الاقتصاد الأميركي يشهد انتعاشاً أسرع من التوقعات

بافيت متفائل ويعيد شراء أسهم

شهدت بعض الأسهم في بورصة نيويورك ارتفاعات كبيرة حتى مع تفشي «كورونا» (أ.ب)
شهدت بعض الأسهم في بورصة نيويورك ارتفاعات كبيرة حتى مع تفشي «كورونا» (أ.ب)
TT

الاقتصاد الأميركي يشهد انتعاشاً أسرع من التوقعات

شهدت بعض الأسهم في بورصة نيويورك ارتفاعات كبيرة حتى مع تفشي «كورونا» (أ.ب)
شهدت بعض الأسهم في بورصة نيويورك ارتفاعات كبيرة حتى مع تفشي «كورونا» (أ.ب)

يشهد الاقتصاد الأميركي انتعاشاً أسرع من التوقعات بعد الانكماش الناجم عن تفشي وباء كوفيد - 19 العام الماضي، رغم أن بعض القطاعات لا تزال منكوبة.
فبعد انكماش أكبر اقتصاد في العالم خلال عام 2020، بنحو 3.5 في المائة جراء تداعيات أزمة كورونا، من المتوقع أن يرتفع إجمالي الناتج المحلي الأميركي بنسبة 5.1 في المائة خلال العام الجاري، وفق توقعات لصندوق النقد الدولي.
وكان لحزم التحفيز المالية التي قاربت 3 تريليونات دولار التي أقرتها الحكومة العام الماضي، بما فيها خطة مساعدات تبلغ 900 مليار دولار تمت المصادقة عليها في أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مساهمة كبرى في النهوض بالاقتصاد الأميركي.
وقد يصادق الكونغرس على خطة إنقاذ بقيمة 1.9 تريليون دولار جديدة أعلنها الرئيس جو بايدن في منتصف يناير (كانون الثاني)، ووافق عليها مجلس النواب الأميركي أول من أمس، ستقدم المزيد من الدعم للشركات والأسر والهيئات المحلية والفيدرالية.
وهذا ما يحمل بعض خبراء الاقتصاد مثل غريغوري داكو من معهد أوكسفورد إيكونوميكس على توقع نمو يصل إلى 7 في المائة. أما رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول، فيتوقع نمواً بنسبة 6 في المائة.
مع إعادة فتح الشركات بما يتكيف مع القيود المفروضة لاحتواء الوباء، استعاد البلد حوالي نصف الوظائف العشرين مليوناً التي خسرها في الأسابيع الأولى من تفشي الوباء.
ويتركز العديد من الوظائف العشرة ملايين المتبقية في قطاع الخدمات مثل المطاعم والفنادق، وهو الأكثر تضرراً جراء الأزمة الصحية.
وكان العمال السود والمتحدرون من أميركا اللاتينية أكبر المتضررين. أما ملايين الموظفين الآخرين، فعانوا من خفض عدد ساعات عملهم، فيما خرج آخرون من سوق العمل، بينهم عدد كبير من النساء جراء إغلاق المدارس.
وارتفعت نسبة البطالة الرسمية في يناير إلى 6.3 في المائة، بفارق كبير عن نسبة 3.5 في المائة المسجلة في الشهر ذاته من العام الماضي. أما بالنسبة إلى العمال السود، فبلغت النسبة 9.2 في المائة.
لكن إذا أضيف إلى العاطلين عن العمل الأشخاص الذين توقفوا عن البحث عن وظيفة أو الذين يعملون بدوامات جزئية ويسعون للحصول على عمل بدوام كامل، عندها تصل النسبة إلى 11.1 في المائة.
واعتبرت الخبيرة الاقتصادية ديان سوونك من شركة غرانت ثورنتون أن «المساعدة والإنعاش أساسيان... لاحتواء خسارة الوظائف والشروع في تشغيل المحرك لتحقيق انتعاش اقتصادي أقوى عند رفع تدابير التباعد الاجتماعي».
وبحسب تقديرات مكتب موديز أناليتيكس، فإن خطة بايدن لإنعاش الاقتصاد ستولد 7.5 مليون وظيفة خلال العام الجاري وحده.
وإن كان المستهلكون أرغموا على الحد من نشاطاتهم في قطاع العقارات مثلاً، فقد ضاعفوا عمليات شراء السيارات والمنتجات الإلكترونية والأثاث إلى ما هنالك. وكان بائعو التجزئة على الإنترنت أكبر المستفيدين مع تحقيق مبيعات بزيادة تقارب 30 في المائة عام 2020.
وتظهر وطأة الانكماش الاقتصادي بشكل جلي في مجالات السفر والفنادق والترفيه، وهي قطاعات لن تنتعش قبل أن يعاود الناس ارتياد المسارح ودور السينما والعروض الموسيقية أو أخذ عطلة.
في غضون ذلك، لم تُضعف جائحة فيروس كورونا حماسة وارين بافيت حيال مستقبل أميركا وشركته بركشاير هاثاواي. فقد انتهز بافيت فرصة الخطاب السنوي الذي يبعث به إلى المستثمرين لطمأنتهم بأنه ومن يخلفونه سيعتنون بأموالهم في بركشاير، مستفيدين من «مرور الوقت» وما قال إنه «هدوء داخلي».
ورغم فقد 31 ألف وظيفة لدى بركشاير العام الماضي، لم يحد بافيت عن تفاؤله المعروف به، وأعاد شراء أسهم بقيمة 24.7 مليار دولار في 2020 في مؤشر على أنه يعتقد أن السعر أقل من قيمتها الحقيقية.
وأشاد بقدرة الاقتصاد على تحمل «تعطيلات شديدة» وتحقيق تقدم «مذهل». وكتب يقول: «النتيجة الحاسمة التي خلصنا إليها: لا تراهنوا ضد أميركا أبداً».
وقال توم روسو، الشريك لدى جاردنر وروسو وجاردنر في لانكستر بولاية بنسلفانيا والمستثمر القديم في بركشاير: «لديه ثقة عميقة في شركته وفي أميركا».
كسر الخطاب صمتاً غير معتاد من بافيت (90 عاماً)، إذ لم يظهر علناً منذ اجتماع بركشاير السنوي في مايو (أيار) الماضي.
تناول الخطاب المواضيع المعتادة، مثل جشع المصرفيين في فرض رسوم على الصفقات تفيدهم أكثر من الشركات التي يمثلونها، لكنه لم يتطرق للجائحة، وهي عامل رئيسي وراء فقد الوظائف في بركشاير.
وأشار بافيت إلى التزام طويل الأمد تجاه أبل، حيث ختمت بركشاير 2020 وفي حوزتها أسهم بقيمة 120.4 مليار دولار، رغم بيع أسهم بمليارات الدولارات في الآونة الأخيرة.
وأعلنت بركشاير يوم السبت عن تحقيق ربح صافٍ بلغ 35.84 مليار دولار في الربع الرابع، و42.52 مليار للعام بأكمله، بفضل مكاسب كبيرة من الأسهم. وهبطت إيرادات التشغيل، التي يعتبرها بافيت مقياساً أدق للأداء، 9 في المائة على مدار العام إلى 21.92 مليار دولار.
واستمرت عمليات إعادة شراء الأسهم في 2021، إذ أعادت الشركة شراء أكثر من أربعة مليارات دولار من أسهمها. وختمت 2020 بسيولة 138.8 قدرها مليار دولار.
لدى بركشاير، التي مقرها أوماها بولاية نبراسكا، أكثر من 90 من وحدة عاملة، وتراجعت قوة العمل لديها العام الماضي 8 في المائة ليصل عدد العاملين إلى حوالي 360 ألفاً.



