نائب قائد قوات «الدعم السريع» يكشف أسرار «ليلة التغيير» في السودان

عبد الرحيم دقلو روى لـ«الشرق الأوسط» الساعات الأخيرة لنظام البشير... ووقائع فض الاعتصام أمام قيادة الجيش

نائب قائد قوات «الدعم السريع» السودانية عبد الرحيم دقلو (الشرق الأوسط)
نائب قائد قوات «الدعم السريع» السودانية عبد الرحيم دقلو (الشرق الأوسط)
TT

نائب قائد قوات «الدعم السريع» يكشف أسرار «ليلة التغيير» في السودان

نائب قائد قوات «الدعم السريع» السودانية عبد الرحيم دقلو (الشرق الأوسط)
نائب قائد قوات «الدعم السريع» السودانية عبد الرحيم دقلو (الشرق الأوسط)

فوجئ الثوار الذين يطالبون بإسقاط نظام الرئيس السابق عمر البشير، في السودان، بقوات «الدعم السريع» التي أنشأها الرئيس نفسه لحمايته، توجه نيران أسلحتها بعيداً عنهم، بعد أيام من انطلاق الثورة في 19 ديسمبر (كانون الأول) 2018.
وبدلاً من أن تتصدى هذه القوات للمظاهرات والمواكب العارمة، حسبما هو مخطط لها بعد استدعائها إلى الخرطوم، فإذا بها توفر لهم الحماية، ما أدهش الكثيرين الذين كانوا يظنونها أتت لإنقاذ الرئيس البشير، الذي كان نظامه يصارع من أجل البقاء.
طمأن قائد هذه القوات محمد حمدان دقلو الشهير بـ«حميدتي»، الثوار بأنه لم يأتِ لقتلهم، في خطاب وجّهه إلى قواته في ضاحية «طيبة الحسناب» –جنوبي الخرطوم– في 25 ديسمبر (كانون الأول) 2018، بعد أيام من انطلاق الثورة. وقال لهم إن «الدعم السريع لم تأتِ لقتلهم ولن يشارك في قمعهم» كما كانوا يظنون، ما عدّه البعض تمرداً مبكراً على قيادة البشير.
وبعد نجاح الثورة وسقوط نظام المعزول عمر البشير، هتف الثوار لـ«الدعم السريع»، وقبلوا وجود قواته بينهم، لكن فجأة انقلب الموقف منها «رأساً على عقب»، لا سيما بعد جريمة «فض الاعتصام»، في يوم الاثنين، الثالث من يونيو (حزيران) 2019، التي أشارت أصابع الاتهام فيها إلى «الدعم السريع» بالمشاركة فيها، لكنّ قادة «الدعم السريع» دأبوا على نفي هذه الاتهامات، ويؤكدون أن «قوى معادية للثورة» ورّطت قواتهم في العملية.
في تفسيره لموقف قواته من الثورة، قال القائد الثاني لقوات «الدعم السريع» عبد الرحيم حمدان دقلو، لـ«الشرق الأوسط»: «شعرنا بأهمية أن تكون قواتنا موجودة لحماية الثوار، ووقتها كنت أتهيأ للسفر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة في 24 ديسمبر (كانون الأول 2018، وقبل مغادرتي طلبت من حميدتي ألاّ يُدخلنا في أي إشكالات، فاتفق معي، وطمأنني قائلاً: (مافي عوجة)، لكنه قال في خطابه في طيبة الحسناب بعد سفري بيوم واحد، كلاماً خطيراً أعلن فيه الانحياز للمحتجين، ما قد يشكّل خطراً على قواته بل حياته لأنه إعلان صريح للمواجهة مع نظام البشير ورأسه، ما اضطرني لقطع سفري والعودة للبلاد في اليوم التالي». بعد عودته للخرطوم، سأل عبد الرحيم شقيقه «حميدتي» عما فعله فأجاب بأنه لن يقف مع المجرمين، وهو على استعداد لتحمل النتائج.
- امتداد الثورة وتشكيل اللجنة الأمنية العليا
تطورت الأحداث دراماتيكياً وتفاقمت في البلاد بشكل كبير، واشتدت الثورة مع مرور الأيام واشتد معها القمع والقتل في الشوارع والأحياء. قال عبد الرحيم دقلو: «بدأت الأوضاع داخل الجيش تأخذ شكل عاصفة، وتفاقمت بشدة بعد خطاب الرئيس المعزول الأخير في 22 فبراير (شباط) 2019». في هذا الخطاب، فرض البشير، حالة الطوارئ لمدة عام، وحل الحكومة المركزية وحكومات الولايات، وكوّن حكومة أطلق عليها حكومة كفاءات، ووعد باتخاذ تدابير اقتصادية جذرية، وأن يكون رئيساً على مسافة واحدة من الجميع.
وكان الهدف من الخطاب كسب ثقة المعارضة ومواجهة الاحتجاجات، ولكن دون جدوى.
عقب الخطاب، الذي لم يجد استجابة من المحتجين ولم يهدئ ثائرة المواكب والمظاهرات المطالبة باستقالة الرئيس أو إقالته، قال عبد الرحيم: «ذهبنا معاً (مع حميدتي) لوزير الدفاع وقتها، الفريق عوض بن عوف، وقبل دخولنا مكتبه صاح قائلاً: يا حميدتي هيجت علينا الشارع». فردّ عليه حميدتي: هذه «كلمة حق وقلتها»، فطلب منه ابن عوف عدم تكرارها.
ووفقاً لعبد الرحيم، فقد انعقد اجتماع بينه وشقيقه حميدتي وبين الفريق ابن عوف، وصف فيه «حميدتي» ما يحدث بأنه «ظلم وخيانة للشعب»، وقال لوزير الدفاع: «بهذه الطريقة لن تمضي البلاد للأمام، ويمكن أن تضيع من يدنا جميعاً». وافقه ابن عوف قائلاً: «ما يحدث خطأ، لأن سياسات الحكومة أوصلت الأمور لهذه المرحلة، واقترح تشكيل لجنة أمنية عليا».
بالفعل تكونت اللجنة من وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان وقتها اللواء كمال عبد المعروف، ومدير جهاز الأمن صلاح قوش، ومدير عام الشرطة بابكر الطيب، وقائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو، ثم انبثقت منها لجنة تنفيذية مهمتها تفريق المتظاهرين، مكونة من نائب رئيس جهاز الأمن جلال الشيخ، ونائب مدير الشرطة مصطفى أحمد المصطفى، وقائد ثاني قوات «الدعم السريع» عبد الرحيم دقلو.
يضيف عبد الرحيم: «في أول اجتماع للجنة تحدث الحاضرون بإيجابية عن قوات (الدعم السريع)، وقدراتها، بما يوحي بأنهم يريدون إشراكها في قمع الثورة وقمع المتظاهرين»، فبادرتهم بالقول: «كيف تفكرون بهذه الطريقة، هل تريدون أن يطارد (الدعم السريع) المتظاهرين في الشوارع؟»، فقاطعني جلال الشيخ قائلاً: «ألا تريد أن يشارك (الدعم السريع) في إخماد الثورة؟»، فقلت له بشكل صارم: «لن نشارك في قمع الثوار».
