محتجون يقطعون طرقات في جنوب لبنان بسبب تدهور الوضع المعيشي

السفيرة الأميركية بحثت مع دياب الحاجة إلى تشكيل الحكومة

سيدة أمام إطارات مشتعلة في مدينة صيدا بجنوب لبنان أمس (رويترز)
سيدة أمام إطارات مشتعلة في مدينة صيدا بجنوب لبنان أمس (رويترز)
TT

محتجون يقطعون طرقات في جنوب لبنان بسبب تدهور الوضع المعيشي

سيدة أمام إطارات مشتعلة في مدينة صيدا بجنوب لبنان أمس (رويترز)
سيدة أمام إطارات مشتعلة في مدينة صيدا بجنوب لبنان أمس (رويترز)

قطع المحتجون طرقات حيوية في جنوب لبنان وأوتوستراد بيروت - طرابلس في الشمال؛ احتجاجاً على تدهور الأوضاع المعيشية التي دفعت المواطنين إلى التنافس في المتاجر على السلع الغذائية المدعومة، وسط غياب أي أفق لحل قريب يخفف من وطأة التأزم المعيشي والاقتصادي.
وفي مواكبة للأزمات القائمة، بحثت السفيرة دوروثي شيا، أمس، مع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، الأوضاع الصعبة التي يواجهها اللبنانيون. كما ناقشا الحاجة الملحة لأن يشكل لبنان حكومة قادرة على تنفيذ إصلاحات مطلوبة منذ أمد، والتي تشكل الشرط الذي لا غنى عنه لإنقاذ الاقتصاد اللبناني، بحسب ما أفادت السفارة الأميركية في بيان.
وتفاقمت الأزمات المعيشية وارتفعت معها مخاوف اللبنانيين من انقطاع السلع الغذائية، خصوصاً المدعومة منها من قِبل مصرف لبنان الذي تراجعت قدراته على توفير العملة الصعبة لاستيراد المواد الأساسية، وهو ما كرر المشهد الذي حصل، أول من أمس، في أحد المخازن، حيث تهافت المواطنون على شراء ما أمكن من الحاجات والسلع من مخزن كبير في منطقة عرمون في جنوب بيروت، إثر نشر رسائل نصية على وسائل التواصل الاجتماعي عن توفيره أصنافاً غذائية مدعومة، ووقفوا في طوابير، حتى غصت بهم الطرق، ما تسبب بزحمة سير خانقة في المحلة.
وفي ظل إعدام أي أفق للحلول السياسية، تواصلت الاحتجاجات وقطع الطرقات، حيث قطع محتجون الأوتوستراد الرئيسي الذي يربط الجنوب بالعاصمة اللبنانية في منطقة الناعمة في جنوب بيروت، قبل أن يتدخل الجيش اللبناني لإعادة فتحه، كما قُطع أوتوستراد الجية في منطقة قريبة، وعمد المحتجون في صيدا في الجنوب إلى إشعال الإطارات، ما أدى إلى قطع أحد مسارب الساحة المؤدي من صيدا إلى شرقها.
وفي الشمال، جاب عدد من المحتجين شوارع طرابلس بمسيرات راجلة، ونفذوا وقفات احتجاجية على الغلاء وتردي الأوضاع المعيشية وارتفاع سعر الدولار. كما نفذوا اعتصامات أمام منازل الوزراء والنواب تعبيراً عن غضبهم، فقطع عدد من المحتجين الطريق أمام منزل وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال طلال حواط في شارع نقابة الأطباء في طرابلس بالإطارات المشتعلة. كما توجهوا إلى مناطق قريبة من منازل الرئيس نجيب ميقاتي والنواب فيصل كرامي وسمير الجسر ومحمد كبارة وأقفلوا الطرق بالإطارات المشتعلة. وقطع المحتجون مسلكي أوتوستراد طرابلس - بيروت بالإطارات المشتعلة، احتجاجاً على ارتفاع سعر صرف الدولار وتردي الأوضاع المعيشية، كما قطعوا الطريق من حلبا باتجاه بلدة القبيات.
وتواكب منظمات وجهات دولية الأزمة اللبنانية لمحاولة التخفيف من آثارها، إذ أعلنت سفيرة فرنسا في لبنان آن غريو «تقديم مساعدة استثنائية بقيمة 1.1 مليون يورو إلى منظمات تؤمن مساعدة مباشرة لسكان طرابلس وجوارها، لا سيما في عكار»، لافتة إلى أن الدعم الطارئ لا يمكن أن يحل مكان القيام بالإصلاحات. وقالت غريو إن «هذا الدعم الطارئ كان وما زال ضرورياً ولكنه لا يمكن أن يحل مكان القيام بالإصلاحات التي ينتظرها اللبنانيون اليوم ليكون لهم دولة تضمن حقوقهم كمواطنين وتستجيب لتطلعاتهم المشروعة بالعيش بكرامة في بلد موحد وسيد وينعم بالسلام». وأكدت أن «الوضع الطارئ على الصعيد الصحي والاقتصادي والاجتماعي يتطلب يقظة كما يستوجب أن يتحمل أخيراً جميع الأفرقاء السياسيين مسؤولياتهم».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.