الوطني الديمقراطي الفلسطيني}، لخوض الانتخابات التشريعية، وقال إنه ماضٍ في طريق لا رجعة عنها. وأكد القدوة انه يحاول كـ{فتحاوي} أن يأخذ {فتح} إلى مسارها الصحيح. وتابع: {لديّ إحساس بأننا نذهب بخطوات لن نعود عنها حتى لو لم يدعمنا مروان البرغوثي، بالعربي لقد قطعنا النهر، وأنا ضد التفاهم الذي حدث بين فتح وحماس، وتم بناء عليه الذهاب للانتخابات دون حل مشكلات الانقسام الفلسطيني}. وأردف: {طلبنا من مروان البرغوثي أن يأتي ويكون رقم واحد، وحينها سأكون رقم 2، وإن لم يأتِ فنتصدر نحن المشهد}.
ولا يعتقد أن البرغوثي سينضم للقدوة بأي حال.
وأكد حاتم عبد القادر المقرب من البرغوثي لـ«الشرق الأوسط»، أن {مروان حريص على فتح ويدرك خطورة المرحلة الراهنة وأهمية الانتخابات التشريعية ويدرك أنها مفصل تاريخي في حياتنا وفي المشروع الوطني، لذلك هو نعم مع قائمة من اللجنة المركزية تستطيع أن تستقطب أكبر عدد من الجمهور أو الناخبين الفلسطينيين، على ألا تكون أو لا يكون برنامجها يعيد إنتاج الحالة السابقة}. وأضاف: {لا يوجد أي تحالف مع القدوة}.
وشدد عبد القادر على أن البرغوثي لن يترشح أصلاً على رأس قائمة الحركة للتشريعي لأنه مصر على خوض انتخابات الرئاسة. وتحرك القدوة جاء في وقت لم يخفِ فيه التيار التابع للقيادي المفصول من حركة {فتح} محمد دحلان ويضم {فتحاويين} على خلاف مع الحركة الأم، أنه ذاهب لخوض الانتخابات التشريعية وربما الرئاسية في وقت أعلن فيه القيادي في الحركة نبيل عمرو أنه يدرس الترشح عبر قائمة انتخابية باعتبار أن {فتح} ليست ماركة مسجلة باسم أحد.
وفي انتخابات 2006 شهدت الحركة منافسين من داخلها في قوائم أخرى وغاضبين صوتوا لـ{حماس}، ما أفقدها الأغلبية في المجلس التشريعي، وهي تجربة لا تريد الحركة تكرارها.
ويستعد الفلسطينيون لخوض أول انتخابات تشريعية منذ 15 عاماً في مايو المقبل، على أن تجرى الرئاسية بتاريخ 31 يوليو (تموز) المقبل. وتخوض {فتح} حتى الآن كما يبدو، معركة أوسع من {حماس}، ضد قوائم قد تظهر من داخلها وضد {حماس} ومستقلين، فيما تضمن {حماس} بشكل كبير أصوات أبنائها دون تشويش من داخل صفها.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.