حلبجة تنتظر قرار رئاسة الإقليم لتكون المحافظة الرابعة في كردستان

المدينة التي قصفها نظام صدام بالكيماوي تتحول إلى المحافظة الـ19 عراقيًا

 صورة بثها موقع (سبه ي) لرئيس برلمان إقليم كردستان يوسف محمد صادق وهو يتوسط نائبه جعفر إيمنكي (يمين الصورة) وسكرتير البرلمان فخر الدين قادر خلال التصويت على قرار تسمية حلبجة كمحافظة
صورة بثها موقع (سبه ي) لرئيس برلمان إقليم كردستان يوسف محمد صادق وهو يتوسط نائبه جعفر إيمنكي (يمين الصورة) وسكرتير البرلمان فخر الدين قادر خلال التصويت على قرار تسمية حلبجة كمحافظة
TT

حلبجة تنتظر قرار رئاسة الإقليم لتكون المحافظة الرابعة في كردستان

 صورة بثها موقع (سبه ي) لرئيس برلمان إقليم كردستان يوسف محمد صادق وهو يتوسط نائبه جعفر إيمنكي (يمين الصورة) وسكرتير البرلمان فخر الدين قادر خلال التصويت على قرار تسمية حلبجة كمحافظة
صورة بثها موقع (سبه ي) لرئيس برلمان إقليم كردستان يوسف محمد صادق وهو يتوسط نائبه جعفر إيمنكي (يمين الصورة) وسكرتير البرلمان فخر الدين قادر خلال التصويت على قرار تسمية حلبجة كمحافظة