وأبلغ صلاح قوش اللجنة الأمنية العليا رفض قوات «الدعم السريع» المشاركة في تفريق الاحتجاجات، فردّ عليه «حميدتي» بحدّة: «قوات (الدعم السريع) لو وجدت المتظاهرين نائمين في الشوارع لن توقظهم»، ثم قرّع مديري الشرطة والأمن لفشلهم في تفريق المظاهرات، وأبلغهم بأن «الدعم السريع» لا علاقة له بقمع المظاهرات.
تدخل ابن عوف وطلب من حميدتي مساندتهم في توفير قوة جوالة من قواته، فوافق، لكنه حرص على إخراج قواته باكراً، وإعادتها لثكناتها قبل موعد بدء المواكب، حتى لا تصطدم بالمحتجين.
- أحداث 6 أبريل وإحباط انقلاب للإسلاميين:
قال عبد الرحيم إن قواته طوال أربعة أشهر من الاحتجاجات لم تتعرض للمتظاهرين، وأضاف: «كنا وحميدتي نخرج بسياراتنا للشوارع ونتابع المواكب، فسمعنا الأحاديث عن قمع المتظاهرين وإطلاق الرصاص عليهم وقتلهم، فواجهنا به كلاً من قوش وابن عوف ومدير الشرطة، مستنكرين الاعتداءات على المواطنين بالرصاص». وتابع: «حميدتي وصف ما يحدث بأنه بطش، وطالب بسحب سلاح جهاز الأمن، وبالفعل تم جمع السلاح من قوات الجهاز في 5 أبريل، أي قبل الاعتصام أمام قيادة الجيش بيوم واحد».
ويستطرد: «كان أفراد الأمن يتلثمون ويقودون سيارات من دون لوحات، فقلنا لضباط منهم، لو كنتم على قناعة بما تفعلون لماذا تُخفون وجوهكم؟ فقد كنا نريد حماية المتظاهرين من الرصاص».
شارك عبد الرحيم دقلو –حسب قوله- في 3 من اجتماعات اللجنة الأمنية التنفيذية، ثم أناب عنه مدير استخبارات «الدعم السريع» في الاجتماعات، بعد أن طلب منه عدم الاستجابة لأي طلب لقمع المتظاهرين. وقال: «ثم غادر حميدتي إلى دارفور قبل أسبوع –نهاية مارس (آذار) 2020- من وصول طلائع المتظاهرين للقيادة العامة للجيش، وكلفني بتسلم مهامه في اللجنة الأمنية العليا، وحماية المتظاهرين».
وأوضح أن مدير جهاز الأمن صلاح قوش حذّر اللجنة الأمنية في 4 أبريل 2019، من أن المتظاهرين سيدخلون القيادة العامة في 6 أبريل، وأضاف دقلو: «من خلال مجريات الاجتماع، أدركت أن الحكومة تنوي البطش بالمتظاهرين، إذ قال أحد المتحدثين: (الموت سيكون هنا)، مشيراً للقيادة العامة (مقر الجيش)». وتابع: «خرجت من الاجتماع، وأجريت اتصالات بالقيادات العسكرية وطلبت منهم إيقاف نشر القوات المتحركة لدارفور، ثم عدت لإكمال الاجتماع».
صبيحة يوم 6 أبريل قال عبد الرحيم، إنه طاف معسكرات «الدعم السريع» في منطقة «فتاشة» شمال أم درمان، وفي أثناء طوافه طلب منه ابن عوف العودة بسرعة قائلاً: «تعالَ بسرعة هناك انقلاب يجري، بعض الضباط في طريقهم لإذاعة البيان الأول». وأضاف: «بناءً على ذلك جمعت قواتي على وجه السرعة وأمرتها بالسيطرة على الكباري (الجسور) والدخول إلى القيادة العامة».
وتابع: «توجهت إلى الإذاعة في أمّ درمان، ووجهت القوات بالتعامل اللازم مع أي مجموعة تحاول دخول مباني الإذاعة، ثم توجهت لكوبري شمبات (على النيل الأبيض)، وعند مدخل مدينة بحري شاهدت القوة التي كانت تريد الانقلاب. وبعد وصولي القيادة العامة وزعت القوات داخلها».
وأوضح: «انعقد اجتماع اللجنة الأمنية، وحين دخلت عليهم وجدتهم في حيرة من أمرهم، فيما يحاصر المتظاهرون مباني القيادة، وقوات الأمن والشرطة تحاول تفريقهم بالغاز المسيل للدموع».
- اللقاء مع الرئيس المخلوع وفتوى قتل المتظاهرين
ووفقاً لإفادته، ذهب عبد الرحيم دقلو وبرفقته صلاح قوش مساء يوم 6 أبريل إلى الرئيس عمر البشير، فوجد معه كلاً من عبد الرحيم محمد حسين (وزير الدفاع السابق)، وأحمد هارون (نائب الرئيس)، وكان حسين يسب وزير الدفاع ابن عوف ويصفه بـالفاشل لأنه سمح بدخول المتظاهرين إلى الساحة التي تحيط بالقيادة، وكان ذلك بحضور الرئيس. وقال دقلو: «لم أتمالك نفسي، وانفجرت غاضباً، وقلت له لا داعي لهذا الحديث الفارغ، هذا يوم الحكمة لمعالجة مشكلة المواطنين في الشارع».
وقام قوش بإخبار ابن عوف بأن حسين سبّه في حضور الرئيس دون أن يحرّك الرئيس ساكناً، وأبلغه أن قائد ثاني «الدعم السريع» قرّع عبد الرحيم حسين بحضور الرئيس أيضاً. وأضاف دقلو: «خرجت من المكتب وصعدت إلى سطح القيادة العامة، وهناك جاءني أحمد الشايقي –أحد القيادات الإسلامية الأمنية- وقال لي مشيراً إلى المعتصمين: عاجبك المنظر دا؟».
يقول دقلو: «عاد حميدتي من دارفور يوم 8 أبريل، أي بعد يومين من بدء الاعتصام أمام قيادة الجيش. ومساء ذات اليوم تلقيت اتصالاً من قائد قوتنا التي كانت تحاصر مقر حزب المؤتمر الوطني (حزب البشير) بالخرطوم، وأبلغني أن البشير يريد دخول المقر، هل نسمح له أم نوقفه؟ فأمرته بالسماح له، مع الحرص على محاصرة المكان».
يروي دقلو تلك اللحظات الصعبة قائلاً: «في 9 أبريل ذهبت ومعي القائد حميدتي لمقابلة البشير، فوجدناه في أشد حالات الغضب، وحين سأله حميدتي عن الحل رد: اقتلوهم، فهناك فتوى تبيح قتل ثلث الشعب، بل فتوى أكثر تشدداً تبيح قتل نصفهم، ليعيش الباقون». وتابع دقلو: «استعذنا بالله في دواخلنا من ثقل مثل هذا القول، وبعد أن خرجنا اتفقنا على حماية المتظاهرين، لكننا لم نقرر تسلم السلطة، بل تركنا الأمر للجيش أو الأمن أو من يتحرك أولاً، مع تأكيد أهمية وجودنا لحماية المعتصمين».
يوضح دقلو أنهم في بداية الأمر اتفقوا على أن يتولى مدير جهاز الأمن صلاح قوش مواجهة البشير، وأن حميدتي قال له: «إنت رئيس الجهاز، اذهب للبشير وأبلغه أن الشعب لن يرجع، وعليه أن يتنحى، فَرَاقَ له القول لأنه كان يلعب على الحبلين». وتابع: «لا أدري ما إن كان قوش قد التقى البشير أم لا، لكنه عاد إلى الاجتماع مرتبكاً، وردّد مرتين: (لن أخون الرئيس... لن أخون الرئيس)».
