حكومة دبيبة أمام مجلس النواب «قريباً جداً»

توتر أمني مفاجئ بين ميليشيات العاصمة الليبية

مهاجرون سريون أنقذهم حرس السواحل الليبي لدى وصولهم إلى قاعدة طرابلس البحرية أمس (أ.ف.ب)
مهاجرون سريون أنقذهم حرس السواحل الليبي لدى وصولهم إلى قاعدة طرابلس البحرية أمس (أ.ف.ب)
TT

حكومة دبيبة أمام مجلس النواب «قريباً جداً»

مهاجرون سريون أنقذهم حرس السواحل الليبي لدى وصولهم إلى قاعدة طرابلس البحرية أمس (أ.ف.ب)
مهاجرون سريون أنقذهم حرس السواحل الليبي لدى وصولهم إلى قاعدة طرابلس البحرية أمس (أ.ف.ب)

وسط دعوات إلى الكشف عن تقرير الأمم المتحدة بشأن تهم فساد سياسي طالت بعض المشاركين في ملتقى الحوار الليبي الذي رعته المنظمة الدولية في مدينة جنيف السويسرية مؤخراً، قالت مصادر مقربة من رئيس الوزراء الليبي المكلف عبد الحميد دبيبة، إنه بصدد الانتهاء من تشكيلة حكومته خلال اليومين المقبلين تمهيداً لتقديمها إلى مجلس النواب.
وقال أحد مساعدي دبيبة مشترطاً عدم تعريفه في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» من طرابلس، إن القائمة الرسمية والكاملة للحكومة الجديدة أوشكت على الانتهاء، مشيراً إلى أنه سيتم تسليمها إلى المجلس الرئاسي الجديد ومجلس النواب قريباً جداً.
بدوره، أكد دبيبة التزامه بوجود المرأة بفاعلية وصلاحيات حقيقية في تشكيلة الحكومة، لا كمجرد رقم، لافتا إلى أنه حظي بما وصفه بلقاء إيجابي مع السيدات عضوات ملتقى الحوار، جرى فيه النقاش حول تشكيلة الحكومة والتحديات التي تواجهه بهذا الخصوص.
وعرض دبيبة على البرلمان هيكل حكومته، في إطار المحطة الأولى من مرحلة انتقالية تنص على إجراء انتخابات في ديسمبر (كانون الأول) المقبل لإنهاء عقد من الفوضى، علما بأنه أمام دبيبة مهلة حتى 19 من هذا الشهر للحصول على ثقة مجلس النواب، الذي أعلن رئيسه عقيلة صالح عن جلسة برلمانية في الثامن من الشهر الحالي لمناقشة التصويت على منح الثقة للحكومة، بعدما انتهت يوم الجمعة الماضي المهلة التي حددتها خريطة طريق للأمم المتحدة لدبيبة، وسط صعوبات تعترض إعلان المرشحين لحقائبها الوزارية.
وتم اختيار دبيبة (61 عاماً) الشهر الماضي رئيساً للوزراء للفترة الانتقالية من جانب المشاركين في الحوار الذي رعته الأمم المتحدة في سويسرا.
إلى ذلك، طالب بيان لخمس عضوات من لجنة الحوار السياسي الليبي في جنيف، بعثة الأمم المتحدة بنشر تقرير الخبراء الذي قدم إلى مجلس الأمن، لوضع حد للإشاعات التي تمس العملية السياسية برمتها، بعد اتهامات بتلقي رشاوى وبيع ذمم. وطالب البيان البعثة باتخاذ الإجراءات اللازمة والقانونية لوضع حد للانتهاكات التي تجري بحق كل من شارك في الملتقى.
وفي تطور لافت، اضطرت حكومة دبيبة إلى سحب الشعار الرسمي الذي أعلنت فوزه في مسابقة نظمتها بالخصوص، بعدما تلقى مكتبها الإعلامي ما وصفه ببعض الملاحظات التي سجلها بعض المتابعين على وجود تشابه بين الشعار الفائز وشعار آخر متداول على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقالت الحكومة في بيان مساء أول من أمس إنه «بعد تحقق لجنة التحكيم من الموضوع وبحثها في الجوانب الفنية والتنظيمية كافة ذات العلاقة، اتضح أن وجود مثل هذا التشابه يتعارض مع أحد الشروط المعلن عنها للمسابقة، وقررت سحب الشعار الذي سبق وأن أعلن عن فوزه بالترتيب الأول، واختيار الشعار الفائز بالترتيب الثاني واعتماده شعاراً رسمياً للحكومة».
وانتقدت وسائل إعلام محلية ونشطاء سياسيون سماح الحكومة باستخدام شعار ينتهك الشروط اللازمة وحقوق الملكية الفكرية، إثر الكشف عن أنه كان متاحا على شبكة الإنترنت لصالح إحدى الشركات الخاصة.
ودخلت ألمانيا على خط الضغوط الدولية على مجلس النواب لمنح الثقة لحكومة دبيبة، إذ التقى أمس سفيرها لدى ليبيا أوليفر أوفتشا مع عقيلة صالح الذي أكد مجدداً ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها من دون تأجيل وضرورة أن تشكل الحكومة المرتقبة تأسيساً على مبدأ التوزيع العادل بين الأقاليم الثلاثة.
وقال بيان للمتحدث باسم المجلس إن أوفتشا «عبر عن بالغ تقديره لجهود صالح المستمرة التي أثمرت نتائج إيجابية، تمثلت في إنجاز خطوات مهمة في سبيل تشكيل مجلس رئاسي وحكومة وحدة وطنية».
من جهة أخرى، شهدت طرابلس توتراً أمنياً جديداً بشكل مفاجئ مساء أول من أمس بعد مقتل أحد عناصر ميليشيا 444 التابعة لـ«قوات الردع» الموالية لحكومة الوفاق في منطقة صلاح الدين على أيدي ميليشيات «ثوار طرابلس» بقيادة أيوب بوراس، ما استدعى تعزيزات متبادلة بين ميليشيات العاصمة.
وتحدث سكان وشهود عيان عن اندلاع اشتباكات وسماع إطلاق نار قرب قاعدة ومطار معيتيقة العسكري الخاضعة لقوات الردع. وتصدر ملف الوضع الأمني في المنطقة الغربية عامة وطرابلس خاصة، اجتماع وزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باشاغا مع الأمين العام المساعد منسق بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ريزدون زينينغا، إذ عبر أغا عن أمله في منح ثقة مجلس النواب لحكومة الوحدة الوطنية في الأيام المقبلة.
وطبقاً لبيان وزعه أمس، أبدى أغا ارتياحه لانتخاب حكومة وحدة وطنية ومجلس رئاسي جديدين، مؤكداً دعم وزارة الداخلية للمخرجات السياسية كافة للخروج بالبلاد إلى بر الأمان.
ووقع أغا مع مدير الهيئة العامة لمكافحة الفساد نعمان الشيخ مذكرة تفاهم «لمكافحة أشكال الفساد كافة وتبادل الجهود والتجارب الناجحة والخبرات والمعلومات والمستندات في مجال الوقاية من الفساد والتحري والكشف عن جرائم الفساد وحماية الشهود والخبراء والمبلغين والمصادر السرية وما في حكمها ضمن إطار أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتشريعات النافذة».
من جهة أخرى، أصدر مكتب المدعي العام العسكري مذكرات اعتقال بحق أكثر من 3 آلاف من عناصر اللواء التاسع التابع لـ«الجيش الوطني»، بتهمة «ارتكاب جرائم قتل» عدد من الأشخاص المدفونين في المقابر الجماعية بترهونة «وتدمير الممتلكات الخاصة والعامة والمشاركة في الهجوم على طرابلس».
وقالت قوات «الوفاق» المشاركة فيما يعرف باسم «عملية بركان الغضب» إن «الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين تعرفت مساء أول من أمس على 7 جثث مجهولة الهوية من المقابر الجماعية في ترهونة بعد إجراءات تحليل البصمة الوراثية ومطابقتها بعينات أهالي المفقودين».



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.