احتجاجات ميانمار تشتد غداة سقوط 38 قتيلاً

الأمم المتحدة تطالب بوقف العنف... وتواجه معضلة تمثيل يانغون

قوات الأمن تطلق قنابل مسيلة للدموع على المحتجين في يانغون أمس (أ.ف.ب)
قوات الأمن تطلق قنابل مسيلة للدموع على المحتجين في يانغون أمس (أ.ف.ب)
TT

احتجاجات ميانمار تشتد غداة سقوط 38 قتيلاً

قوات الأمن تطلق قنابل مسيلة للدموع على المحتجين في يانغون أمس (أ.ف.ب)
قوات الأمن تطلق قنابل مسيلة للدموع على المحتجين في يانغون أمس (أ.ف.ب)

بعد أكثر يوم دموية في الاشتباكات بين المدنيين والجيش في ميانمار منذ الانقلاب العسكري في 1 فبراير (شباط) الماضي الذي أطاح حكومة أونغ سان سو تشي المنتخبة ديمقراطياً، تعهد المتظاهرون في أنحاء البلاد، أمس الخميس، بمزيد من الاحتجاجات، فيما تواجه منظمة الأمم المتحدة معضلة تتعلق بمن يمثل ميانمار لديها، بعد انشقاق المبعوث الرسمي وانضمامه قبل أيام للمعسكر الديمقراطي. وقالت المبعوثة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة إلى ميانمار، كريستين شرانر بورجنر، كما جاء في تقرير وكالة الأنباء الألمانية، إن وكالتها أحصت 38 قتيلاً يوم الأربعاء، «في اليوم الأكثر دموية منذ الانقلاب العسكري». وهناك مخاوف من أن ترتفع حصيلة القتلى، في ظل وجود إصابات حرجة بعدما استخدمت قوات الأمن الذخيرة الحية ضد المتظاهرين. وكتب ماونج سونجكا، وهو زعيم شهير في المظاهرات، في منشور عبر موقع «فيسبوك» للتواصل الاجتماعي، في وقت متأخر أمس الأربعاء: «رغم أعمال إطلاق النار الوحشية والقتل، فإننا سنواصل النزول دون راحة ولو ليوم. أراكم غداً». واحتشدت الجموع في أنحاء البلاد أمس لتأبين القتلى، وجرى وضع الزهور تكريماً لهم، وترديد أغنيات مؤيدة للديمقراطية.
ويطالب المتظاهرون بنهاية للسيطرة العسكرية على مقاليد الأمور في البلاد، كما يريدون تحرير زعيمة البلاد الفعلية سو تشي، التي وضعت قيد الإقامة الجبرية وتواجه اتهامات تتراوح حول التحريض على الفوضى. وزعم قادة الانقلاب، دون دليل، أن «الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية» بزعامة سو تشي، ضالعة في تزوير الانتخابات التي جرت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ويكفل الدستور سيطرة الجيش على الهيئات الرئيسية في البلاد، وما يكفي من مقاعد برلمانية، ليتمكن من الاعتراض على أي تغييرات حاسمة.
وقالت المسؤولة الدولية، بورجنر، لوسائل إعلام: «آمل ألا أفقد الاتصال بالجيش. آمل ألا يحدث هذا»، موضحة أن «آخر اتصال مع نائب قائد الجيش (سو وين) جرى في 15 فبراير» الماضي. وأضافت، كما نقلت عنها وكالة الصحافة الفرنسية: «منذ ذلك الحين وأنا على اتصال كتابياً، وأرسلت الأحد رسالة طويلة مباشرة إلى الرجل الثاني (...) لكن لم أحصل على رد مباشر منذ ذلك الحين، لكنهم (العسكريون) يرسلون لي معلومات كل يوم، لذلك أحاول أن أبقى على اتصال».
