تونس: مسيرة لدعم الشرعية... وأخرى ضد منظومة الحكم

المعارضة اعتبرت خروج «النهضة» للشارع «خطوة استفزازية واستعراضاً للعضلات»

جانب من المظاهرة التي نظمتها حركة النهضة وسط العاصمة التونسية أمس (رويترز)
جانب من المظاهرة التي نظمتها حركة النهضة وسط العاصمة التونسية أمس (رويترز)
TT

تونس: مسيرة لدعم الشرعية... وأخرى ضد منظومة الحكم

جانب من المظاهرة التي نظمتها حركة النهضة وسط العاصمة التونسية أمس (رويترز)
جانب من المظاهرة التي نظمتها حركة النهضة وسط العاصمة التونسية أمس (رويترز)

شهدت العاصمة التونسية أمس مسيرتين ضخمتين: الأولى مؤيدة للسلطة نظمتها حركة النهضة (إسلامي)، والثانية احتجاجية نظمها حزب العمال اليساري، الطرف المعارض لـ«النهضة» ولحكمها وسياستها، والذي يصفها باستمرار بالحزب الفاشل في إدارة الملفات الصعبة.
وشهدت المسيرة الشعبية، التي نظمتها حركة النهضة، توافد أعداد غفيرة من أنصارها منذ الصباح الباكر، ولاحظت «الشرق الأوسط» وصول عدد كبير من الحافلات التي أقلت المشاركين من مختلف مناطق الجمهورية.
أما المسيرة الاحتجاجية، التي نظمها حزب العمال، فقد قادها حمة الهمامي رئيس الحزب، الذي صرح بأنّه «رغم قلة عدد المشاركين في المسيرة، فإنهم أصروا على النزول إلى الشارع حتى يسمع التونسيون صوتا مغايرا لصوت حركة النهضة». كما انتقدت بعض قيادات الأحزاب المعارضة الخطوة التي اتخذتها حركة النهضة، على اعتبار أنّها هي التي تتزعم المشهد السياسي منذ ثورة 2011. ووصفوا دعوة أنصارها للتظاهر «خطوة استفزازية تدخل ضمن خانة استعراض العضلات».
وبررت بعض قيادات حركة النهضة خروجها للشارع بقولها إنها «جاءت للتعبير عن القلق، الذي يساور كل التونسيين بخصوص المُناكفات السياسية والخطابات العدائية بين الأفرقاء السياسيين، وعدم إيلاء هموم المواطن وأوضاع البلاد الأولويّة المطلقة»، وأيضا «لتأكيد تمسك التونسيين بخيار الدولة الديمقراطيّة ومؤسساتها المنتخبة، والثبات على القيم التي قامت من أجلها الثورة، وحمايتها من كل محاولات التشكيك والإرباك والتضليل».
في المقابل، قال عمار عمروسية، القيادي في حزب العمال اليساري، أن «الخروج للشارع ليس حكرا على أي طرف سياسي أو اجتماعي، وهو يمثل تأكيدا من حزب العمال على وجود طريق آخر لإنقاذ البلاد من مآزقها المتعددة».
من جهته، اعتبر لطفي زيتون، المستشار السياسي السابق لراشد الغنوشي، أن دعوة التونسيين للخروج إلى الشارع في مثل هذه الظروف «خطأ سياسي كبير، ولا يمكن إلا أن يزيد من تقسيم الناس وتحريضهم»، مضيفا أن استعراض القوة في الشارع «لن يساهم إلا في تعطيل الحياة السياسية وإضعاف مؤسسات الدولة أكثر». فيما انتقدت بعض قيادات المعارضة «عبث منظومة الحكم بمصالح تونس وشعبها».
ورفع المشاركون في مسيرات أمس عدة شعارات، من بينها «يسقط جلاد الشعب... يسقط حزب الفاشية»، و«الشعب يريد احترام القانون... الشعب يريد احترام الدستور». في إشارة إلى شعار الرئيس قيس سعيد «الشعب يريد»، الذي رفعه خلال حملة الانتخابات الرئاسية الماضية. إضافة إلى شعارات أخرى، اعتبرت ردا على التحركات الاحتجاجية الأخيرة، التي كانت ضد الائتلاف الحاكم، وأيضا للضغط على رئيس الجمهورية، الذي امتنع عن تنفيذ صلاحياته الدستورية بقبول الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية.
أما أنصار حزب العمال فقد رفعوا شعار «سحقا سحقا للرجعية دساترة وخوانجية»، للتنديد بـ«عبث منظومة الحكم بمصالح تونس وشعبها»، وانطلقت المسيرة من ساحة باب الخضراء، وتوجهت إلى شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة التونسية.
ويرى مراقبون أن حركة النهضة وأنصارها قرروا خوض «معركة الشارع»، دفاعا «عن مؤسسات الدولة»، وأيضا لإرباك حسابات خصومهم السياسيين وإظهار تأييد الشارع التونسي القوي لهم.



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.