روحاني يقر بـ«إجراءات عملية» قامت بها واشنطن لإحياء {النووي}

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ونائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري قبل دخولهما إلى اجتماع الحكومة أمس (الرئاسة الإيرانية)
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ونائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري قبل دخولهما إلى اجتماع الحكومة أمس (الرئاسة الإيرانية)
TT

روحاني يقر بـ«إجراءات عملية» قامت بها واشنطن لإحياء {النووي}

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ونائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري قبل دخولهما إلى اجتماع الحكومة أمس (الرئاسة الإيرانية)
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ونائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري قبل دخولهما إلى اجتماع الحكومة أمس (الرئاسة الإيرانية)

أقر الرئيس الإيراني حسن روحاني باتخاذ الإدارة الأميركية الجديدة خطوات لإحياء الاتفاق النووي، لكنه رأى ذلك غير كافٍ، مطالباً واشنطن باتخاذ «إجراء جاد» لرفع العقوبات عن طهران.
ونقل موقع الرئاسة الإيرانية عن روحاني قوله في الاجتماع الوزاري، أمس، إن إدارة بايدن «تغيرت قليلاً، وقامت بإجراءات عملية أيضاً، لكنها لم تتخذ أي خطوة جدية في مجال العقوبات التي هي القضية الأساسية».
وفي حين تطالب إيران برفع العقوبات الأميركية أولاً تقول واشنطن إنه يتعين على طهران العودة للالتزام بالاتفاق الذي تعمل على خرقه بشكل متزايد منذ 2019.
واعتبر روحاني أن رفع العقوبات «من أهم حقوق الناس» وعلى عاتق حكومته، رافضاً أي مماطلة أو تسويف فيما يتعلق برفع العقوبات، في إشارة إلى إمكانية عودة طهران وواشنطن إلى طاولة المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي.
وقبل أسبوعين، سحبت الإدارة الأميركية طلباً تقدمت به إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب لتفعيل العقوبات في مجلس الأمن بموجب آلية منصوص عليها في الاتفاق النووي، ورفع الحظر عن الدبلوماسيين الإيرانيين في بعثة الأمم المتحدة إلى نيويورك، إضافة إلى عرض استعدادها للمشاركة في اجتماع أطراف الاتفاق النووي. وهي خطوات وُصفت في طهران بـ«الرمزية».
في هذه الأثناء، كشفت «تسريبات» إيرانية عن مشاجرة لفظية بين وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، ورئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، في جلسة نقاش استضافها المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، بشأن تنفيذ قانون أقره البرلمان في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لتقليص التزامات جديدة في الاتفاق النووي، تحت اسم «الخطوة الاستراتيجية ضد العقوبات».
ونقل موقع «إصلاحات نيوز» عبر حسابه على شبكة «تلغرام»، أن ظريف حضر اجتماعاً تلبية لدعوة أعضاء المجلس الأعلى للأمن القومي لشرح خطوات الحكومة.
ولم يحدد الموقع توقيت الجلسة، وما إذا كانت بعد الاتفاق المؤقت الذي توصلت إليه الحكومة الإيرانية مع «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، الأسبوع الماضي، بشأن استمرار جزء من التعاون، بعدما أوقفت طهران البرتوكول الإضافي.
وبحسب المصادر، فإن ظريف «غضب من قراءة تقرير قاليباف الذي أعده خبراء ومشرعون حول القانون الإيراني»، وأفاد موقع «إصلاحات نيوز» بأن «ظريف رد بوقاحة على رئيس البرلمان، قائلاً: لن أجلس وأستمع إلى هذا الهراء»، قبل أن يغادر الاجتماع.