وكانت المسؤولة السويسرية شنت الجمعة الماضي هجوماً عنيفاً في الجمعية العامة للأمم المتحدة على الجيش، مُدينة قسوته، ومطالبة الأسرة الدولية بعدم الاعتراف بالنظام الجديد. وتعيش كريستين شرانر بورجنر في سويسرا وهي تحاول السفر إلى ميانمار للقاء القادة المدنيين البورميين. لكن المجموعة العسكرية رفضت كل الزيارات حتى الآن، مؤكدة أن الوقت «لم يحن بعد». وقالت إنهم «يؤكدون أن عليهم تسوية أمرين أولاً، هما: مواصلة التحقيقات في تزوير الانتخابات (...) ووقف حركة العصيان». ودعت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشليه، الخميس، الجيش إلى الكفّ عن «قتل المتظاهرين وسجنهم»، مشيرة إلى مقتل 54 منهم وتوقيف أكثر من 1700 منذ انقلاب 1 فبراير الماضي. وقالت باشليه في بيان: «إنه لأمر شائن أن تطلق قوات الأمن الرصاص الحي ضد متظاهرين سلميين في كل أنحاء البلاد». وأضافت: «أنا مستاءة أيضاً بسبب الاعتداءات الموثقة ضد الطاقم الطبي في أقسام الطوارئ وفرق الإسعاف التي تحاول تقديم خدمات الرعاية للجرحى».
يأتي ذلك بينما تواجه الأمم المتحدة معضلة تمثيل ميانمار لديها. فقد ذكرت، الثلاثاء، أنها تلقت رسالتين «متناقضتين» بشأن من يمثل البلاد دبلوماسياً بمقر المنظمة في نيويورك بعد انشقاق السفير عن السلطة الجمعة الماضي ثم إقالته. وأعلن كياو مو تون قطع صلاته بالعسكريين خلال اجتماع خاص للجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة في خطاب مؤثر دعا فيه إلى إنهاء الانقلاب، ودافع عن الشعب رافعاً 3 أصابع؛ شعار الحركة الاحتجاجية.
ويذكر كياو مو تون في الرسالة؛ التي اطلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية، بأنه عُين بقرار من الرئيس المدني ووزيرة الخارجية المخلوعة أونغ سان سو تشي. ويقول: «لذلك أود أن أؤكد لكم أنني أبقى الممثل الدائم لدى الأمم المتحدة».
من جهتها، أرسلت وزارة خارجية ميانمار، الثلاثاء، مذكرة إلى الأمم المتحدة تشدد على انتهاء مهمة كياو مو تون. وتضيف الخارجية في مذكرتها: «حالياً، عُيّن تين ماونغ ناينغ، نائب السفير والممثل الدائم في منصب القائم بالأعمال بالنيابة عن البعثة الدائمة لدى الأمم المتحدة».
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، خلال مؤتمره الصحافي اليومي: «تلقينا رسالتين متناقضتين سنقوم بدراستهما ونرى من أين جاءتا وماذا سنفعل». وستنظر لجان الاعتماد والبروتوكول التابعة للأمم المتحدة في القضية، ثم تحيلها إلى الجمعية العامة للمصادقة على قرار يمكن أن يعرض للتصويت، حسب المنظمة. وفي تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، توقع مسؤول في الأمم المتحدة؛ طلب عدم الكشف عن هويته، ألا تلقى اتصالات المنظمة الدولية رداً بعد هذا التصريح. وأثارت أعمال العنف الأربعاء سلسلة من الاحتجاجات الدولية.
ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى «الوقف الفوري للحملة القمعية»، بينما قالت وزارة الخارجية الأميركية إنها تشعر «بالهلع والاشمئزاز»، داعية الصين إلى «استخدام نفوذها» مع الجنرالات. ولم تدن بكين وموسكو؛ الحليفتان التقليديتان للجيش البورمي، في الأمم المتحدة الانقلاب رسمياً، وتعدّان الأزمة «شأناً داخلياً» للبلاد.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.