انتقادات لخطة نتنياهو مكافحة الجريمة في المجتمع العربي

عشية مظاهرة احتجاجية كبرى ضد {إهمال} الشرطة

مظاهرة في حيفا السبت احتجاجاً على انفلات العنف في المجتمعات العربية (أ.ف.ب)
مظاهرة في حيفا السبت احتجاجاً على انفلات العنف في المجتمعات العربية (أ.ف.ب)
TT

انتقادات لخطة نتنياهو مكافحة الجريمة في المجتمع العربي

مظاهرة في حيفا السبت احتجاجاً على انفلات العنف في المجتمعات العربية (أ.ف.ب)
مظاهرة في حيفا السبت احتجاجاً على انفلات العنف في المجتمعات العربية (أ.ف.ب)

تل أبيب: «الشرق الأوسط»

في الوقت الذي تستعد فيه القوى السياسية والمجتمعية لفلسطينيي 48، لمظاهرة قطرية كبرى احتجاجاً على إهمال الشرطة، في نهاية هذا الأسبوع، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن إقرار خطة حكومية لمكافحة انتشار العنف والجريمة المنظمة في المدن والبلدات العربية. وقد قوبلت هذه الخطة بانتقادات واسعة، واعتبرها معظم قادة الأحزاب العربية «هزيلة وسطحية ولا تعالج الآفة بشكل جذري».
وكانت الجريمة ومظاهر العنف قد اجتاحت المجتمع العربي في إسرائيل بشكل مثير للقلق، وجعلت المواطنين العرب يفقدون الشعور بالأمان. فرغم أن العرب يشكلون نسبة 18 في المائة من السكان في إسرائيل، تبلغ نسبة ضحايا القتل 70 في المائة وملفات العنف 45 في المائة. وفي سنة 2020 بلغ عدد القتلى في جرائم العنف 113 ضحية، ومنذ بداية عام 2021، قُتل 21 عربياً في حوادث عنف داخل إسرائيل، بينهم 15 مواطناً عربياً من سكان إسرائيل، وأربعة فلسطينيين من سكان القدس الشرقية، واثنين من سكان الضفة الغربية. وكان 3 ضحايا منهم قد قُتلوا برصاص الشرطة الإسرائيلية، فيما قُتل الباقون في أعمال عنف داخل المجتمع العربي.
ويضع قادة الأحزاب العربية هذه الآفة على رأس أجندتهم السياسية. وبالإضافة إلى أنشطة التوعية ضد العنف، يطالبون الحكومة بوضع خطة مهنية حقيقية للقضاء على هذه الظاهرة، كما فعلت في البلدات اليهودية. وهم يتهمون السلطة الإسرائيلية بتغذية العنف وتشجيعه. فالشرطة لا تبذل جهوداً كافية للكشف عن القتلة، وتترك عصابات الإجرام المنظم تعمل بحرية وتمتنع عن محاربة انتشار الأسلحة، علماً بأن التقديرات الرسمية تقول إن هناك 400 ألف قطعة سلاح غير مرخص بأيدي المواطنين العرب، معظمها أسلحة من الجيش الإسرائيلي.
وقال مكتب رئيس الوزراء في بيان، إنها خطة تبلغ تكلفتها 150 مليون شيكل (45 مليون دولار) لمكافحة انتشار العنف والجريمة المنظمة في المدن والبلدات العربية. وتتضمن الخطة، حسب بيان صادر عن مكتبه، «إنشاء وتجديد خمسة أقسام للشرطة وقسمين للإطفاء، وإنشاء وحدة شرطة خاصة لمكافحة الجريمة في المجتمع العربي». وإنه سيتم تخصيص مليون شيكل أخرى (302 ألف دولار)، لرفع مستوى الوعي حول العنف في المجتمعات العربية. وستجري وزارة الأمن العام أيضاً عمليتين لجمع الأسلحة غير الشرعية.
واعتبرت القائمة المشتركة للأحزاب العربية، وغالبية القوى السياسية والجمعيات والحركات المجتمعية، هذه الخطة، هزيلة وغير كافية. وقالت القائمة المشتركة (الجبهة، التجمع، العربية للتغيير) «هذه خطّة علاقات عامة انتخابية، وليست خطة حقيقية وجادة وشاملة لمكافحة الجريمة والعنف في المجتمع العربي». وتابعت، في بيان، أمس، إن «ميزانية هذه الخطة تدل على طابعها الهزيل، حيث خصص لها 150 مليون شيكل من أصل 13 مليار شيكل هي ميزانية الشرطة سنوياً. وهي تقتصر على فتح محطات الشرطة، ولا تعالج مسببات العنف في المجتمع العربي. وقد أثبتت التجربة، أنّ فتح محطات شرطة، دون تغيير سياسات الشرطة، لا يحلّ المشكلة لا بل يعمّقها أحياناً». ولفتت المشتركة إلى أنّ الخطة «لا تتطرق بتاتاً للإجرام المنظم، بخلاف ما حدث عندما أرادت الدولة مكافحة الإجرام في مدن يهودية، مثل نتانيا ونهاريا. وحتى الخطة بعيدة الأمد التي يتحدث عنها نتنياهو، إذا ما نفّذت ورُصدت لها الموارد اللازمة، فالحديث يجري عن 10 سنوات على الأقل». وأكدت أن هناك خطة علمية ومهنية وضعتها تبنتها القائمة المشتركة ولجنة المتابعة العليا، بمشاركة عشرات الخبراء، ولكن الحكومة تجاهلتها. وحذّرت المشتركة من «الاستغلال السياسي الذي يقوم به نتنياهو لقضايا وهموم المجتمع العربي لجني المكاسب الانتخابية، كما حذّرت من الهرولة وراء ألاعيب نتنياهو ووعوده الكاذبة».
ولكن، في المقابل، أكّد رئيس القائمة العربية الموحدّة (الإسلامية الجنوبيّة)، د. منصور عباس، في بيان، أنّ إقرار الخطّة هو «أوّل خطوة نحو الحل، وأن الامتحان الحقيقي، هو في متابعة تنفيذ وإقرار كل أجزاء الخطة الشاملة مستقبلاً، كما تمت صياغتها، والتي تصل إلى ميزانية 3 مليارات شيكل، وتمتد على 5 سنوات». وأضاف عباس، الذي يرأس رئيس اللجنة البرلمانية الخاصة لمكافحة الجريمة والعنف في المجتمع العربي، أنّ ما أقرّ اليوم «هو تعهد والتزام من قبل الحكومة بتنفيذ كامل أجزائها خلال 120 يوماً، وإقرار ميزانية أولية تبلغ 150 مليون شيكل. وسنهتم في لجنة مكافحة الجريمة خلال الدورة القادمة أن نتابع رصد كامل الميزانية لها وتنفيذها بجميع أجزائها، وتحسينها لتشمل جميع الجوانب التي تولّد العنف وتسبب الجريمة في مجتمعنا».
تجدر الإشارة إلى أن الشرطة أقدمت يوم الجمعة الماضي، على فض مظاهرة في مدينة أم الفحم ضد العنف، بالقوة والعنف، مستخدمة الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية لتفريق ما وصفته بأعمال شغب. وقال مسعفون إن 35 متظاهراً على الأقل أصيبوا بجراح، بمن فيهم عضو الكنيست من القائمة المشتركة، يوسف جبارين. وأصيب جبارين في ظهره بعيار مطاطي خلال التظاهرة، وتم نقله إلى مستشفى محلي.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».