الرئيس العراقي يطالب بتعاون دولي لتخفيف التوتر في المنطقة

TT

الرئيس العراقي يطالب بتعاون دولي لتخفيف التوتر في المنطقة

في وقت تستعد فيه العاصمة العراقية بغداد للزيارة التاريخية التي من المقرر أن يقوم بها بابا الفاتيكان إلى البلاد في 5 مارس (آذار) الحالي، تحاول القيادة السياسية العراقية النأي بنفسها عن أن تكون طرفاً في صراعات الآخرين أو معبراً لتوتراتهم. وبينما عدّ رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، عبر لقائه المطول لـ«الشرق الأوسط»، أن «قرار وجود القوات الأجنبية يعود إلى العراق وحكومته، ولا علاقة للقرار بأي رغبة أخرى»، جدد الرئيس العراقي برهم صالح الدعوة إلى تعاون دولي لتخفيف حدة التوتر في المنطقة.
ودعا صالح لدى تسلمه أوراق اعتماد عدد من السفراء العرب والأجانب في بغداد، أمس، إلى ضرورة العمل الدولي المشترك لمواجهة التحديات وتخفيف توترات المنطقة. وقال بيان رئاسي إن رئيس الجمهورية، ولدى تسلمه أوراق اعتماد سفراء كل من: جمهورية مصر العربية، وأستراليا، وإندونيسيا، والبرازيل، إن «العراق يتطلع نحو تعزيز علاقاته السياسية والاقتصادية والتجارية، ويدعم التنسيق الدولي والإقليمي من أجل مواجهة التحديات العالمية المختلفة، وتخفيف التوترات وإرساء السلام في المنطقة، ومواصلة الحرب على الجماعات الإرهابية». وأشار إلى «أهمية تطوير العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري»، لافتاً إلى أن «البلد يتطلع نحو البناء والإعمار، عبر تعزيز فرص الاستثمار في مختلف المجالات، وتبادل الخبرات العلمية والثقافية».
في سياق ذلك، أكد نائب قائد «قوة المهام المشتركة» للتحالف الدولي، كفين كاتسي، أن الهجمات الصاروخية «تشكل تهديداً للعراق»، مؤكداً التزام التحالف بدعم القوات العراقية في التصدي للهجمات ضد البعثات الدبلوماسية والمؤسسات الحكومية. وأضاف كاتسي، في إيجاز صحافي أمس الاثنين، أن «القوات العراقية نجحت في تفكيك عصابات (داعش) وقتلت واعتقلت العديد من قيادات التنظيم الإرهابي، والتحالف والقوات العراقية يعملان على تفكيك الشبكة المالية للتنظيم». وأشار إلى أن «تقليص عديد قوات التحالف في العراق تم بناءً على طلب الحكومة، وأن قوات الناتو تقدم الاستشارة للقوات الأمنية العراقية».
وحول الكيفية التي يمكن من خلالها التعاون من أجل تخفيف حدة التوتر في المنطقة ودور العراق فيها، يقول الدكتور ظافر العاني، نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، لـ«الشرق الأوسط» إن «أصل التوتر في المنطقة هو صراع مصالح الكبار، إلا إن ضعف العراق يجعل الصراع محتداً وشديد الوطأة؛ لأنه يوفر متنفساً وأرضية مناسبة لاستمرار الصراع وتضاد المصالح». وأضاف: «إذا ما أراد العراق أن يسهم في تخفيف التوتر؛ فإن عليه ابتداء أن يعمل كل ما من شأنه استعادة سيادته والسيطرة على مقدراته. فبهذه الطريقة، يحول دون أن يكون حلبة الملاكمة للمتقاتلين»، مبيناً أن «ذلك يصدق على بؤر التوتر الأخرى، كسوريا ولبنان وغيرهما، حيث إن المتصارعين يجدون في النظم السياسية الهشة والنزاعات الداخلية فرصة مثالية لاستمرار صراعاتهم». وأكد أن «الخطوة الأولى إذن، كما أعتقد، تبدأ من استعادة السيادة ومنع التدخلات الخارجية عبر ترصين الجبهة الداخلية».
في السياق ذاته؛ يرى أستاذ العلوم السياسية وعميد «كلية الآمال الجامعة»، الدكتور عامر حسن فياض، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «العراق لا يمتلك القدرات لكي يكون عاملاً مؤثراً في تخفيف التوترات في المنطقة، لكن هذا لا يعني أنه لا يمتلك موقفاً». وأضاف أن «على العراق أن يتخذ موقفاً، ولا يتردد في اتخاذه؛ بحيث يكون هذا الموقف لا يعني الحياد ولا يعني النأي بالنفس عندما تكون هناك قضية عادلة وعندما يكون هذا الموقف في خدمة قضايا الشعوب». وأوضح أنه «يتوجب على العراق أن ينشغل بوضع العلاجات لمشكلاته العنقودية المتشابكة على مستوى الداخل، وعليه كذلك توحيد خطابه السياسي الخارجي، ويعمل وفق معادلة (تحييد الخصوم وكسب الأصدقاء)».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).