واشنطن تنفي تقارير عن احتمال فرض عقوبات على رياض سلامة

TT

واشنطن تنفي تقارير عن احتمال فرض عقوبات على رياض سلامة

شدد الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، على حرص واشنطن على دعم اللبنانيين، ومطالبتهم بـ«المساءلة» و«وضع حد للفساد المستشري» في لبنان. غير أن ناطقاً آخر نفى صحة تقارير مثيرة نشرت أخيراً عن احتمال اتخاذ إجراءات عقابية ضد حاكم البنك المركزي، رياض سلامة.
وكان برايس يرد على سؤال في شأن تقرير نشرته وكالة «بلومبرغ» الأميركية، عن أن إدارة الرئيس جو بايدن تدرس معاقبة حاكم البنك المركزي اللبناني، في ظل التقارير عن الاحتجاجات الشعبية ضد الاختلاسات، فأجاب: «نحن نراقب من كثب الوضع في لبنان»، مضيفاً: «نحن وشركاؤنا الدوليون أكدنا، مراراً وتكراراً، الضرورة الماسة لأن يعمل زعماء لبنان أخيراً وفقاً لالتزامات قطعوها على أنفسهم، من تشكيل حكومة موثوقة فعالة».
وأكد أن الولايات المتحدة «تدعم الشعب اللبناني، ودعواته المستمرة إلى المساءلة، وإلى إجراء الإصلاحات اللازمة لتحقيق الفرص الاقتصادية والحكم الأفضل، ووضع حد للفساد المستشري الذي غذى كثيراً منه ما شهدناه في لبنان في الأيام الأخيرة». وتجنب «استباق الأمور»، بالتحدث عن «أي ردود محتملة تتعلق بالسياسة في الوقت الحالي».
وفي ضوء الإثارة التي حصلت بعد تقرير نشرته وكالة «بلومبرغ»، نفى ناطق باسم وزارة الخارجية لاحقاً أن تكون صحيحة، بيد أنه لم يوضح ملابسات ما نسبته الوكالة الأميركية إلى «4 أشخاص مطلعين» على المشاورات الجارية.
وكانت «بلومبرغ» قد نسبت إلى هؤلاء أن الولايات المتحدة تدرس فرض عقوبات على سلامة، في سياق ما يشاع عن تحقيقات واسعة في اختلاس الأموال العامة في لبنان، كاشفة أن مسؤولين داخل إدارة بايدن ناقشوا إمكان اتخاذ إجراءات منسقة مع نظرائهم الأوروبيين لاستهداف سلامة الذي يعمل منذ 28 عاماً حاكماً لمصرف لبنان، علماً بأن المناقشات «ركزت حتى الآن على إمكان تجميد أصول سلامة في الخارج، واتخاذ إجراءات من شأنها أن تحد من قدرته على القيام بأعمال تجارية في الخارج»، وقالوا إن «المداولات جارية، وقد لا يكون القرار النهائي في شأن اتخاذ إجراء وشيكاً».
وفي حال فرض أي إجراءات من إدارة الرئيس بايدن، ستكون هذه حالة نادرة تتخذ فيها حكومة أجنبية إجراءات ضد حاكم بنك مركزي بسبب ادعاءات فساد. ومن شأن ذلك أيضاً أن «يرقى إلى حد الانقلاب الملحوظ في ثروة أحد رؤساء السياسة النقدية، ويزيد من تعقيد جهود لبنان لكسب الدعم المالي الدولي»، وفقاً لـ«بلومبرغ» التي أضافت أن سياسات سلامة النقدية أثارت «احتجاجات حاشدة في أكتوبر (تشرين الأول) 2019»، وأن المحتجين «ألقوا التبعة على سلامة في السياسات الأكثر خطورة للحفاظ على نموذج مالي فشل في نهاية المطاف، مما أدى إلى القضاء على مدخرات حياة جيل من اللبنانيين».
وقال الأشخاص الأربعة إن التحقيق الذي سبق أن طلبه مكتب المدعي العام السويسري، بشأن احتمال «غسل أموال» من مصرف لبنان، يشمل أيضاً «سلطات قضائية أخرى، بما في ذلك المملكة المتحدة وفرنسا، حيث تراجع السلطات روابط سلامة بالعقارات والشركات الوهمية والتحويلات المصرفية الخارجية»، علماً بأن «العقوبات الأميركية المحتملة لا تعتمد بالضرورة على نتائج التحقيق السويسري بقدر ما تعتمد على تغيير الحسابات السياسية».
ونقلت «بلومبرغ» عن سلامة قوله: «من غير الصحيح إطلاقاً أنني استفدت بأي شكل، مباشر أو غير مباشر، من أي أموال أو أصول مملوكة لمصرف لبنان، أو أي أموال عامة أخرى». وأضاف أن مصدر أمواله واضح، وثروته كانت في حدود 23 مليون دولار عندما أصبح حاكماً لمصرف لبنان سنة 1993. وكان راتبه قبل ذلك من شركة «ميريل لينش» 165 مليون دولار شهرياً.
وصدر عن المكتب الإعلامي لمصرف لبنان بيان، رداً على تقرير «بلومبرغ»، جاء فيه: «يعلن حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، أنه سيتقدم بسلسلة دعاوى قانونية، في داخل لبنان وخارجه، بحق وكالة (بلومبرغ) الأميركية، ومراسلتها في بيروت، وكل من يقف وراءهما بجرائم فبركة أخبار والإساءة ومحاولات تشويه سمعة حاكم المصرف المركزي».
وأضاف البيان: «إن التمادي في هذه الإساءات بات يحتم تحركاً من جميع الذين يدعون الحرص على المصرف المركزي، وسمعة لبنان المالية، ما يرتد سلباً على جميع اللبنانيين، ويجعل هذه الجرائم ترقى إلى مرتبة الخيانة الوطنية، وتمس بالأمن المالي للبلد وفرص إعادة الإنقاذ».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).