النظام وسع دائرة قصفه من الغوطة الشرقية إلى حلب.. والأكراد استعادوا أكثر من مائة قرية بمحيط عين العرب

صواريخ المعارضة تتساقط على دمشق وأحياء حلب النظامية

اطفال يتفقدون الدمار في دوما بعد القصف الذي تعرضت له ضواحي دمشق (أ.ف.ب)
اطفال يتفقدون الدمار في دوما بعد القصف الذي تعرضت له ضواحي دمشق (أ.ف.ب)
TT

النظام وسع دائرة قصفه من الغوطة الشرقية إلى حلب.. والأكراد استعادوا أكثر من مائة قرية بمحيط عين العرب

اطفال يتفقدون الدمار في دوما بعد القصف الذي تعرضت له ضواحي دمشق (أ.ف.ب)
اطفال يتفقدون الدمار في دوما بعد القصف الذي تعرضت له ضواحي دمشق (أ.ف.ب)

وسّع النظام السوري دائرة استهدافه للمدنيين إلى أحياء مدينة حلب، ثاني كبرى مدن سوريا، وذلك بعد استهدافه الغوطة الشرقية بضواحي العاصمة دمشق التي ارتفع عدد المدنيين القتلى فيها إلى 82 شخصا بينهم أطفال. وفي هذه الأثناء واصلت قوات المعارضة و«جيش الإسلام» إطلاق قذائف الهاون والصواريخ المحلية الصنع باتجاه العاصمة السورية، ولقد أصيب على أثرها 26 شخصا، بحسب ما أفادت به وكالة «سانا» الرسمية، كما ارتفع عدد ضحايا المجزرة التي ارتكبها طيران النظام السوري ليلا، عند دوار حي بعيدين، شمال غربي مدينة حلب مستخدما البراميل المتفجرة، إلى 40 شخصا وفق ما أفادت به مصادر معارضة. وفي أماكن أخرى من الجبهات السورية سيطر مقاتلو «وحدات حماية الشعب» الكردية، أمس على عشرات القرى والبلدات في محيط مدينة عين العرب (كوباني) السورية الحدودية مع تركيا وطردوا منها مقاتلي تنظيم داعش، بحسب ما ذكره المرصد السوري لحقوق الإنسان، بينما أفاد «مكتب أخبار سوريا» بأن طيران التحالف الدولي ضدّ الإرهاب شنّ أولى غاراته على مواقع التنظيم المتطرف في محافظة الرقة بعد إقدام التنظيم على إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة.
عودة إلى المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإنه ذكر أمس أن حصيلة قتلى الغارات التي استهدف بها النظام معاقل المعارضة في الغوطة الشرقية منذ يوم الخميس تضمنت 18 طفلا، كما قتل 16 مقاتلا من المعارضة خلال الهجوم الذي شنته قوات النظام ونفذ فيه أكثر من 60 غارة جوية، بالإضافة إلى قصف بالصواريخ أرض - أرض. ويعدّ هذا الهجوم الأكثر دموية الذي ينفذه سلاح الجو التابع للنظام منذ 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عندما قتل 95 شخصا خلال غارات شنها على مدينة الرقة التي اتخذها تنظيم داعش عاصمة له.
وأفاد ناشطون باستخدام قوات النظام قذائف المدفعية وصواريخ إلى جانب الغارات الجوية ضد الغوطة الشرقية، وتواصلت حتى يوم أمس، وأدت إلى مقتل 82 مدنيا، إلى جانب مقاتلين معارضين، بينهم 3 قياديين من «جيش الإسلام» و«أجناد الشام».
في المقابل، واصلت قوات المعارضة قصف أحياء دمشق بقذائف الهاون والصواريخ المحلية الصنع، إذ أفادت «سانا» بإصابة 12 مدنيا بجروح أمس، وألحقت أضرارا مادية بالممتلكات «جراء اعتداءات إرهابية بقذائف صاروخية على أحياء سكنية في وسط العاصمة». وذكر مصدر في قيادة الشرطة أن قذيفتين سقطتا في محيط ساحة المدفع في حي أبو رمانة ما أدى إلى إصابة 12 مواطنا بجروح تم إسعافهم إلى المشفى الإيطالي ومشفى المواساة.
ما يجدر ذكره أن قوات النظام تحاصر الضواحي والبلدات في الغوطة الشرقية منذ أكثر من سنة، وينفذ سلاح الجو غارات بشكل منتظم على المنطقة في محاولة للقضاء على معاقل المعارضة المسلحة فيها وإبعاد خطرها عن دمشق. وأشار المصدر إلى سقوط عدد من القذائف بالقرب من السوق المحلية بحي الميدان، في جنوب العاصمة، نتج عنها مقتل شاب وإصابة 16 مواطنا آخرين بجروح.
وقال مكتب أخبار سوريا: «قتُل 40 مدنيا على الأقل وأصيب 50 آخرون، أمس، جراء قصف بالبراميل المتفجرة شنّه الطيران المروحي التابع للجيش السوري النظامي، مستهدفا دوار حي بعيدين شمال غربي حلب الخاضع لسيطرة المعارضة.
وذكر عمار السلمو، مدير الدفاع المدني في مجلس محافظة حلب الحرة، أنّ المروحيات العسكرية قصفت دوار بعيدين ببرميلين متفجرين سقط أحدهما بالقرب من حافلة كانت تقل أكثر من 30 راكبا قتلوا جميعا. كذلك استهدف القصف سيارة إسعاف كانت متوجّهة إلى خارج مدينة حلب لنقل مصاب إلى الحدود السورية - التركية، فقُتل سائقها وممرضان اثنان والمصاب بداخلها، كما قتل وأصيب عدد من ركاب الحافلات الأخرى الموجودة في الحي لحظة القصف، في حين أصيب عنصران اثنان تابعان للجيش السوري الحر كانا موجودين عند حاجز عسكري في الحي، حسبما بين المصدر.