بعد نهاية الاجتماع توجه كل من حميدتي وعبد الرحيم إلى مكتب وزير الدفاع عوض بن عوف، فأبلغه حميدتي بأن الرئيس طلب منه قتل المتظاهرين، وقال له إنه لن يفعل ذلك، وبالتالي صار من المهم إطاحته. فردّ عليه ابن عوف قائلاً: «إن الرئيس مسح بكرامتنا الأرض أنا وكمال عبد المعروف (رئيس هيئة الأركان)، وطلب منّا ذات الطلب (قتل المتظاهرين)، ولو وافقتم على تغييره نحن معكم».
- اتفاق على تسلم السلطة والبرهان رئيساً
يقول دقلو: «اتفقنا على تغيير النظام نحن الأربعة عوض بن عوف (وزير الدفاع) وكمال عبد المعروف (رئيس هيئة الأركان) وحميدتي وشخصي، ثم دخل علينا صلاح قوش، فعاجله ابن عوف بأننا قررنا تنحية الرئيس، فأبدى موافقته على الفور، وبالطبع لا يستطيع أن يرفض، لأن الخيارات أمامه إما أن يُسجن وإما أن يكون جزءاً من العملية».
واستطرد: «خيَّم الصمت على الجميع، ثم علا صوت ابن عوف قائلاً إنه قدم النصح للحكومة قبل فوات الأوان، فعاجله حميدتي وطلب منه بصفته نائب الرئيس ووزيراً للدفاع بكتابة البيان. تردد قليلاً ثم وافق، وطلب من كمال عبد المعروف تسمية أعضاء المجلس العسكري. مساء نفس اليوم التقينا وحميدتي مع رئيس جهاز الأمن في مكتبه، ووجدنا معه نائبه جلال الشيخ الذي قال: (خلاص غيّرتو الرئيس، الشارع لن يقبل ابن عوف رئيساً للمجلس العسكري)، فردّ عليه حميدتي: (إذا الشارع سيرفضه من الأفضل أن نغيّره الآن قبل أن يذيع البيان الأول)، فسأل الشيخ عن البديل، فأجابه حميدتي: (نرشح قوش)، فردّ الشيخ: (أنا وقوش قتلنا الناس... ومكاننا السجن)، فعاجله حميدتي: (يا بطش... مش قلت ليك زمان ما تبطش)! ثم قال: (نرشح كمال عبد المعروف إذن) رغم كراهية عبد المعروف الشديدة لقوات (الدعم السريع)».
وتابع دقلو: «اتجهنا لمكتب كمال عبد المعروف، ولحق بنا صلاح قوش، فأبلغه حميدتي بأن الأوضاع تقول إن الشارع لن يقبل ابن عوف رئيساً، لذلك قررنا أن تكون أنت الرئيس، فوافق على الفور. ثم ذهبنا لمكتب عوض ابن عوف، فأبلغه حميدتي بأننا قد استبدلناه لأن الشارع لن يقبل به، فصمت الرجل لدقيقتين ثم مد يديه الاثنتين رافضاً بالقول: (إلاّ تقيدوني وترموني مع البشير)، وتابع: (اتركوا الشارع يقرر ذلك)».
وفي يوم 11 أبريل أذاع ابن عوف بيان تسلم السلطة واحتجاز البشير، ولكن سرعان ما رفض الشارع ابن عوف قبل مرور 24 ساعة. يقول دقلو: «ابن عوف اتصل بحميدتي وأبلغه بتنحيه عن الرئاسة مشترطاً ألّا يأتي كمال عبد المعروف رئيساً، ثم اقترح عليه عبد الفتاح البرهان بديلاً عنه، فوافقنا عليه، وتم إعلان المجلس العسكري الانتقالي».
- التحفظ على البشير وفض الاعتصام
بعد تنحية البشير تم التحفظ عليه في قصر الضيافة، ثم أشرف على نقله من بيت الضيافة إلى سجن كوبر عبد الرحيم دقلو، وقال: «دخلت البيت وتسلمنا منه المفاتيح وقام بفتح الخزائن، فعثرنا فيها على مبالغ كبيرة باليورو والدولار والجنيه السوداني، ومستندات حكومية. وقبل أن نأخذه إلى السجن، طلب مني البشير السماح له بالذهاب إلى منزله لأخذ دوائه، لكني رفضت طلبه».
انتصرت الثورة وأُعلن عبد الفتاح البرهان رئيساً للمجلس العسكري الانتقالي، لكنّ الثوار تمسكوا باعتصامهم أمام القيادة، ورفضوا الانصراف قبل تشكيل الحكومة المدنية، واستمر الاعتصام حتى بداية يونيو، وظل الجيش و«الدعم السريع» يؤكدان أنهما لن يفضا الاعتصام.
رحب المعتصمون والثوار بقوات «الدعم السريع» التي كانت تجوب أرض الاعتصام، بل علّقوا لافتة كبيرة تحمل صورة قائد «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو مكتوباً عليها: «حميدتي الضكران (أي القوي) خَوَّف الكيزان»، لكن فجأة انقلب الميدان على «الدعم السريع»، وتحول وسط ذهول الكثيرين إلى خائن بعد أن كان بطلاً.
جاءت الطامة الكبرى عند عملية فض الاعتصام السلمي من أمام قيادة الجيش، وشهد الكثيرون تحريك قوة كبيرة صبيحة 3 يونيو 2019 استخدمت عنفاً مفرطاً، وارتكبت انتهاكات واسعة ضد المعتصمين، قُتل وجرح خلالها العشرات.
وتداولت بشكل كثيف صور وفيديوهات لعملية فض الاعتصام، وبدا لافتاً فيها وجود جنود بأزياء «الدعم السريع» يحملون العصيّ، كانوا يشاركون في عملية الفض.
وتفسيراً لوجود جنوده، قال عبد الرحيم: «قررت اللجنة الأمنية العليا فض اعتصام كولمبيا (منطقة إلى جوار الاعتصام استُخدمت وكراً للمخدرات وترويع المارة، لا علاقة لها بالاعتصام أمام القيادة)، لكن حدث اختراق على الخطة، ولم يكن هناك مخطط لفض الاعتصام، بل فض منطقة كولومبيا».
واعترف عبد الرحيم بأن القوات التي شوهدت بالفعل تابعة له، ولكن قيادة «الدعم السريع» لم تعطهم الأمر بفض اعتصام القيادة، قائلاً: «شاهدت أفراداً من (الدعم السريع) يحملون العصيّ ويشاركون في فض الاعتصام، فاتصلت بقائد عملية فض منطقة كولمبيا (عثمان)، وسألته عن هوية القوات المشاركة في العملية».
وتابع: «قلت له: هذه القوة تابعة لنا، وقائدها اللواء صادق سيد، ولم تصدر لها الأوامر بالمشاركة في فض الاعتصام وهذه خيانة وانقلاب». وبعدها تساءل حميدتي عن القوة التي شوهدت في ساحة الاعتصام بقوله: «لماذا دخلوا ساحة الاعتصام؟». فتلقى إجابة: «إن اللواء صادق سيد هو من جاء بها، وهم غير مسلحين ويحملون عصياً وسياطاً فقط. ومع هذا فإن الذين أطلقوا الذخيرة على المعتصمين ليسوا تابعين لـ(الدعم السريع)». وتابع: «لاحقاً ألقينا القبض على صادق سيد وكل القوة التي دخلت معه، وقدمناهم لمحكمة عسكرية، برّأت العساكر وحمّلت المسؤولية لمن أصدر الأوامر».
