دبيبة يسلم تشكيلة حكومته إلى مجلس النواب

ميليشيات تقتحم مقر هيئة الرقابة الإدارية في طرابلس

دبيبة مستقبلاً الأمين العام المساعد للأمم المتحدة منسق البعثة الأممية في ليبيا ريزدون زينينغا أول من أمس
دبيبة مستقبلاً الأمين العام المساعد للأمم المتحدة منسق البعثة الأممية في ليبيا ريزدون زينينغا أول من أمس
TT

دبيبة يسلم تشكيلة حكومته إلى مجلس النواب

دبيبة مستقبلاً الأمين العام المساعد للأمم المتحدة منسق البعثة الأممية في ليبيا ريزدون زينينغا أول من أمس
دبيبة مستقبلاً الأمين العام المساعد للأمم المتحدة منسق البعثة الأممية في ليبيا ريزدون زينينغا أول من أمس

أعلن رئيس الوزراء الليبي المكلف عبد الحميد دبيبة، أنه سلم رسمياً قائمة تشكيلة حكومة «الوحدة الوطنية» الجديدة مرفقة بالأسماء المقترحة لتولي الحقائب الوزارية إلى رئاسة مجلس النواب، استعداداً للجلسة التي سيعقدها البرلمان في مدينة سرت، الاثنين المقبل، لمنحها الثقة.
وقال دبيبة في بيان لمكتبه الإعلامي، أمس، إن هذا التطور يأتي التزاماً بخارطة الطريق المحددة في الاتفاق السياسي، وبالإجراءات المحددة لتسليم تشكيلة الحكومة قبل عقد جلسة منح الثقة المزمعة.
وكان مقرراً أن يعلن دبيبة قائمة حكومته، مساء أول من أمس، لكنه تأخر بسبب تغييرات طارئة في اللحظات الأخيرة، أدت إلى تأجيل تسليم القائمة إلى مجلس النواب.
وقالت مصادر مطلعة إن النسخة الأولى من الحكومة خضعت لما وصفته بتنقيحات سياسية وتدقيقات أمنية، فيما كشف مساعدون لدبيبة لـ«الشرق الأوسط» عن أن الحكومة المقبلة ستكون متوسطة العدد بنحو 26 حقيبة وزارية على الأكثر، بينها نحو 6 وزارات ستشغلها نساء.
ومن المقرر أن تتولى قوة خاصة تابعة للحكومة المؤقتة في شرق البلاد تأمين الجلسة التي سيعقدها مجلس النواب في سرت. وأصدر وزير الداخلية في الحكومة المؤقتة إبراهيم بوشناف قراراً، أمس، بتشكيل قوة مشتركة من الدعم المركزي والبحث الجنائي لتأمين الجلسة.
لكن الغموض أحاط بموقف مجلس النواب من عقد هذه الجلسة، وسط استمرار الانقسام بين أعضائه حول إمكانية عقدها في سرت، إذ قال أعضاء في المجلس إن 120 منهم طلبوا رسمياً من نائبي الرئيس الدعوة لعقد جلسة منح الثقة بمدينة غدامس (جنوب البلاد) إذا تعذر عقدها في سرت، كما اشترط أعضاء منشقون عن المجلس في طرابلس إخلاء أي مدينة يتقرر عقد جلسة منح الثقة للحكومة فيها من «المرتزقة والقوات الأجنبية» وأن تتم بحضور «مراقبين محليين ودوليين».
وأعلن الأعضاء الذين شكلوا مجلساً موازياً غير معترف به دولياً، التزامهم التعاطي إيجابياً مع طرح مسألة منح الثقة لحكومة الوحدة بالطرق الممكنة كافة، بما فيها التواصل عن بعد، في حال تعذر التئام مجلس النواب في الأجل المحدد.
ونفت مصادر مقربة من دبيبة لـ«الشرق الأوسط» صحة تقارير بشأن لقاء محتمل سيعقده في القاهرة قريباً مع رئيس الحكومة المؤقتة في شرق البلاد عبد الله الثني لتوحيد مؤسسات الدولة.
وكان الثني الذي يترأس الحكومة المؤقتة التي تدير شؤون المنطقة الشرقية ولا تحظى بالاعتراف الدولي، أجل في بيان له مساء أول من أمس، محاولات توحيد مؤسسات الدولة «لحين اتضاح ملامح العملية السياسية الجديدة» التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة. وجاء قرار الثني بعد ساعات من إعلان أحمد معيتيق، نائب رئيس حكومة «الوفاق» فائز السراج، قرب الإعلان عن توحيد أكثر من 27 مؤسسة وإدارة ومصرفاً متخصصاً وأجهزة تابعة للدولة، بعد سلسلة اجتماعات أجراها خلال الأسبوع الماضي مع مسؤولين من شرق البلاد وغربها ومجلس التخطيط الوطني بغية توحيد المؤسسات والأجهزة المنقسمة في ليبيا منذ عام 2014.
إلى ذلك، كشفت هيئة الرقابة الإدارية التابعة لحكومة «الوفاق» عن قيام مجموعة مسلحة، صباح أمس، باقتحام مقرها في العاصمة بقوة السلاح، الأمر الذي أثار حالة من الهلع والخوف للموظفين والسكان.
واتهم رئيس الهيئة سليمان الشنطي في مذكرة وجهها إلى وزير الدفاع بحكومة «الوفاق» صلاح النمروش وحدات مسلحة تتبع كلا من «كتيبة 301» بقيادة أنور السويسي ومساندة من «كتيبة الرحبة» بتاجوراء، بالتورط في الواقعة لتمكين المدعو عبد الله قاديوه من ممارسة عمله كرئيس للهيئة، استناداً لقرار صادر من النائب الأول لرئيس مجلس النواب في طرابلس.
وطالب الشنطي، النمروش بإصدار تعليماته إلى الكتيبتين التابعتين لوزارة الدفاع بمغادرة مقر الهيئة فوراً، كما طلب من القائم بأعمال النائب العام ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن هذه الواقعة التي تمثل ما وصفه بـ«اعتداء على مؤسسة عامة للدولة من دون سند من القانون».
من جهة أخرى، أعلنت قوة العمليات المشتركة لمكافحة الإرهاب، اعتقال عنصرين من تنظيم «داعش» في طرابلس. وقالت في بيان مقتضب إنهما «كانا جزءاً من خلية مكونة من 6 عناصر قبض عليهم مؤخراً».
واعتبر وزير الداخلية في حكومة «الوفاق» فتحي باشاغا عملية القبض على عنصري «داعش» نجاحاً للغرفة الأمنية المشتركة، مثمناً في تغريدة له عبر حسابه على «تويتر» عملياتها الاستخباراتية والأمنية. وقال: «نؤكد على إصرارنا الكامل على مكافحة الإرهاب والتطرف في البلاد».



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».