برلماني يطالب الرئيس التونسي بـ«الاعتذار» بسبب قضية اللقاحات

الرئيس قيس سعيد (أ.ب)
الرئيس قيس سعيد (أ.ب)
TT

برلماني يطالب الرئيس التونسي بـ«الاعتذار» بسبب قضية اللقاحات

الرئيس قيس سعيد (أ.ب)
الرئيس قيس سعيد (أ.ب)

قال نائب البرلمان التونسي، ياسين العياري (مستقل)، إن الرئيس قيس سعيد «ارتكب خطأ جسيماً عندما تسلم كمية من اللقاحات المضادة لـ(كورونا)، دون أن يخبر مؤسسات الدولة، ولم يحترم القانون والإجراءات»، وطالبه بالاعتذار من التونسيين، والتعهد بإرساء الشفافية، وعدم تجاوز مؤسسات الدولة مستقبلاً. مشيراً إلى أنه «ألحق ضرراً بشخصه لا يمكن إصلاحه»، على حد تعبيره.
وأضاف العياري، أن الوثيقة المتداولة في الأوساط السياسية التونسية حول هبة اللقاحات، التي تلقتها رئاسة الجمهورية من دولة الإمارات العربية، مرت عبر إدارة الجمارك التونسية، وأنه لا يمكن أن تكون رئاسة الحكومة على غير علم بها. لكن هيثم زناد، المتحدث باسم إدارة الجمارك، قال إن الجمارك ليس لها علم بالجرعات التي تم إهداؤها للرئاسة. كما أدلت اللجنة العلمية لمجابهة فيروس كورونا بمعطيات أمام «لجنة التونسيين بالخارج» بالبرلمان، مفادها أنها منحت تراخيص لسفارات تقدمت بطلبات لتلقيح موظفيها ودبلوماسييها، وأنه لا علم لها بـ«هبة التلاقيح» الموجهة لرئاسة الجمهورية.
واعتبر العياري أن المحيطين برئيس الجمهورية تعمدوا تسريب الوثيقة المذكورة لتكذيب رئاسة الحكومة، التي قالت إنه لا علم لها بتسلم رئاسة الجمهورية لجرعات من لقاح «كورونا»، واتهمهم بـ«الكذب ومغالطة الرأي العام، والدفع بالرئيس للخطأ والتخبط، والإضرار كثيراً بمصداقيته».
من ناحيته، دعا عياض اللومي، رئيس المكتب السياسي لحزب «قلب تونس»، حليف حركة النهضة (إسلامية)، إلى مقاضاة السياسيين الذين تلقوا لقاح «كورونا» سراً دون بقية المواطنين، وقال إن هذه الممارسة «تنم عن أنانية وفساد سياسي».
في السياق ذاته، قالت مروى الدريدي، المحللة السياسية التونسية، إن خبر حصول رئاسة الجمهورية على ألف جرعة من اللّقاح المضاد لـ«كورونا» منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، خاصة مع تكتم الرئاسة على الموضوع، وعدم الإعلان عنه إلا عندما تم التداول في شأنه على مواقع التواصل الاجتماعي «شكّل صدمة لدى عموم التونسيين».
وكانت رئاسة الجمهورية قد أكدت تسليم هذه الجرعات من لقاح «كورونا» إلى الإدارة العامة للصحة العسكرية (وزارة الدفاع)، وقد قال قيس سعيد خلال لقائه برئيس المجلس الأعلى للقضاء، يوسف بوزاخر، إن «هناك من يريد بث الإشاعات لإلهاء التونسيين عن قضاياهم الحقيقية»، مضيفاً «لقد قيل إن رئاسة الجمهورية تلقت جرعات من لقاح فيروس كورونا، وأن هناك من تلقى اللقاح، وهذا كذب ممن يحترفون الكذب... لأن عملية التلقيح لا يتولاها إلا الأطباء والمختصون فقط». وفي المقابل، نفت رئاسة الحكومة في بيان رسمي علمها بالأمر، وأمرت بفتح تحقيق فوري في هذا الملف.
وبشأن هبة التلاقيح، التي قدرت بألف جرعة وخلفت انتقادات كثيرة لرئاسة الجمهورية؛ لأنها تكتمت عن الخبر في إبانه، أوردت تقارير إعلامية محلية، أن الرئاسة تسلمتها في التاسع من نوفمبر الماضي من شركة «صينوفارم» الصينية، وأنها وجهت في البداية نحو الصيدلية المركزية (حكومية)، موضحة أن وزير الصحة آنذاك علم بالأمر. لكنه لم يعلِم رئيس الحكومة بتسلم هذه الشحنة.



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.