تونس تقلّص حظر التجول وتلغي الحجر للوافدين

عمال بلدية تونس يتسلمون جثمان أحد ضحايا «كوفيد - 19» (أ.ف.ب)
عمال بلدية تونس يتسلمون جثمان أحد ضحايا «كوفيد - 19» (أ.ف.ب)
TT

تونس تقلّص حظر التجول وتلغي الحجر للوافدين

عمال بلدية تونس يتسلمون جثمان أحد ضحايا «كوفيد - 19» (أ.ف.ب)
عمال بلدية تونس يتسلمون جثمان أحد ضحايا «كوفيد - 19» (أ.ف.ب)

أعلنت السلطات في تونس أمس، تخفيف توقيت حظر التجوال الليلي ليصبح انطلاقاً من الساعة العاشرة ليلاً بدلاً من الساعة الثامنة مساءً، ويستمر حتى الخامسة صباحاً في ظل استقرار الوضع الوبائي في البلاد. وأعلنت المتحدثة باسم وزارة الصحة ولجنة مكافحة فيروس «كورونا» نصاف بن علية، في مؤتمر صحافي، عن إلغاء القيود على التنقل بين الولايات ورفع القيود عن بعض الأنشطة الاقتصادية ولكن مع المحافظة على البروتوكولات الصحية والإجراءات الوقائية.
وقال وزير الصحة الحبيب عمار: «مع تحسن المؤشرات الصحية أصبحت لنا اليوم رؤية واضحة لقطاع السياحة كما يمكننا التواصل مع شركائنا في الخارج حتى يكون السياح على بيّنة من ظروف الإقامة في تونس». وتشمل القرارات الجديدة إلغاء الحجر الصحي الإجباري للوافدين من الخارج ولكن مع الاستظهار بتحليل «كورونا» سلبيٍّ مدته لا تتجاوز 48 ساعة قبل الوصول مع إجراء تحليل سريع ثانٍ في تونس. وسيسمح هذا الإجراء بوضع خطط إنعاش القطاع السياحي المتهاوي بإطلاق موسم الحجوزات الصيفية، وفق ما أشار إليه وزير السياحة.
وأنهت بذلك تونس إجراءات جرى العمل بها منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي للحد من التفشي السريع للفيروس في الموجة الثانية من الوباء قبل أن تتباطأ أعداد الوفيات والإصابات منذ منتصف الشهر الماضي. وقال العضو في لجنة مكافحة «كورونا» الهاشمي الوزير، إن عمليات التطعيم ضد الفيروس تبدأ لاحقاً خلال الشهر الجاري وبشكل مكثف بمجرد وصول أولى شحنات اللقاحات الأسبوع المقبل. وتسبب الوباء في وفاة 8106 أشخاص منذ بداية تفشي الفيروس في البلاد قبل نحو عام، فيما تم اكتشاف 235 ألفاً و634 إصابة شُفي من بينهم 200 ألف و984، حسب آخر تحديث لوزارة الصحة.
وأعلنت وزارة الصحة عن إسناد رخصة ترويج استثنائية ومؤقتة للقاح صيني ضد «كورونا» وتم تمكينه من هذا الترخيص بعد تقييم الملف الذي قدمه مخبر صيني إلى المخبر التونسي لمراقبة الأدوية والمركز الوطني لليقظة الدوائية وغيرهم من الخبراء في مجالات علم الفيروسات وعلم السموميات وعلم المناعة والأمراض المُعدية. وسيمكّن هذا الإطار الترتيبي من التسريع في إجراءات التزود بهذا التلقيح والمساهمة في الحد من انتشار الوباء في تونس.
ومن المنتظر أن تصل دفعة من اللقاح الصيني مقدّرة بنحو 300 ألف جرعة إلى تونس نهاية الأسبوع المقبل وهي على شكل هِبة من الصين. وفي هذا الشأن، كشف الهاشمي الوزير، مدير معهد «باستور تونس» وعضو اللجنة العلمية لمجابهة «كورونا»، عن ترقب وصول مجموعة متنوعة من التلاقيح خلال شهر مارس (آذار) الحالي، وبدايةً من نهاية الأسبوع المقبل سيتم الإعلان عن الموعد حال التأكد منه. وتشمل قائمة اللقاحات التي ستتزود بها تونس، 93600 جرعة في نطاق مبادرة «كوفاكس» ولقاح «فايزر» الأميركي إضافة إلى تلاقيح «أسترازينيكا» البريطاني، و30 ألف جرعة تلقيح من لقاح «سبوتنيك»، الروسي. وأكد الوزير أن هذه اللقاحات ستصل خلال الشهر الحالي في انتظار تحديد المواعيد النهائية لوصولها. وبشأن ضعف الإقبال على التسجيل عن بُعد للحصول على اللقاح، توقع الوزير ارتفاع العدد لحظة وصول التلاقيح، وأشار إلى أن باب التسجيل ما زال مفتوحاً وقد تجاوز العدد 500 ألف تونسي.
وفيما يتعلق بالشكوك التي رافقت حملة التوعية حول التلقيح، أكد المصدر ذاته نجاعة اللقاحات المتوفرة لمجابهة السلالات الجديدة للفيروس، وأضاف أنه حسب الدراسات العلمية، فإن اللقاحات ناجعة وتوفر الحماية الضرورية ضد المرض خصوصاً ضد الحالات الخطرة. وفيما يخص الإجراءات الاستثنائية التي أعلنت عنها الحكومة التونسية وتنتهي في السابع من هذا الشهر، أكدت اللجنة العلمية لمجابهة «كورونا» في اجتماعها، أن الوضع الوبائي في تونس شهد تراجعاً على مستوى الإصابات والوفيات وهو ما خلّف تقلص الضغط على المستشفيات.


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.