آلاف الجزائريين ينزلون إلى الشارع للمطالبة بـ«دولة مدنية لا عسكرية»

اعتقال متظاهرين وصحافيين خلال مظاهرات في ولايات عدة

جانب من الاحتجاجات في العاصمة الجزائرية أمس (د.ب.أ)
جانب من الاحتجاجات في العاصمة الجزائرية أمس (د.ب.أ)
TT

آلاف الجزائريين ينزلون إلى الشارع للمطالبة بـ«دولة مدنية لا عسكرية»

جانب من الاحتجاجات في العاصمة الجزائرية أمس (د.ب.أ)
جانب من الاحتجاجات في العاصمة الجزائرية أمس (د.ب.أ)

عاد الحراك الجزائري إلى أوج قوته التي عرف بها عند انطلاقه في فبراير (شباط) 2019، فقد خرج آلاف الجزائريين أمس إلى شوارع العاصمة والمدن الكبيرة، للتعبير عن عدم اقتناعهم بالتغيير الذي جرى قبل أكثر من عامين، والذي يتمثل في خلافة عبد المجيد تبون، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في السلطة.
وتجلى ذلك في الشعارات واللافتات التي رفعوها، والتي تنتقد كلها رئيس البلاد والدور الذي لعبه قائد الجيش السابق المتوفى منذ عامين، الفريق أحمد قايد صالح، في وصول تبون إلى الحكم. وعاد شعار «مدنية لا عسكرية» بقوة إلى المظاهرات، كما عبر المحتجون عن رفضهم الانتخابات البرلمانية المبكرة، ونددوا بالأحزاب التي شاركت في اجتماعات نظمتها الرئاسة، منذ أسبوعين، والتي مهدت لحل البرلمان وإجراء تغيير حكومي طفيف. واستنكر قطاع من المحتجين بشدة عودة مسؤولين من عهد الرئيس السابق، إلى السلطة، بموجب التغيير الحكومي، وبخاصة مستشار بوتفليقة سابقاً وقارئ خطاباته في فترة مرضه، علي بوغازي الذي عينه تبون وزيراً للسياحة. زيادة على عودة دليلة بوجمعة وزيرة البيئة قبل 5 سنوات، إلى نفس المنصب. وأكد رشيد طيبي مهندس بترولي بإحدى الشركات الأجنبية، الذي كان أمس بمظاهرة العاصمة، لـ«الشرق الأوسط»: «إن عودة وجوه من عهد بوتفليقة إلى تسيير الشأن العام، تعني أن السلطة لا تريد التغيير الذي يطالب به الحراك، وقد فهم المتظاهرون ذلك جيدا، لذلك هم عازمون على مواصلة الضغط سلميا على السلطة، حتى تستجيب لمطالبنا».
يشار إلى أن الحراك الشعبي علق مظاهراته في مارس (آذار) من العام الماضي، بقرار من نشطائه بسبب تفشي جائحة كورونا. ومع تراجع معدلات الإصابة بالوباء، رفعت الحكومة الحظر عن كل الأنشطة التجارية وعادت الحياة إلى طبيعتها، وبالتالي كان طبيعياً أن تعود المظاهرات، بحسب مراقبين، خاصةً بعد حملة الاعتقالات الواسعة التي طالت النشطاء في فترة توقف الحراك.
واللافت أن صرامة قوات الأمن المعهودة في نقاط المراقبة بمداخل العاصمة، زالت أمس. وهو مشهد أوحى للمتظاهرين بأن السلطة لا تمانع عودة المظاهرات. غير أن هذا الاطمئنان كان مشوباً بحذر، بحسب تعبير الطالب الجامعي وليد الذي كان بـ«ساحة موريس أودان» بالعاصمة، مع المتظاهرين. إذ قال: «جئت من مدينة بومرداس (50 كلم شرق) صباحا مع أصدقاء، بغرض المشاركة في مظاهرات العاصمة، وقد توقعنا أن يمنعنا رجال الدرك المنتشرون بالطرق من الوصول إلى ساحات الحراك، لكن ذلك لم يحدث. فهل اقتنعت السلطة بأن قمع الحراك لم يعد مجدياً؟ شخصياً ليس لدي ثقة في المسؤولين، وأشعر أنهم يخططون لأمر ما ضدنا».
وانضمت الموجتان البشريتان الكبيرتان المعروفتان من أيام الحراك الأولى، إلى مكان تجمع الحشود وسط العاصمة. واحدة تأتي من مدينة الحراش بالضاحية الشرقية للعاصمة، يسيطر عليها الإسلاميون ويعرفون من شعاراتهم ولباسهم. وفي العادة يلتحقون بالحراك انطلاقاً من المساجد بعد الانتهاء من صلاة الجمعة. والموجة الثانية تأتي من حي باب الواد الشعبي، من الضاحية الغربية، وتتكون بالأساس من مشجعي ناديين عريقين لكرة القدم بهذا الحي، وأعدادهم بالآلاف يتميزون بأغانيهم السياسية التي تهاجم السلطة والتي تحاكي صعوبة العيش في الأحياء الفقيرة، والمحسوبية و«تطبيق القانون على الجزائريين بمقاييس مزدوجة». كما تحاكي الهجرة السرية وولع الشباب العاطلين عن العمل، بالعيش في كندا وأستراليا والبلاد الاسكندنافية.
وعرفت المدن الكبيرة، مثل وهران غرباً وعنابة وقسنطينة شرقاً، حيث الكثافة السكانية كبيرة، مظاهرات كبيرة رفعت فيها الشعارات المطالبة بالتغيير، وبالتداول على السلطة. وتم اعتقال العشرات من المتظاهرين وعدد من الصحافيين، بحسب مراسلي صحف محلية.
كما خرج سكان مدن القبائل مثل تيزي وزو وبجاية، إلى الشوارع بأعداد كبيرة، عبروا خلالها عن رفضهم كل مشروعات السلطة، وأهمها التعديل الدستوري الذي أجري عبر الاستفتاء منذ ثلاثة أشهر، والذي قاطعته منطقة القبائل بشكل كامل. كما جرى التعبير عن رفض الانتخابات التشريعية المرتقبة، والحوار بين الأحزاب والرئيس.
وإن غابت مشاهد ضرب المتظاهرين ومطاردتهم بالعصي أمس بالعاصمة والمدن الكبيرة، فقد عطلت الأجهزة الأمنية شبكة التواصل الاجتماعي، لمنع تداول الفيديوهات الخاصة بالمظاهرات، وبخاصةً «فيسبوك» الذي يتواصل عبره مئات الآلاف من نشطاء الحراك، ممن لا تصل مطالبهم أبداً إلى القنوات التلفزيونية العمومية السبع، ولا الفضائيات الخاصة التي يفوق عددها العشرون، باستثناء بعض الصحف الخاصة التي تبدي «مقاومة» ضد الضغط الذي تمارسه عليها الحكومة بغرض ثنيها عن تخصيص مساحة كبيرة للمظاهرات. وتوظف السلطة ضد هذه الصحف، سلاح الإعلانات الحكومية بقوة، فتقطعه عنها كلما رأت منها «عصيانا».
وسبقت مظاهرات أمس، احتجاجات كبيرة في كامل البلاد نظمت في 22 من الشهر الجاري، احتفاء بمرور عامين على الحراك. كما احتفلت السلطات بطريقتها بالحدث، وذلك بتمجيد الجيش الذي «التحم مع شعبه لتحقيق التغيير»، بحسب ما تضمنه الخطاب الرسمي في هذه المناسبة.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.