التضخم المفرط يهدد أميركا... وأوروبا أقل قلقاً

انتشرت مخاوف بين المستثمرين من أن تؤدي خطة الإنعاش الأميركية إلى التسبب في فورة مفرطة بالنشاط الاقتصادي (رويترز)
انتشرت مخاوف بين المستثمرين من أن تؤدي خطة الإنعاش الأميركية إلى التسبب في فورة مفرطة بالنشاط الاقتصادي (رويترز)
TT

التضخم المفرط يهدد أميركا... وأوروبا أقل قلقاً

انتشرت مخاوف بين المستثمرين من أن تؤدي خطة الإنعاش الأميركية إلى التسبب في فورة مفرطة بالنشاط الاقتصادي (رويترز)
انتشرت مخاوف بين المستثمرين من أن تؤدي خطة الإنعاش الأميركية إلى التسبب في فورة مفرطة بالنشاط الاقتصادي (رويترز)

يراقب المستثمرون التضخم في أوروبا من كثب، خشية حدوث فورة أسعار تقوض حظوظ الانتعاش الاقتصادي القوي المرتقب بعد أزمة وباء «كوفيد19»، ولو أن المحللين يعتقدون أن أوروبا في موقع أقل خطورة من الولايات المتحدة.
وانتشرت مخاوف بين المستثمرين في الأسابيع الأخيرة من أن تؤدي خطة الإنعاش الاقتصادي بقيمة 1.9 تريليون دولار التي طرحها الرئيس الأميركي جو بايدن وصوت عليها مجلس النواب السبت، إلى فورة مفرطة في النشاط الاقتصادي.
وأظهر ارتفاع في العائدات على سندات الخزينة الأميركية لعشر سنوات، والتي تعدّ مؤشراً إلى التوقعات، أن الأسواق تترقب ارتفاعاً في الأسعار يفوق نسبة 1.4 في المائة التي سجلت العام الماضي، مما سيرغم «بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي» على زيادة معدلات الفائدة في وقت أبكر مما كان مقرراً أساساً.
وحققت العائدات على سندات الخزينة ارتفاعاً في بلدان أخرى أيضاً، لا سيما في فرنسا حيث انتقلت العائدات على السندات لعشر سنوات الخميس إلى نطاق إيجابي لأول مرة منذ أشهر عدة، فيما ارتفعت العائدات على سندات الخزينة الألمانية لعشر سنوات ولو أنها تبقى سلبية.
وأظهرت أرقام التضخم في أوروبا لشهر يناير (كانون الثاني) الماضي ارتفاعاً في الأسعار بنسبة 0.9 في المائة بالمقارنة مع 0.3 في المائة خلال ديسمبر (كانون الأول) الذي سبقه، بعد انعكاس زيادة تكلفة المواد الأولية على أسعار الخدمات والمنتجات الصناعية.
وبعدما تباطأ التضخم إلى حد كبير في 2020، من المتوقع أن يعاود الارتفاع هذه السنة في أوروبا مع انتعاش الاقتصاد إثر تخفيف التدابير المفروضة لمكافحة تفشي وباء «كوفيد19»، لكن المستثمرين لا يخشون زيادة في التضخم بقدر ما يخشون أن يعمد «الاحتياطي الفيدرالي الأميركي» إلى زيادة معدلات الفائدة قبل الموعد الذي أعلنه.
وتعهد رئيس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم بأول، الثلاثاء، بالحفاظ على معدلات إقراض متدنية إلى أن يصل الاقتصاد إلى مستوى التوظيف الكامل ويرتفع التضخم إلى ما فوق الهدف المحدد بنسبة 2.0 في المائة... غير أن عائدات السندات واصلت الارتفاع، مشيرة إلى مخاوف لدى المستثمرين حيال ارتفاع في معدلات الفائدة يزيد تكلفة الاقتراض والاستثمار ويؤدي إلى إبطاء الاقتصاد.
غير أن كثيراً من المحللين يستبعدون أن تتسبب خطة بايدن لإنعاش الاقتصاد في زيادة ملحوظة في التضخم. وقال كزافييه راغو رئيس «المرصد الاقتصادي الفرنسي» للدراسات: «ليس واضحاً كيف ستولد خطة بايدن للإنعاش تضخماً شديداً»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وهو يستبعد أن تؤدي خطط الإنعاش في الاتحاد الأوروبي إلى زيادة كبيرة في التضخم. وقال إن «مبالغ خطط النهوض الاقتصادي الأوروبية لا تطرح أي مخاطر تضخم إطلاقاً».
وأقرت «المفوضية الأوروبية» خطة إنعاش بقيمة 750 مليار يورو (920 مليار دولار)، كما اعتمدت دول أعضاء عدة برامج وطنية خاصة بها.
وقال الخبير الاقتصادي فابيان تريبييه من «مركز الدراسات الاستقصائية والمعلومات الدولية»، ومقره باريس: «لدينا خطة إنعاش أوروبية... أدنى بكثير، وتراجع أكبر بكثير في معدل النمو، وبالتالي لا نواجه المخاطر ذاتها من فرط النشاط الاقتصادي كما في الولايات المتحدة».
وسجل الاقتصاد الأميركي انكماشاً بنسبة 3.5 في المائة العام الماضي، مقابل ضعف هذه النسبة في منطقة اليورو. وشدد رئيس البنك المركزي الفرنسي، فرنسوا فيلوروا دو غالو، الأسبوع الماضي، على أنه «ليست هناك مخاطر فرط في النشاط الاقتصادي أو زيادة مطردة في التضخم» في منطقة اليورو.
كذلك استبعد كزافييه راغو في حال أرغمت الأسواق «الاحتياطي الفيدرالي الأميركي» على زيادة معدلات الفائدة، أن يضطر «البنك المركزي الأوروبي» إلى اتخاذ قرار مماثل. وقال إن «الأمور لا تجري على هذا النحو في الاقتصاد الكلي»، مشيراً إلى التباعد الكبير منذ مطلع العقد الماضي بين السياسات النقدية التي يتبعها المصرفان المركزيان الأميركي والأوروبي.
وقال الخبير الاقتصادي جاك ألان رينولدز، من «معهد كابيتال إيكونوميكس» إنه «في ظل الشروط المالية المتساهلة التي لا تزال ضرورية لدعم الاقتصاد، من غير المرجح أن يتحرك البنك المركزي الأوروبي حيال الزيادة الشديدة المرتقبة في التضخم».
ولفت فرنسوا فيلوروا دو غالو، وهو عضو في «مجلس حكام البنك المركزي الأوروبي»، إلى أن المصرف المركزي يريد «الحفاظ على ظروف تمويل مواتية». ورأى فابيان تريبييه أن على البنك المركزي الأوروبي توجيه «إشارة قوية» إلى الأسواق مفادها بأنه «بمجرد أن التضخم بلغ 1.5 أو 2.2 في المائة، فهذا لا يعني أن تبدأ التكهنات بأنه سيتسبب في زيادة بمعدلات الفائدة».
وأصدر «البنك المركزي الأوروبي» رسالة مطمئنة الجمعة الماضي؛ إذ أعلنت العضو في مجلسه التنفيذي إيزابيل شنابل أنه قد يزيد دعمه الاقتصاد في حال حدوث ارتفاع حاد في معدلات الفائدة.


مقالات ذات صلة

الناتج المحلي الأميركي ينمو 2.8 % في الربع الثالث

الاقتصاد مبنى الكابيتول في واشنطن (رويترز)

الناتج المحلي الأميركي ينمو 2.8 % في الربع الثالث

نما الاقتصاد الأميركي بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام، وهو نفس التقدير الأولي الذي أعلنته الحكومة يوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد آلاف الأشخاص خارج مكتب بطالة مؤقت في مبنى الكابيتول بولاية كنتاكي (رويترز)

طلبات إعانات البطالة تتراجع في الولايات المتحدة

انخفض عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة الأسبوع الماضي لكن العديد من العمال المسرحين ما زالوا يعانون من فترات طويلة من البطالة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الاقتصاد متداولون في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)

انخفاض العقود الآجلة للأسهم الأميركية قبيل بيانات التضخم الرئيسة

انخفضت العقود الآجلة للأسهم الأميركية، يوم الأربعاء، مع انتظار المستثمرين بيانات اقتصادية رئيسة، خصوصاً تقرير التضخم الشهري الرئيس.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
جيمسون غرير يحضر منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ في تشيلي 17 مايو 2019 (رويترز)

ترمب يختار جيمسون غرير لمنصب ممثل التجارة للولايات المتحدة

اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الثلاثاء، جيمسون غرير، المحامي والمسؤول السابق في ولايته الأولى، ليشغل منصب كبير مفاوضي التجارة في إدارته المقبلة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

محضر «الفيدرالي»: المسؤولون أيَّدوا وتيرة تدريجية لخفض أسعار الفائدة

أيَّد مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي التحرك «تدريجياً» نحو خفض أسعار الفائدة، في ظل النمو الاقتصادي الأميركي الأقوى من المتوقع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

السعودية وروسيا وكازاخستان تشدد على الالتزام الكامل بالتخفيضات الطوعية لـ«أوبك بلس»

نموذج لحفار نفط وفي الخلفية شعار «أوبك» (رويترز)
نموذج لحفار نفط وفي الخلفية شعار «أوبك» (رويترز)
TT

السعودية وروسيا وكازاخستان تشدد على الالتزام الكامل بالتخفيضات الطوعية لـ«أوبك بلس»

نموذج لحفار نفط وفي الخلفية شعار «أوبك» (رويترز)
نموذج لحفار نفط وفي الخلفية شعار «أوبك» (رويترز)

أكدت السعودية وروسيا وكازاخستان، يوم الأربعاء، أهمية الالتزام الكامل بتخفيضات إنتاج النفط الطوعية التي اتفق عليها تحالف «أوبك بلس»، الذي يضم منظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفاءها.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، يوم الأربعاء، شارك في اجتماع ثلاثي عبر الهاتف، مع نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، الذي يزور كازاخستان، في زيارة رسمية، ووزير الطاقة الكازاخستاني ألماسادام ساتكالييف. وأكد المشاركون في الاجتماع أهمية الحفاظ على استقرار وتوازن أسواق النفط العالمية، مشيرين إلى الدور الكبير الذي تلعبه مجموعة «أوبك بلس» في هذا الصدد. كما شددوا على أهمية التعاون بين دول «أوبك بلس» والالتزام الكامل بالاتفاقية، بما في ذلك تخفيضات الإنتاج الطوعية التي جرى الاتفاق عليها من قِبل الدول الثماني المشارِكة، إضافة إلى تعويض أي زيادات في الإنتاج. من جانبه، أكد وزير الطاقة الكازاخستاني التزام بلاده الكامل بالاتفاقية وبالتخفيضات الطوعية للإنتاج، وتعويض الزيادات في الإنتاج، وذلك وفق الجدول المحدَّث المقدَّم إلى أمانة منظمة «أوبك».