الأمم المتحدة تدعو الأطراف المتنازعة في مالي إلى استئناف المفاوضات

توقيف 11 متطرفا.. وخطف مدنيين من طرف جماعة مسلحة

أجرت الحكومة المالية مع 6 جماعات مسلحة في الشمال 4 جولات مفاوضات منذ يوليو في الجزائر (غيتي)
أجرت الحكومة المالية مع 6 جماعات مسلحة في الشمال 4 جولات مفاوضات منذ يوليو في الجزائر (غيتي)
TT

الأمم المتحدة تدعو الأطراف المتنازعة في مالي إلى استئناف المفاوضات

أجرت الحكومة المالية مع 6 جماعات مسلحة في الشمال 4 جولات مفاوضات منذ يوليو في الجزائر (غيتي)
أجرت الحكومة المالية مع 6 جماعات مسلحة في الشمال 4 جولات مفاوضات منذ يوليو في الجزائر (غيتي)

دعا مجلس الأمن الدولي الحكومة المالية والجماعات المسلحة في شمال البلاد إلى الدفع قدما بمفاوضات السلام التي تجري بينهما في الجزائر، وهدد بفرض عقوبات على الأطراف المتحاربة. كما دعا الأطراف المتنازعة إلى استئناف المفاوضات «بلا تأخير، والتحاور عبر ممثلين على مستوى عال، يملكون السلطة المطلوبة من أجل التوصل في أسرع وقت ممكن إلى اتفاق سلام شامل لا يستثني أحدا».
ويطلب المجلس من الأطراف المتنازعة في مالي «وضع آليات لمراقبة عملية تضمن التطبيق الكامل والدقيق والفوري لاتفاق مقبل»، في وقت يفترض فيه أن تستأنف المفاوضات قريبا في العاصمة الجزائرية، بينما تقوم الجزائر بوساطة منذ أشهر للتوصل إلى حل يرضي الأطراف المتنازعة. وفي هذا الصدد قال المجلس إنه «مستعد للتفكير في اتخاذ الإجراءات المناسبة، بما في ذلك فرض عقوبات محددة الأهداف ضد الذين يستأنفون الأعمال العدائية، وينتهكون وقف إطلاق النار». وعبر مجلس الأمن عن «أسفه للعنف المستمر في شمال مالي»، وطالب بإنهاء فوري للمعارك.
وكانت الحكومة المالية قد أجرت مع 6 جماعات مسلحة في الشمال 4 جولات مفاوضات منذ يوليو (تموز) الماضي في العاصمة الجزائرية، بهدف إعادة السلام إلى شمال مالي، الذي ما زال يشهد عدة اضطرابات رغم تدخل عسكري فرنسي، وآخر دولي بدأ في 2013 ضد المتمردين المتطرفين. وقد انتهت الجولة الأخيرة من هذه المفاوضات في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وينص مشروع اتفاق قدمته الجزائر على منح حكم ذاتي واسع لشمال البلاد.
وكانت معارك جديدة قد اندلعت الأربعاء الماضي بين مجموعات متمردة وأخرى موالية للحكومة في غاو شمال مالي، في حين انفجر لغم بآلية للجيش في تمبكتو.
وسقط شمال مالي ربيع 2012 تحت سيطرة مجموعات متطرفة على صلة بتنظيم القاعدة. وطردت القسم الأكبر منها عملية سرفال، التي شنتها فرنسا في يناير (كانون الثاني) 2013، وتلتها في أغسطس (آب) عملية برخان، التي يشمل نطاق تحركها كامل منطقة الساحل والصحراء. لكن ما تزال السلطة المركزية لا تسيطر على مناطق بكاملها في شمال مالي.
من جهة ثانية، أعلنت مصادر عسكرية مالية لوكالة الصحافة الفرنسية، أمس، أن 11 شخصا، يعتقد أنهم متطرفون، ويشتبه في تنفيذهم لهجمات أسفرت عن سقوط قتلى في يناير الماضي، أوقفوا في وسط مالي، حيث خطف 4 مدنيين في شمال شرقي البلاد، حسب ممثل للمنطقة.
وأكد ضابط في الجيش المالي، مساء أول من أمس، أن «الجيش المالي أوقف مساء الخميس الماضي في شمال شرقي ديابالي (وسط مالي) 11 شخصا، يرجح أنهم متشددون، وبحوزتهم مسدسات رشاشة، وذخيرة وبزات عسكرية، و3 دراجات نارية».
وأضاف هذا الضابط، الذي يعمل في سيغو كبرى مدن المنطقة التي جرت فيها الاعتقالات، أن «هؤلاء هم على الأرجح مدبرو الهجمات الأخيرة التي وقعت في نامبالا وتينينكو»، في المنطقة نفسها. كما أكد مصدر عسكري أجنبي في شمال البلاد أن «الجيش المالي أوقف نحو 10 رجال، هم بالتأكيد إرهابيون نشطوا مؤخرا في وسط مالي».
وكان مسلحون متشددون شنوا سلسلة هجمات في وسط مالي في الخامس من يناير الماضي، أسفرت عن مقتل 11 عسكريا ماليا في هجوم على حامية في نامبالا، الواقعة بالقرب من الحدود الموريتانية، وتبنى هذا الهجوم تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي».
من جهة أخرى، أعلن عضو في مجلس بلدية كيدال، شمال شرقي مالي، أن 4 مدنيين خطفوا أول من أمس في جنوب أغيلهوك، وقال هذا المسؤول الذي طلب عدم كشف هويته بأن «مسلحين قاموا بخطفهم بينما كانوا مع عائلاتهم».



الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)
الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)
TT

الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)
الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

أفرجت السلطات في دولة مالي عن 6 مواطنين موريتانيين، كانت قد اعتقلتهم وحدة من مقاتلي مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة، خلال عملية عسكرية خاصة داخل الشريط الحدودي بين موريتانيا ومالي. في حين أعلن الجيش الموريتاني أن المواطنين جرى توقيفهم داخل أراضي مالي، وأكد أنه «لن يسمح» بأي انتهاك لحوزته الترابية.

الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

وقالت مصادر محلية إن المواطنين الموريتانيين أفرج عنهم بعد ساعات من التوقيف، وكانت وحدة «فاغنر» قد سلّمتهم إلى الجيش المالي الذي حقّق معهم ثم أفرج عنهم، ليعودوا إلى الأراضي الموريتانية ليل الأربعاء/الخميس.

اختراق الحدود

بعد توقيف الموريتانيين من طرف وحدة «فاغنر»، المرافقة للجيش المالي، تداول ناشطون موريتانيون على وسائل التواصل الاجتماعي معلومات تُفيد بأن مقاتلي «فاغنر» وقوات الجيش المالي «اخترقوا» الحدود، وأوقفوا مواطنين موريتانيين.

ولكن الحكومة الموريتانية نفت أن يكون قد حدث أي اختراق للحدود، وقال الوزير الناطق باسم الحكومة، الحسين ولد أمدو: «إن وحدات من الجيش المالي كانت تتحرك في مناطق تابعة لحدودها، وأثناء مرورها اعتقلت هذه المجموعة».

وأضاف ولد أمدو، في مؤتمر صحافي مساء الأربعاء، أن القرية التي دخلها الجيش المالي وقوات «فاغنر»، «تابعة لدولة مالي»، مشيراً إلى أن «اتصالات جرت بين السلطات العسكرية الموريتانية والمالية أسفرت عن إطلاق سراح الموقوفين».

لا تسامح

وأصدر الجيش الموريتاني بياناً صحافياً حول الحادثة، وقال إن ما تداولته الصحف المحلية وبعض الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي حول اختراق الحدود «مجرد معلومات مغلوطة وأخبار زائفة»، وقال: «إنه لن يسمح لأي كان بانتهاك الحدود».

وأوضح الجيش الموريتاني أن «الأمر يتعلق بوصول وحدة من الجيش المالي إلى قرية الأغظف الموجودة داخل التراب المالي»، وشدّد على أنه «لم تصل القوات المالية مطلقاً إلى خط الحدود بين البلدين».

وقال الجيش الموريتاني: «إن الوحدة العسكرية المالية أوقفت 18 شخصاً في المناطق التي مرت بها، قبل أن يجري إطلاق سراح الموقوفين لاحقاً، بعد اتصالات ميدانية بين الجهات المعنية بموريتانيا ومالي».

وخلص الجيش الموريتاني إلى «طمأنة المواطنين بأن الوحدات العسكرية الموريتانية المرابطة على الحدود، لن تسمح لأي كان بانتهاك الحوزة الترابية للبلاد»، وفق نص البيان الصحافي.

احتفاء محلي

كان توقيف المواطنين الموريتانيين قد أثار حالة من الرعب في أوساط السكان المحليين، في ظل مخاوف من تصفيتهم، كما سبق أن حدث مع موريتانيين خلال العامين الماضيين، أوقفتهم «فاغنر» وعثر عليهم في مقابر جماعية، ما كاد يقود إلى أزمة في العلاقات بين مالي وموريتانيا.

وبعد الإفراج عن الموقوفين سادت حالة من الارتياح في أوساط السكان المحليين، وأصدرت مجموعة من السياسيين والمنتخبين المحليين بياناً، قالت فيه إن سكان محافظة باسكنو الحدودية «يثمنون إطلاق سراح المختطفين على الحدود المالية».

وقال النائب البرلماني، محمد محمود ولد سيدي، إن الإفراج عن الموقوفين «لحظة تحمل في طياتها فرحة كبرى، وترسم أفقاً جديداً من الأمل والطمأنينة في قلوب الجميع».

وأضاف عضو البرلمان الموريتاني عن دائرة باسكنو، أن السكان يشكرون الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني «الذي قاد بحكمة وحزم مسار الجهود المبذولة لتحقيق هذا الإنجاز الوطني الكبير».

وأرجع النائب جهود الإفراج عن الموقوفين إلى ما سمّاه «الدبلوماسية العسكرية (الموريتانية) التي أظهرت قدرتها على إدارة الأزمات بفاعلية، وأثبتت بالدوام نجاعة وحنكة عاليتين في التعامل مع هذا التحدي الأمني الكبير».

حرب مالي

وتعيش دولة مالي على وقع حرب، منذ أكثر من 10 سنوات، ضد مجموعات مسلحة موالية لتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وقبل سنوات قاد ضباط ماليون انقلاباً عسكرياً، وسيطروا على الحكم في البلد، ليعلنوا التحالف مع روسيا، وجلب مئات المقاتلين من «فاغنر» لمساعدتهم في مواجهة المجموعات الإرهابية.

ويثير وجود «فاغنر» داخل الأراضي المالية، خصوصاً في المناطق الحدودية، مخاوف الموريتانيين؛ إذ تسببت عمليات «فاغنر» في مقتل عشرات الموريتانيين داخل الشريط الحدودي بين البلدين.

وتوجد في الشريط الحدودي عشرات القرى المتداخلة، بعضها تتبع موريتانيا ويقطنها مواطنون ماليون، وأخرى تتبع مالي ويقطنها مواطنون موريتانيون، وذلك بسبب عدم ترسيم الحدود بشكل نهائي بين البلدين.