أكد دقلو أن القوة التي فضت الاعتصام ليست متفلتة كما يروج له، بل إنها تلقت أوامر من «شخص متآمر أراد فض الاعتصام، وتخريب سمعة (الدعم السريع)». وتساءل: «كيف نفض الاعتصام، وهو كان يحمينا من خطر الانقلاب؟ فالمجلس العسكري تعرض لتضليل من جهة معروفة (لم يسمها)».
وجدد عبد الرحيم التأكيد على أن قواته لا مصلحة لها في فض الاعتصام، وقال: «حميدتي أكد أننا داعمون لاستمرار الاعتصام لأنه إذا انفضّ، فهناك انقلاب الإسلاميين يتربص بنا، ويجري الإعداد له منذ 6 أبريل، ولولا الاعتصام لنجح هذا الانقلاب».
ويتهم عبد الرحيم البعض -لم يسمّهم- بمحاولة إلصاق تهمة فض الاعتصام بقواته، قائلاً: «هي مجموعة معروفة للجميع، يدفعها لذلك أن (الدعم السريع) أعاد تشكيل الواقع الجديد، بما يخالف الموروث عن الثورات السودانية». وأضاف: «كانت الثورة تأتي بالقيادات التي ظلت تسيطر على البلاد طوال 60 عاماً، ولهذا فهي ترفض الواقع الجديد الذي فرضه (الدعم السريع)».
ووجه دقلو أصابع الاتهام أيضاً إلى جهات تعمل بتنسيق تام على «شيطنة (الدعم السريع)»، وإبعاده من المشهد «خوفاً وحرصاً على مصالحها التاريخية، ووجوده يجيء خصماً من مكتسباتها».
وفيما يتعلق بدمج القوات في جيش واحد وفقاً لنصوص اتفاقية سلام جوبا، يقول دقلو: «هذه كلمة حق أُريد بها باطل»، ويضيف: «(الدعم السريع) ليس حركة مسلحة ولا ميليشيا، بل قوات نظامية مدرَّبة تتبع للقوات المسلحة، وتعمل تحت إمرته وإمرة القائد الأعلى، ويحكمها قانون مُجاز من المجلس التشريعي، وتحرس الحدود وتكافح الهجرة غير الشرعية والإرهاب، فمع من يدمجونها ولماذا ما دامت هي جزء من القوات المسلحة وتحت إمرة القائد العام؟».
ويصف عبد الرحيم امتلاك قواته لـ«استخبارات خاصة وإدارات منفصلة» بأنه أمر طبيعي لأي مؤسسة عسكرية، يساعدها على تنفيذ مهماتها وحماية نفسها من الاختراق، ما دامت لا تخلق حالة ازدواج في المؤسسة النظامية «الجيش».
ويقول دقلو إنهم يواجهون الاتهامات المغرضة بالصبر والقانون: «نسكت ونصبر عليها، ولا نتسرع، ونترك القول الفصل للقانون. ونواجه اتهامات كثيرة تستهدف تشويه سمعتنا، تصنعها جهات من مصلحتها إضعاف (الدعم السريع)».
ويشير دقلو إلى حادثة مقتل أحد المواطنين في إحدى وحدات «الدعم السريع»، بقوله: «حاولتْ جهات نحن نعرفها ونعرف أهدافها، استغلال الحادثة للإساءة لـ(الدعم السريع)، نحن نعترف بأنه توفي نتيجة لأفعال بعض المحسوبين علينا، لذلك، نقوم بتحقيق دقيق داخل القوات لمعرفة مَن قتله داخل (الدعم السريع) وما دوافعه». ويستطرد: «نحن حريصون على الحقيقة مثل أسرة الراحل إن لم نكن أكثر حرصاً، لأن ما حدث مخالف لتقاليد قواتنا، ومدسوس عليها. إجرائياً، أوقفنا أي شخص له علاقة بهذه القضية، وسلمنا مَن وُجهت إليهم اتهامات للشرطة، ويجري التحقيق الداخلي حول كيفية مقتله ولا يُستثنى الضباط ولا الأفراد».
وأضاف: «سنعرف صاحب المصلحة في القتل، وهل تم لمصلحة مجموعات داخل (الدعم السريع) تعمل ضده، من الذين ضربت الثورة مصالحهم، ويعملون على إفشالها. هناك من يستهدفون (الدعم السريع) ويتربصون به لأنه حارس التغيير والثورة والثوار، لا أريد تحديد الأسماء، لكن المؤكد أن هناك مَن تتقاطع مصالحهم مع وجود (الدعم السريع) ونجاح الانتقال».
وتواجه قوات «الدعم السريع» في الخرطوم، حملة انتقادات شرسة على وسائط التواصل الاجتماعي، تتعلق بوجودها واتهامات ملصقة بها، وتطالب بإعادتها إلى حيث أتت. وعن ذلك يقول عبد الرحيم: «تم تأليف كثير من الروايات، فالبعض وصفنا بأننا امتداد للمهدية والتعايشي الثاني -في إشارةٍ للصراع التاريخي على الثورة المهدية في 1885 بين سكان الغرب والوسط- الواقع مختلف تماماً عن هذه الإشاعات المغرضة، فـ(الدعم السريع) مكوّن من أبناء الشعب، ويعمل على حماية المواطنين، وتوحيد المواطنين على قضية الوطن».
وتتدوال وسائل التواصل الاجتماعي معلومات عن خفوت صوت لجنة الطوارئ الاقتصادية المشكّلة برئاسة قائد «الدعم السريع» والمخصصة لمعالجة أدواء الاقتصاد، وعن ذلك يقول عبد الرحيم: «هناك تقاطعات كثيرة وحيل يستخدمها مَن يسعون لإفشال الفترة الانتقالية، ومع ذلك لم يخفت صوت اللجنة الاقتصادية». ويتابع: «عملوا ضد رئيس اللجنة –النائب الأول لرئيس مجلس السيادة– وحاولوا الحيلولة دون تنفيذ فكرة اللجنة، ورغم كل هذه المعوقات، فـ(الدعم السريع) وقيادته، يساندون رئيس الوزراء لمعالجة الوضع الاقتصادي».
وتُوجَّه لأسرة «دقلو» من نشطاء وسياسيين اتهامات بالهيمنة على اقتصاد البلاد، لا سيما تعدين الذهب وتجارته، وعلى ذلك يرد عبد الرحيم بحسم، ويصف تلك الاتهامات بـ«المؤامرة»، ويقول: «المؤامرة انتقلت من (الدعم السريع) لتستهدف أسرة (آل دقلو) وشركة العائلة».
وتملك عائلة دقلو شركة تحمل اسم شركة «الجنيد»، وعنها يقول عبد الرحيم: «شركة (الجنيد) لا تتحكم في سوق الذهب، فهي منذ حدوث التغيير، لم تشترِ جرام ذهب واحداً من السوق، بل سلّمت كل ما كان عندها من ذهب لبنك السودان بعد أسبوع من التغيير».
ويستطرد: «لا شيء يمكن إخفاؤه بشأن تجاره الذهب، لأن تجار وملّاك مصانع الذهب يعرف بعضهم بعضاً، وأي حركة بيع وشراء لا يمكن إخفاؤها، ولو كانت (الجنيد) تشتري الذهب، لتدخل كل تجار عمارة الذهب ضدها، ولَقاموا برفع السعر للسماء».
وكانت شركة «الجنيد» تنقّب عن الذهب في منجم اشتُهر باسم «جبل عامر» بدارفور، أُثير حوله كثير من الأقاويل، وعنه يقول عبد الرحيم: «تحدث كل العالم عن امتلاك (الدعم السريع) لجبل ذهبي (ينجرون) منه الذهب الأطنان، لكننا سلّمناه للحكومة ورئيس الوزراء عن طيب خاطر، ومنذ أكثر من سنة الحكومة هي التي تدير مناجم جبل عامر».
