سكان الجنوب الليبي يطالبون بضبط الحدود وتوفير الخدمات

بعد زيارة المجلس الرئاسي المكلف إلى سبها

TT

سكان الجنوب الليبي يطالبون بضبط الحدود وتوفير الخدمات

يشتكي سكان الجنوب الليبي منذ إسقاط النظام السابق قبل عشرة أعوام من التهميش والإقصاء، فضلاً عن نقص الخدمات الحكومية، والارتفاع المبالغ فيه لأسعار الوقود، وشح السيولة. لكن مع اختيار السلطة التنفيذية الجديدة، تجددت الآمال لدى قطاع كبير من قاطني أقصى الصحراء الليبية في أن تعمل على تحسين الوضع المعيشي.
جانب من هذه الآمال أحيته زيارة رئيس المجلس الرئاسي المكلف محمد المنفي، ونائبيه موسى الكوني وعبد الله اللافي، إلى مدينة سبها أول من أمس، بالإضافة إلى تصريح رئيس الوزراء المكلف عبد الحميد دبيبة عندما تحدث عن أن «العناية بالجنوب الليبي في مجالات الصحة والبنية التحتية ستكون بين أولويات الحكومة».
وبعيداً عن تشكك بعضهم في تصريحات دبيبة، وعدها «ليست أكثر من مغازلة لأهل الجنوب» يطلقها المسؤولون في بداية عهدهم، وضع بعض ممثلي الجنوب من السياسيين والنشطاء قائمة بأهم مطالبهم من السلطة الجديدة، أقلها الخدمات وضبط الحدود. وقال عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي عن الجنوب، عبد القادر حويلي، لـ«الشرق الأوسط» إن «الأمن وضبط الحدود يأتي في مقدمة ما نأمل بتحقيقه من الحكومة الجديدة، بما في ذلك تأمين الطريق الرابط بين الجنوب والشمال، وكذلك العمل على توفير الخدمات الحياتية، مثل الوقود والكهرباء والسيولة».
ودعا حويلي، وهو عضو المجلس الأعلى للدولة ابن مدينة سبها، إلى «تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول كل ما مر بالجنوب من مشكلات وخلافات، والعمل على جبر الضرر، ومن ثم تفعيل المصالحة الوطنية».
وفي السياق ذاته، أكد عضو مجلس النواب في طبرق إسماعيل الشريف أهمية العمل على فتح الطرق والمطارات، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ضبط الحدود في الجنوب من شأنه منع الهجرة غير المشروعة من دول عدة إلى بلادنا... الكل يعلم حجم المشكلات والأزمات المترتبة على هذا الوضع».
وأضاف: «لا بد من الاهتمام بعلاج أزمة نقص الوقود في الجنوب، وإجراء صيانة سريعة وتطوير لشبكات الكهرباء، خاصة المحطة الرئيسية في مدينة أوباري، لمنع استمرار انقطاع التيار، والعمل أيضاً على الاهتمام بالوضع الصحي، وتوفير المستلزمات الضرورية اللازمة كافة لهذا القطاع، من أجهزة طبية وأدوية».
وسلطت الناشطة المدنية سليمة بن نزهة الضوء على جانب آخر من معاناة أهل الجنوب، تمثل في ارتفاع أسعار كثير من السلع، خصوصاً الضرورية منها، مثل الغذاء والوقود. وقالت بن نزهة لـ«الشرق الأوسط»: «بفعل فساد بعض من العاملين بالدولة وغياب الرقابة، يتم تهريب السلع والوقود من المنافذ الحكومية وبيعها في السوق السوداء بأسعار عالية».
ولفتت إلى أن «بعض التجار يلجأ إلى مضاعفة أسعار البضائع تحت مبررات عدة، منها ارتفاع سعر الوقود اللازم لنقل البضائع من طرابلس إلى مدن الجنوب البعيدة، وكذلك حماية الشحنات المحملة بالبضائع نظراً لغياب الأمن على الطرق»، منوهة بأن «هذه الزيادات المالية تضطر الأسر إلى دفعها زيادة على سعر السلعة».
وتطرقت إلى عدم وجود فرص للعمل في الجنوب، وصعوبة التحاق خريجي الجامعات والمعاهد بأي وظائف هناك، مما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة، إضافة إلى أن «الانقسام السياسي ووجود حكومتين تسبب في تعطيل رواتب كثير من الموظفين بالدولة».
وأوضحت نزهة أن «ارتفاع البطالة يعني ارتفاع نسب العنوسة بالجنوب، وزيادة معدلات الجريمة، خاصة الخطف بهدف الفدية، التي باتت ظاهرة بوضوح في مدن مثل سبها على يد عصابات أفرادها في الغالب من عناصر غير ليبية قدموا إلينا عبر الحدود».
وفي حين طالبت الحكومة الجديدة بـ«إنهاء شكاوى أهل الجنوب فيما يستشعرونه من تهميش وإقصاء»، نوهت بأن «الجنوب لم يحظ باهتمام المسؤولين البارزين في الحكومات المتعاقبة منذ ثورة فبراير (شباط)».
وعد المحلل السياسي والأمني الليبي جمال شلوف أن «مطلب تأمين الحدود الجنوبية سيؤدي إلى تقليل كثير من المخاطر التي قد تعترض طريق السلطة الجديدة بالبلاد، من تهديدات إرهابية والتصدي لمافيا المخدرات والسلاح والهجرة غير المشروعة».
وقال شلوف، في تصريح لـ«لشرق الأوسط»: «لا يجب التغافل عن خطر وجود (داعش)، خاصة فرع جيش الصحراء الذي يتخذ من بعض المواقع بسلسلة جبال الهروج مقراً له، فضلاً عن تنظيم القاعدة الذي يتخذ من الجنوب ممراً لنقل السلاح من الغرب الليبي إلى منطقة الساحل الأفريقي».
وتحدث عن «وجود نشط لبعض فصائل المعارضة، من دول كالنيجر وتشاد، التي شقت طريقها للأراضي الليبية عبر الحدود»، وقال إن «هذا خطر، ولكن الأخطر منه هو محاولات بعض قبائل الأقليات الليبية التي تنشط على الحدود».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.