الأمم المتحدة تتطلع إلى دعم سخي في مؤتمر المانحين لليمن

غوتيريش يحذر من أن «الحياة أصبحت لا تطاق» للملايين المهددين بالمجاعة

TT

الأمم المتحدة تتطلع إلى دعم سخي في مؤتمر المانحين لليمن

وصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الحياة في اليمن بأنها «أصبحت لا تطاق» لدى ملايين المواطنين الذين يتضورون جوعاً، مطالباً بدعم سخي من المجتمع الدولي في سياق دعوته، بالشراكة مع الحكومتين السويدية والسويسرية، إلى عقد مؤتمر المانحين الرفيع المستوى الخاص لمنع وقوع مجاعة واسعة النطاق في هذا البلد العربي.
وأعلن وزير الخارجية الأميركي، أنطوني بلينكن، أنه سيترأس الوفد الأميركي الذي يضم القائمة بأعمال مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية غلوريا ستيل، والمبعوث الأميركي الخاص لليمن السفير تيم ليندركينغ، ونائب مساعد وزير الخارجية ريتشارد أولبرايت، إلى هذه المناسبة. وستشارك أكثر من 100 من الحكومات والجهات المانحة والمنظمات الإنسانية في المؤتمر الذي يبدأ الساعة التاسعة صباح اليوم (الاثنين) بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة.
ومع دخول النزاع عامه السابع، يشهد اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث تشير أحدث التقديرات من الأمم المتحدة إلى أن نحو 50 ألف شخص يعيشون حالياً في ظروف تشبه المجاعة، في حين يحتاج نحو 21 مليون شخص (أي أكثر من 66 في المائة من إجمالي عدد السكان) إلى مساعدات إنسانية وحماية.
وأفاد مكتب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة، مارك لوكوك، في بيان أعد لهذه المناسبة، بأنه في ظل الظروف الراهنة، صارت حياة المواطن اليمني العادي «لا تطاق»، موضحاً أن «ثلثي اليمنيين يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية للبقاء على قيد الحياة». وحذر من أن «أكثر من 16 مليون شخص سيواجهون الجوع هذا العام»، علماً بأن «50 ألف يمني يموتون جوعاً بالفعل في ظروف تشبه المجاعة»، متوقعاً أن يعاني نصف الأطفال ممن هم دون الخامسة من العمر «سوء التغذية الحاد، بما في ذلك 400 ألف يمكن أن يموتوا إذا لم تكن هناك سرعة في توفير العلاج».
ووفقاً للأمم المتحدة، انخفض تمويل عملية الإغاثة في اليمن «بشكل كبير» عام 2020، موضحة أنها والمنظمات غير الحكومية الشريكة تلقت 1.9 مليار دولار، أو نصف ما حصلت عليه في عام 2019، مما أدى إلى اقتطاع جزء من المساعدات.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة إنه «بالنسبة إلى معظم الناس، أصبحت الحياة في اليمن الآن لا تطاق»، محذراً من أن «الطفولة في اليمن تمثل نوعاً خاصاً من الجحيم»، وأضاف أن «هذه الحرب تبتلع جيلاً كاملاً من اليمنيين»، ولذلك «يجب أن ننهيها الآن، ونبدأ في التعامل مع عواقبها الهائلة على الفور»، وشدد على أن «هذه ليست لحظة التراجع عن اليمن».
أما لوكوك، فقال: «نحن على مفترق طرق» مع اليمن، مضيفاً أنه «يمكننا اختيار الطريق إلى السلام أو السماح لليمنيين بالانزلاق إلى أسوأ مجاعة في العالم منذ عقود»، ورأى أن «عملية الإغاثة الممولة بشكل كاف ستمنع انتشار المجاعة، وتوجد الظروف المناسبة لسلام دائم»، ونبه إلى أنه «إذا كنت لا تطعم الناس، فأنت تغذي الحرب».
ونقلت الأمم المتحدة عن نائب الرئيس السويسري رئيس الوزراء للشؤون الاتحادية، إغناسيو كاسياس، أن «(كوفيد-19) ليس مجرد أزمة صحية عالمية، لكنه يعمل عدسة مكبرة»، مشيراً إلى «معاناة الشعب اليمني لسنوات من النزاع المسلح والمجاعة والأمراض المعدية وآثار تغير المناخ وارتفاع التضخم»، ولاحظ أن «وباء (كوفيد-19) زاد الوضع المزري لهؤلاء الأشخاص سوءاً».
ونسبت أيضاً إلى وزيرة الخارجية السويدية، آن ليندي، أن «اليمن هو أخطر مكان في العالم للأطفال»، معتبرة أن «الحل الوحيد المستدام للأزمة الإنسانية هو إنهاء القتال، وإيجاد حل سياسي للنزاع»، وقالت إنه «يجب على المجتمع الدولي زيادة تمويل الاستجابة الإنسانية المنسقة من الأمم المتحدة، وزيادة الدعم السياسي لجهود السلام التي تقودها» المنظمة الدولية. كذلك قال وزير التعاون الإنمائي الدولي والشؤون الإنسانية السويدي، بير أليسون، إن «الشعب اليمني يتضور جوعاً بسبب النزاع المستمر»، محذراً من أنه من دون زيادة الدعم للاستجابة الإنسانية «سيواجه أسوأ مجاعة شهدها العالم منذ عقود»، ودعا المانحين إلى «إظهار التزامهم تجاه الشعب اليمني».
وتسعى وكالات الغوث هذه السنة إلى جمع مساعدات كافية لأكثر من 16 مليوناً من اليمنيين المهددين بخطر المجاعة وسوء التغذية وفيروس «كورونا» ووباء الكوليرا والتهديدات الأخرى.


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.