وأكد السلمو أنه تلا القصف المروحي قصف بالرشاشات الثقيلة شنّته المقاتلات الجوية الحربية النظامية على الحي، ما أخر وصول فريق الدفاع المدني والمسعفين إلى مكان القصف وهو ما «رفع» من أعداد القتلى والمصابين. وأوضح السلمو أنّ غالبية المصابين من المدنيين وبينهم أطفال، ولقد نقل من يعاني منهم إصابات متوسطة إلى المشافي الميدانية داخل حلب، في حين جرى نقل ذوي الإصابات «الحرجة» إلى الأراضي التركية لتلقي العلاج. ويذكر أنّ دوار بعيدين هو حلقة الوصل بين مدينة حلب وريفها، كما يعتبر الطريق الوحيد الذي تعبره حافلات النقل المتجهة من حلب إلى باقي المناطق السورية كإدلب ومنبج والرقة، وإلى الحدود السورية - التركية.
ولقد ردّت قوات المعارضة على استهدافها بالبراميل المتفجرة، عبر إطلاق القذائف باتجاه أحياء خاضعة لسيطرة النظام ومنها الميدان والجميلية، ولقد أفادت وكالة «سانا» بمقتل طفل وشاب وإصابة 23 مواطنا على الأقل بفعل القذائف الصاروخية التي أطلقت على الحيين. كذلك أكد مصدر في قيادة الشرطة سقوط عدد من القذائف الصاروخية بالقرب من مدرسة المأمون في حي الجميلية أسفرت عن مقتل طفل وإصابة 7 مواطنين بجروح، إضافة إلى سقوط قذائف أخرى بالقرب من شركة الكهرباء في الحي نفسه أحدثت أضرارا مادية في المكان. وفي عين العرب (كوباني)، أفاد المرصد السوري بأنه ارتفع إلى 101 عدد القرى التي استعادت وحدات حماية الشعب مدعمة بلواء ثوار الرقة والكتائب المقاتلة (المعارضة) في الأرياف الشرقية والغربية والجنوبية الشرقية للمدينة منذ ظهر 26 يناير (كانون الثاني)، تاريخ سيطرة الوحدات والكتائب عليها. وأوضح المرصد أن سيطرة الأكراد باتت تمتد الآن على حزام في محيط المدينة يتراوح بين 15 و25 كيلومترا. وكان الهجوم على عين العرب - التي يسميها الأكراد كوباني - في 16 سبتمبر (أيلول)، وتمكن «داعش» من احتلال أكثر من 350 قرية وبلدة في محيط المدينة قبل دخولها في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) والسيطرة على جزء كبير منها. إلا أن تدخل التحالف الدولي بقيادة أميركية عبر شن غارات جوية كثيفة على مواقع التنظيم المتطرف في مناطق عدة من سوريا، وعبور مقاتلين وأسلحة إلى «وحدات حماية الشعب» الكردية في المنطقة أدى إلى انقلاب موازين القوى على الأرض. ويقول المرصد إن تقدم المقاتلين الأكراد يحصل بوتيرة سريعة، لأنهم ما إن يدخلوا قرية أو بلدة حتى يقوم عناصر التنظيم بالانسحاب منها. وبالفعل حصلت معارك في مناطق محددة قتل فيها 13 عنصرا من التنظيم المتطرف.
أما في جنوب سوريا، وتحديدا في محافظة درعا، فاستهدف لواء المعتز بالله التابع للجيش السوري الحر المعارض بتفجيرٍ، ظهرَ أمس، أحد المواقع العسكرية التي تتمركز فيها القوات النظامية على خط الجبهة الجنوبي لبلدة عتمان، الخاضعة لسيطرة المعارضة، قرب مدينة درعا. من جانبها، ردّت القوات النظامية على التفجير بقصف «عنيف» شنّته عناصرها المتمركزة في الكتيبة 285 العسكرية المنشورة شمال مدينة درعا، مستهدفة أحياء بلدة عتمان وخط الجبهة الجنوبي، ما أسفر عن إصابة عددٍ من مقاتلي المعارضة بجروح متوسطة أثناء وجودهم في مواقع حراستهم جنوب البلدة، وذلك وفق ما بيّن الناشط الإعلامي المعارض سعد المصري، لمكتب أخبار سوريا.
من جهة أخرى، حمّلت لجنة تقصي الحقائق المعنية باستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا نظام الأسد المسؤولية عن استخدام غاز الكلور ضد 3 قرى شمال سوريا، في الفترة ما بين أبريل (نيسان) وأغسطس (آب) من العام الماضي، وسقط خلالها 13 قتيلا، بحسب أحدث تقرير صدر عن اللجنة.
واستند التقرير إلى شهادات 32 شخصا من أصل 37 تم اللقاء بهم، شاهدوا أو سمعوا صوت مروحيات وقت وقوع الهجوم مع سقوط براميل متفجرة تحتوي على المواد السامة، مما يشير بشكل واضح إلى مسؤولية نظام الأسد باعتباره الطرف الوحيد الذي يملك مثل تلك الوسائط.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.