اليوان الصيني بأضعف مستوياته في 16 شهراً

عملة ورقية من فئة 100 يوان وفي الخلفية علم الصين (رويترز)
عملة ورقية من فئة 100 يوان وفي الخلفية علم الصين (رويترز)
TT

اليوان الصيني بأضعف مستوياته في 16 شهراً

عملة ورقية من فئة 100 يوان وفي الخلفية علم الصين (رويترز)
عملة ورقية من فئة 100 يوان وفي الخلفية علم الصين (رويترز)

تعرضت أغلب عملات الأسواق الناشئة لضغوط مقابل الدولار يوم الأربعاء بعد تقرير قوي عن الوظائف أضاف إلى توقعات بارتفاع أسعار الفائدة الأميركية لفترة أطول، وهبط اليوان الصيني إلى أدنى مستوى في 16 شهراً، تحت ضغط من قوة الدولار وتهديدات بفرض تعريفات من جانب إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، رغم أن البنك المركزي حدد توجيهات أقوى من المتوقع.

وقالت وانغ تاو، كبيرة خبراء الاقتصاد الصيني في «يو بي إس»: «من المتوقع أن يواجه اليوان ضغوطاً لخفض قيمته؛ ليس فقط من زيادات التعريفات، ولكن أيضاً من الدولار الأقوى بشكل كبير... ولكن رغم هذه التحديات، فإننا نعتقد أن الحكومة الصينية عازمة وقادرة على إدارة خفض قيمة معتدل نسبياً».