ولشركة «الجنيد» أنشطة في مجال تعدين الذهب في ولاية جنوب كردفان، وهي الأخرى أثارت لغطاً كبيراً، يقول عبد الرحيم: «تم إحراق مصانعنا وآلياتنا في جنوب كردفان، ولم يستثنوا حتى الآليات التي تعمل ضمن المسؤولية الاجتماعية».
وتابع: «هذا عمل مقصود به إدخال (الدعم السريع) في مواجهة مع المواطنين»، واستطرد: «الهدف الخفيّ من العملية هي صناعة (فض اعتصام جديد) وتوريطنا فيه، لحسن الحظ كشفنا المخطط، فتركنا مصانعنا وآلياتنا تحترق أمامنا، وسحبنا قوات الحراسة، ونحن الآن لا نملك جرام ذهب واحداً في جنوب كردفان».
وحسب عبد الرحيم، فإن شركة «الجنيد» عائلية، يقول عنها: «شركة (الجنيد) التي يكثر الحديث عنها، هي شركة عائلية أسستُها أنا شخصياً كـ(اسم عمل) في 2005 وذلك قبل تكوين (الدعم السريع)، ثم طوّرتُها لشركة في 2008، وكنت أديرها ومعي أطفالي القصّر وقتها، وكل ما يثار حولها إشاعات مغرضة».
وفي توصيفه للأوضاع في البلاد، يقول عبد الرحيم: «أي ثورة أو تغيير عادةً يواجَه بتحديات كثيرة»، ويستطرد: «في تقديري الآن نحن في وضع أفضل، رغم أننا نواجه أزمة اقتصادية، فقد تجنبنا الفشل الذي صاحب الثورات التي حدثت حولنا –يقصد ثورات الربيع العربي– وتحولت لاحتراب واقتتال».
وبدا عبد الرحيم متفائلاً وهو يتحدث للصحيفة، بقوله: «رغم الحديث عن صراعات داخل المؤسسات، وبين (الدعم السريع) والقوات المسلحة، ومحاولات شيطنة هذه المؤسسات، فقد حققنا أكبر نجاح في الجانب الأمني، وأفلحنا في تحقيق المرحلة الأولى من السلام، بقيادة النائب الأول لرئيس مجلس السيادة، هذه أمثلة لأني لا أريد تعداد الأعمال الكبيرة التي نقوم بها».
وعدّ دقلو تكوين «مجلس شركاء الانتقال» –هو مجلس يتكون من «قوى إعلان الحرية والتغيير» وشركاء السلام ورئيس الوزراء، ويترأسه البرهان- واقعاً جديداً فرضه توقيع اتفاق السلام، وقال: «كانت هناك حرية وتغيير ومجلس عسكري، لكن بتوقيع السلام دخل طرف جديد هم شركاء السلام، وتأكيداً يجب أن يكونوا طرفاً في إدارة البلاد والتخطيط للانتقال، لذلك جاء مجلس الشركاء»، واستطرد: «يعمل مجلس الشركاء بالتشاور مع مجلس الوزراء ومجلس السيادة للتخطيط لمستقبل البلاد».
وحذر قائد ثاني «الدعم السريع»، ممن أطلق عليهم «الذين يروّجون للفتنة بين المواطنين، لقطع الطريق أمام إكمال الفترة الانتقالية»، بقوله: «لولا الوقفة الأمنية الصلبة التي وقفتها القوات الأمنية، لاندلع القتال في الشوارع»، وأضاف: «الأجهزة الأمنية تدير الوضع بشكل طيب حتى الآن».
ويتهم -دون أن يسمّي– طرفاً ثالثاً بالسعي لإثارة الفتنة وزعزعة الاستقرار في البلاد، بقوله: «كان من المقرر توقف الصراعات القبلية بعد التغيير، لكنّ الطرف الثالث صاحب المصلحة في عدم استقرار الأوضاع، يعمل على تأجيج الصراعات، لكننا لم نستسلم له، استطعنا إطفاء أي فتنة يُشعلها في الوقت المناسب ومواجهتها، ففي غرب دارفور استطعنا إعادة الوئام بين الأطراف وأقنعناهم بالعيش المشترك، وكل الأشياء قيد المعالجة النهائية، هناك أشخاص ارتكبوا جرائم، ويجب أن يخضعوا للقانون، وأن تُعقد المصالحات الأهلية، لكن الآن الحياة عادت لطبيعتها بين الناس، وهذا أكبر نجاح»، وهذه إشارة إلى التوتر الذي شهدته ولاية غرب دارفور أخيراً، وأدى لمقتل وجرح العشرات.
وتعليقاً على ما تتداوله وسائط تواصل من أن هناك تنسيقاً بين «الدعم السريع» والحركات المسلحة للسيطرة على البلاد، يقول دقلو: «التنسيق بين الحركات المسلحة والدعم السريع طبيعي، من أجل خدمة الشعب وحل مشكلاته، وليس للتآمر عليه».
ويتابع: «هم يريدون أن يتقاتل (الدعم السريع) والحركات بإثارة مثل تلك الاتهامات، ويطلقون شائعات بأننا نسعى لحكم المركز وطرد (الجلابة)»، ويقول: «هذه اتهامات غير أخلاقية وغير صحيحة ولا تملك مصداقية، مجرد إشاعات تهدف لإغراق لبلاد في الفتن وإثارة الرعب وتغذية الكراهية بين المواطنين».
ويستطرد: «هذا الطرف الثالث الذي نتكلم عنه ولم نفصح عنه، يصر على تأجيج الفتن وبث الكراهية، لكننا نقول له: ما تفعله (فرفرة مذبوح)، مهما تفعلون سيبقى ما ينفع الناس ويذهب الزبد جفاءً».
ويقطع دقلو بأنهم «الدعم السريع» والحركات الدارفورية يثق كلاهما بالآخر، ويقول: «نثق برفاقنا في الكفاح المسلح ويثقون بنا، ومن حقنا التشاور والتنسيق، فنحن أبناء وطن وجيران مدن وقرى وتجمعنا منطقة واحدة، وبيننا مصاهرات ولحم ودم، لذلك لن نتراجع عن علاقتنا بعضنا مع بعض».
ويقول: «استغل أعداء الثورة مفردات (جلابة وغرابة) طوال ثلاثين سنة، ووظّفوا عاطفة الشعب لإشاعة الفتنة بين مكوناته»، ويستطرد: «استُخدم مثل هذه العبارات مع جنوب السودان، وقسّموا المواطنين إلى مسلمين ومسيحيين وكفار يحل قتالهم، واستنفروا لذلك الشباب تحت رايات تكفير الجنوبيين، ولاحقاً أنكروا ووصفوا مَن كانوا يطلقون عليهم (شهداء) بأنهم (مجرد جيف - فطائس - وليسوا شهداء)، وبنفس الطريقة خلقوا لنا فتنة في دارفور بأن هناك عرباً وزرقة (أفارقة) ليحكموا مرتاحين». وتابع: «للأسف لم يفطن لها كبارنا، لكننا كشباب فطنّا لها، ولن يقاتل بعضنا بعضاً».
ووصف عبد الرحيم مصطلح «هامش ومركز» بأنها كلمة حق أُريد بها باطل، وقال: «لا عندنا زرقة ولا عرب ولا جلابة ولا غرابة، نحن شعب سوداني واحد وموحّد، وسيرون عكس ما ينادون به تماماً».
وأضاف: «هناك أشخاص يحاولون تمرير كذبتهم القديمة لتحقيق أجندتهم بإثارة الفتنة وخلق حالة من عدم الاستقرار، ليُغطّوا على فضائحهم وأموال الشعب السوداني التي نهبوها، لذلك نحن مصرّون على تأكيد أن كل شعب السودان واحد وموحد».



