تاريخ المغرب الكبير... مؤشرات لفهم الحاضر

TT

تاريخ المغرب الكبير... مؤشرات لفهم الحاضر

تصدر قريباً، عن منشورات «كروازي دي شومان» (ملتقى الطرق) بالدار البيضاء، الترجمة الفرنسية لـ«صمود وسط الإعصار... محاولة لتفسير تاريخ المغرب الكبير»، للكاتب عبد الله إبراهيم (1918-2005) أحد أبرز وجوه الحركة الوطنية في المغرب، بترجمة من السياسي المغربي حسن بنعدي.
وقد كتب طارق إبراهيم، رئيس مؤسسة عبد الله إبراهيم، في تقديم ترجمة هذا الكتاب: «مرت خمسون سنة، صمد خلالها هذا العمل أمام اختبار الزمن.
وتقترح هذه الترجمة المهمة كشفاً عن مقاربة تاريخية للمغرب الكبير، بما في ذلك التعاطي النقدي من أجل إدخاله في النقاش السياسي والثقافي المغاربي. كما تقدم هذه الترجمة للقراء الناطقين بالفرنسية أرضية مهمة للتفكير».
وأضاف إبراهيم قائلاً: «يرفع هذا العمل الحجاب عن مساحات غير مطروقة لإعادة اكتشافها، لكنها تفعل الكثير أيضاً. لا تتبدد في السياسي فقط. إنها تشجعنا، قبل كل شيء، على المضي قدماً نحو تفكير موجه نحو مستقبل أكثر مسؤولية. ربما تكون أفضل طريقة لقراءة (صمود وسط الإعصار) هي التعامل معه على أنه (إرادة)، بمعنى أن التاريخ، والتاريخ البعيد نفسه، يخفيان بشكل موضوعي مؤشرات إيجابية لفهم حاضرنا. يقدم حسن بنعدي لمؤسسة عبد الله إبراهيم، من خلال هذه الترجمة، مساهمة جيدة على المستويين الإنساني والسياسي. لقد تعاطى مع عمل عبد الله إبراهيم ببراعة ومهارة كبيرة، التقيا على طريق السياسة والعمل النقابي، وحول نقاشات غنية مليئة بالعبر حول مواضيع ثقافية متنوعة أو راهنة».
وجاء في كلمة على ظهر غلاف الكتاب: «إن تطور الشعوب يشبه الخطوط الهندسية؛ هناك خطوط مستقيمة وخطوط متقطعة. وعلى عكس بلدان أوروبا، تكَسّر خط التطور المغاربي تاريخياً، ثلاث مرات على الأقل، على مدى ثلاثة آلاف سنة: عندما تم استبعاد المنطقة المغاربية من تيار الحضارة القرطاجية، إلى اللاتينية والتنصير تدريجياً، تحت حكم الرومان؛ ثم عندما قطعت مع التأثير الروماني، لتصير عربية وتعتنق الإسلام. ستصير عروبتها، وكذا إسلامها، رافداً لمجدها الوطني وأسس عظمة إمبراطورياتها. ثم تكسر الخط للمرة الثالثة عندما وجدت المنطقة نفسها غير قادرة على مواكبة إيقاع التطور الشامل للحضارة الإنسانية، لتجد نفسها في القرن التاسع عشر في مواجهة الإمبريالية العالمية، في وقت كانت فيه هشة من الداخل بسبب الآثار اللاحقة للاستعباد والتعسف. لم يكن في مستطاعها مواجهة التحديات التاريخية، ومقاومة حتميات الاستعجال واختلال توازن قواها المادية. كما لم تكن قادرة على مواجهة عالم أكثر تعقيداً وأفضل تسليحاً. كانت فرصتها الوحيدة أنها لم تكن وحيدة؛ وجدت نفسها في الوضعية نفسها مع شعوب متخلفة أخرى، وكانت جميعها مصممة، في القارات الثلاث، على الفوز بمعركة القدر».
وعبد الله إبراهيم هو شخصية بارزة في الحركة الوطنية المغربية، وأستاذ جامعي، درس في 1945 في جامعة السوربون في باريس، حيث خالط عدداً من رموز الثقافة والمعرفة، على غرار أندريه بريتون وجان بول سارتر ولويس أراجون. وفي 1956، شغل منصب وزير العمل في أول حكومة بعد الاستقلال، ثم وزيراً للعمل والشؤون الاجتماعية في الحكومة الثانية. وبعد ذلك بعامين، تم تعيينه من قبل الملك الراحل محمد الخامس رئيساً لمجلس الحكومة ووزيراً للخارجية. وخلف الراحل عدداً من الأعمال السياسية والأدبية.



مجلة «الأديب الثقافية»: الاغتيال الثقافي

مجلة «الأديب الثقافية»: الاغتيال الثقافي
TT

مجلة «الأديب الثقافية»: الاغتيال الثقافي

مجلة «الأديب الثقافية»: الاغتيال الثقافي

صدر العدد الجديد (الحادي عشر من مجلة «الأديب الثقافية» - شتاء 2025)، وهي مجلة ثقافية تُعنى بقضايا الحداثة والحداثة البعدية يرأس تحريرها الكاتب العراقي عباس عبد جاسم.

