السلطة الليبية الجديدة تواجه «فضيحة رشاوى» لتأمين اختيارها

دبيبة ينتهي من تشكيل حكومته... ويتجاوز عقبة اختيار منصب وزير الدفاع

رئيس الوزراء الليبي المكلف عبد الحميد دبيبة خلال مؤتمر صحافي في طرابلس الأسبوع الماضي (أ.ب)
رئيس الوزراء الليبي المكلف عبد الحميد دبيبة خلال مؤتمر صحافي في طرابلس الأسبوع الماضي (أ.ب)
TT

السلطة الليبية الجديدة تواجه «فضيحة رشاوى» لتأمين اختيارها

رئيس الوزراء الليبي المكلف عبد الحميد دبيبة خلال مؤتمر صحافي في طرابلس الأسبوع الماضي (أ.ب)
رئيس الوزراء الليبي المكلف عبد الحميد دبيبة خلال مؤتمر صحافي في طرابلس الأسبوع الماضي (أ.ب)

دافع عبد الحميد دبيبة، رئيس الوزراء الليبي الجديد المكلف، عن ملابسات اختياره والسلطة التنفيذية الجديدة من قبل «ملتقى الحوار السياسي» الذي رعته الأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية أخيراً، وذلك بعد اتهامات بتلقي أعضائه «رشاوى» مالية لتمرير قائمة دبيبة الذي أنهى تشكيلة حكومته، تمهيداً لتقديمها إلى مجلس النواب، ويستعد لعقد جلسة منح الثقة في مدينة سرت في الثامن من الشهر الحالي، بعد إعلان جاهزيتها من الناحية الأمنية.
وشدد دبيبة، في بيان له مساء أول من أمس، على «نزاهة العملية التي تم بها اختيار السلطة الجديدة، ممثلة في المجلس الرئاسي، وكذلك رئاسة حكومة الوحدة الوطنية، والتي جرت بشفافية تامة شاهدها جميع الليبيين من خلال شاشات التلفاز»، وطمأن مواطنيه بأن «إنجاز المرحلة الأولى من خريطة الطريق، عبر عملية منح الثقة للحكومة، أصبحت قريبة»، موضحاً أن «مرحلة العيش في ظل انقسام سياسي ومؤسساتي، وغياب الخدمات، وسوء الأوضاع الاقتصادية، قاربت على الانتهاء».
وقال الناطق باسم دبيبة إنه «تم استكمال التشكيلة الحكومية، وإبلاغ المجلس الرئاسي بتفاصيلها»، لافتاً إلى «تجاوز عقبة اختيار منصب وزير الدفاع». ورحب بقرار اللجنة العسكرية المشتركة التي تضم ممثلي الجيش الوطني وقوات حكومة الوفاق (لجنة 5+5) بخصوص صلاحية مدينة سرت أمنياً لاستضافة جلسة البرلمان المخصصة لمنح الثقة للحكومة، ووصفها بالتطور الإيجابي.
وكانت اللجنة قد أوضحت، في رسالة وجهتها مساء أول من أمس إلى مجلس النواب، رداً على طلب رئيسه عقيلة صالح من اللجنة إبداء رأيها حول إمكانية تأمين جلسة منح الثقة للحكومة في مدينة سرت، أنه «بعد التشاور والتواصل بين أعضائها، تم التأكيد على أن مكان الاجتماع بمدينة سرت جاهز وآمن لانعقاد الجلسة من بداية الجلسة إلى نهايتها».
وأرجعت اللجنة قرارها إلى ما وصفته بـ«الظرف العصيب الذي تمر به البلاد في هذه الأيام التاريخية الفارقة، وسعيها لإبعاد شبح الحرب، والمحافظة على وحدة ترابها وتوحيد مؤسساتها».
وحدد مجلس النواب الثامن من الشهر الحالي موعداً لعقد جلسة منح الثقة للحكومة، بينما يتعين على دبيبة الذي اكتفى يوم الخميس الماضي بتقديم هيكل لتشكيل الحكومة من دون أسماء الوزراء المقترحين، أن يحظى بثقة البرلمان خلال تصويت على حكومته بحلول 19 من الشهر الحالي.
وقال المكتب الإعلامي لدبيبة إنه يتابع ما وصفه بـ«محاولات التشويش» على عملية تشكيل الحكومة، و«إفساد حالة التوافق الوطني، وتعطيل عملية منح الثقة للحكومة، من خلال تبني نهج نشر الإشاعات والأخبار الزائفة، وتغيير الحقائق، وهو نهج سبق أن قاساه الشعب الليبي، وتسبب في جزء كبير من معاناته».
وقال أحمد الشركسي، مستشار دبيبة، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إن «من أولويات الحكومة، بعد نيل الثقة النيابية، دعوة لجنة التحقيق ودول مجلس الأمن والبعثة لنشر هذا التقرير بشكل علني، ووضعه في يد الليبيين».
وكان تقرير لخبراء من الأمم المتحدة، المنوط بها فحص انتهاكات حظر الأسلحة الدولي المفروض على ليبيا، تم رفعه إلى مجلس الأمن الدولي، قد كشف النقاب، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، عن «شراء أصوات 3 مشاركين -على الأقل- في محادثات جنيف».
ووجد الخبراء، في التقرير الذي لم يُنشر بعد، أنه «خلال محادثات تونس، عرض اثنان من المشاركين «رشاوى»، تتراوح بين 150 ألف دولار و200 ألف دولار، على 3 أعضاء -على الأقل- في منتدى الحوار السياسي الليبي، إذا التزموا بالتصويت لدبيبة رئيساً للوزراء».
وفي فقرة من تقريرهم، أفاد الخبراء بأن أحد المندوبين «انفجر غضباً في بهو فندق (فور سيزونز) في تونس العاصمة عند سماعه أن بعض المشاركين ربما حصلوا على ما يصل إلى 500 ألف دولار، مقابل منح أصواتهم إلى دبيبة، بينما حصل هو فقط على 200 ألف دولار».
وأكد أحد المشاركين في المحادثات، بعد أن طلب عدم الكشف عن هويته، أنه كان «شاهداً على ما حصل»، وأعرب عن غضبه من «الفساد غير المقبول، في وقت تمر فيه ليبيا بأزمة كبيرة».
وكان محمد البرغثي، سفير ليبيا لدى الأردن، الذي فشل ترشحه لرئاسة المجلس الرئاسي، قد أكد أنه تلقى عرضاً من أحد المرشحين لرئاسة الحكومة، لم يكشف عن اسمه، يتضمن «دفع مبلغ 50 مليون دولار أميركي للفوز برئاسة الحكومة».
وعلى صعيد آخر، عبر محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، عن أسفه لإلغاء رحلة طيران محلية بسبب أول زيارة له إلى مدينة سبها، والأولى على هذا المستوى لمسؤول ليبي منذ 2012.
وتزامن ذلك مع إعلان «الجيش الوطني» -رسمياً- عن توجه ما وصفها بقوة عسكرية كبيرة تابعة للكتيبة 166 مشاة إلى مدينة درنة، وذلك في إطار مساعيه لـ«ضبط الأمن، وفرض القانون، والقضاء على الجريمة بأشكالها كافة، داخل أحياء المدينة».
وطبقاً لما أعلنته شعبة الإعلام الحربي بالجيش الوطني، فقد شدد قائده العام، المشير خليفة حفتر، على «ضرورة الضرب بيدٍ من حديد لكل المتورطين في أي جريمة»، مؤكدة أن الجميع مُعرضون للمساءلة، وأنه «لا أحد فوق القانون». كما أعلنت عن توجه وحدات من قواته إلى مدينة سبها الجنوبية، في تطور عسكري لافت للانتباه، لكن من دون تفسير.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.