العليمي يطلب تدخل تحالف دعم الشرعية عسكرياً لحماية حضرموت

العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
TT

العليمي يطلب تدخل تحالف دعم الشرعية عسكرياً لحماية حضرموت

العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)

توالت التطورات الميدانية والسياسية في المحافظات الشرقية من اليمن، على وقع التصعيد العسكري الذي ينفذه المجلس الانتقالي الجنوبي، ما دفع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي إلى طلب تحالف دعم الشرعية في اليمن للتدخل عسكرياً لحماية حضرموت.

وتقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس الانتقالي الداعي للانفصال عن شمال اليمن يستغل الظروف الناجمة عن وساطة التهدئة السعودية - الإماراتية للتوسع عسكرياً، على الرغم من أن الوساطة مستمرة، وهدفها إنهاء الصراع سلماً من خلال انسحاب قوات المجلس الانتقالي من حضرموت والمهرة، وعودتها إلى معسكراتها خارج المحافظتين، وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن» والسلطة المحلية.

وفي هذا السياق، صرّح مصدر مسؤول في الحكومة اليمنية أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، رشاد العليمي، أُطلع، إلى جانب عدد من أعضاء المجلس وأعضاء مجلس الدفاع الوطني، على مجمل الأوضاع في محافظة حضرموت، بما في ذلك العمليات العسكرية التي وصفها بـ«العدائية» التي نفذها المجلس الانتقالي خلال الساعات الأخيرة، وما رافقتها من انتهاكات جسيمة بحق المدنيين.

العليمي طلب تدخلاً عسكرياً من تحالف دعم الشرعية لحماية حضرموت (سبأ)

واعتبر المصدر أن هذا التصعيد، المستمر منذ مطلع الشهر الحالي، يمثل خرقاً صريحاً لمرجعيات المرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض، فضلاً عن كونه تقويضاً مباشراً لجهود الوساطة التي تقودها السعودية والإمارات، بالتنسيق مع المجتمع الدولي، بهدف خفض التصعيد وانسحاب قوات المجلس الانتقالي من محافظتي حضرموت والمهرة.

وبناءً على هذه التطورات، تقدم العليمي - وفق المصدر الحكومي - بطلب رسمي إلى قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن، لاتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين في محافظة حضرموت، ومساندة القوات المسلحة اليمنية في فرض التهدئة، وحماية جهود الوساطة السعودية - الإماراتية، مجدداً دعوته لقيادة المجلس الانتقالي إلى تغليب المصلحة العامة ووحدة الصف، والامتناع عن مزيد من التصعيد غير المبرر.

المجلس الانتقالي الجنوبي اتخذ إجراءات عسكرية أحادية في حضرموت والمهرة (إ.ب.أ)

وفي السياق ذاته، قالت المصادر الرسمية اليمنية إن العليمي رأس اجتماعاً طارئاً لمجلس الدفاع الوطني، بحضور 3 من أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، ورئيسي مجلسي النواب والشورى، ورئيس الحكومة، وقيادات عسكرية وأمنية، إلى جانب محافظ حضرموت، لمناقشة تداعيات الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي، وانعكاساتها الخطيرة على الأمن الوطني والإقليمي.

