موجز دولي ليوم الثلاثاء

TT

موجز دولي ليوم الثلاثاء

- بروكسل تدعو إلى الحوار لحل الأزمة في جورجيا
تبليسي - «الشرق الأوسط»: دعا رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، الاثنين، المعارضة والسلطات الجورجية إلى بذل كل الجهود «لحلحلة الوضع»، فيما يغرق هذا البلد الواقع في القوقاز منذ أشهر في أزمة سياسية كبرى. وقال في تبليسي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيسة الجورجية سالومي زورابيشفيلي، إن «الاتحاد الأوروبي يدعو كل الأطراف إلى تكثيف جهودهم لحلحلة الوضع والالتقاء لإيجاد أرضية تفاهم». وأضاف ميشال الذي كانت زيارته لجورجيا مرتقبة قبل تفاقم الأزمة السياسية في البلاد الأسبوع الماضي، أن بروكسل «قلقة» إزاء «الأزمة المتفاقمة في جورجيا».
وجورجيا غارقة في أزمة منذ الانتخابات التشريعية في أكتوبر (تشرين الأول) التي فاز فيها الحزب الحاكم بفارق طفيف، لكن المعارضة نددت بحصول عمليات تزوير. والثلاثاء الماضي، أدى اعتقال أحد شخصيات المعارضة، نيكا ميليا، إلى سلسلة جديدة من التظاهرات ضد الحكومة. ويوم الاثنين، دعا شارل ميشال إلى «حوار بين الأطراف السياسيين والمعارضة والحكومة»، مؤكداً أن «نظاماً قضائياً فعالاً ومستقلاً، هو أمر ضروري لتعميق الشراكة بين جورجيا والاتحاد الأوروبي». وجورجيا الجمهورية السوفياتية السابقة، تجاوزت وصاية موسكو وتقاربت مع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي الذي ترغب في الانضمام إلى صفوفه على المدى الطويل، رغم أن الطريق لبلوغ هذه المرحلة لا تزال طويلة جداً.

- رئيس الوزراء: ماليزيا لن تجري انتخابات إلا بعد الوباء
بانكوك - «الشرق الأوسط»: قال رئيس الوزراء الماليزي محي الدين ياسين أمس (الاثنين)، بمناسبة مرور عام على توليه منصبه، إن ماليزيا لن تجري انتخابات برلمانية خلال تفشي وباء كورونا. وقال محي الدين: «بمجرد انتهاء الوباء، والذي آمل أن يكون قريباً جداً، سوف أقدم المشورة لـ(ملك ماليزيا) يانج دي بيرتوان أجونج بحل البرلمان». وتخضع ماليزيا لقانون الطوارئ منذ ما يقرب من شهرين. ومن المقرر أن تستمر حالة الطوارئ حتى أغسطس (آب) مع تعليق البرلمان للمرة الثانية منذ بداية الوباء. لكن زعيم المعارضة أنور إبراهيم يطعن في التعليق، ومن المقرر عقد جلسة استماع في المحكمة يوم الخميس.

- الرئيس الألماني يشكر غورباتشوف دوره في الوحدة الألمانية
برلين - «الشرق الأوسط»: أعرب الرئيس الألماني فرانك - فالتر شتاينماير عن تهنئته لرئيس الكرملين السابق ميخائيل غورباتشوف بمناسبة عيد ميلاده التسعين، كما أعرب عن امتنانه لدوره المهم في تحقيق الوحدة الألمانية. وكتب شتاينماير أمس (الاثنين): «عملك الشجاع تحت شعار السلام والحرية لن ينسى في ألمانيا... من خلال أفعالك السياسية، وكذلك بثقتك في ألمانيا الموحدة، أسهمت بشكل حاسم في التغلب السلمي على انقسام القارة الأوروبية».
وأضاف شتاينماير أن غورباتشوف، الذي سيبلغ من العمر 90 عاماً اليوم (الثلاثاء)، يعرف أن لديه أصدقاء كثيرين في ألمانيا، وكتب: «يجب أن تعلم أيضاً أننا، نحن الألمان، سنكون ممتنين إلى الأبد لمساهمتك القيمة في الوحدة السلمية لألمانيا... أنت من الأشخاص الذين صنعوا التاريخ». وفي الوقت نفسه، أعرب شتاينماير عن أمله في تحسن العلاقات الألمانية - الروسية، التي تتعرض حالياً لضغوط شديدة، من بين أمور أخرى، بسبب الأحداث المرتبطة بالمعارض الروسي أليكسي نافالني.

- الصين ستواصل أنشطتها في جزر دياويو المتنازع عليها
بكين - «الشرق الأوسط»: ذكر بيان على موقع وزارة الدفاع الوطني الصينية أن السفن الحكومية الصينية سوف تواصل أنشطتها في المياه المتنازع عليها المحيطة بجزر بحر الصين الشرقي، المعروفة باسم دياويو في الصين وسينكاكو في اليابان. ونقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء عن البيان، أن دياويو والجزر التابعة لها هي أراضٍ صينية في الأصل. كما ذكر البيان أنه من المشروع وغير القابل للجدل أن تكون للسفن الصينية أنشطة داخل المياه الإقليمية. وبالإضافة إلى مطالبتها بالسيادة على جزر دياويو، فإن الصين تخوض نزاعات على السيادة البحرية مع كثير من دول جنوب شرقي آسيا في بحر الصين الجنوبي، وكثيراً ما يتم انتقادها بسبب محاولاتها أحادية الجانب لتغيير الوضع الراهن في المنطقة.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