لتأمين قوت عائلتها، وجدت ساندرا الطويل نفسها مجبرة على بيع البراد والغسالة، لكن ما جنته لن يخدمها طويلاً في ظل أزمة معيشية خانقة، وتتخوف من رفع الدعم الحكومي عن سلع أساسية، ما قد يجعل تأمين قوت عائلتها مستحيلاً.
وشهدت الأسابيع الأخيرة ارتفاعاً جديداً في أسعار السلع والخدمات كافة، من الخبز والمواد الغذائية المستوردة بغالبيتها، مروراً بالبنزين وتعرفة سيارات الأجرة، وصولاً إلى فاتورة المولّد الكهربائي وسط تقنين قاسٍ في التيار علماً بأن جزءاً كبيراً من هذه السلع مدعوم من الدولة، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
عام 2019، اختارت ساندرا وزوجها الانتقال من دبي إلى بيروت، حيث افتتحا صالون تزيين خاصاً بهما لكنّ الحلم الذي عملا طويلاً لتحقيقه اصطدم بانهيار اقتصادي غير مسبوق.
وتقول ساندرا (40 عاماً)، وهي أم لطفلين: «وصلت إلى درجة بعت غسالتي وبرادي حتى نؤمن قوتنا اليومي وإيجار المنزل»، ثم تسأل بانفعال: «نعيش أساساً حالة تقشّف. ماذا سنأكل إذا كنا غير قادرين على شراء الأرز والقمح والعدس؟».
وتعيش العائلة التي توقفت عن شراء اللحوم والدجاج، من مساعدات غذائية تقدمها جمعية «بيت البركة» غير الحكومية التي تتولى كذلك دفع الأقساط المدرسية للطفلين.
وعلى غرار ساندرا، وجد لبنانيون كثر أنفسهم تدريجياً خلال العام الماضي عاجزين عن تأمين احتياجاتهم الأساسية، على وقع ارتفاع جنوني في الأسعار ارتبط أساساً بانهيار سعر الليرة التي خسرت أكثر من ثمانين في المائة من قيمتها مقابل الدولار.
وأدّت الأزمة التي تفاقمت بفعل تفشي فيروس «كورونا» ثم انفجار المرفأ المروع، إلى ارتفاع نسبة البطالة وإغلاق مؤسسات وشح السيولة في ظل قيود مصرفية مشددة قائمة منذ أكثر من سنة.
في هذه الأثناء، بدأ احتياطي المصرف المركزي بالدولار يتضاءل، ما ينعكس سلباً على قدرته في استمرار دعم السلع الأساسية، كالطحين والوقود والأدوية.
وتدرس السلطات، بدفع من «المصرف المركزي»، منذ أشهر، ترشيد أو رفع الدعم عن استيرادها، في خطوة يحذّر محللون من أثرها على الفقراء، وهم أكثر من نصف عدد السكان، وعلى معدل التضخم.
وتتلقى جمعية «بيت البركة» مئات الرسائل يومياً طلباً للمساعدة، وتقول مؤسّستها مايا إبراهيم شاه: «لاحظنا منذ أربعة أشهر تقريباً ازدياد الطلبات بشكل كبير».
وتساعد المنظمة حالياً نحو 226 ألف شخص شهرياً، عبر دفع أقساط مدرسية ورعاية صحية، كما تدير سوبر ماركت مجانياً في بيروت.
وتوضح إبراهيم شاه: «من نساعدهم حالياً كانوا كلهم من الطبقة الوسطى» التي يقول محللون إن الأزمة الراهنة قضت عليها، وتتوقّع ارتفاع عدد مَن سيحتاج إلى المساعدة إذا تمّ رفع الدعم أو تخفيفه.
وتشكل السلع المدعومة صمام أمان خصوصاً للعائلات الأكثر فقراً.
وتسمح صيغة الدعم المعمول بها التي تصل قيمتها إلى 437 مليون دولار شهرياً وفق البنك الدولي، بكبح أسعار نحو 300 سلعة أساسية بدأت الدولة تدفع جزءاً من كلفتها منذ الصيف.
ويوفر المصرف المركزي الدولار للمستوردين وفق سعر الصرف الرسمي (1507 ليرات)، بما يغطي الجزء الأكبر من قيمة المواد التي يراد استيرادها، بينما يعود لهم تأمين 10 إلى 15 في المائة من المبلغ المتبقي من السوق السوداء، حيث لامس سعر الصرف عتبة العشرة آلاف في معدل قياسي.
في مقابلة في ديسمبر (كانون الأول)، حذر حاكم «مصرف لبنان» رياض سلامة من أن المصرف يستطيع تمويل الدعم لشهرين إضافيين فقط. وقال في تصريح لاحق إن لديه ملياري دولار لتأمين الدعم.
وفي فبراير (شباط)، بلغ احتياطي الدولار 17.9 مليار، وفق موقعه الإلكتروني، 17.5 مليار منها هو احتياطي إلزامي يفترض عدم المس به.
وتنصّ خطة عمل أرسلها وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» على رفع تدريجي للدعم، مقابل تأمين مساعدات مالية مدروسة على مدار سنوات عدة.
«رفع الدعم»... كابوس يخشاه فقراء لبنان مع الأزمة الاقتصادية
«رفع الدعم»... كابوس يخشاه فقراء لبنان مع الأزمة الاقتصادية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة