وثيقة أوروبية ترفض مسبقاً الانتخابات الرئاسية السورية

الدول الأعضاء بدأت مناقشتها... و«الشرق الأوسط» تنشر مضمونها

رجلان يرفعان إشارة النصر أمام صورة للرئيس بشار الأسد في دمشق عام 2011 (أ.ف.ب)
رجلان يرفعان إشارة النصر أمام صورة للرئيس بشار الأسد في دمشق عام 2011 (أ.ف.ب)
TT

وثيقة أوروبية ترفض مسبقاً الانتخابات الرئاسية السورية

رجلان يرفعان إشارة النصر أمام صورة للرئيس بشار الأسد في دمشق عام 2011 (أ.ف.ب)
رجلان يرفعان إشارة النصر أمام صورة للرئيس بشار الأسد في دمشق عام 2011 (أ.ف.ب)

بدأت دول أوروبية تحركاً لإقرار وثيقة قدمتها فرنسا باسم مجموعة ذات تفكير متشابه، وحصلت «الشرق الأوسط» على مسودتها، تقترح رفض «أي انتخابات رئاسية سورية لا تحصل بموجب القرار الدولي (2254)»، وقطع الطريق على «التطبيع» مع دمشق بعد الانتخابات الرئاسية المقررة في نهاية مايو (أيار) المقبل.
وتخطط دمشق لإجراء انتخابات رئاسية، بموجب الدستور الحالي لعام 2012، حيث يتوقع أن يفوز بها الرئيس بشار الأسد. وتدعم موسكو وطهران هذا التوجه، مع جهود روسية كي تكون «الانتخابات نقطة انعطاف وطي صفحة» السنوات العشر الماضية، عبر بدء دول عربية وأوروبية عملية تطبيع دبلوماسي وسياسي مع دمشق، وإرسال أموال لدعم الإعمار في سوريا، والاعتراف بـ«شرعية الانتخابات».

فصل المسارين
تبلغ المبعوث الأممي غير بيدرسن أن لا علاقة بين الانتخابات الرئاسية المقررة بموجب دستور 2012 وأعمال اللجنة الدستورية التي عقدت 5 جلسات دون اتفاق على صوغ مسودة للوثيقة التشريعية بموجب القرار (2254).
ويواصل بيدرسن جهوده بلقاء المعارضة في إسطنبول، بعد لقائه وزير الخارجية فيصل المقداد، ورئيس «الوفد المدعوم من الحكومة» أحمد الكزبري، الذي قدم للمرة الأولى وثيقة تتناول آليات عمل اللجنة الدستورية لصوغ «مبادئ الدستور»، ولقاءات دورية بينه وبين رئيس وفد «هيئة التفاوض» المعارضة هادي البحرة.
وعملياً، النتيجة تتعلق بإصلاح دستوري بعد الانتخابات، وعدم حصول أي تقدم قبل إجراء الانتخابات، ونهاية ولاية الرئيس الأسد في منتصف يوليو (تموز)، بحيث تجري بموجب الدستور القائم الذي يعطي صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية، ويدشن ولاية ثالثة للأسد مدتها 7 سنوات، ويحدد معايير الترشح للانتخابات الرئاسية، بينها: الإقامة 10 سنوات متواصلة قبل التقدم للترشح، والحصول على موافقة 35 نائباً في البرلمان. وتلمح موسكو إلى أن الإصلاح قد يطبَّق في أول انتخابات برلمانية مقبلة في 2024، ما لم يقدَّم موعدها.
وكانت «الجبهة الوطنية التقدمية» التي تضم تحالف أحزاب مرخصة، بقيادة «البعث» الحاكم، قد فازت بـ183 مقعداً (بينها 166 بعثياً) من 250 مقعداً في انتخابات البرلمان في يوليو (تموز) العام الماضي، ما يعني أن قرار الترشح الرئاسي بأيدي الحزب الحاكم وتحالف الأحزاب المرخصة.
ولم يعلن أحد بعد عن ترشيح نفسه في الانتخابات المقبلة، لكن مؤشرات حملة إعلامية بدأت تظهر في مناطق الحكومة التي تشمل المدن الرئيسية والعدد الأكبر من السكان، مع أنباء عن اتصالات مع «الإدارة الذاتية» شرق الفرات لتفاهم حول نشر مراكز اقتراع في مناطق تشكل نحو ربع مساحة سوريا، علماً بأن للحكومة ثلاثة مراكز في القامشلي ومطارها والحسكة. ومن المستبعد وجود مراكز اقتراع في إدلب وشمال البلاد، أو مناطق انتشار غالبية اللاجئين في دول الجوار، مثل تركيا والأردن، باستثناء بعض مناطق لبنان.
وأعربت دول غربية عن انتقاد البيانات الروسية التي تشير إلى «إمكانية الفصل بين الانتخابات الرئاسية واللجنة الدستورية لأنها تثير قدراً عميقاً من القلق، وتُلحق الأضرار بالعملية السياسية وإجماع الآراء المتفق عليها في مجلس الأمن». ورفضت الدول الغربية الاعتراف بالانتخابات البرلمانية في 2012 و2016 و2020، والرئاسية في 2014.

رفض الانتخابات
وبدأ ممثلو الدول الأوروبية اجتماعات لإقرار مسودة لـ«الورقة فرنسية»، واتخاذ موقف موحد من الانتخابات الرئاسية، بناء على مسودة سابقة كانت تتناول الانتخابات البرلمانية والرئاسية. وحسب المسودة التي حصلت «الشرق الأوسط» على نصها، فإنها ترمي إلى «منح وساطة الأمم المتحدة المتوقفة منذ 3 سنوات بشأن الدستور زخماً سياسياً جديداً يساهم في معاودة ربط العملية السياسية بالشعب السوري، داخل وخارج البلاد، مع مواجهة القيادة الروسية بشأن العملية السياسية»، إضافة إلى «معارضة محاولات النظام السوري وحلفائه إعلان نهاية الأزمة، من خلال إجراء انتخابات صورية مزيفة في عام 2021 الحالي، من دون الالتزام بتنفيذ العملية السياسية المستندة إلى القرار (2254)، أو التعامل المباشر مع الأسباب العميقة للأزمة الراهنة».
وأضافت الورقة: «من شأن الانتخابات الرئاسية السورية المقبلة لعام 2021 أن تنعقد بموجب الأحكام الدستورية والقوانين المعمول بها راهناً، تحت مظلة وسيطرة النظام السوري الحاكم منفرداً، وستُستغل هذه الانتخابات من جانب النظام الحاكم ومؤيدوه للإعلان من جانب واحد عن نهاية الأزمة السورية، من دون الالتزام بأي شيء يتفق مع تطلعات الشعب، ومن شأن هذه الانتخابات أن تشكل حاجز ردع كبيراً في وجوه اللاجئين».
وأشارت إلى أن «الدول الأوروبية التي كابدت التبعات المباشرة والدائمة للأزمة السورية المستمرة، أمنياً وبالهجرة، لديها مصلحة كبيرة في الحيلولة دون انحراف العملية السياسية عن مسارها الصحيح بواسطة الانتخابات الرئاسية الصورية»، مؤكدة أن «إجراء الانتخابات الحرة النزيهة ذات الاتساق التام مع القرار (2254) هو ما يساهم بصورة حقيقية فاعلة في تسوية الأزمة، وليس تفاقهما. ومن الواضح أن مثل هذه الانتخابات لن تتم في المنظور قصير المدى».
وعليه، فإن الورقة اقترحت خطة عمل مشتركة للدول الأعضاء للتعاطي مع الانتخابات تتضمن خطوات، بينها «الإيضاح عبر رسالتنا العامة أن الانتخابات التي تُعقد بمنأى عن القرار (2254) لا يمكن الاعتداد بها بصفتها مساهمة فاعلة في حل الأزمة السورية، وإنما من شأنها العمل على تقويض فرص التوصل إلى تسوية سياسية حقيقية مستديمة للنزاع السوري»، و«دعوة المبعوث الأممي إلى طرح السلة الانتخابية ضمن العملية السياسية، مع الإشارة بوضوح إلى أنه لا يمكن التوصل إلى حل سياسي يتسق مع القرار (2254) من دون إجراء انتخابات رئاسية حرة نزيهة، مع عدم ادخار الجهود لتمهيد الأجواء المناسبة لعقد هذه الانتخابات بمجرد انتهاء اللجنة الدستورية السورية من أعمالها».
ومن حيث المبدأ، اقترحت الورقة 4 خطوات عمل، هي: «أولاً، ضمانات لمشاركة اللاجئين من الخارج والنازحين في الداخل في عملية الاقتراع. ثانياً، تنفيذ خطوات بناء الثقة، وإيجاد البيئة الآمنة المحايدة. ثالثاً، تهيئة الظروف القانونية والعملية لإجراء الاقتراع التعددي. رابعاً، إشراف منظمة الأمم المتحدة على الانتخابات، وضمان أقصى درجات الحياد».

دعم الحلفاء
ومن المقرر أن تقوم الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي بإقرار عناصر من هذه الورقة في بيان أوروبي في الذكرى العاشرة للاحتجاجات في 15 الشهر الحالي، إضافة إلى «رفع مستوى النفوذ في الأمم المتحدة، وتعزيز الحيازة العربية لمسار الانتخابات السورية، بصفتها ركناً ركيناً في جهود تسوية الأزمة السورية». كما ستعرض على الدول المجاورة لسوريا لـ«إدماج إسهاماتها، بصفتها أطرافاً فاعلة رئيسية في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مع تشجيع وتيسير مشاركتهم فيها، بالتعاون مع المبعوث الأممي الخاص بالأزمة السورية في أعمال التحضير لإجراء التصويت خارج البلاد»، إضافة إلى «حشد المغتربين السوريين والمجتمع المدني وقوى المعارضة السورية، من أجل مساعدتها على الإعراب الواضح عن مطالبها بشأن الانتخابات الرئاسية المقبلة ضمن مجريات العملية السياسية».
وفي مقابل هذا الموقف من الانتخابات المقبلة في مايو (أيار)، تقترح الوثيقة الشروع مع الأمم المتحدة «في الأعمال التحضيرية للانتخابات المستقبلية بما يتسق مع القرار (2254)، لا سيما من خلال التواصل مع المغتربين السوريين، وبما يتفق مع أحكام التصويت الانتخابي خارج البلاد التي لا تتطلب الحصول على موافقة رسمية من السلطات السورية. ويستلزم هذا الأمر التوضيح للمواطنين السوريين أن تلك الأعمال التحضيرية لا تهدف إلى السماح لهم بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة لعام 2021».
وبالتالي، فإنه استعداداً للانتخابات المقبولة غربياً، يجب أن تتضمن 4 معايير، هي: «الضمانات الصارمة التي تؤكد ضرورة مشاركة اللاجئين والنازحين السوريين، وخطوات بناء الثقة على أرض الواقع بُغية خلق البيئة الآمنة المحايدة للناخبين، وتهيئة الظروف القانونية والعملية لإجراء الاقتراع التعددي، وإشراف منظمة الأمم المتحدة على الانتخابات مع ضمان أقصى درجات الحياد في أثناء العملية الانتخابية».
وقد اقترحت دعوة المبعوث الأممي لـ«بدء الأعمال التحضيرية المكثفة اللازمة لتنظيم التصويت الانتخابي خارج البلاد، وذلك بما يتسق مع القرار (2254)، مع المواطنين السوريين كافة، بمن فيهم المغتربين». وقالت: «هذا الأمر لا يستلزم التفاعل المباشر مع النظام السوري الحاكم، ولا ضرورة للحصول على موافقته المسبقة». وكان بيدرسن قد رفض الانخراط في الإعداد للانتخابات، قائلاً إن مهمته بموجب القرار (2254) لا تتعلق بأي انتخابات لا تجري بموجب مضمون القرار الدولي. والانتخابات الرئاسية المقبلة هي رقم 18 منذ عام 1932 التي لم تحظَ بأهمية كبيرة، كونها جرت في ظل الحكم الفرنسي، مقابل اهتمام أكبر بانتخابات 1955 التي تنافس خلالها شكري القوتلي وخالد العظم. أما باقي الانتخابات جميعها، فكانت إما استفتاءات وإما انتخابات يخوضها منافس لا يواجهه فيها أحد. وسمح دستور 2012 بترشح أكثر من شخص للانتخابات بعد عقود من الاستفتاء.



«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)

تتواصل جهود الوسطاء للدفع نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة المبرم قبل نحو شهرين، وسط حديث إسرائيل عن أن هناك تعثراً وشروطاً إسرائيلية للانتقال لتلك المرحلة.

تلك الجهود التي تشمل تحركات واتصالات أميركية ومصرية بخلاف اجتماع عسكري بالدوحة، تعزز فرص التوصل إلى حل لإنهاء تعثر المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، بحسب ما يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، معتقدين أن هناك ترقباً للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لحسم الانتقال من عدمه.

وعاد الحراك الأميركي بشأن غزة مكثفاً، وأطلع ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، مبعوثا ترمب، وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الاثنين، على المستجدات بشأن اتفاق غزة خلال مؤتمر عبر الفيديو، وفق ما نقلته وكالة «رويترز».

فلسطيني يجمع قوالب الخرسانة الخفيفة لبناء مأوى لعائلته قبل حلول فصل الشتاء في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن توم برّاك مبعوث ترمب يصل إلى إسرائيل، الاثنين، لبحث بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدة أن «الزيارة بالغة الحساسية، وتقيّم مدى استعداد إسرائيل للتقدم نحو المرحلة الثانية، وتعكس نفاد صبر الرئيس ترمب إزاء تعثر الانتقال إلى المرحلة التالية من خطته لقطاع غزة، وستناقش قوات الاستقرار بغزة».

وأوضحت أن «برّاك يرى أن تركيا يجب أن تكون جزءاً من قوة الاستقرار، بفضل قدراتها العسكرية ونفوذها في غزة، ولكن إسرائيل تعدّ ذلك خطاً أحمر، إذ ترى أن أي طرف يحتفظ بعلاقات مع (حماس) لا يمكن أن يُصنف قوةَ استقرار، وإشراكه (في القوة الدولية) قد يقوض الاتفاق».

ورأت الهيئة زيارة برّاك، رغم أنه مهتم أكثر بشؤون سوريا ولبنان، «خطوة تحضيرية مباشرة للقاء المرتقب بين نتنياهو وترمب بفلوريدا في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي»، في ظل انشغال ويتكوف وكوشنر بملف أوكرانيا.

وتأتي تلك الزيارة عشية استضافة الدوحة اجتماعاً للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة 25 دولة، الثلاثاء، لبحث هيكل القيادة وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة، بحسب ما ذكره مسؤولان أميركيان لـ«رويترز» قبل أيام.

وسبق أن تحدثت القناة «14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة إلى إمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي، أن المساعي الأميركية تعكس وجود ضغوط لتسهيل التفاوض بشأن المرحلة الثانية، التي تبدو معقدة للغاية مع مساعي نزع سلاح القطاع وتشكيل قوات الاستقرار ولجنة إدارة القطاع، مشيراً إلى أن «تلك الملفات لم تحسم بعد، وليست هناك ملامح بشأن إنجازها قريباً والأمور ضبابية».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، بأنه «أياً كانت المساعي فيجب أولاً وقف التماهي بين إسرائيل والولايات المتحدة، وأن تضغط واشنطن بقوة على نتنياهو، غير ذلك ستذهب التحركات الأميركية بلا نتائج مؤثرة، خصوصاً أن هناك حديثاً عن توجه للقفز للبند 17 من اتفاق غزة الذي يسمح ببدء تحركات فردية إسرائيلية في أماكن سيطرتها وإعمارها، وهذا أمر خطير».

ووسط تلك المساعي الأميركية، والمخاوف، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال اتصال هاتفي، الاثنين، مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب، وأهمية نشر قوة الاستقرار الدولية المؤقتة لمراقبة وقف إطلاق النار، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية، الاثنين، عن مصدر أمني، أن تنفيذ المرحلة الثانية «غير وشيك»، مع استمرار مساعي إسرائيل لاستعادة جثة الرهينة ران غويلي، التي تعد آخر جثة تطالب باستعادتها من قطاع غزة، فيما أفاد موقع «والا» العبري بأن تل أبيب تربط التقدم في الاتفاق باستعادة الجثة.

ويرى السفير هريدي أن إسرائيل تتعمد إفساد التوجه للمرحلة الثانية بتلك الذرائع، مشيراً إلى أن «القاهرة تعمل على إنهاء تلك الذرائع وتوسيع دائرة التحركات، لدفع واشنطن نحو إجبار نتنياهو على تنفيذ الاتفاق، وهذا سيتضح أكثر خلال لقاء القمة مع ترمب أواخر الشهر».

وشدد الرقب على أن «محددات المرحلة الثانية 3 أمور رئيسية؛ هي وصول قوات الاستقرار، وتشكيل لجنة إدارة القطاع، ووجود جهاز شرطي فلسطيني لتسلم غزة، وجميع ذلك لم يحدث، وبالتالي سيتأخر الانتقال لتلك المرحلة، ما لم يحسم ترمب الأمر مع نتنياهو خلال القمة المرتقبة».


الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
TT

الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)

تفجّرت مشادة كلامية بين رجل الأعمال المصري البارز نجيب ساويرس، وعضو مجلس النواب مصطفى بكري، حول قيمة الحد الأدنى للأجور في البلاد.

وبدأت المهاوشة على خلفية دعوة ساويرس لرفع الحد الأدنى للأجور إلى 15 ألف جنيه شهرياً (الدولار يساوي نحو 47.48 جنيه)، إلا أن الرد من بكري جاء لاذعاً، متهماً رجل الأعمال بـ«البطولة الوهمية»، مطالباً إياه بأن يبدأ بنفسه بتطبيق الحد الأدنى في شركاته قبل أن يطالب الدولة.

رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس (صفحته الرسمية)

كان نجيب ساويرس قال قبل أيام، خلال كلمته في مؤتمر توظيفي، إن مؤسسة «ساويرس للتنمية الاجتماعية» تواصل جهودها في دعم وتأهيل الشباب لسوق العمل، بما يسهم في رفع دخولهم من مستويات متدنية قد لا تتجاوز ألفي جنيه إلى نحو 14 و15 ألف جنيه، وهو ما اعتبره «الحد الأدنى الضروري للمعيشة وضمان حياة كريمة للمواطن في ظل التضخم الحالي».

وقرر «المجلس القومي للأجور» في فبراير (شباط) الماضي زيادة الحد الأدنى من 6 آلاف جنيه لتصل إلى 7 آلاف جنيه بدأ تطبيقها في مارس (آذار) الماضي.

وتأتي دعوة رجل الأعمال المصري وسط مطالبات مجتمعية وبرلمانية متزايدة برفع مستويات الدخل في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات وتكاليف المعيشة، ومع تذبذب مؤشرات التضخم.

وأصدر البنك المركزي المصري، الأربعاء الماضي، بالتنسيق مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بيان التضخم عن نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الذي أظهر استمرار التراجع الطفيف في وتيرة ارتفاع الأسعار؛ حيث بلغ معدل التضخم السنوي في الحضر 12.3 في المائة مقارنة مع 12.5 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) السابق عليه.

ورغم أن مطلب ساويرس لاقى دعماً شعبياً واسعاً، وهو ما اتفق عليه أيضاً البرلماني والإعلامي مصطفى بكري، فإنه أضاف في تغريدة له على حسابه بمنصة «إكس»، موجهاً حديثه لرجل الأعمال: «ما رأيك أن تبدأ أنت بالمبادرة وترفع رواتب الموظفين عندك»، واتهم ساويرس بأن رواتب الأغلبية لديه «لا تتعدى 5760 جنيهاً شهرياً، وهناك من هو أقل من ذلك».

وأثارت هذه المهاوشة الافتراضية تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من يرى أن ساويرس يسلط الضوء على قضية فعلية تتعلق بضعف الأجور، ومن يعتبر أن بكري محق في مطالبته لرجل الأعمال بأن يكون قدوة في مؤسساته الخاصة قبل أن يطالب الدولة بالتغيير.

وأيد كثير من نشطاء التواصل الاجتماعي أن يكون الحد الأدنى للأجر 15 ألف جنيه، وتمنوا أن يصل صوت ساويرس إلى المسؤولين في مصر.

كما تفاعل عدد من الإعلاميين مع ما نادى به رجل الأعمال، وقال الإعلامي عمرو أديب، خلال برنامجه «الحكاية»، مساء الأحد، «إن مصر تحتاج إلى وزارة للرحمة، وأن المجتمع المصري لن ينجو بالاقتصاد ولكن سينجو بالرحمة».

وأشار إلى أنه طالب بهذا الرقم قبل سنوات ما عرضه للانتقاد وقتها، موضحاً «أن الحد الأدنى الحالي للأجور البالغ 7 آلاف لا يطبق في أغلب الشركات».

بدوره، قال الإعلامي محمد علي خير، في برنامجه «المصري أفندي»، إن ملف الأجور في مصر أصبح أحد أخطر ملفات العدالة الاجتماعية، مشدداً على أن الدخول الحالية لم تعد قادرة على تلبية الحد الأدنى من متطلبات المعيشة، خصوصاً للشباب المقبل على الزواج.

وأضاف: «الحديث عن أجور 4000 و5000 و6000 و7000 جنيه لم يعد مقبولاً في ظل الغلاء الحالي وتراجع القدرة الشرائية»، مؤكداً أن الأجور في مصر تحتاج إلى تغيير جذري وليس حلولاً شكليةً.

كما تبادل العديد من النشطاء الرؤى حول الحد الأدنى المناسب للراتب، لضمان حياة كريمة للملايين من العاملين.

وتطور الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص المصري منذ إقراره لأول مرة في يناير (كانون الثاني) 2022، حيث بدأ بـ2400 جنيه، ثم ارتفع إلى 2700 جنيه في يناير 2023، و3000 جنيه في يوليو (تموز) 2023، ثم 3500 جنيه في يناير 2024، و6000 جنيه في مايو (حزيران) 2024، ليصل إلى 7000 جنيه اعتباراً من مارس 2025.

في المقابل، انتقد بعض المدونين كلمات بكري المنتقدة لمطلب رجل الأعمال البارز، مطالبين إياه بمساندة ساويرس في كلامه بدلاً من السخرية منه. كما طالبه آخرون، كونه إعلامياً بارزاً وصوتاً للمواطن في البرلمان، بفتح النقاش عن الحد الأدنى للرواتب والمعاشات.

بينما سخر طرف ثالث من المهاوشة الافتراضية، لافتين إلى أن طرفيها رجلان يملكان الملايين، ويتنازعان حول أجور ومستحقات البسطاء، في حين أن المحصلة النهائية ستكون غياب أي نتيجة إيجابية من الطرفين.


أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
TT

أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)

على الرغم من أن التدخلات التنموية في اليمن تمكّنت من إحداث فارق ملموس في تحسين سبل العيش، تزداد تحذيرات وكالات الأمم المتحدة من اتساع فجوة تمويل الأعمال الإنسانية في اليمن، مع سعيها إلى الاستجابة الطارئة لحماية الأطفال والفئات الأكثر هشاشة من الوصول إلى مستويات شديدة من نقص الاحتياجات.

نفاد الإمدادات

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن حاجتها إلى 126.25 مليون دولار، لتنفيذ خطتها الإنسانية في البلاد للعام المقبل، وضمان استمرار خدمات الصحة والتغذية والمياه والتعليم والحماية لملايين الأطفال الذين يعتمد غالبيتهم على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، محذرة من أن استمرار التدهور قد يحرم أعداداً متزايدة من الرعاية الأساسية.

وتراجعت حاجة «اليونيسف» إلى تمويل نشاطها في اليمن للعام المقبل بنسبة 40 في المائة عن العام الحالي، الذي طلبت فيه تمويلاً بمبلغ 212 مليون دولار.

ونبهت المنظمة الأممية إلى أن إغلاق أكثر من 3000 مركز تغذية، ونفاد الإمدادات الحيوية بحلول أوائل العام المقبل، يجعلان حياة مئات الآلاف من الأطفال عرضة للخطر.

ملايين الأطفال اليمنيين يواجهون خطر سوء التغذية ونقص الخدمات الصحية (الأمم المتحدة)

بدورها، أطلقت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) نداء تمويلياً بقيمة 86.57 مليون دولار، لدعم سُبل العيش الزراعية وتعزيز القدرة على الصمود لنحو 9.15 مليون شخص في اليمن خلال العام نفسه.

تدخلات زراعية

تقدّر «فاو» أن اليمن يُعد ثالث أكبر أزمة غذاء في العالم، حيث يواجه أكثر من نصف السكان مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم نحو 41 ألف شخص معرضون لخطر المجاعة، بعد عقد من بدء النزاع المسلح، والتطورات الأخيرة التي عطّلت سلاسل التوريد، إلى جانب الانهيار الاقتصادي والتغيرات المناخية القاسية.

ويتوقع المنسق العام للجنة اليمنية العليا للإغاثة، جمال بلفقيه، أن نقل مكتب منسق الشؤون الإنسانية إلى العاصمة المؤقتة عدن سيساعد بشكل كبير على تنفيذ خطط الاستجابة الإنسانية وتغيير مسار العمل الإنساني وبيان أثرها، داعياً إلى الشراكة بين المنظمات الدولية والقطاع الخاص في اليمن، لتوفير السلع الأساسية والشراء من السوق المحلية.

فجوة تمويل الإغاثة في اليمن تهدد بتراجع كبير في القدرة الشرائية للسكان وفق خبراء (أ.ف.ب)

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» يبدي المسؤول الإغاثي الحكومي قلقه من أن اختطاف الجماعة الحوثية العاملين في الوكالات الأممية، وممارسة الابتزاز باستخدام الورقة الإنسانية سيعوقان أداء المنظمات ويؤثران سلباً على الدعم الخارجي، مبدياً تفاؤله بأن تؤدي الإجراءات الاقتصادية الحكومية إلى تحسين أسعار المواد الأساسية، مما يساعد في تحسين القوة الشرائية.

وتوضح الوكالة الأممية أن 17.68 من التمويل سيُوجّه إلى صالح تدخلات زراعية طارئة لتحقيق تعافي سُبل المعيشة، ويشمل ذلك توزيع البذور، وتطعيم الماشية، وإعادة تأهيل البنى التحتية الزراعية والمائية، في مساعٍ للحد من اعتماد السكان الكامل على المساعدات الغذائية، فيما سيُستخدم المبلغ المتبقي لتعزيز القدرة على الصمود للفئات المستهدفة.

وبسبب مواجهة برنامج الغذاء العالمي عجزاً كبيراً في تمويله، تم تقليص المستفيدين من خدماته إلى النصف، وهو ما سيؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية وسحب ما بين 200 و300 مليون دولار سنوياً من الأسواق المحلية، حسبما أورده المستشار الاقتصادي في مكتب الرئاسة اليمنية، فارس النجار.

تعزيز صمود الريف

وبينما يحتاج البرنامج الأممي إلى أكثر من 300 مليون دولار للستة الأشهر المقبلة، لم يحصل سوى على 106 ملايين دولار فقط.

طفل يتلقى العلاج من سوء التغذية في أحد مستشفيات صنعاء (الأمم المتحدة)

ويقدّر النجار أن سوء التغذية سيؤدي إلى خسارة مستقبلية في إنتاجية الفرد ما بين 10 و15 في المائة، مما يعني اقتصاداً أصغر وناتجاً أقل لعقد كامل إذا لم تجرِ حماية الفئات الأضعف، لافتاً إلى أن عدم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية سيضع اليمنيين أقرب من أي وقت مضى أمام سيناريوهات المجاعة.

في غضون ذلك، كشف الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) عن أن التدخلات التنموية متوسطة المدى يمكن أن تُحدث فرقاً ملموساً حتى في ظل استمرار النزاع، وأن هذه التدخلات عززت من تحسين سبل العيش والأمن الغذائي لعشرات الآلاف من السكان في المناطق الريفية في اليمن، رغم استمرار النزاع وانهيار البنية التحتية والخدمات الأساسية.

جاء ذلك بعد أن أظهر مشروع تنمية سبل العيش الريفية، المنفذ بين عامَي 2021 و2024، أن تحسين الوصول إلى المياه وتحديث أنظمة الري أسهما في خفض استهلاك المياه بنسبة وصلت إلى 80 في المائة، إلى جانب زيادة الإنتاج الزراعي، وتحسين دخل آلاف الأسر في خمس محافظات يمنية.

تنمية سبل العيش الريفية تُسهم في تحسين الإنتاج الزراعي وتحسين دخل آلاف الأسر (إيفاد)

وذكر «إيفاد»، في تقرير حديث، أن إجمالي تمويل المشروع وصل إلى 5.3 مليون دولار، وشمل 5 محافظات و31 مديرية، واستفاد منه أكثر من 84 ألف شخص في نحو 12 ألف أسرة ريفية. وركزت التدخلات على تحسين الوصول إلى المياه، وإعادة تأهيل أنظمة الري، وحماية الأراضي الزراعية من الفيضانات، بالإضافة إلى دعم المزارعين بمدخلات زراعية وتدريب تقني.

ونوه «إيفاد» إلى أن اعتماد نهج التعاقد المجتمعي، بالشراكة مع صندوق التنمية الاجتماعية ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، مكّن المجتمعات المحلية من قيادة عملية التخطيط والتنفيذ، مما عزّز الحوكمة المحلية والتماسك الاجتماعي في بيئات تعاني هشاشة مؤسسية شديدة.

وبيّن التقرير أن تحديث البنية التحتية المائية أسهم في خفض استهلاك مياه الري بنسبة تتراوح بين 70 و80 في المائة، وتحسين إنتاجية المزارعين، إلى جانب حماية 131 هكتاراً من الأراضي الزراعية. كما استفاد أكثر من 3300 مزارع من المدارس الحقلية والأعمال الزراعية، فيما تلقت 4000 امرأة ورجل تدريبات في مجالات التغذية والزراعة المنزلية.