واشنطن للعودة إلى حل الدولتين و«تجديد» علاقتها مع الفلسطينيين

رجل أمن فلسطيني بمدينة نابلس في الضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
رجل أمن فلسطيني بمدينة نابلس في الضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
TT

واشنطن للعودة إلى حل الدولتين و«تجديد» علاقتها مع الفلسطينيين

رجل أمن فلسطيني بمدينة نابلس في الضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
رجل أمن فلسطيني بمدينة نابلس في الضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)

أكدت الولايات المتحدة أنها ستعمل على «تجديد علاقتها» الدبلوماسية مع السلطة الفلسطينية وبـ«شكل وثيق» مع إسرائيل، في سياق التزامها السعي إلى الدفع في اتجاه حل الدولتين المتفاوض عليه بين الطرفين، مشيرة إلى أنها ستبحث في الوقت ذاته عن طرق لمساعدة الشعب الفلسطيني على تجاوز الضائقة المعيشية التي يعانيها.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، إن المسؤولين في إدارة الرئيس جو بايدن «يسعون إلى دفع إمكانية تحقيق حل الدولتين المتفاوض عليه» لاعتقادهم أنه «لا يزال أفضل مسار»، معتبراً أنه «يضمن لإسرائيل أن تعيش بسلام وأمن إلى جانب دولة فلسطينية قابلة للحياة»، فضلاً عن أنه «يبقى الطريقة الفضلى لضمان مستقبل إسرائيل كدولة ديمقراطية ويهودية، مع تمكين الشعب الفلسطيني بالطبع من العيش بكرامة وأمن». وشدد على أن الولايات المتحدة ستعمل «بشكل وثيق» مع إسرائيل لتحقيق هذا الهدف، بالإضافة إلى «تجديد علاقاتنا الدبلوماسية مع الفلسطينيين». وأعلن أنه «سيجري التشاور مع الشركاء في المنطقة وخارجها (...) ومع كل الذين لديهم مصلحة مشتركة في دعم الجهود المبذولة لدفع سلام دائم» في الشرق الأوسط.
وعما إذا كانت الإدارة تخطط لمعاودة المساعدة المالية والتعاون مع القيادة الفلسطينية في ظل دعم الأخيرة لتحقيق المحكمة الجنائية الدولية في جرائم حرب محتملة يمكن أن تكون إسرائيل أو الفصائل الفلسطينية ارتكبتها، أجاب برايس: «سنبحث عن طرق لدعم الشعب الفلسطيني. لقد التزمنا ذلك»، مذكراً في الوقت نفسه بأن وزير الخارجية أنتوني بلينكن «أعلن نهجنا تجاه المحكمة الجنائية الدولية بوضوح شديد»، عندما رفض قرار المدعية العامة للمحكمة فاتو بنسودا فتح تحقيق رسمي في احتمال ارتكاب إسرائيل والفصائل الفلسطينية جرائم حرب في الأراضي المحتلة منذ عام 1967، معتبراً أن «لا سلطان قضائياً للمحكمة» على هذه المسألة، علما بأن الولايات المتحدة «ملتزمة بشدة» ضمان العدالة على «الجرائم الفظيعة».
وكان بلينكن عبر عن «مخاوف جدية في شأن محاولات المحكمة الجنائية الدولية ممارسة اختصاصها على الموظفين الإسرائيليين»، ورأى أن «الفلسطينيين ليسوا مؤهلين كدولة ذات سيادة، وغير مؤهلين تالياً للحصول على العضوية كدولة في المحكمة الجنائية الدولية، أو المشاركة كدولة فيها، أو إعطائها السلطان القضائي».
ومع ذلك، قال كبير الدبلوماسيين الأميركيين إن الولايات المتحدة «لا تزال ملتزمة بشدة ضمان العدالة والمساءلة عن الجرائم الفظيعة الدولية»، مؤكداً أنه «يدرك الدور الذي يمكن للمحاكم الدولية مثل المحكمة الجنائية الدولية أن تضطلع به - في إطار صلاحياتها - سعياً إلى تحقيق تلك الأهداف المهمة». وأضاف أن بلاده «تعتقد أن مستقبلاً سلمياً وآمناً وأكثر ازدهاراً لشعوب الشرق الأوسط يعتمد على بناء الجسور وخلق سبل جديدة للحوار والتبادل، وليس الإجراءات القضائية الأحادية التي تؤدي إلى تفاقم التوترات وتقويض الجهود المبذولة لدفع عجلة حل الدولتين المتفاوض عليه ثنائياً». وكرر «التمسك بالتزامنا القوي تجاه إسرائيل وأمنها، بما في ذلك من خلال معارضة الأعمال التي تسعى إلى استهداف إسرائيل بشكل غير عادل».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.