«أكاديمية تودز» و«سانترال سانت مارتن»... مشروع يوفّر طوق نجاة للمصممين الشباب

دييغو ديلا فالي لـ «الشرق الأوسط» : تمرين على الابتكار والاختبار

«أكاديمية تودز» و«سانترال سانت مارتن»... مشروع يوفّر طوق نجاة للمصممين الشباب
TT

«أكاديمية تودز» و«سانترال سانت مارتن»... مشروع يوفّر طوق نجاة للمصممين الشباب

«أكاديمية تودز» و«سانترال سانت مارتن»... مشروع يوفّر طوق نجاة للمصممين الشباب

«الآن؛ وأكثر من أي وقت مضى، يحتاج عالم الموضة إلى دعم واستراتيجيات تأخذ في الحسبان حاجة المصممين للدعم لكي تستمر عملية الإبداع»... هذا ما بدأ به السيد دييغو ديلا فالي، رئيس مجموعة «تودز» الإيطالية، حديثه مع «الشرق الأوسط» عن مبادرة «تودز ليغاسي» التي شارك بها في «أسبوع لندن للموضة» الأخير.
يتابع شارحاً أنه في العام الماضي «ما بين شهري أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، وهي الفترة التي شهد فيها العالم عموماً؛ وإيطاليا تحديداً، أقسى فترة من فترات اجتياح فيروس (كورونا)، بدأنا ندرس تدابير عدة للوقاية من تأثيراته؛ ليس على الاقتصاد فحسب، بل أيضاً على الإبداع تحديداً.
كان واضحاً أن أكثر المتضررين هم الشباب، لهذا بدأنا نفكر في مبادرات من شأنها أن تدعمهم مادياً، أو على الأقل تطمئنهم بأننا متضامنون معهم». من بين المناقشات التي أجراها دييغو ديلا فالي مع صناع الموضة في هذه الفترة، حديث مع صديقه فابيو بيراس، مدير قسم الماجستير في «معهد سانترال سانت مارتن»، الشهير، وقد تمخصت عن فكرة تجنيد مجموعة من الطلبة في المعهد لمشروع تحت رعاية «أكاديمية تودز».
بموجب هذا المشروع؛ تُقدَّم منح إلى 35 طالباً من قسم الماجستير لإعادة صياغة تصميمين أيقونيين لصيقين بـ«تودز»؛ هما حذاء «الغومينو» وحقيبة «دي». الفكرة ليست تجارية بقدر ما هي تشجيع على الاستمرار؛ فـ«الفكرة»، حسب ديلا فالي، «كانت تحفيزاً للخيال والابتكار؛ إذ لم نطلب منهم تقديم منتجات جاهزة للبيع أو يمكن طرحها للبيع، بل فقط تقديم أفكار قابلة للاختبار، وذلك بإطلاق العنان لخيالهم بكل حرية فيما يمكن اعتباره تمريناً وصقلاً لتجاربهم».
ولن يقتصر الأمر على المشاركة والإبقاء على سير العمل؛ إذ سيحصل بعض هؤلاء الطلبة أيضاً على فترة تدريبية في المقر الرئيسي لشركة «تودز».
يُذكر ديلا فالي بأن الأكاديمية الراعية هذا المشروع تأسست خصيصاً لتكون مختبراً للأفكار المبتكرة والحرفية المتوارثة أباً عن جد، حيث يستقبل فيها الحرفيون المخضرمون الطلاب من الشباب لكي يستفيد الطرفان؛ من جهة بضمان استمرارية المهارات التقليدية، ومن جهة أخرى بإدخال عناصر حديثة تتناسب مع تغيرات العصر وتطوراته.
وهكذا، ومع انطلاق «أسبوع الموضة» في لندن لخريف 2020 وشتاء 2021، كشف الـ35 طالباً من «معهد سانترال سانت مارتن» عن ترجماتهم للتصميمين الأيقونيين اللذين تفتخر بهما دار «تودز» واللصيقين بمسيرتها الإبداعية؛ حذاء «الغومينو» وحقيبة «دي».
كانت التعليمات الموجهة للطلبة المشاركين واضحة؛ تتلخص في ترجمة إرث الدار الإيطالية حسب رؤيتهم الفنية الخاصة، بحرية واحترام في الوقت ذاته. هذا التزاوج بين الأصالة والمعاصرة هو ما تقوم عليه «أكاديمية تودز» ويؤمن به ديلا فالي بصفته إيطالياً أولاً، ورئيس مجموعة ثانياً. وهذا أيضاً ما يفسر أنه الوقت الذي يتسابق فيه صناع الموضة لمعانقة وتبني مفاهيم جديدة، مثل التنوع والاستدامة وفتح المجالات أمام المبتكرين السود، فإنهم يُركزون على مفهوم «الإرث» أو التقاليد المتوارثة التي تشتهر بها إيطاليا منذ عقود إن لم نقل قروناً.
كل هذا من دون أن تجاهل أهمية تجديدها «فالجينات الإيطالية؛ بكل ما تتضمنه من تقاليد حرفية، تبقى ركائز أساسية لا يمكن التلاعب بها، لكن لا بأس من إنعاشها وتجديدها لتساير العصر».
التجربة، كما قال، لم تخيب آماله؛ فكل الطلبة المشاركين أبدعوا؛ «سواء ترجموا هذه القطع الأيقونية بمواد مستدامة، وبإضافة تطريزات، أو زخرفات».
بيد أنه رغم نجاح التجربة وأهميتها، فإن إطلاقها من «معهد سانترال سانت مارتن» اللندني مثير للتساؤل، إذا أخذنا في الحسبان أن «الأقربون أولى بالمعروف»؛ فإيطاليا تعاني منذ سنوات من الهرم، لأن معظم كبار مصمميها من كبار السن وعائلات تتوارث قيادتها؛ بدءاً من جيورجيو أرماني إلى عائلات «فيرساتشي»، و«فندي»، و«ميسوني»... وغيرهم.
ورغم أنها تتمتع بأكاديميات موضة مهمة، فإن كثيراً من بيوت الأزياء لا تزال تفتقد إلى شباب إيطاليين يضخون فيها دماء جديدة... أمر لا ينكره ديلا فالي قائلاً إن «الحاجة إلى التجديد أمر ضروري في الحياة، فما البال بالموضة التي تقوم على التغيير والتجدد الدائم؟».
لكن هذا لا يعني زحزحة المصممين القدامى عن كراسيهم، حسب قوله؛ «فهم الأساس»، «لكن هذا لا يعني أن الموضة تتوقف عندهم، فهي لا بد أن تتجدد ولا بد من ضخ دماء شابة فيها حتى تستمر، بغض النظر عن جنسياتهم. فاختلاف وجهات النظر والرؤى إضافات مطلوبة تُغني قاموس الموضة، والمستقبل لا يكتمل من دون ماض».
على هذا الأساس؛ فإن «الحرفية التقليدية لا تقل أهمية عن الابتكار بما يتناسب والعصر... بل يمكن القول إنهما وجهان لعملة واحدة».



مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)
إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)
إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت مصر استعادة قطع أثرية من آيرلندا، تضمَّنت أواني فخارية ومومياء وقطعاً أخرى، عقب زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للدولة المذكورة.

وقالت وزارة الخارجية المصرية إنّ جهود استعادة القطع الأثرية من آيرلندا استمرّت طوال عام ونصف العام، وأوضحت في بيان، الجمعة، أنّ «القطع الأثرية التي استُردَّت من جامعة (كورك) الآيرلندية، هي مومياء مصرية وعدد من الأواني الفخارية والقطع الأثرية الأخرى، والجامعة أبدت تعاوناً كبيراً في تسهيل إجراءات إعادتها».

وتمثّل القطع المُستعادة حقبة مهمّة من التاريخ المصري القديم، وجزءاً من التراث الثقافي المصري الذي يحظى باهتمام الجميع، ومن المقرَّر عرضها في المتاحف المصرية، وفق بيان «الخارجية».

وأوضح الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر، الدكتور محمد إسماعيل خالد، أنّ «استرداد هذه القطع جاء وفقاً للاتفاق الثنائي الموقَّع مؤخراً بين المجلس الأعلى للآثار وجامعة (كورك) الآيرلندية»، مشيراً في بيان لوزارة السياحة والآثار، إلى أنّ الجامعة كانت قد حصلت عليها بين الأعوام 1920 و1930؛ ومن بينها تابوت خشبي ملوَّن بداخله بقايا مومياء ومجموعة من الأواني الكانوبية المصنوعة من الحجر الجيري بداخلها أحشاء المتوفّى.

القطع الأثرية المُستردّة تعود إلى حقب تاريخية مهمّة (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، كشف مدير الإدارة العامة لاسترداد الآثار، المُشرف على الإدارة المركزية للمنافذ الأثرية، شعبان عبد الجواد، عن أنّ «الأواني الكانوبية التي استُردَّت لكاهن يُدعى (با ور)، من الأسرة 22 من العصر المتأخر؛ كان يحمل ألقاباً من بينها (حارس حقول الإله). أما التابوت الخشبي فهو من العصر الصاوي لشخص يُدعى (حور)، وكان يحمل لقب (حامل اللوتس)؛ وتوجد بداخله بقايا مومياء وعدد من أسنانها»، وفق بيان الوزارة.

وأعلنت مصر، في وقت سابق، استرداد أكثر من 30 ألف قطعة أثرية من 2014 حتى أغسطس (آب) 2024، كما استُردَّت أخيراً 67 قطعة أثرية من ألمانيا. وكانت وزارة الخارجية قد أعلنت في يناير (كانون الثاني) 2023 استرداد 17 قطعة أثرية من الولايات المتحدة الأميركية، أبرزها «التابوت الأخضر».

في هذا السياق، يرى عالم الآثار المصري الدكتور حسين عبد البصير، أنّ «استعادة القطع الأثرية والمومياوات فرصة لإثراء بحثنا الأثري والتاريخي، إذ تساعدنا في الكشف عن جوانب جديدة من التاريخ المصري»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المقتنيات توفّر رؤى قيّمة حول أساليب الدفن والعادات الثقافية القديمة التي كانت جزءاً من الحياة اليومية للمصريين القدماء».

ويعدُّ عبد البصير هذه الاستردادات إسهاماً في تعزيز الهوية الوطنية، إذ تُساعد في الحفاظ على التراث الثقافي من أجل الأجيال القادمة، مؤكداً أنّ «وزارة الخارجية المصرية تلعب دوراً حيوياً في استرداد الآثار من خلال التفاوض مع الدول الأجنبية والتنسيق الدبلوماسي للوصول إلى حلول تفاوضية تُرضي الأطراف المعنيّة»، لافتاً إلى أنّ استرداد القطع يأتي بالتزامن مع زيارة الرئيس المصري إلى آيرلندا؛ مما يؤكد اهتمام الدولة على أعلى مستوياتها باسترداد آثار مصر المُهرَّبة من الخارج.

قطع متنوّعة من الآثار استردّتها مصر من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)

«وتسهم الاتفاقات الثنائية التي تعقدها مصر مع الدول في استعادة الآثار؛ منها 5 اتفاقات لمكافحة تهريبها والاتجار في الآثار المسروقة مع سويسرا وكوبا وإيطاليا وبيرو وكينيا»، وفق عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، ورئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، الخبير الآثاري الدكتور عبد الرحيم ريحان، الذي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «العلاقات القوية بين مصر وآيرلندا منذ تولّي الرئيس السيسي الحُكم أسهمت في استعادة هذه الآثار»، مشيراً إلى أنّ «مصر استعادت نحو 30 ألف قطعة أثرية منذ تولّيه الرئاسة، من الولايات المتحدة الأميركية، وإنجلترا، وفرنسا، وإسبانيا، وهولندا، وكندا، وألمانيا، وبلجيكا، وإيطاليا، وسويسرا، ونيوزيلندا، وقبرص، والإمارات، والكويت، والأردن».

ويتابع: «جاء ذلك بعد جهود حثيثة من إدارة الآثار المُستردة بالمجلس الأعلى للآثار، وبمتابعة مستمرّة لكل المزادات العلنية، وكل ما يُنشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعبر وكالات الأنباء الدولية عن الآثار المصرية المنهوبة، وعن طريق مفاوضات مثمرة، بالتعاون بين وزارات السياحة والآثار والخارجية والداخلية في مصر».