بايدن ألغى «ضربة عسكرية» على «ميليشيات إيرانية» في سوريا

بعد 10 أيام من المداولات والاتصالات الهاتفية، أمر الرئيس الأميركي جو بايدن، وزارة الدفاع (بنتاغون)، بشن غارات جوية على هدفين داخل سوريا في 26 فبراير (شباط) الماضي، نجح في الضربة الأولى، لكنه ألغى الضربة الثانية عندما أرسل أحد مساعديه تحذيراً عاجلاً قبل حوالي 30 دقيقة من الموعد المقرر لسقوط القنابل.
التحذير الذي وصل إلى بايدن في تلك اللحظة، يتعلق بوجود امرأة سورية وطفلين قرب أحد المواقع التي كانت مستهدفة، وهو ما التقطته الصور الأولية المرصودة من طائرات «F - 15E» الحربية قبل تنفيذ الضربة، هو ما دفع الرئيس إلى وقف العملية، والاكتفاء بالضربة الأولى فقط، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال».
كانت الحادثة التي لم يتم الكشف عنها سابقاً، التي تنطوي على أول استخدام معروف لبايدن للقوة العسكرية كقائد أعلى للقوات المسلحة، بمثابة تهدئة غير متوقعة، تهدف إلى تحقيق التوازن بين القوى المتنافسة في الشرق الأوسط، وكان الهدف هو إرسال إشارة لإيران بأن فريق البيت الأبيض الجديد سيرد على الهجوم الصاروخي في 15 فبراير الماضي في شمال العراق، ضد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، لكنه لم يكن يسعى لتصعيد المواجهة مع طهران.
ومن الملاحظ في الأوساط الأميركية السياسية، أنه لم يعد الأمر مستغرباً عندما تضرب الولايات المتحدة إيران على أرض سوريا، ووفقاً لسياسة أمر الواقع، أصبحت سوريا أرضاً كبيرة وملعباً تتصارع فيه القوى الدولية، والميليشيات الإرهابية، حتى أن الرئيس الأميركي الذي لم يحصل على إذن من الكونغرس بتنفيذ هذه الضربة ضد إيران في سوريا، لم يواجه انتقادات كبيرة ولا هجوماً من أعضاء الكونغرس بخلاف ما كان يواجهه الرئيس السابق دونالد ترمب.
التدخل الأميركي في سوريا في أواخر عام 2014 كان مشروطاً وضمن حدود دقيقة جداً مع قوات التحالف الدولي، وهي محاربة «داعش»، وتحرير المناطق التي كانت تحت سيطرته، وهو ما كرره المبعوث الأميركي السابق إلى سوريا جيمس جيفري، بأن الوجود الأميركي العسكري في سوريا هو لمحاربة «داعش»، رغم كل الضغوطات التي واجهت الرئيس السابق ترمب من قبل مستشاريه وحلفائه في المنطقة مثل إسرائيل بمحاربة إيران في سوريا، إلا أنه لم ينجرف إلى ذلك الأمر.
بدورها، ترى كارولين روز كبيرة المحللين في «معهد نيولاينز للاستراتيجيات والسياسات»، أن اختيار بايدن استهداف الميليشيات المتحالفة مع إيران في سوريا، هي استراتيجية جديدة لاستهداف الحشد الشعبي والحرس الثوري العابر للحدود، التي لم تقتصر فقط على استهدافهم في العراق فقط، بل تمددت لتشمل سوريا كذلك.
وقالت روز خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»، بينما جددت الولايات المتحدة التزامها بمحاربة «تنظيم داعش» في شمال شرقي سوريا تحت قيادة قوة المهام المشتركة المعروفة بـ«عملية العزم الصلب»، فإن الضربة في سوريا تعكس أن الولايات المتحدة ترى أيضاً أن الحشد الشعبي والجماعات المسلحة التابعة لـ«الحرس» الإيراني تعمل على طول الحدود العراقية - السورية على أنها تهديد للاستقرار أيضاً، ويجب التصدي لها.