واطلع الاجتماع - بحسب الإعلام الرسمي - على تقارير ميدانية بشأن الانتهاكات التي طالت المدنيين في حضرموت والمهرة، وصولاً إلى الهجمات الأخيرة في وادي نحب، التي عدّها المجلس «مخالفة صريحة» لجهود التهدئة، وتمرداً على مؤسسات الدولة الشرعية.

وأكّد مجلس الدفاع الوطني دعمه الكامل للوساطة التي تقودها السعودية، مشدداً على ضرورة عودة قوات المجلس الانتقالي إلى مواقعها السابقة خارج المحافظتين، وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن» والسلطات المحلية، وفق ترتيبات منظمة وتحت إشراف التحالف.

تحذير من العواقب

على وقع هذه التطورات، كانت السعودية أعادت رسم خطوط التهدئة شرق اليمن، عبر بيان واضح صادر عن وزارة الخارجية، شدّد على رفض التحركات العسكرية الأحادية، والمطالبة بعودة قوات المجلس الانتقالي إلى مواقعها السابقة.

وأكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الموقف تُرجم ميدانياً بتوجيه ضربة جوية تحذيرية في حضرموت، حملت رسالة مباشرة بعدم السماح بفرض وقائع جديدة بالقوة.

وأوضحت المصادر أن الضربة جاءت في إطار الردع الوقائي، محذرة من أن أي تصعيد إضافي سيقابل بإجراءات أكثر صرامة، في مؤشر على انتقال الرياض من سياسة الاحتواء السياسي إلى ضبط ميداني حاسم لحماية الاستقرار.

من جهته، أصدر المجلس الانتقالي بياناً حاول فيه تبرير تحركاته، معتبراً أنها جاءت استجابة لـ«دعوات شعبية»، ومعلناً انفتاحه على التنسيق مع السعودية، رغم وصفه الضربة الجوية بأنها «مستغربة».

ويرى مراقبون أن أي تنسيق محتمل لن يكون مقبولاً إقليمياً ما لم يبدأ بإنهاء التصعيد، وخروج القوات، وتسليم المعسكرات، والعودة إلى طاولة الحوار، دون فرض الأمر الواقع بالقوة.

منطق الوهم

يحذر سياسيون يمنيون من أن تعنت المجلس الانتقالي وإصراره على عسكرة حضرموت، رغم الجهود الصادقة التي تبذلها السعودية والإمارات، يلحق ضرراً فادحاً بالقضية الجنوبية العادلة نفسها، عبر اختزالها في المدرعات والنقاط العسكرية، بدل تحويلها إلى مشروع سياسي قابل للحياة.

ويستدعي هذا السلوك مقارنات إقليمية مؤلمة، أبرزها تجربة حميدتي وميليشيات الجنجويد في السودان، التي اعتمدت السلاح والإرهاب لتنفيذ أجندات خارجية، وكانت النتيجة خراب المدن وانهيار الدولة. كما يستحضر نموذج جنوب السودان، الذي وُلد من رحم الصراع المسلح، لينتهي إلى دولة منهارة وصراعات داخلية مفتوحة.

رغم إقرار اليمنيين بعدالة القضية الجنوبية فإن المجلس الانتقالي يحاول أن يستغلها للتصعيد شرقاً (أ.ب)

ويؤكد خبراء أن المجتمع الدولي لا يعترف إلا بالدول والمؤسسات، لا بالميليشيات، وأن تجربة «أرض الصومال» مثال واضح على عزلة المشاريع التي تُفرض بالقوة، مهما طال أمدها. كما أن فشل محاولات انفصال كتالونيا عن إسبانيا يبرهن أن العالم لا يشرعن الانفصال الأحادي خارج الدولة والدستور.

ويجمع محللون على أن حضرموت أكبر من أن تكون غنيمة لميليشيا مناطقية (إشارة إلى هيمنة مناطق بعينها على قرار المجلس الانتقالي)، وأعمق من أن تُدار بالعنف والسلاح، وأن أي محاولة لجرّها إلى الفوضى تمثل جريمة بحق مكاسب الجنوب وفرصه السياسية.

ويرى مراقبون أن عسكرة حضرموت خطوة غير عقلانية، تعكس إصراراً على فرض الأمر الواقع بأدوات الترهيب ذاتها، التي يدّعي المجلس الانتقالي محاربتها، في تحدٍّ صريح لرغبات المجتمع الدولي الداعية إلى ضبط النفس، والحفاظ على استقرار الجنوب واليمن عموماً.

وكان البيان السعودي شدّد على أن معالجة القضية الجنوبية العادلة لا تكون عبر القوة، بل من خلال حوار سياسي شامل، ضمن المرجعيات المتفق عليها، وفي مقدمتها اتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة، بما يحفظ وحدة اليمن ومركزه القانوني، ويمنع انزلاق المحافظات الشرقية إلى مسار يهدد جهود السلام.


تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)

تتواصل جهود الوسطاء للدفع بالمرحلة الثانية في اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط مخاوف وتحذيرات مصرية، من عرقلة ذلك المسار المرتقب أن يدخل حيز التنفيذ بعد أقل من أسبوع في يناير (كانون الثاني) المقبل.

ذلك الموقف المصري، الرافض لتجزئة الإعمار أو تقسيم قطاع غزة أو وضع شروط إسرائيلية بشأن قوات الاستقرار في القطاع، يحمل رسائل مهمة للضغط على إسرائيل قبل لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وفق تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، وتوقعوا أن تضغط واشنطن لبدء المرحلة الثانية في ضوء تلك الرسائل المصرية.

وأعلن وزير الخارجية الألماني، يوهان فاديفول، في تصريحات، الجمعة، أن ألمانيا لن تشارك في المستقبل المنظور في قوة دولية للاستقرار في غزة ضمن خطة السلام الخاصة بالقطاع المتوقع أن تنتشر الشهر المقبل.

هذه الخطوة تعزز مخاوف مصرية، تحدث بها رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، متهماً نتنياهو بأنه «يحاول إعادة صياغة المرحلة الثانية وحصرها في مطلب نزع سلاح المقاومة، وهو ما لا ينص عليه الاتفاق، وتدركه الولايات المتحدة جيداً»، مشيراً إلى مساعٍ إسرائيلية لإقحام قوة حفظ الاستقرار في أدوار لا تتعلق بتكليفها، مثل نزع السلاح، وهو أمر لن توافق عليه الدول المشاركة.

وأكد رشوان، الخميس، وفق ما أوردت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، أن «محاولات نتنياهو قد تؤدي إلى تأجيل أو إبطاء التنفيذ، لكنها لن تنجح في إيقاف المرحلة الثانية»، مشيراً إلى أن «نتنياهو يسعى بكل السبل لتجنب الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ودفع واشنطن إلى مواجهة مع طهران، بما قد يعيد إشعال غزة ويُفشل المرحلة الثانية من الاتفاق».

والخميس، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي، لافتاً إلى أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية - الإيرانية.

