إسدال الستار على جولة المباحثات الأولى من «جنيف2» دون تقدم

بينما تتواصل المعارك الميدانية ومعاناة السوريين المحاصرين من دون مساعدات إنسانية

إسدال الستار على جولة المباحثات الأولى من «جنيف2» دون تقدم
TT

إسدال الستار على جولة المباحثات الأولى من «جنيف2» دون تقدم

إسدال الستار على جولة المباحثات الأولى من «جنيف2» دون تقدم

يسدل الستار في وقت لاحق من اليوم الجمعة على الجولة الأولى من المحادثات السورية المباشرة بين وفدي النظام والمعارضة في جنيف دون إحراز أي تقدم يذكر على الصعيدين الأمني والسياسي.
وبعد أسبوع من المباحثات برعاية الأمم المتحدة لم يتمكن الطرفان من الوصول إلى نقاط مشتركة من النقاش الذي تطرق في الأيام الماضية للحالة الإنسانية والسماح بمرور المساعدات الغذائية لبعض المناطق المحاصرة، وكذلك الوضع الأمني.
وقال مبعوث الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي إنه يأمل بتحقيق نتائج أفضل في الجولة المقبلة التي تبدأ في العاشر من فبراير (شباط) المقبل.
وكان الطرفان قد وقفا دقيقة صمت بشكل مشترك الخميس لذكر أكثر من مائة ألف شخص سقطوا في الحرب، في لفتة انسجام نادرة.
ويقول المراقبون إن جلسة الجمعة الختامية ستكون احتفالية ولا يتوقع أن تجري فيها محادثات مهمة.
وأعلن الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي أن جلسة مشتركة أخيرة ستعقد اليوم من دون أن يحدد مضمونها، مشيرا إلى أنه سيعلن بعد انتهائها بعض «الخلاصات»، معربا عن أمله في أن «نستخلص دروسا مما فعلنا وأن نقوم بعمل أفضل في الجولة المقبلة»، وقد أعلن الإبراهيمي قبل يومين أنه لا يتوقع «تقدما ملموسا» في نهاية هذه الجولة، مشيرا إلى أن «الهوة كبيرة» بين الفريقين.
وتم خلال الأيام الستة الماضية من المفاوضات طرح الموضوعين الأساسيين اللذين يختلف الوفدان على تفسيرهما وعلى الأولوية التي يجب أن تعطى لكل منهما، وهما هيئة الحكم الانتقالي والإرهاب، بالإضافة إلى موضوعين آخرين يدخلان في الإطار الإنساني، وهما إدخال المساعدات إلى الأحياء المحاصرة من النظام في مدينة حمص وإطلاق المعتقلين والمخطوفين، لم يصلا فيهما إلى نتيجة.
وتعد السلطات السورية أنها تخوض منذ ثلاث سنوات «معركة ضد الإرهاب الممول من الخارج»، وتطالب بتعاون دولي من أجل مكافحته.
بينما تميز المعارضة بين الكتائب المعروفة بـ«الجيش السوري الحر»، والمجموعات المسلحة الأخرى التي تقول المعارضة إنها تقاتل بتمويل من النظام السوري وحلفائه.
وشاب التوتر الجولة الأولى من محادثات السلام التي بدأت قبل أسبوع في سويسرا، حيث دأب وفدا الحكومة والمعارضة على تبادل الاتهامات أمام وسائل الإعلام، بالتوازي مع حرصهما الواضح على عدم تقديم أي تنازلات تدفع المفاوضات قدما، كما أن ملفات إدخال المساعدات الإنسانية إلى حمص وإطلاق المعتقلين التي حاول الإبراهيمي من خلال طرحها على طاولة البحث في اليومين الأولين مد جسور الثقة بين المتنازعين، لم تجد طريقها إلى الحل رغم تعهد الوفدين بتقديم كافة التسهيلات، ومنذ أسبوع، لم تتمكن شاحنات محملة بالأغذية والمساعدات في دمشق من الحصول على ضوء أخضر للتوجه إلى مدينة حمص حيث يحاصر حوالي ثلاثة آلاف شخص في أحياء يسيطر عليها مقاتلون معارضون. وتقول السلطات إنها مستعدة لإخراج المدنيين من هناك، إلا أن المعارضة تعبر عن خشيتها على مصير النساء والأطفال من القوات النظامية في حال خروجهم، وقال الإبراهيمي أمس «أنا أشعر بخيبة أمل كبيرة» إزاء عدم دخول المساعدات إلى حمص.
وفيما يتعلق بمسالة المعتقلين وتبادل السجناء، قدم وفد المعارضة خلال جلسات التفاوض لائحة أولية بـ2300 اسم من الأطفال والنساء معتقلين في سجون النظام، مطالبا بالإفراج عنهم. بينما نفى وفد النظام وجود أي أطفال في سجونه، مطالبا في المقابل بأن يسلم الائتلاف لائحة بأسماء كل المخطوفين والمعتقلين لدى المجموعات المقاتلة. ورد وفد المعارضة بأنه مستعد، إذا تسلم لائحة أسماء لإجراء اتصالات مع هذه المجموعات لمعرفة مصير الأشخاص المعنيين.
وفي أثناء انعقاد محادثات جنيف المباشرة بين وفدي النظام والمعارضة لم تهدأ المعارك المتواصلة على الأرض، حيث تواصلت الأعمال العسكرية في موازاة مفاوضات جنيف على وتيرتها التصعيدية، حاصدة عشرات القتلى والجرحى.
وأفاد متابعون ودبلوماسيون في جنيف أن حركة اتصالات وضغوط دبلوماسية مكثفة رافقت المفاوضات.
وقال الإبراهيمي إن «مجرد جلوس الطرفين إلى طاولة واحدة هو أمر جيد».
يذكر أن وفدا من المعارضة السورية المشاركة في جنيف2 سيلتقي اليوم الجمعة في مدينة ميونيخ الألمانية كلا من وزيري خارجية أميركا وروسيا جون كيري وسيرجي لافروف وأمين عام الأمم المتحدة بان كي مون الذين يشاركون في مؤتمر الأمن الدولي الذي تستضيفه ميونيخ، بحسب مصدر مسؤول في المعارضة السورية، وقال المصدر لوكالة الأنباء الألمانية إن المشاركين في الاجتماع سوف يبحثون الوضع السوري وإجراء تقييم أولي لمفاوضات «جنيف2».
بينما أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن الوزير سيرجي لافروف سيلتقي رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد الجربا في موسكو في الرابع من فبراير (شباط) المقبل، ونقلت وسائل إعلام روسية عن الأمين العام للائتلاف بدر جاموس قوله إنه ورئيس الائتلاف أحمد الجربا سيزوران موسكو يومي 3 و4 فبراير المقبل.
وأضاف جاموس أنهما سيلتقيان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف لتبادل الآراء حول سير التفاوض في جنيف.
وذكر جاموس أن الائتلاف سيواصل المفاوضات مع وفد الحكومة السورية على الرغم من «عدم إحراز أي تقدم ملموس».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم