الائتلاف السوري يسعى لاستصدار وثائق سفر للسوريين في ظل العجز عن تجديد جوازاتهم

في أعقاب إقالة السفير في الدوحة ووزيري النفط والمالية في الحكومة المؤقتة

الائتلاف السوري يسعى لاستصدار وثائق سفر للسوريين في ظل العجز عن تجديد جوازاتهم
TT

الائتلاف السوري يسعى لاستصدار وثائق سفر للسوريين في ظل العجز عن تجديد جوازاتهم

الائتلاف السوري يسعى لاستصدار وثائق سفر للسوريين في ظل العجز عن تجديد جوازاتهم

أفاد هشام مروة نائب الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية «الشرق الأوسط» أمس، أن نحو 10 ملايين سوري خارج البلاد، يحتاجون إلى تجديد جوازات سفرهم بعد رفض السفارات السورية في الخارج تجديدها على ضوء انتمائهم للمعارضة أو اتهماهم بتأييد المعارضة. وأكد مروة أن الائتلاف يسعى لحل هذه المعضلة الدبلوماسية عبر لقاءات مع «أصدقاء» الشعب السوري، لتخفيف معاناة السوريين في الخارج. ويأتي هذا التطور بعد أيام من إقالة رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض خالد خوجة «سفير» الائتلاف في قطر نزار الحراكي وكل من وزير النفط في الحكومة المؤقتة إلياس وردة ووزير المالية إبراهيم ميرو.
يذكر أن سفارة الائتلاف في قطر كانت خاضت تجربة جديدة، عبر منحها الصلاحيات القنصلية لتجديد جوازات السفر والاعتراف بها داخل الأراضي القطرية، على الرغم من أن هذا التجديد لا يُعمل به في دول أخرى، كون «إصدار أو تجديد جوازات السفر، قانونا، يحصر بالسفارات التي تتمتع بالصلاحيات القنصلية».
وبعد شروع السفارة في قطر بتجديد جوازات السفر للمقيمين في قطر، أعلنت الثلاثاء الماضي عن إيقاف تمديد جوازات السفر، بأمر من الائتلاف، كونها غير معترف بها إلا في قطر. ولا تخول تلك اللصاقات المواطن السوري السفر إلى أي دولة، بل من الممكن أن تسبب له مشكلات قانونية وتؤدي به إلى السجن بين 3 و9 سنوات.
ويتابع الائتلاف مساعيه راهنا لحل هذه المعضلة، إذ أكد مروة لـ«الشرق الأوسط» أن الائتلاف يسعى «لاستصدار وثائق سفر للسوريين، تصدر عن الائتلاف أو عن الأمم المتحدة»، وأشار إلى اتصالات تجرى مع الجامعة العربية بهدف الحصول على تسهيلات للسوريين الموجودين في الدول العربية، الذين يفوق عددهم الخمسة ملايين سوري، ومعظمهم يقطنون في دول الخليج الصديقة للشعب السوري، من أصل 10 ملايين سوري ينتشرون خارج البلاد.
وتابع مروة، وهو عضو اللجنة القانونية في الائتلاف التي سعت لحل هذه المشكلة منذ فترة طويلة، إن الائتلاف يطالب الدول المستضيفة للسوريين، بإصدار وثيقة سفر خاصة باللاجئين، تعطى للسوريين الموجودين من دون إقامة نظامية، وهو الإجراء المعتمد في دول أوروبية في هذا الوقت.
ويلتقي هذا، مع ما سبق لرئيس الائتلاف خوجة، الإعلان عنه وهو أنه تجري حاليا مباحثات مع دولة أوروبية للتنسيق مع الأمم المتحدة بهدف منح السوريين لصقات تمديد صلاحية لجوازات السفر.
هذا، وتسعى المعارضة السورية لإيجاد حل للجانب القانوني المتعلق بوجود السوريين في الخارج، على ضوء فشلهم في تجديد جوازات سفرهم في الخارج، مما يعيق انتقالهم إلى مناطق أخرى ينوون التوجه إليها، وهو ما يدفعهم، بحسب معارضين، إلى اختيار طرق التهريب عبر المتوسط إلى دول أوروبية، وهذا التصرف اليائس أدى إلى موت كثيرين غرقا في البحر.
في الوقت الراهن يُحصر تجديد جوازات سفر السوريين في خارج البلاد، في السفارات المعتمدة التابعة لوزارة الخارجية السورية في بلاد الانتشار. ويواجه السوريون في الخارج مشكلة الانتقائية، إذ يلجأ كثيرون إلى الائتلاف بهدف المساعدة، بعد رفض سفارات النظام للسوريين تجديد جوازات سفرهم على خلفيات سياسية، بينها تأييدهم للمعارضة السورية، أو توجيه اتهامات إليهم بأنهم مؤيدون لها. وفي ظل هذا الواقع، وجد كثيرون أنفسهم مضطرين للخضوع للسماسرة المنتشرين في دول العالم، الذين يساعدون على تجديد جوازات السفر في سفارات النظام في الخارج لقاء مبالغ مالية كبيرة.
وحسب مروة فإن الائتلاف «وجد نفسه في موقع المضطر للبحث عن حل لتجديد جوازات سفر السوريين في الخارج أمام هذه المعضلة، نظرا لأن هؤلاء لا يستطيعون التحرك إلى دول الخارج، مع وجود بعض الاستثناءات». مستدركا أن «بعض الدول، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية وتركيا، تعاملت معنا، مشكورة، بإيجابية، إذ تتجاوز قضية انتهاء صلاحية جواز السفر، وتقدم تسهيلات للموجودين في داخل البلاد، عبر تجديد إقامتهم وتنقلاتهم الداخلية، بصرف النظر عن صلاحية جواز السفر».
وتتغاضى هذه الدول، عادة، عن صلاحية جواز السفر بعد التأكد من أن الجواز قانوني وكان قد صدر في وقت سابق عن السلطات السورية، لكنها لا تتساهل أبدا في قضية الجوازات المزورة التي ظهر بعضها في العام الماضي.
ولقد بدأت قيود النظام على تجديد جوازات السفر، بعد سيطرة قوات المعارضة على فرع الهجرة والجوازات في مدينة دير الزور خلال شهر سبتمبر (أيلول) 2012، ونقلت على أثرها إلى مناطق الريف، مئات الجوازات الفارغة واللصاقات المستخدمة لتجديدها، إضافة إلى الأختام الرسمية المعتمدة من النظام، قبل أن يبدأ إصدار جوازات سفر مزورة منها. كذلك تواصل إصدار الوثائق المزورة في مدينة السحيل بمحافظة دير الزور، معقل «جبهة النصرة»، بعد الحصول على أختام من دوائر النظام في مدينة الرقة. وإثر ذلك مُنع حاملو آلاف الجوازات بأرقام تسلسلية أبلغ عنها النظام للشرطة الدولية (الإنتربول)، من دخول بلدان العالم، نظرا إلى أنها مزورة ومسروقة، وذلك في عام 2014.
على صعيد آخر،، انقسم الائتلاف حول قرارات خوجة المرتبطة بإقالة السفير في قطر والاستعاضة عنه بآخر، إضافة إلى إقالة الوزيرين وردة وميرو. وقال مصدر سياسي في الائتلاف اليوم لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن «قرارات الخوجة قانونية وهي تأتي في إطار إصلاح الأخطاء وإعادة الثقة بمؤسسات المعارضة التي تضررت بفعل الظروف العامة للأزمة السورية، وأحيانا بسبب سوء تصرف، ربما، غير مقصود من أشخاص».
وتابع المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته: «نحن لا نتهم أحدا ولا نحمل بعض الأفراد المسؤولية لأننا نعتقد أن الفشل والنجاح هما ثمرة جهود أو أخطاء جماعية والظروف العامة السياسية والأمنية المحيطة والمرتبطة بالوضع السوري عموما، كما أننا لا نغفل التقصير الشخصي أحيانا».
وكان عدد من أعضاء الحكومة المؤقتة والائتلاف اعتبروا بعض قرارات الخوجة «غير محقة كونها منفردة دون الرجوع للهيئة العامة للائتلاف أو لرئيس الحكومة أحمد طعمة باعتباره المسؤول المباشر عن وزرائه».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.