الفلسطينيون يترقبون الخطوة التالية لمحكمة لاهاي

إسرائيل جاهزة لمواجهة جميع التطورات الممكنة

احتجاج فلسطيني على بناء مستوطنة فوق أراضي البيرة في الضفة (أ.ف.ب)
احتجاج فلسطيني على بناء مستوطنة فوق أراضي البيرة في الضفة (أ.ف.ب)
TT

الفلسطينيون يترقبون الخطوة التالية لمحكمة لاهاي

احتجاج فلسطيني على بناء مستوطنة فوق أراضي البيرة في الضفة (أ.ف.ب)
احتجاج فلسطيني على بناء مستوطنة فوق أراضي البيرة في الضفة (أ.ف.ب)

يترقب الفلسطينيون الخطوة الثانية للجنائية الدولية، بعدما أصدرت المدعية العامة للمحكمة فاتو بنسودا، الأربعاء، بياناً أعلنت فيه فتح تحقيق رسمي في جرائم مفترضة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو الأمر الذي وصفته الرئاسة الفلسطينية، أمس، بقرار يعبر عن استقلالية وشجاعة المدعية العامة، بينما أعلنت وزارة القضاء الإسرائيلية، أنها جاهزة لمواجهة جميع التطورات الممكنة بشأن المحكمة.
وفيما عبرت الرئاسة الفلسطينية عن تقديرها الكبير لقرار المدعية العامة، بخصوص فتح تحقيق جنائي للحالة في فلسطين والتي تشمل الحرب على غزة والاستيطان وملف الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وصف الإسرائيليون القرار بأنه سياسي ومعادٍ للسامية وتعهدوا بحماية المسؤولين والجنود وكل إسرائيل على حد سواء.
وقال المتحدث باسم حركة «فتح»، عضو مجلسها الثوري، أسامه القواسمي، إن الفلسطينيين يتطلعون الآن لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين على ما اقترفوه من أعمال إجرامية مخالفة للقانون الدولي، مؤكداً أن ذلك ليس معاداة للسامية مطلقاً كما يدعي بعض قادة الاحتلال. وأضاف، في بيان، أن « الفرق بين معاداة السامية ومعاداة الإنسانية واضح تماماً، فما تقوم به إسرائيل من احتلال كولونيالي استعماري، وسرقة الأرض وهدم البيوت الفلسطينية، وقتل الناس، هو معاداة للإنسانية جمعاء، ومحاكمة مقترفي هذا الجرم لا يمكن تفسيره بمعاداة السامية، إلا من قبل ثلة تبحث عن مبررات لاستمرار جرائمها بحق الشعب الفلسطيني».
في السياق، تعهدت حركة «فتح» أنها ستمضي قدماً بكل أشكال التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية. ويوجد على طاولة مكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية 55 بلاغاً قدمها الفلسطينيون خلال السنوات القليلة الماضية، يمكن اختصارها في 3 ملفات رئيسية؛ وهي «العدوان على غزة بما يشمل استخدام القوة المفرطة وأسلحة محرمة وارتكاب مجازر وقتل مدنيين»، و«الأسرى داخل السجون الإسرائيلية بما يشمل سوء المعاملة لهم ولعائلاتهم والإهمال الطبي الذي أدى إلى وفاة بعضهم»، و«الاستيطان بما يشمل البناء غير القانوني على الأرض الفلسطينية، وإرهاب المستوطنين الذي أدى إلى قتل مدنيين فلسطينيين».
ويتوقع الفلسطينيون أن يبدأ التحقيق أولاً بملف الاستيطان، لكنهم أيضاً يأملون في تمكن الأسرى وعائلات الضحايا في غزة من محاكمة الإسرائيليين. وأكد مسؤولون في السلطة أن المحكمة ستعمل الآن مع خبراء قانونيين ومحامين فلسطينيين أو عرب أو دوليين، من أجل متابعة التحقيقات والاستجابة لها.
وكانت بنسودا قالت، في بيانها، إنه يوجد «أساس معقول»، لأن تكون الأراضي الفلسطينية قد شهدت جرائم حرب من الأطراف التي شاركت في حرب غزة عام 2014، أي الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية المسلحة وعلى رأسها حركة «حماس»، مضيفة أن «التحقيق سيتناول جرائم مشمولة بالاختصاص القضائي للمحكمة، يعتقد أنها ارتكبت منذ 13 يونيو (حزيران) 2014».
وخلّف قرار بنسودا ردود فعل واسعة في إسرائيل، ليس أقلها اتهام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المحكمة، بأنها معادية للسامية. وكرر المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية أفيحاي مندلبيت، أمس، رأيه بأن محكمة لاهاي لا تمتلك أي صلاحية في أن تقرر فتح تحقيق ضد إسرائيل. وقال في بيان: «هذا الموقف حصل على تأييد من قبل دول رئيسية وخبراء قانونيين مهمين، لكن غالبية القضاة في قرارهم وأيضاً المدعية العامة في بيانها، اختاروا تجاهل ادعاءات قانونية مهمة طرحت في هذا السياق». وأضاف أن في قرار هيئة القضاة، وأيضاً في بيان المدعية العامة، اعترافاً بأن مواضيع أساسية مرتبطة بصلاحية القضاء للمحكمة الدولية، بقيت بدون حسم، هذا الأمر بحد ذاته يوضح إلى أي مدى أن قرار المضي في التحقيق بخصوص إسرائيل خاطئ وخالٍ من أي أساس قضائي متين، والذي يتطلبه أسلوب المدعية نفسها من أجل المضي قدماً بالأمر.
وكانت وزارة القضاء الإسرائيلية، قد أعلنت أنها جاهزة لمواجهة جميع التطورات الممكنة بشأن المحكمة، وهي مستمرة بمساعدة حكومة إسرائيل في توفير دفاع قانوني، يشمل الدعم المطلوب في مواجهة أي تهديد ضد مواطني إسرائيل ينشأ من المحكمة الدولية.
واعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية، الخميس، أن هستيريا الردود الإسرائيلية تعكس الهلع من تحقيقات الجنائية الدولية. وقالت الوزارة في بيان: «حالة من الهستيريا والهلع وعدم التوازن، سيطرت على ردود الفعل الإسرائيلية الرسمية تجاه إعلان المدعية العامة للجنائية الدولية رسمياً فتح تحقيق بجرائم الاحتلال».
وأضافت أن ما ورد على لسان مسؤولين إسرائيليين ليس ذا صلة بالموضوع ومنفصل عن الواقع، «وأن العبارات تعكس إفلاساً أخلاقياً وقانونياً، وعنصرية تنم عن التمسك بعقلية الاحتلال الاستعلائية، وارتباكاً وخوفاً حقيقياً من إعلان المدعية العامة، انعكس ذلك بوضوح على شكل تهديدات وجهتها إسرائيل، كقوة احتلال، لدولة فلسطين وللمسؤولين الفلسطينيين، والتلويح بتصعيد العقوبات المفروضة على الشعب الفلسطيني». وجددت الوزارة تأكيدها على أن دولة فلسطين، ستتعاون بالكامل، مع الجنائية الدولية، وستوفر لها كل ما هو مطلوب.



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.