وبعد مغادرة ظريف، بادر سعيد جليلي، ممثل خامنئي في «الأمن القومي» لتبريد التوتر، وقدم اعتذاراً رسمياً لرئيس البرلمان، وأضافت المصادر أن «ظريف لم يشارك في اجتماع عُقد مساء اليوم نفسه، في محاولة لمنع تنفيذ القانون».
وأوقفت الحكومة الإيرانية تنفيد البرتوكول الإضافي، الثلاثاء الماضي، لكنها سمحت للوكالة بالتحقق من الأنشطة الحساسة، دون أن تنشر تفاصيل عن الاتفاق.
ودافع روحاني أمس، عن جهود حكومته للانضمام إلى مجموعة «مراقبة العمل المالي» (فاتف)، المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وقال روحاني: «هذا حق الناس سيضيع إذا ماطلنا في رفع العقوبات ساعة واحدة، لو قلنا سنقوم بذلك اليوم أو غداً»، منوهاً بأن حكومته «مصممة على رفع الضغط من أكتاف الناس، وأنه واجب الحكومة». وفي دفاع ضمني عن سياسته الخارجية، لفت إلى دور «المرشد» علي خامنئي في التوصل إلى الاتفاق النووي والإبقاء عليه.
وقال روحاني إن «(فاتف) مجموعة خاصة تقوم بإجراءات بالقضايا المالية والتحويلات، تضم دولاً شرقية وغربية»، في إشارة ضمنية إلى انتقادات لتوجه حكومته، قائلاً: «إذا كانت (فاتف) سيئة، فلمَ ينضم إليها كل مَن في العالم؟ انضمت أوروبا والصين وروسيا وتركيا وكل جيراننا».
وأشار روحاني إلى تعطل لائحتين من أصل أربع تقدمت بها الحكومة إلى البرلمان، لتشريع جديد يفتح الباب أمام انضمام إيران للمجموعة الدولية.
ويرفض مجلس صيانة الدستور الموافقة على لائحتين تخصان اتفاقية بالرمو لمكافحة الجريمة المنظمة، واتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب (سي إف تي). وتنفي الحكومة الإيرانية أي تأثير لقبول معايير «فاتف» على أنشطة «الحرس الثوري» الإقليمية، خصوصاً تمويل الميليشيات الموالية لإيران في بعض الدول العربية.
وأعادت مجموعة «فاتف» التي تتخذ من باريس مقراً لها، تصنيف إيران على القائمة السوداء للدول التي تشكل مخاطر على العمل المالي والعلاقة البنكية في العالم، الأمر الذي يعزل البنوك الإيرانية عن الارتباط بشبكة البنوك العالمية.
وبسبب الخلافات بين الحكومة ومجلس صيانة الدستور، أحيل الملف نحو عامين لـ«مجلس تشخيص مصلحة النظام»، لكن النظر في المشروع عاد للواجهة، بعد تزايد الحديث عن احتمال رفع العقوبات عن إيران. وأصدر «المرشد» علي خامنئي أمراً، في يناير (كانون الثاني) الماضي، يقضي بإزاحة الغبار عن الملف في مجلس تشخيص مصلحة النظام.
ولفت روحاني إلى أن «المرشد» فتح الطريق، بعدما طلبت الحكومة تمديد النظر في المشروع بمجلس تشخيص مصلحة النظام.
وإذ رفض روحاني، أمس، التدخل في الشؤون التنفيذية لحكومته، لوّح ضمناً بتحويل الخلاف إلى قضية رأي عام، وقال: «إذا لم ننضم إلى (فاتف) فيجب أن نقدم تفسيراً للناس بشأن نفقات التي تترتب على ذلك، مَن يتحمل هذه النفقة؟».
وقال: «يجب على (مجلس تشخيص مصلحة النظام) أن يُظهِر قوته لحل المشكلات المالية للناس»، مضيفاً أن «لوائح (فاتف) لا علاقة لها بالاتفاق النووي والعقوبات»، وأنه «سواء كانت العقوبات أو لم تكن؛ فإن اللوائح مطلوبة».
على نقيض روحاني، رهن أمين عام «مجلس تشخيص مصلحة النظام»، والقيادي في «الحرس الثوري»، محسن رضايي، اتخاذ القرار بشأن الانضمام إلى «فاتف»، بإبلاغ من حكومة روحاني بشأن موعد رفع العقوبات.



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».