مشاورات عسكرية ودبلوماسية متزامنة بين مصر والسودان وسط توتر مع إثيوبيا

القاهرة والخرطوم حذرتا أديس أبابا من خطوات أحادية بشأن «سد النهضة»

الرئيس المصري ووزير خارجيته خلال المحادثات مع الوزير السودانية في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري ووزير خارجيته خلال المحادثات مع الوزير السودانية في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)
TT

مشاورات عسكرية ودبلوماسية متزامنة بين مصر والسودان وسط توتر مع إثيوبيا

الرئيس المصري ووزير خارجيته خلال المحادثات مع الوزير السودانية في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري ووزير خارجيته خلال المحادثات مع الوزير السودانية في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)

شهدت القاهرة والخرطوم، أمس، مباحثات دبلوماسية وعسكرية متزامنة بين مسؤولي البلدين، في وقت يتصاعد فيه نزاعهما مع إثيوبيا حيال «سد النهضة» الذي تبنيه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويثير مخاوف من تأثيره على تدفقات المياه إلى مصر والسودان.
وشدد البلدان، في بيان مشترك أعقب المباحثات، على أهمية التوصل لـ«اتفاق قانوني ملزم» حول ملء وتشغيل السد الإثيوبي، بما «يُحقق مصالح الدول الثلاث، ويحفظ الحقوق المائية لمصر والسودان، ويحد من أضرار هذا المشروع على دولتي المصب»، وطالبا إثيوبيا بـ«إبداء حسن النية، والانخراط في عملية تفاوضية فعالة من أجل التوصل لهذا الاتفاق».
وتدشن إثيوبيا السد منذ عام 2011. ومؤخراً، أعلنت عزمها تنفيذ مرحلة ثانية من ملء الخزان بنحو 13.5 مليار متر مكعب منتصف العام الحالي، في إجراء حذرت منه مصر والسودان. وعد البيان قيام إثيوبيا بتنفيذ مرحلة ثانية من ملء السد بشكل أحادي «سيشكل تهديداً مباشراً للأمن المائي لمصر والسودان»، ويعد «خرقاً مادياً لاتفاق إعلان المبادئ» المبرم بين الدول الثلاث في الخرطوم في مارس (آذار) 2015.
وأجرت وزيرة خارجية السودان، مريم الصادق المهدي، أمس، زيارة إلى القاهرة، بموازاة اجتماع عقدته اللجنة العسكرية المصرية - السودانية المشتركة، برئاسة رئيسي أركان البلدين، في الخرطوم. وخلال لقائه وزيرة خارجية السودان، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي «النهج الاستراتيجي لمصر، بدعم العلاقات مع السودان من أجل التعاون والبناء والتنمية»، مشدداً على أن «أمن واستقرار السودان جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار مصر».
وأعرب السيسي، وفق المتحدث الرئاسي، عن «مساندة مصر لجهود تعزيز السلام والاستقرار كافة في السودان». كما أكد اهتمام بلاده بتعزيز العلاقات الثنائية معه، خاصة في مجالات الربط الكهربائي والسككي والتبادل التجاري، واستعداد مصر للاستمرار في نقل تجربتها في الإصلاح الاقتصادي وتدريب الكوادر السودانية.
وبشأن قضية «سد النهضة»، أكد السيسي «حتمية التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم فيما يخص ملء وتشغيل السد، يراعي عدم الإضرار بدولتي المصب، ويحافظ على حقوقهما المائية».
وكانت المفاوضات التي قادها الاتحاد الأفريقي، منذ يوليو (تموز) الماضي، تحت رئاسة جنوب أفريقيا، قد تعثرت. وعبر البلدان، في البيان المشترك، عن تقديرهما للجهد الذي بذلته دولة جنوب أفريقيا، كما رحبا بتولي الكونغو الديمقراطية قيادة المفاوضات، بعدما تبوأ فيلكس تشيسيكيدي، رئيس الكونغو، رئاسة الاتحاد القاري.