وقبل فتح السوق حدد بنك الشعب الصيني سعر النقطة الوسطى الذي يسمح لليوان بالتداول حوله في نطاق 2 في المائة عند 7.1887 للدولار، وهو ما يزيد بمقدار 1548 نقطة عن تقديرات «رويترز».

وافتتح اليوان الفوري عند 7.3250 للدولار، وكان في آخر تداول منخفضاً بمقدار 31 نقطة عن إغلاق الجلسة السابقة عند 7.3315 يوان للدولار اعتباراً من الساعة 02:26 بتوقيت غرينتش، وهو أدنى مستوى منذ سبتمبر (أيلول) 2023.

وقالت وانغ إنها تتوقع أن يتم التحكم في سعر الصرف حول 7.4 للدولار على الأقل خلال النصف الأول من العام، وإذا تم الإعلان عن زيادات التعريفات الجمركية، فقد يضعف اليوان إلى 7.6 للدولار بحلول نهاية العام.

ونفى ترمب، الذي يتولى منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) الجاري، تقريراً صحافياً قال إن مساعديه كانوا يستكشفون خطط التعريفات الجمركية التي ستغطي الواردات الحرجة فقط، مما أدى إلى تعميق حالة عدم اليقين بين قادة الأعمال بشأن سياسات التجارة الأميركية المستقبلية.

ومن جانبه، انخفض مؤشر «إم إس سي آي» الذي يتتبع عملات الأسواق الناشئة 0.3 في المائة في الساعة 09:33 بتوقيت غرينتش بعد جلستين من المكاسب، مع ضعف أغلب العملات الأوروبية الناشئة مقابل الدولار وانخفاض الليرة التركية 0.2 في المائة.

وفي جنوب أفريقيا، ضعف الراند بنسبة 0.8 في المائة بعد مكاسب في الجلسة الماضية، وانخفض مؤشر الأسهم الرئيس في البلاد بنسبة 0.5 في المائة بعد أن أظهر مسح مؤشر مديري المشتريات المحلي أن نشاط التصنيع انخفض للشهر الثاني على التوالي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وصعد الدولار الأميركي قليلاً خلال اليوم مع ارتفاع عائدات الخزانة على نطاق واسع بعد أن أشار أحدث تقرير لبيانات الوظائف إلى سوق صحية باستمرار يوم الثلاثاء، مما خفف الآمال في عدة تخفيضات لأسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي هذا العام.

وانخفض الدولار الأميركي في وقت سابق من هذا الأسبوع رغم نفي الرئيس المنتخب دونالد ترمب للتقارير التي تفيد بأن التعريفات الجمركية التي يعتزم فرضها ستكون أقل صرامة، وهو ما رفع مؤشر العملات الناشئة.

وقال هاري ميلز، مدير «أوكو ماركتس»، مسلطاً الضوء على التحركات الحادة في البيزو المكسيكي واليوان الصيني: «إذا كانت حقيقة التعريفات الجمركية أقل مما قاله ترمب خلال الأشهر الثلاثة الماضية أو نحو ذلك، فقد تشهد العملات الناشئة ارتفاعاً وتخفيفاً للآثار التي عانت منها في الشهرين الماضيين».

وكان اليورو مستقراً أو مرتفعاً مقابل أغلب عملات أوروبا الناشئة، حيث بلغ أعلى ارتفاع له 0.2 في المائة مقابل الزلوتي البولندي. وكان أداء الأسهم البولندية أضعف من نظيراتها بانخفاض 0.4 في المائة.

وكان الروبل قد ارتفع في أحدث تعاملات بنسبة 2.1 في المائة مقابل الدولار، ليتجه للجلسة الخامسة من المكاسب، رغم أن التداول كان ضعيفاً حيث تحتفل روسيا بعطلة عامة حتى التاسع من يناير. كما ارتفع الشلن الكيني بنسبة 0.5 في المائة مقابل الدولار.

وانخفض مؤشر أسهم الأسواق الناشئة الأوسع نطاقاً بنسبة 0.8 في المائة ويتجه صوب أول خسارة له في أربع جلسات، مع هبوط الأسهم الآسيوية ذات الأوزان الثقيلة.

وقال ميلز «إذا رأينا رقماً قوياً للغاية لبيانات الوظائف غير الزراعية في الولايات المتحدة في وقت لاحق من الأسبوع، فإن هذا من شأنه أن يعطي المزيد من الارتفاع للدولار الأقوى».

وأنهت أغلب الأسواق الناشئة الربع الأخير على نغمة قاتمة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن البنك المركزي الأميركي اتخذ موقفاً متشدداً وتوقع تخفيضات أقل من المتوقع في السابق هذا العام.