الحكومة التونسية تؤدي اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية

مهدي جمعة يسلم السلطة لخلفه الحبيب الصيد في حفل رسمي

الباجي قائد السبسي مع الحبيب الصيد وأعضاء الحكومة التونسية الجديدة بعد أداء اليمين الدستورية أمس (أ.ف.ب)
الباجي قائد السبسي مع الحبيب الصيد وأعضاء الحكومة التونسية الجديدة بعد أداء اليمين الدستورية أمس (أ.ف.ب)
TT

الحكومة التونسية تؤدي اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية

الباجي قائد السبسي مع الحبيب الصيد وأعضاء الحكومة التونسية الجديدة بعد أداء اليمين الدستورية أمس (أ.ف.ب)
الباجي قائد السبسي مع الحبيب الصيد وأعضاء الحكومة التونسية الجديدة بعد أداء اليمين الدستورية أمس (أ.ف.ب)

أدت حكومة الحبيب الصيد في قصر قرطاج الرئاسي، صباح أمس، اليمين الدستورية أمام الباجي قائد السبسي، رئيس الجمهورية التونسية، وذلك في خطوة دستورية تروم إضفاء الشرعية عليها، بعد يوم واحد من نيلها الثقة أمام البرلمان.
وبدأ الصيد أداء اليمين الدستورية، وتبعه جميع الوزراء وكتاب الدولة، قبل أن يلقي رئيس الجمهورية كلمة أمام أعضاء الحكومة المصادق عليها، أكد فيها التزامه بأداء مهامه، وفق ما يحدده الدستور التونسي، والتزامه بعدم التدخل في عمل الحكومة، لكنه أشار إلى ضرورة التعاون بين رأسي السلطة التنفيذية.
وحصلت حكومة الحبيب الصيد على ثقة البرلمان التونسي أول من أمس، حيث صوت لفائدتها 166 نائبا برلمانيا من إجمالي 204 نواب كانوا حاضرين في جلسة التصويت.
وجاء في كلمة رئيس الجمهورية: «هذه مهمة خطيرة بمعنى الكلمة، لأنها أول حكومة في تاريخ الجمهورية الثانية، وهي مبدئيا مؤهلة لأن تدوم 5 سنوات، وهذا ما أتمناه»، مضيفا أن مسؤولية الحكومة فيها تشريف وتكليف، وأنها «ذات مصداقية داخلية وخارجية تدعمها في أداء مهامها».
وأشار الباجي إلى أن تاريخ تسليم المهام بين الحكومتين يتزامن مع ذكرى الثانية لاغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد، واعتبره «زعيما للثورة التونسية»، كما تعهد بالعمل مع رئيس الحكومة على «كشف كل خبايا قضية الاغتيال؛ لأن هذه المتابعة من هيبة الدولة، ولا يمكن أن تبقى الأمور غامضة في دولة عصرية»، على حد تعبيره.
وفي كلمة له بعد أداء اليمين الدستورية، لخص الصيد أولويات الحكومة التي يتولى رئاستها في 3 محاور أساسية، تتمثل في إرساء مزيد من عوامل استتباب الأمن، والحد من غلاء الأسعار، وحث التونسيين على العمل والإنتاج، مؤكدا أن المرحلة المقبلة «ستكون مرحلة عمل، ومكافحة للفقر، وفتح أبواب الأمل أمام الشباب»، وأنه لا خيار أمام التونسيين إلا العمل والكد لمواجهة التحديات التي تقف أمام انتعاش الاقتصاد التونسي.
وبعد أداء اليمين الدستورية، نظم في قصر الضيافة بسيدي بوسعيد في العاصمة حفل تسليم المهام بين حكومة مهدي جمعة المتخلية عن السلطة، وحكومة الحبيب الصيد الحاصلة على ثقة البرلمان. وفي تقليد حكومي جديد غير مسبوق سلم مهدي جمعة ملخصات واستراتيجيات عمل جميع الوزارات خلال سنة 2014 إلى خليفته على رأس الحكومة. وقال إن هذا التسليم يخلق تقليدا جديدا في التعامل بين الحكومات المتعاقبة على السلطة.
وبمناسبة الذكرى الثانية لاغتيال شكري بلعيد، توجه الصيد إلى مقبرة «الجلاز» في العاصمة التونسية، حيث يوجد ضريح القيادي اليساري، وتلا عليها فاتحة الكتاب، وتعهد بدوره بالكشف عن المتهمين في اغتيال بلعيد، ومحمد البراهمي.
وعلى صعيد متصل، أحيت أمس عائلة بلعيد وتحالف الجبهة الشعبية الذي ينتمي له الراحل، تحت شعار «شكري حي»، الذكرى الثانية لرحيله. كما دعا حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، الذي كان يترأسه، إلى إعلان السادس من فبراير (شباط) من كل سنة يوما وطنيا لمناهضة العنف والإرهاب، وطالب بضرورة كشف ملابسات هذا الاغتيال السياسي.
ولا تزال عدة منظمات حقوقية، وأنصار التيار اليساري في تونس، ينظمون أسبوعيا وقفة احتجاجية أمام وزارة الداخلية التونسية منذ اغتيال بلعيد للمطالبة بالكشف عن مقترفي عملية الاغتيال.
كما توجه التيارات اليسارية أصابع الاتهام إلى التيارات الإسلامية، بحجة أنها سهلت عملية الاغتيال، وخلقت مناخا سياسيا مشجعا على اقتراف جريمة الاغتيال السياسي، وهو ما نفته تلك التيارات في أكثر من مناسبة.
وفي هذا الشأن قالت بسمة الخلفاوي، أرملة بلعيد لـ«الشرق الأوسط»، إن تعهد رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي بملف الاغتيال «وعد جدي ومسؤول، وهو يطمئننا ويشجع جميع الأطراف على كشف كل الحقائق.. وإذا كانت هناك جدية كافية في مؤسسات الدولة، فإن سلسلة الكشف عن الحقائق ستتواصل، وهدفنا النهائي هو معرفة من وقف وراء عملية الاغتيال».
وبخصوص الملفات التي يرجح أن تكون سبب إسكات صوت بلعيد، أضافت الخلفاوي أن الفقيد كان يمتلك عدة ملفات شائكة، من بينها ملف القصور الرئاسية، وملف المعسكر الإرهابي لتدريب المجموعات المتطرفة في الجنوب التونسي، وتلميحه قبل ساعات من اغتياله إلى حزب موَّل ذاك المعسكر، بالإضافة إلى كشفه عن دخول 4 سيارات رباعية الدفع إلى تونس عبر الجنوب بلوحات أجنبية، وبقاء اثنتين منها في تونس.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.