تناولت افتتاحية العدد التي كتبها رئيس التحرير «مدن المستقبل: يوتوبية أم سوسيوتكنولوجية؟».

كما تبنى العدد محور «نحو يسار عربي جديد»، وقد تضمّن مقدمة كتاب «نحو نهضة جديدة لليسار في العالم العربي» للمفكر اللبناني الراحل الدكتور كريم مروة، وفيها دعوة جديدة لنهوض اليسار العربي بعد هزائم وانكسارات ونكبات كبرى أعقبت تفكّك الاتحاد السوفياتي وانهيار الاشتراكية في العالم، وقد عدَّت مجلة «الأديب الثقافية» - المقدمة نواة لمشروع نهضوي جديد لمستقبل اليسار العربي، بعد أن تجمّد عند حدود معينة من موته شبه السريري.

وأسهم في هذا المحور السياسي والطبيب المغترب الدكتور ماجد الياسري، بدراسة هي مزيج من التحليل والتجربة السياسية والانطباع الشخصي بعنوان «اليسار العربي - ما له وما عليه»، وقدّم الناقد علي حسن الفوّاز مراجعة نقدية بعنوان «اليسار العربي: سيرة الجمر والرماد»، تناول فيها علاقة اليسار العربي بالتاريخ، وطبيعة السياسات التي ارتبطت بهذا التاريخ، وبالمفاهيم التي صاغت ما هو آيديولوجي وما هو ثوري.

أما الكاتب والناقد عباس عبد جاسم، فقد كتب دراسة بعنوان «إشكاليات اليسار العربي ما بعد الكولونيالية»، قدم فيها رؤية نقدية وانتقادية لأخطاء اليسار العربي وانحراف الأحزاب الشيوعية باتجاه عبادة ماركس، وكيف صار المنهج الماركسي الشيوعي لفهم الطبقة والرأسمالية في القرن الحادي والعشرين بلا اتجاه ديالكتيكي، كما وضع اليسار في مساءلة جديدة: هل لا تزال الماركسية صالحة لتفسير العالم وتغييره؟ وما أسباب انهيار الفكر الشيوعي (أو الماركسي) بعد عام 1989؟ وهل نحن نعيش «في وهم اللاجماهير» بعصر ما بعد الجماهير؟ وفي حقل «بحوث»، قدّمت الناقدة والأكاديمية هيام عريعر موضوعة إشكالية مثيرة لجدل جندري متعدّد المستويات بعنوان «العبور الجنسي وحيازة النموذج»، وتضمَّن «قراءة في التزاحم الجمالي بين الجنسين».

ثم ناقشت الناقدة قضايا الهوية المنغلقة والأحادية، وقامت بتشخيص وتحليل الأعطاب الجسدية للأنوثة أولاً، وعملت على تفكيك الهيمنة الذكورية برؤية علمية صادمة للذائقة السائدة، وذلك من خلال تفويض سلطة الخطاب الذكوري.

وقدّم الدكتور سلمان كاصد مقاربة بصيغة المداخلة بين كاوباتا الياباني وماركيز الكولومبي، من خلال روايتين: «الجميلات النائمات»، و«ذكريات غانياتي الحزينات» برؤية نقدية معمّقة.

واشتغل الدكتور رشيد هارون موضوعة جديدة بعنوان «الاغتيال الثقافي»، في ضوء «رسالة التربيع والتدوير للجاحظ مثالاً»، وذلك من منطلق أن «الاغتيال الثقافي هو عملية تقييد أديب ما عن أداء دوره الثقافي وإقعاده عن المضي في ذلك الدور، عن طريق وسائل غير ثقافية»، وقد بحث فيها «الأسباب التي دفعت الجاحظ المتصدي إلى أحمد عبد الوهاب الذي أطاح به في عصره والعصور التالية كضرب من الاغتيال الثقافي». وهناك بحوث أخرى، منها: «فن العمارة بتافيلالت: دراسة سيمائية - تاريخية»، للباحث المغربي الدكتور إبراهيم البوعبدلاوي، و«مستقبل الحركة النسوية الغربية»، للباحث الدكتور إسماعيل عمر حميد. أما الدكتورة رغد محمد جمال؛ فقد أسهمت في بحث بعنوان «الأنساق الإيكولوجية وسؤال الأخلاق»، وقدمت فيه «قراءة في رواية - السيد والحشرة».

وفي حقل «ثقافة عالمية» قدّم الشاعر والناقد والمترجم عبد الكريم كاصد ترجمة لثماني قصائد للفنان كاندنسكي بعنوان «أصوات». وفي حقل «قراءات» شارك الدكتور فاضل عبود التميمي بقراءة ثقافية لرواية «وجوه حجر النرد» للروائي حسن كريم عاتي. وفي حقل «نصوص» قدَّم الشاعر الفلسطيني سعد الدين شاهين قصيدة بعنوان: «السجدة الأخيرة».

وفي نقطة «ابتداء» كتبت الناقدة والأكاديمية، وسن عبد المنعم مقاربة بعنوان «ثقافة الاوهام - نقد مركب النقص الثقافي».

تصدر المجلة بصيغتين: الطبعة الورقية الملوَّنة، والطبعة الإلكترونية.