إطلاق حركة «حزم» العسكرية يزيد من قوة المجموعات المعتدلة في المعارضة السورية

تضم كتائب سابقة في «الجيش الحر»

إطلاق حركة «حزم» العسكرية يزيد من قوة المجموعات المعتدلة في المعارضة السورية
TT

إطلاق حركة «حزم» العسكرية يزيد من قوة المجموعات المعتدلة في المعارضة السورية

إطلاق حركة «حزم» العسكرية يزيد من قوة المجموعات المعتدلة في المعارضة السورية

أعطى تشكيل حركة «حزم»، التي تضم مجموعات عسكرية في «الجيش السوري الحر»، زخما إضافيا للقوى العسكرية المعتدلة في المعارضة السورية التي تقاتل نظام الرئيس بشار الأسد، في مواجهة تصاعد الجماعات المتشددة مثل «تنظيم دولة العراق والشام الإسلامية».
وانطلقت هذه الحركة، التي تضم 22 كتيبة من مناطق سورية مختلفة، بدعم من رئيس هيئة أركان «الجيش السوري الحر» اللواء سليم إدريس، الذي ظهر في شريط فيديو بجانب قادة الحركة، معلنا تأييده لتشكيلها، وواصفا عناصرها بأنهم «السباقون والحريصون على إنجاح الثورة وتحقيق المطالب الشعبية في إسقاط النظام بكافة أركانه ورموزه».
وأوضح إدريس أن «للثورة حماتها وهناك الكثير من التشكيلات الواعية لما يدور حولها من المتغيرات وأن لها تأثيرها المهم والكبير لكافة مراحل الثورة السلمية والمسلحة».
ورغم أن مساعد إدريس، المقدم مصعب سعد الدين، أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «إدريس يدعم حركة (حزم) كما يدعم بقية الكتائب المعتدلة والوسطية مثل جبهة (أحرار سوريا) و(جيش المجاهدين)»، فإن تأسيس «حزم» في وقت تشهد فيه الكتائب المعارضة تشرذما وانقساما، يطرح أسئلة حول دور عسكري جديد يسعى اللواء إدريس للعبه بعد تراجع دور هيئة الأركان التي كان يرأسها. لكن سعد الدين نفى أن «يكون وراء تأسيس هذه الحركة أي أهداف تتعلق باللواء إدريس»، مشيرا إلى أن «قياديين في (حزم) أصروا على إدريس للظهور معهم في الفيديو المسجل، فلبى دعوتهم من دون أي نيات مبيتة».
وتوزعت مراكز القيادة في حركة «حزم» بين الملازم المنشق عبد الله عودة الذي شغل منصب القائد العسكري، والقيادي حمزة الشمالي الذي ترأس المكتب السياسي، في حين تولى محمد الضحيك القيادة العسكرية للجبهة الجنوبية، والملازم أول مرشد الخالد قيادة الجبهة الشمالية، إضافة إلى بلال عطار الذي شغل أمين عام حركة «حزم».
ومن المتوقع أن تنضم الكتائب المنضوية في حركة «حزم» إلى جبهة «ثوار سوريا» و«جيش المجاهدين» وكتائب معتدلة أخرى تخوض معارك ضد «تنظيم دولة العراق والشام الإسلامية». وتشير الحركة في بيان تأسيسها إلى أنه «حرصا على الحفاظ على ثوابت ثورتنا والوقوف في وجه كل من يحاول حرف مسارها المتمثل بإسقاط النظام وتحقيق طموحات شعبنا في حريته واستعادة كرامته، نحن التشكيلات المنتشرة على كافة الأراضي السورية، التي كانت وما زالت سباقة في مواجهة النظام والدفاع عن شعبنا المضطهد، نعلن عن تأسيس حركتنا لنقف بوجه كل من يحاول المساس بثوابت الثورة وتضحيات شعبنا أو الإساءة إلى شهدائنا ومجاهدينا». كما أكدت الحركة في بيانها «الالتزام بالتنسيق مع كافة الفصائل المقاتلة والمجاهدة التي تعمل على نفس الهدف»، مشددة على أن «دعم القوى الثورية هو الضمانة الحقيقية لأي حل سياسي».
وتضم الحركة التي شكلت قبل أيام كلا من «كتائب فاروق الشمال» و«الفرقة التاسعة التابعة للقوات الخاصة» و«اللواء الأول مدرعات» و«لواء الإيمان بالله» و«كتيبة أبي الحارث» و«كتيبة أحرار السلمية» و«كتيبة الشهيد عبد الرحمن الشمالي» و«كتيبة الشهيد بكر بكار» و«كتيبة أحباب الرسول» و«كتيبة الشهيد حمزة زكريا» و«كتيبة الرشيد» و«كتيبة أبو أسعد النمر»، إضافة إلى «لواء أحباب الله» و«كتيبة الفاتح» و«لواء الستين» و«كتيبة عباد الرحمن» و«كتيبة الشهيد عبد الغفار حاميش» و«كتيبة فاروق الزعفرانة» و«كتيبة الشهيد عبد الله بكار» و«كتيبة شهداء الرستن» و«كتيبة الشهيد عمار طلاس فرزات» و«سرايا صوت الحق».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.