يوسف شعبان يغادر «عش الدبابير» متأثراً بـ«كورونا»

برع في تجسيد «الشر» خلال مشواره الممتد لأكثر من 60 عاماً

الفنان المصري الراحل يوسف شعبان
الفنان المصري الراحل يوسف شعبان
TT

يوسف شعبان يغادر «عش الدبابير» متأثراً بـ«كورونا»

الفنان المصري الراحل يوسف شعبان
الفنان المصري الراحل يوسف شعبان

غيب الموت الفنان المصري الكبير يوسف شعبان، أمس الأحد، متأثراً بإصابته بفيروس «كورونا» لينضم إلى قائمة الفنانين الذين رحلوا جراء هذا الوباء، ومن بينهم رجاء الجداوي، وهادي الجيار، وفايق عزب، بعد تدهور حالته الصحية ونقله إلى الرعاية المركزة بمستشفى العجوزة بالقاهرة الثلاثاء الماضي قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة بها.
وأعلن د. أشرف زكي نقيب الممثلين وفاة الفنان الكبير، ونشر صورة له عبر حسابه على «إنستغرام» وعلق عليها قائلاً: «وداعاً أستاذي وحبيبي». كما نعى عدد من نجوم الفن وجمهور «السوشيال ميديا» الفنان الراحل ووصفوه بـ«الممثل القدير البارع» الذي أجاد تقديم كل الشخصيات التي أسندت إليه خلال مشواره الفني الطويل.
ونعت د. إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة المصرية، الفنان الراحل قائلة: «إنه صنع مسيرة مميزة وترك أثراً بارزاً عبر رحلة فنية امتدت لأكثر من ستين عاماً».
بيروت... المحطة الأخيرة
وكان يوسف شعبان قد عاد إلى القاهرة قادماً من بيروت حيث كان يصور بعض مشاهده بمسلسل «عش الدبابير» الذي يلعب بطولته مصطفى شعبان وعمرو سعد ورانيا يوسف، وكان قد صور عدداً من المشاهد الأساسية - وفق منتجه صادق الصباح - وعقب وصوله لمصر شعر بمتاعب صحية فقامت أسرته بنقله إلى أحد المستشفيات، حيث أثبتت التحاليل إصابته بكورونا، كما أصيبت زوجته إيمان التي كانت برفقته في لبنان.
وقدم يوسف شعبان خلال بداية مشواره الفني أعمالاً سينمائية بارزة أمام كبار نجوم ونجمات ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، ومنهم شادية وسعاد حسني ورشدي أباظة وكمال الشناوي وسميرة أحمد، على غرار «ميرامار، زقاق المدق، أم العروسة، الثلاثة يحبونها، الرجل الذي فقد ظله»، لكن فرصته الأكبر جاءت من خلال الدراما التلفزيونية التي أتاحت له تقديم أدوار البطولة، فقدم أعمالاً ظلت راسخة في أذهان الجمهور وفي مقدمتها مسلسل «رأفت الهجان»، و«الوتد»، و«الضوء الشارد» وشغل يوسف شعبان منصب نقيب الممثلين خلال الفترة من 1997 وحتى 2003.
في بيتنا رجل
يوسف شعبان، المولود في 16 يوليو (تموز) 1936 بحي شبرا بالقاهرة، التحق بكلية الحقوق بناء على رغبة عائلته، وانضم لفريق التمثيل بالكلية بنصيحة من زميله كرم مطاوع، ومع تأكد رغبته في مجال الفن اتجه لدراسة التمثيل وحصل على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1962، غير أنه بدأ مشواره السينمائي قبل تخرجه بعام من خلال فيلم «في بيتنا رجل» أمام عمر الشريف ورشدي أباظة وإخراج بركات، ولم ينته عقد الستينات إلا بعد مشاركته في عدد كبير من الأفلام من بينها «معبودة الجماهير» أمام عبد الحليم حافظ، وشادية التي شاركها التمثيل في عدة أفلام من بينها «زقاق المدق» 1963، و«ميرامار» 1969، و«مراتي مدير عام»، كما شارك في أفلام «أم العروسة»، و«زائر الفجر»، و«دائرة الانتقام»، و«المذنبون»، و«حمام الملاطيلي».
رأفت الهجان
وشارك يوسف شعبان في أكثر من مائة وثلاثين مسلسلاً، أتاحت له مساحة أكبر من الأدوار التي أكدت موهبته وحضوره كممثل قادر على تجسيد مختلف الأنماط والشخصيات وتنقل ببراعة بين أدوار الشر، وتحفظ ذاكرة الجمهور أدواره في عدد من المسلسلات التي ترسخت مثل شخصية محسن ممتاز في مسلسل «رأفت الهجان» التي لاقت تجاوباً كبيراً من المشاهدين وقام الرئيس الفلسطيني محمود عباس بمنحه وسام الفنون والآداب تقديراً لما قدمه من أعمال لخدمة وطنه، كما حظي بتكريم من وزارة الثقافة في ذكرى حرب أكتوبر. وكذلك أدواره في مسلسلات «عيلة الدوغري، والشهد والدموع، والمال والبنون، والسيرة الهلالية، وأميرة في عابدين».
ويؤكد نقاد مصريون أن اسم يوسف شعبان سوف يظل اسماً مهماً في تاريخ الفن المصري، ويقول الناقد أشرف غريب، لـ«الشرق الأوسط»: «رغم أن اسمه لم يتصدر طيلة الوقت الأفيشات، لكنه ظل موجوداً بقدراته التمثيلية العالية، فهو مثل عازف أساسي في أوركسترا لكنه ليس المايسترو، قد بدأ بشكل جيد مع فيلم «في بيتنا رجل»، لكن النقلة الأولى في مشواره جاءت سنة 1963 حينما أشركه المخرج حسن الإمام في فيلم «زقاق المدق» أمام شادية ومجموعة من كبار الممثلين، ثم البطولة السينمائية الأولى له في فيلم «بائعة الجرايد» أمام ماجدة، غير أنه تراجع بعدها للأدوار الثانية، ربما لأنه جاء في وقت نجومية رشدي أباظة وعمر الشريف - قبل اتجاهه للعالمية - كما أنه اتجه لأدوار تنطوي على قدر من الشر على غرار دوره في فيلم «معبودة الجماهير» الذي جسد فيه دور غريم البطل وجعله يصاب بـ«لعنة عبد الحليم حافظ»، فكما كان شعبان يقول إنه بعد هذا الفيلم أخذ منه الجمهور موقفاً سلبياً، فجسد أدواراً ثانية وثالثة.
ويرى غريب أن «هناك عملين مهمين أعادا صياغة موهبة الفنان الراحل خلال فترة الثمانينات وأعادا له البريق وهما شخصية «محسن ممتاز» في مسلسل «رأفت الهجان»، الذي تزامن مع دوره في مسرحية «دماء على أستار الكعبة» التي جسد فيها شخصية «الحجاج بن يوسف الثقفي».
ورغم تقدمه في العمر لم يفقد يوسف شعبان لياقته الفنية وظل يترقب بين حين وآخر مشاركته في أعمال فنية، مؤكداً في حواره الأخير مع «الشرق الأوسط» العام الماضي، أنه «لا يؤمن باعتزال الفنان طالما كان قادراً على العطاء، وعاتب المؤلفين الجدد بأنهم لا يهتمون بكتابة أدوار للفنانين الكبار مما أصابهم بحسرة، وكان شعبان يتطلع لبدء تصوير مسلسل «بالحب هنعدي» الذي تعاقد عليه قبل أربع سنوات أمام سميرة أحمد بعد أن جمعتهما عدة أعمال سينمائية وتلفزيونية من بينها «أم العروسة»، «امرأة من زمن الحب»، «ضد التيار»، «أميرة في عابدين». كما شارك الفنان الراحل في بطولة المسلسل الأردني «وضحا وابن عجلان» عام 1975 الذي قدمه باللهجة البدوية، وحقق المسلسل نجاحاً كبيراً عند عرضه في دول الخليج والأردن.
ومسرحياً، قدم يوسف شعبان عدة مسرحيات عن روايات أدبية من بينها: «الطريق المسدود»، و«شيء في صدري»، لإحسان عبد القدوس، و«أرض النفاق» ليوسف السباعي، و«دماء على أستار الكعبة» كما شارك في بطولة مسرحية «مطار الحب» أمام عبد المنعم مدبولي وميرفت أمين.
وتزوج يوسف شعبان أربع مرات الأولى من الفنانة ليلى طاهر ثم انفصل عنها، كما تزوج من نادية ابنة الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق وأنجب منها ابنته سيناء، كما تزوج من الممثلة سهام فتحي، وكانت آخر زيجاته من الكويتية إيمان الشريعان التي عاشت معه بين القاهرة والكويت، وأنجب منها ابنته زينب وابنه مراد.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)