«أوبك بلس» تدرس تداعيات تمديد التخفيضات أو زيادة إنتاج النفط

الأسعار ترتفع أكثر من 2 % بدعم من السيناريو الأول

الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي  يترأس لجنة المراقبة الوزارية المشتركة بـ«أوبك بلس» أمس (الشرق الأوسط)
الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي يترأس لجنة المراقبة الوزارية المشتركة بـ«أوبك بلس» أمس (الشرق الأوسط)
TT

«أوبك بلس» تدرس تداعيات تمديد التخفيضات أو زيادة إنتاج النفط

الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي  يترأس لجنة المراقبة الوزارية المشتركة بـ«أوبك بلس» أمس (الشرق الأوسط)
الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي يترأس لجنة المراقبة الوزارية المشتركة بـ«أوبك بلس» أمس (الشرق الأوسط)

تدرس «أوبك بلس» أوضاع أسواق النفط، وفقاً للمعطيات الحالية، آخذة في الاعتبار وضع الاقتصاد العالمي وانتشار توزيع اللقاحات ضد جائحة «كورونا»، وحجم المخزونات العالمية من النفط، ونمو الطلب والعرض من الخام، فضلاً عن الأسعار.
وفي هذا الإطار نقلت «رويترز»، أمس، عن ثلاثة مصادر في «أوبك بلس» قولهم إن منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاءها، المجموعة المعروفة باسم «أوبك بلس»، يدرسون تمديد تخفيضات إنتاج النفط من مارس (آذار) إلى أبريل (نيسان) بدلاً من زيادة الإنتاج، إذ لا يزال تعافي الطلب على النفط هشّاً بسبب فيروس «كورونا».
في حين قال خبراء في مجموعة «أستراليا أند نيوزيلاند بانكينج غروب» المصرفية الأسترالية، إنه يمكن لـ«أوبك بلس» زيادة إنتاجها من الخام، خلال نيسان المقبل، بمقدار 750 ألف برميل، دون أن يكون لهذه الخطوة تأثير سلبي على الأسعار.
وبدأ أمس اجتماع لجنة المراقبة الوزارية المشتركة في «أوبك بلس»، لمناقشة تداعيات السيناريوهات المطروحة من الدول الأعضاء، برئاسة المملكة العربية السعودية. على أن يعقد وزراء «أوبك بلس» اجتماعاً بكامل هيئتهم، اليوم (الخميس).
وارتفعت أسعار النفط أكثر من 2 في المائة خلال تعاملات، أمس، لتتخطى مستويات 64 دولاراً للبرميل، بدعم من سيناريو تمديد تخفيضات الإنتاج؛ إذ كانت السوق تتوقع إلى حد بعيد أن تخفف «أوبك بلس» تخفيضات الإنتاج بنحو 500 ألف برميل يومياً اعتباراً من أبريل. كما من المتوقع أن تُنهي السعودية، أكبر منتج في «أوبك»، خفضاً طوعياً لإنتاجها قدره مليون برميل يومياً.
ودعت وثيقة أعدها خبراء «أوبك بلس»، وفقاً لـ«رويترز»، إلى «تفاؤل حذر»، مشيرة إلى «الضبابية الكامنة في الأسواق الحاضرة والمعنويات على المستوى الكلي، لا سيما المخاطر من طفرات (كوفيد – 19) التي ما زالت آخذة في الارتفاع».
وقالت إنها تعتقد أن ارتفاع سعر النفط في الآونة الأخيرة ربما يكون بسبب لاعبين ماليين أكثر من تحسُّن في العوامل الأساسية للسوق.
وتتوقع «أوبك» نمو الطلب العالمي على النفط في 2021 بمقدار 5.8 مليون برميل يومياً إلى نحو 96 مليون برميل يومياً، وهو ما يظل دون مستوى الطلب في 2019 الذي كان عند نحو 100 مليون برميل يومياً.
ومن المتوقّع بشكل كبير أن تدفع روسيا في اتجاه مزيد من الزيادات، لكنها أخفقت في فبراير (شباط)، في أن ترفع الإنتاج رغم حصولها على الضوء الأخضر لذلك من جانب «أوبك بلس»، إذ أثر طقس شتوي قاسٍ على الإنتاج من الحقول المتقادمة.
وبعد حديث مع دينيس دريوشكين ممثل روسيا في اللجنة الفنية بـ«أوبك بلس»، قال «جيه بي مورغان» إن روسيا ترى منطقاً في رفع الإنتاج، إذ لا تزال سوق النفط تشهد عجزاً يبلغ 500 ألف برميل يومياً.
وقال البنك: «تعتقد روسيا بأنه في حالة الإبقاء على الإنتاج عند المستويات الحالية، ستنتقل السوق إلى عجز أكثر حدة من ذلك». وأضاف: «على هذا النحو، هناك حاجة إلى استعادة الإنتاج، لكن السرعة والكمية لم يجرِ البت فيهما بعد».
وقبيل الاجتماع، ذكرت «وكالة الأنباء الكويتية»، أمس، أن وزير النفط محمد الفارس قال إن التفاؤل بأن تطعيمات «كوفيد - 19» ستساعد في تعافي الاقتصاد العالمي أدى إلى تدعيم سوق النفط.
وأضاف أن «قرارات (أوبك بلس) الأخيرة ساهمت بدعم الأسواق وصبت في مصلحة تعافي الاقتصاد العالمي بشكل تدريجي، الأمر الذي شجع أجواء الاستثمار والتعافي... ويتماشى مع التفاؤل والآمال حول انتشار لقاح (كورونا)، وأثره على انتعاش الاقتصاد العالمي».
وقال رئيس منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، أول من أمس (الثلاثاء)، إن سوق النفط العالمية تستعيد التوازن بعد أن قوبل انهيار في الطلب بفعل جائحة «كوفيد - 19» بقيود على الإنتاج من جانب المنتجين في المنظمة.
وقال رئيس «أوبك» ديامانتينو أزيفيدو: «أسعار الخام مستقرة نسبياً... نرى قدراً من التوازن بين الطلب والعرض... لكن بسبب وضع الجائحة الذي يمر به العالم ومع وصول موجات جديدة، قد نشهد وضعاً يقل فيه الطلب نتيجة إجراءات العزل. سيرتفع الطلب بالتأكيد مع تطعيم سكان العالم باللقاحات المضادة لـ(كوفيد - 19)».
من جانبه، قال محمد باركيندو أمين عام منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إن المنظمة ترى أن آفاق سوق النفط إيجابية بشكل عام، وإن الضبابية التي سادت العام الماضي تواصل الانحسار. وأضاف: «هذا تحول كبير مما كان عليه الوضع قبل عام».



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»