لم تبقَ أمام مدينة حلبجة الكردية سوى مصادقة رئاسة إقليم كردستان لتصبح المحافظة العراقية الـ19 والرابعة في الإقليم، حيث شهدت المدينة، أول من أمس، جلسة طارئة لبرلمان كردستان العراق، الذي أعلن خلالها المصادقة على مشروع قانون تحويل حلبجة المحافظة الرابعة في كردستان العراق، بعد توصل الأطراف الكردية إلى اتفاق بشأن المناصب الإدارية في المحافظة الجديدة.
وقال عبد الله نورولي، المرشح لنيل منصب محافظ حلبجة، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «برلمان الإقليم صادق على مشروع قانون محافظة حلبجة، خلال جلسته الطارئة التي عقدها في مبنى النصب التذكاري في مدينة حلبجة، أول من أمس، بحضور رئيس برلمان كردستان يوسف محمد صادق، ونائب رئيس حكومة الإقليم، قباد طالباني، ووزراء حكومة الإقليم، ونائب رئيس مجلس النواب العراقي، آرام شيخ محمد»، معتبرا «المصادقة على القانون في حلبجة يوما تاريخيا لكل الأكراد؛ حيث أصبحت هذه المدينة محافظة بشكل رسمي».
وأضاف نورولي: «أصدرت الحكومة الاتحادية ببغداد في عام 2013 قرارا بجعل حلبجة محافظة، بعد أن كانت تابعة لمحافظة السليمانية، وأرسلت القرار إلى مجلس النواب للمصادقة عليه، ورد مجلس النواب على القرار بكتاب رسمي جاء فيه أن إقليم كردستان إقليم فدرالي، ويمكنه اتخاذ التدابير القانونية اللازمة لهذا الغرض، لذا قررت حكومة الإقليم في 16 مارس من العام الماضي وعلى ضوء قرار مجلس الوزراء الاتحادي جعل مدينة حلبجة محافظة، وبجهود من برلمان كردستان وحكومة الإقليم تمت المصادقة على القانون من قبل البرلمان، وسيرسل القانون إلى رئاسة الإقليم لتصادق عليه، ويصدر القرار الإقليمي الخاص بهذا الصدد ومن ثم ستبدأ إدارة المحافظة عملها بشكل رسمي».
وتابع نورولي: «لحسن الحظ وبجهود من النواب الأكراد، خصوصا اللجنة المالية في مجلس النواب تم تخصيص حصة من الميزانية العامة لمحافظة حلبجة، تبلغ ملياري دينار عراقي، وعلى الرغم من أن المبلغ المخصص رمزي، لكن المهم لنا هو الاعتراف بحلبجة كمحافظة في الميزانية العامة للعراق لعام 2015 الحالي، لأن هذا الاعتراف يجنبنا كثيرا من المشكلات الإدارية».
وبيّن نورولي الذي ينتمي إلى حركة التغيير إن «الأطراف السياسية في كردستان العراق توصلت إلى اتفاق حول توزيع كل المناصب الإدارية في المحافظة الجديدة، نحن نريد أن تكون الحكومة المحلية لحلبجة متنوعة الألوان، لكي نستطيع خدمة المدينة بعيدا عن العقلية الحزبية».
وتقع مدينة حلبجة في جنوب شرقي محافظة السليمانية، يحدها من الشمال جبل هورامان، ومن الشمال الشرقي سهل شارزور، ومن الشرق جبل شنروى، ومن الشمال الغربي بحيرة دربنديخان، وهي من المدن المحاددة لإيران. وعرفت حلبجة عالميا بعد قصفها بالأسلحة الكيماوية من قبل النظام السابق في 16 مارس (آذار) عام 1988، ضمن ما عرف بعمليات الأنفال السيئة الصيت التي راح ضحية هذا القصف أكثر من 5 آلاف كردي خلال نصف ساعة، بينما خلفت الحادثة المشؤومة الآلاف من الجرحى والمعوقين وحالات التسمم بالمواد الكيماوية، ولا تزال المدينة تحتاج إلى كثير من مشاريع البنى التحتية، على الرغم من أن الإقليم نفذ عددا من المشاريع لتطوير المدينة، خصوصا أنها تتمتع بطبيعة خلابة وأجواء سياحية جميلة، وأبرز المشاريع التي نفذت فيها مشروع النصب التذكاري لضحايا حلبجة الذي يتكون من متحف يروي الكارثة الإنسانية التي تعرضت لها بفعل الأسلحة الكيماوية المحظورة دوليا.
بدوره قال النائب الكردي في مجلس النواب العراقي، عرفات كريم، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «إعلان الإقليم عن محافظة حلبجة يعتبر شأنا خاصا بإقليم كردستان، فليست هناك أي مشكلة حول هذا الموضوع في مجلس النواب العراقي، ولن تعترض الحكومة الاتحادية على هذا الموضوع، لأنها أصبحت أمرا واقعا، فاستحداث محافظة جديدة يصب في مصلحة العراق، وليس مخالفا للدستور والقانون العراقي، والآن هناك مطالبات في مجلس النواب لاستحداث محافظات أخرى، كتلعفر وطوزخورماتو».
وعن تعامل الحكومة العراقية مع حلبجة كمحافظة في الميزانية الاتحادية لعام 2015 الحالي، قال كريم: «لم تذكر حلبجة كمحافظة في تقرير الميزانية العامة للعراق، وخصصت لها الميزانية كمدينة حلبجة وليس كمحافظة جديدة، في المرحلة الأولى هي أصبحت محافظة في إقليم كردستان بعد المصادقة على القرار من قبل حكومة الإقليم والبرلمان، والآن يجب أن تبلغ أربيل الحكومة العراقية أن محافظات الإقليم أصبحت 4 محافظات ويجب أن تتعامل بغداد بعد اليوم مع الإقليم على هذا الأساس»، مضيفا: «لو صادق الإقليم على مشروع قانون محافظة حلبجة قبل تصديق الميزانية العامة، لتعاملت بغداد مع حلبجة كمحافظة رابعة في كردستان، وسيتم التعامل مع الواقع الجديد ضمن ميزانية العام المقبل».
من جانبه قال الأستاذ في جامعة حلبجة، كاروان صباح هورامي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «اعتراف بغداد بمحافظة حلبجة يعتبر جزءا صغيرا من التعويض المعنوي لمواطني هذه المدينة، التي تعرضت إلى الدمار والقتل وهي الأكثر تضررا جراء ممارسات النظام العراقي الأسبق، وهذا القرار يعتبر سليما من الناحية الدستورية، لكن يجب أن نسلط الضوء على موضوع مهم هنا، وهي أن الحكومة الاتحادية في بغداد لم تستطع لحد الآن تنفيذ واجباتها في إعادة إعمار حلبجة وتعويض سكانها، لذا يجب عليها أن تبادر بتعويض أهالي حلبجة عما أصابهم من مأساة إنسانية خلال الحقبة الماضية».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».