مقتل المرشد الديني لـ«قاعدة جزيرة العرب» حارث النظاري و3 من رفاقه في شبوة

قرأ بيان التنظيم الذي تبنى الهجوم على المجلة الفرنسية في باريس

حارث النظاري القيادي في {القاعدة}
حارث النظاري القيادي في {القاعدة}
TT

مقتل المرشد الديني لـ«قاعدة جزيرة العرب» حارث النظاري و3 من رفاقه في شبوة

حارث النظاري القيادي في {القاعدة}
حارث النظاري القيادي في {القاعدة}

اعترف تنظيم «القاعدة في اليمن» بمقتل القيادي البارز حارث النظاري و3 من رفاقه في غارة لطائرة أميركية من دون طيار بمحافظة شبوة جنوب البلاد، وسط صمت من السلطات العسكرية والأمنية التي تخضع لسيطرة الحوثيين منذ انقلابهم المسلح في سبتمبر (أيلول) 2014.
وقال التنظيم الذي يحمل اسم «القاعدة في جزيرة العرب»، في بيان نشره أمس الخميس: «إن عضو اللجنة الشرعية حارث بن غازي النظاري المعروف بمحمد المرشدي قتل مع 3 من رفاقه في قصف أميركي على سيارته السبت الماضي 31 يناير (كانون الثاني)، بمنطقة الصعيد في شبوة»، مؤكدا أن النظاري قتل مع سعيد عوض بافرج، وعبد السميع ناصر الحداء، وعزام الحضرمي.
ويعد حارث النظاري من قيادات الصف الأول، وينظر إليه باعتباره المرشد الديني ومفتي التنظيم، وقد ظهر مؤخرا لقراءة بيان تبني التنظيم عملية «شارلي إيبدو»، التي قتل فيها 12 فرنسيا، وظهر أكثر من مرة مع أمير التنظيم في أبين جلال بلعيد الزنجباري في عمليات شنها التنظيم في مدينتي سيئون ومدينة القطن بجنوب البلاد، إضافة إلى بيان رفض لما يسمى تنظيم داعش الذي كان يعتبره غير شرعي.
وبحسب البيان فإن الغارة الأميركية على سيارة النظاري تمت «بعد ساعات من إتمام صفقة تسلم الحوثيين إدارة البلاد بإشراف أميركي وتواطؤ إقليمي»، مشيرا إلى أنه «كان مرشدا للمجاهدين ويوجههم في مسائل العقائد والعبادات والمعاملات على تنوعها واختلافها»، واتهم التنظيم واشنطن بالتحالف مع الحوثيين، وقال إنهم «باتوا الشريك المخلص لأميركا للحفاظ على مصالحها، وتنفيذ مخططاتها في جنوب الجزيرة العربية، بعد أن احترقت ورقة نظام عبد ربه منصور هادي وحكومته الهزيلة»، وتعهد التنظيم «بالاستمرار في حربهم ضد الأميركيين الصليبيين والحوثيين والمرتدين»، بحسب ما جاء في البيان.
ويعاني اليمن منذ أكثر من عقدين من خطر تنظيم القاعدة الذي تحاربه السلطات في إطار تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، وقد تمكنت عام 2013 من قتل نائب زعيم التنظيم سعيد الشهري، وقد نشأ تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب»، بعد اندماج جناحي «القاعدة» في اليمن والسعودية، في يناير 2009 بزعامة ناصر الوحيشي (أبو بصير) ونائبه سعيد الشهري الذي قتل عام 2013 ليختفي اسم التنظيم في فترات متعددة، وظهر عوضا عنه جماعة «أنصار الشريعة»، التي تكونت من خليط من «القاعدة» والحركات المتطرفة، ومن أبرز قياداتها جلال بلعيد الذي كان أمير الجماعة في معقلها في محافظة أبين، ويعتمد التنظيم على الفكر المتشدد، ورفض مؤخرا إعلان «تنظيم داعش» بقيادة أبو بكر البغدادي، واعتبره غير شرعي، مؤكدا تبعيته لأيمن الظواهري الذي يقود التنظيم العالمي خلفا لمؤسسه أسامة بن لادن.
ويتركز وجود التنظيم في اليمن بمناطق تسمى «قوس القاعدة»، تمتد من الحدود السعودية اليمنية وصعدة والجوف ومأرب والبيضاء، وشبوة وأبين، وحضرموت، وجميعها تقع في إطار جغرافي ينقسم إلى مناطق جبلية وعرة وصحارى شاسعة ممتدة إلى صحراء الربع الخالي ورملة السبعتين.
وبحسب دراسات بحثية فقد ساهم الانقلاب المسلح الذي قاده الحوثيون على الدولة في تزايد نفوذ «القاعدة» وانضمام العشرات من اليمنيين الرافضين إليه، خاصة في المناطق القبلية وسط البلاد، مثل محافظة البيضاء، حيث تتحالف القبائل مع الفرع المحلي للتنظيم، جماعة «أنصار الشريعة» لمحاربة الحوثيين.
إلى ذلك كشف مصدر عسكري عن مقتل 5 جنود وإصابة 7 آخرين في التفجير الذي استهدف مقر اللواء 26 مشاة بمحافظة البيضاء، أول من أمس، ونقل الموقع الإلكتروني للجيش عن المصدر العسكري قوله: «إن انتحاريا من تنظيم القاعدة فجر سيارة مفخخة مستهدفا حراسة أمن اللواء ما أدى إلى سقوط ذلك العدد من الجنود ومصرع الإرهابي منفذ هذه العملية». وتدور بالمنطقة معارك عنيفة بين الحوثيين وقبائل البيضاء المدعومين من «القاعدة»، وخلفت عشرات القتلى والجرحى من الجانبين إضافة إلى مدنيين.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.