وشددت مصر والسودان على أن «قيام إثيوبيا بتنفيذ المرحلة الثانية من ملء سد النهضة بشكل أحادي سيشكل تهديداً مباشراً للأمن المائي لمصر والسودان»، خاصة فيما يتصل بتشغيل السدود السودانية، ويهدد حياة 20 مليون مواطن سوداني. كما أكدا أن هذا الإجراء سيعد خرقاً مادياً لاتفاق إعلان المبادئ المبرم عام 2015. وأعلنا توافقهما على تطوير آلية التفاوض التي يرعاها الاتحاد الأفريقي، من خلال تشكيل رباعية دولية تقودها وتسيرها الكونغو الديمقراطية، بصفتها الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، وتشمل كلاً من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للتوسط في المفاوضات. ودعا البلدان هذه الأطراف الأربعة لتبني هذا المقترح، والإعلان عن قبولها له، وإطلاق هذه المفاوضات في أقرب فرصة ممكنة.
وبدورها، استعرضت الوزيرة السودانية جهود تنفيذ استحقاقات اتفاق السلام في السودان، وما أسفرت عنه من إعادة تشكيل الحكومة السودانية لاحتواء التيارات الثورية المنضمة لاتفاق السلام، والتحديات الاقتصادية التي يواجهها السودان، وهي خطوات «حياها الجانب المصري»، مشدداً مجدداً على «وقوفه الكامل إلى جانب الأشقاء في السودان لمعالجة الآثار الاقتصادية السلبية التي تلقي بآثارها على المجتمع السوداني، وتأييده الكامل لجهود الحكومة السودانية في المحافل الدولية لحشد المساعدات وتعضيد جهود الحكومة من أجل دفع عجلة الاقتصاد السوداني».
وتناولت محادثات القاهرة التحركات الأخيرة التي قامت بها القوات المسلحة السودانية على حدودها الشرقية المتاخمة لإثيوبيا، والتي وصفها البيان المشترك بأنها «تحركات تأتي في إطار احترام السودان للاتفاقيات الدولية المنشئة للحدود، وسعيه الدائم لتأكيد سيادة الدولة بشكل سلمي، دون اللجوء إلى العنف... وهو الموقف الذي يحظى بتأييد كامل من الجانب المصري».
وفي مؤتمر صحافي، قالت الوزيرة السودانية إن «مسألة الحدود محددة، فيما يخص الخطوط السودانية، وهي مسألة معلومة موثقة، حيث إنه هناك اتفاقية منذ عام 1902، بموجبها تم ترسيم الحدود في العام التالي مشفوعة بخرائط، وبالتالي لم يكن في يوم من الأيام هناك مشكلة في اعتراف إثيوبيا التي أقرت في اتفاقية مهمة وثقت بين البلدين عام 1972 بسيادة السودان على تلك الأراضي».
وأضافت الوزيرة: «هناك عبر السنوات كثير من المزارعين الإثيوبيين الذين دخلوا إلى تلك الأراضي السودانية واستعمروها وعمروها، وهو وضع نعترف به. وانطلاقاً من هذا الواقع، فإن السودان منفتح تماماً لمعادلة تجعل من هذه الأراضي منطقة تعاون مشترك، لا سيما أن السودان يمتلك أراضي واسعة... لكن بعد الفراغ من ترسيم الحدود».
وحول العلاقات بين مصر والسودان، قال شكري إن «هناك اتفاقاً كاملاً على أننا علينا مسؤولية في أن نفعل كل الآليات القائمة التي تعزز العلاقة الثنائية في كل مناحيها السياسية والاقتصادية والثقافية». وأشار إلى أن الإطار الاقتصادي يعد مكوناً مهماً في العلاقات، لافتاً إلى أنه تم الاتفاق على ذلك لدفع العلاقات نحو الأمام لوقعها المباشر على مصالح المواطنين في البلدين، وأن هذه المجالات واسعة، سواء كانت في مجال الزراعة والثروة الحيوانية أو مجالات أخرى كثيرة. كما أشار إلى إمكانية الاستفادة من التكامل بين البلدين، بحيث تكون دعامة رئيسية في هذه العلاقة.
وكشفت المهدي عن زيارة مرتقبة للرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الخرطوم خلال الأيام المقبلة، وزيارة لرئيس وزراء السودان عبد الله حمدوك إلى القاهرة.



«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».