أمين عام «مركز الفارابى للدراسات السياسية»، الدكتور مختار غباشي، قال إن التصريحات المصرية واضحة وصريحة، وتحمل رسائل للكيان الإسرائيلي وواشنطن قبل الزيارة المرتقبة، مؤكداً أن الغضب المصري عندما يصل لهذه المرحلة من الرسائل المباشرة، تضع واشنطن في حساباتها الوصول لنقطة تقارب بين القاهرة وتل أبيب.

وأكد المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن التصريحات المصرية تحمل في طياتها رسائل ومخاوف حقيقية من ترسيخ إسرائيلي للوضع القائم من منظور أمني وليس سياسياً، على أمل أن تتحرك واشنطن بجدية لوضع نهاية له.

منازل مدمرة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا يتوقف الموقف المصري عند مجرد المخاوف، بل يحمل تحذيرات واضحة، وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الخميس، في مقابلة مع التلفزيون المصري، إن «هناك خطين أحمرين في غزة، الخط الأحمر الأول يتمثل في عدم الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، هذا مستحيل، المنطقتان تشكلان وحدة واحدة لا تتجزأ للدولة الفلسطينية القادمة، والخط الأحمر الثاني عدم تقسيم قطاع غزة».

وأضاف أن «الكلام اللغو الذي يقال عن وجود تقسيم القطاع إلى مناطق حمراء وخضراء أو أن الأماكن التي تقع تحت سيطرة إسرائيل مباشرة تأكل وتشرب وترى إعماراً، بينما الـ90 في المائة من الفلسطينيين الموجودين في الغرب تحت دعاوى أن (حماس) موجودة لا يأكلون ولا يشربون، هذا عبث ولن يتم ولن يتم التوافق عليه».

وفي ضوء ذلك، شدد مختار غباشي على أن مصر عندما تعلن خطوطاً حمراء، فهذا حد فاصل، وثمة مخالفات على أرض الواقع غير مقبولة، للقاهرة، مشيراً إلى أن القاهرة تتعمد هذه الرسائل في هذا التوقيت على أمل أن تعزز مسار الوسطاء نحو بدء المرحلة الثانية قريباً، خاصة أنه «إذا أرادت واشنطن فعلت ما تريد، خصوصاً إن كان الأمر يتعلق بضغط على الكيان لوقف مساراته المعرقلة للاتفاق».

وذكرت صحيفة «إسرائيل اليوم»، الخميس، أن لقاء نتنياهو وترمب المرتقب سيختتم ببيان عن التقدم المحرز نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة.

وأكد رشوان أن جميع الشواهد تؤكد أن الإدارة الأميركية حسمت موقفها من بدء المرحلة الثانية مطلع يناير المقبل، لافتاً إلى أن استقبال ترمب لرئيس الوزراء الإسرائيلي في 29 ديسمبر الحالي يرجح أن يكون إشارة الانطلاق الفعلية للمرحلة الثانية دون لبس.

ويتوقع نزار نزال أن يحاول نتنياهو في مقابلة ترمب، تمرير سردية بقاء إسرائيل في الخط الأصفر وتقسيم غزة وبدء الإعمار في الجزء الذي يقع تحت سيطرتها، موضحاً: «لكن الرسائل المصرية التحذيرية خطوة استباقية لتفادي أي عراقيل جديدة أو تناغم أميركي إسرائيلي يعطل مسار الاتفاق».


ضربة سعودية تحذيرية في حضرموت... والانتقالي «منفتح على التنسيق»

قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
TT

ضربة سعودية تحذيرية في حضرموت... والانتقالي «منفتح على التنسيق»

قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)

فيما أعاد البيان الصادر عن وزارة الخارجية السعودية رسم المسار المطلوب للتهدئة، شرق اليمن، إذ شدد على وقف التحركات العسكرية الأحادية، مع المطالبة بعودة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي إلى مواقعها السابقة خارج حضرموت والمهرة، أكدت الرياض موقفها ميدانياً عبر توجيه ضربة جوية تحذيرية، وفق ما أكدته مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط».

وأوضحت المصادر أن الضربة جاءت لإيصال رسالة مفادها عدم السماح بفرض وقائع جديدة بالقوة أو تجاوز الأطر المؤسسية التي تحكم الملف الأمني في المحافظات الشرقية، محذرةً من أن أي تصعيد إضافي سيقابل بإجراءات أشد صرامة.

الخارجية السعودية كانت وصفت تحركات «الانتقالي» بأنها أحادية وأضرت بمسار التهدئة، داعيةً إلى خروج عاجل ومنظم للقوات وتسليم المعسكرات تحت إشراف التحالف وبالتنسيق مع مجلس القيادة الرئاسي والسلطات المحلية.

من جهته، أصدر المجلس الانتقالي الجنوبي بياناً، الجمعة، حاول فيه تبرير تحركاته العسكرية، معتبراً أنها جاءت استجابةً لـ«دعوات شعبية جنوبية» لمواجهة التهديدات الإرهابية وقطع خطوط تهريب الحوثيين.

وأكد «الانتقالي»، في بيانه، أنه منفتح على أي تنسيق أو ترتيبات مع السعودية، معتبراً الضربة الجوية «قصفاً مستغرباً» لا يخدم مسارات التفاهم.

وقال مراقبون لـ«الشرق الأوسط» إن التنسيق والترتيبات سيكون مرحباً بهما من قبل السعودية إذا كانت تصب في إنهاء التصعيد وخروج قوات «الانتقالي الجنوبي» واستلام قوات «درع الوطن» الجنوبية والسلطة المحلية المعسكرات والأمن في محافظتي حضرموت والمهرة. والجلوس للتشاور والحوار من دون الحاجة لاستخدام القوة.

ويتوقع مراقبون أن تؤدي الضربة التحذيرية إلى توصيل رسالة واضحة بأن الرياض قد تضطر للانتقال من سياسة الاحتواء الهادئ إلى فرض خطوط حمر لمنع أي تصعيد بالقوة.

وتشير مصادر «الشرق الأوسط» إلى أن أي تسوية مستقبلية ستقوم على عودة الأوضاع إلى ما قبل التصعيد، مدخلاً أساسياً للحفاظ على وحدة الصف اليمني، ومنع انزلاق المحافظات الشرقية إلى مسار يهدد جهود السلام.

كان البيان السعودي أكد على دعم الرياض الكامل لوحدة اليمن وأمنه واستقراره، مشدداً على أن معالجة القضية الجنوبية العادلة لا تتم عبر القوة، بل من خلال حوار سياسي شامل، ضمن المرجعيات المتفق عليها، وفي مقدمتها اتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة.

وكشف البيان عن تنسيق سعودي - إماراتي لإرسال فريق عسكري مشترك إلى عدن، لوضع آلية لإعادة انتشار القوات ومنع تكرار التصعيد، في خطوة عدها مراقبون انتقالاً من التحذير السياسي إلى الضبط التنفيذي الميداني.