واشنطن «تعارض بشدة» تحقيق «الجنائية الدولية» في الأراضي الفلسطينية

المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي (أ.ب)
المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي (أ.ب)
TT

واشنطن «تعارض بشدة» تحقيق «الجنائية الدولية» في الأراضي الفلسطينية

المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي (أ.ب)
المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي (أ.ب)

أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، أمس (الأربعاء)، أنّ الولايات المتحدة «تعارض بشدة» التحقيق الذي فتحته المدعية العامة لـ«المحكمة الجنائية الدولية» في جرائم مزعومة بالأراضي الفلسطينية المحتلة.
ولكنّه كشف في الوقت نفسه أن إدارة الرئيس جو بايدن «تعيد النظر» في العقوبات التي فرضها الرئيس دونالد ترمب بحق المدعية العامة فاتو بنسودا ومسؤولين آخرين في المحكمة الدولية.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد عبرت في فبراير (شباط) عن «مخاوف جدية» بشأن قرار المحكمة الجنائية المتعلق بالاختصاص القضائي، مضيفة أن إسرائيل لا ينبغي أن تكون ملزمة بقرارات المحكمة كونها ليست عضواً فيها.
وندد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقرار المحكمة الدولية، معتبراً أنه يعكس «جوهر معاداة السامية».
ورحب الفلسطينيون بقرار المدعية العامة فاتو بنسودا، بوصفه «ضرورة ملحّة وواجبة» للتحقيق في الوضع في قطاع غزة المحاصَر، وفي الضفة الغربية المحتلة والشطر الشرقي من القدس منذ يونيو 2014.
وقالت بنسودا إنها قررت أن هناك «قضايا محتملة مقبولة» عند كلا الطرفين، مع تركيز التحقيق على حرب غزة عام 2014، التي قُتِل فيها أكثر من ألفي شخص.
واعتبرت أنه «بنهاية الأمر، يجب أن ينصب جوهر اهتمامنا على ضحايا الجرائم، الفلسطينيين منهم والإسرائيليين، الناجمة عن الدوامة طويلة الأمد من أعمال العنف وانعدام الأمن ما تسبب بمعاناة كبيرة ويأس لدى جميع الأطراف».
وأوضحت بنسودا، المولودة في غامبيا، أن التحقيق الرسمي يعقب تحقيقاً أولياً «مضنياً» استمر خمس سنوات، متعهدة بإجراء التحقيق بشكل «مستقل وحيادي وموضوعي، دون خوف أو محاباة».
ورفضت إسرائيل الانضمام إلى المحكمة التي تأسست عام 2002 للنظر في أسوأ الجرائم في العالم. والفلسطينيون منضوون في المحكمة منذ 2015.
ومهّد قضاة المحكمة الجنائية الدولية الطريق أمام تحقيق في جرائم حرب، عندما أعلنوا قبل شهر أن الأراضي الفلسطينية تقع ضمن الاختصاص القضائي للمحكمة، نظراً لعضوية الفلسطينيين فيها.
وسينصب التحقيق على «عملية الجرف الصامد» العسكرية التي شنتها إسرائيل في صيف 2014 بهدف وقف إطلاق الصواريخ عليها من جانب حركة حماس.
وقتل نحو 2250 فلسطينياً في حرب 2014، غالبيتهم مدنيون، و74 إسرائيلياً، غالبيتهم جنود.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكينازي إن إسرائيل «ستتخذ كل الخطوات اللازمة لحماية مواطنيها وجنودها من الاضطهاد القانوني»، مضيفاً أن التحقيق سيؤثر على عملية السلام المتوقفة.
من جانبها، رحّبت السلطة الفلسطينية بالإعلان عن فتح تحقيق الأربعاء. وقال وزير الخارجية رياض المالكي في بيان إن «الجرائم التي يرتكبها قادة الاحتلال الإسرائيلي (...) هي جرائم مستمرة وممنهجة وواسعة النطاق، وهذا ما يجعل الإنجاز السريع للتحقيق ضرورة ملحّة وواجبة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».