قتلى ومئات الجرحى خلال 5 أيام من المواجهات في الناصرية

حرق مبنى الحكومة المحلية... والمحتجون يصرون على إقالة المحافظ

صورة من احتجاجات سابقة في مدينة الناصرية العراقية (أ.ف.ب)
صورة من احتجاجات سابقة في مدينة الناصرية العراقية (أ.ف.ب)
TT
20

قتلى ومئات الجرحى خلال 5 أيام من المواجهات في الناصرية

صورة من احتجاجات سابقة في مدينة الناصرية العراقية (أ.ف.ب)
صورة من احتجاجات سابقة في مدينة الناصرية العراقية (أ.ف.ب)

سقط ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص قتلى في المواجهات العنيفة التى وقعت، أمس، بين المتظاهرين وقوات الأمن في مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار الجنوبية، إلى جانب إصابة ما لا يقل عن 100 من المتظاهرين وعناصر الأمن، بحسب مصادر طبية في المدينة، ويأتي التطور الخطير بعد يوم واحد من زيارة الوفد الحكومي الذي ترأسه وزير الداخلية عثمان الغانمي لتهدئة الأوضاع في المدينة الغاضبة منذ أشهر طويلة.
وتفجرت الأوضاع منذ نحو 5 أيام طالب خلالها المحتجون وأعضاء في البرلمان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بإقالة المحافظ ناظم الوائلي.
وقال عضو مفوضية حقوق الإنسان علي البياتي في تغريدة عبر «تويتر»، إن «الوضع خارج السيطرة في ‎الناصرية، الدماء تسيل والحكومة تتفرج». وذكر أن «حصيلة الأيام الخمسة من الاحتجاجات في المحافظة، هي مقتل 5 وجرح 271، ضمنهم 147 من القوات الأمنية». وفي وقت لاحق أمس، ورد ارتفاع حصيلة القتلى إلى سبعة.
ويسبق التصعيد الأخير زيارة البابا فرنسيس للمدينة المقررة مطلع مارس (آذار) الماضي بأيام معدودة، ما قد يؤدي إلى تأجيلها أو إلغائها بحسب مراقبين، غير أن جماعات الحراك في الناصرية تقول إنها لا ترغب في عرقلة الزيارة وستطلب من الحبر الأعظم الصلاة من أجل الحرية والسلام في المدينة.
وشهدت المدينة منذ الساعات الأولى من يوم أمس، حالات كر وفر بين قوات الأمن والمتظاهرين في تقاطع البهو وجسر الزيتون ومبنى المحافظة في الجانب الغربي من المدينة الذي تمكن المتظاهرون من حرق غرفه الخارجية ثم تمكنوا من دخوله. ويقول ناشطون إن قوات الشرطة والأمن استخدمت الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين، ما تسبب في سقوط العشرات بين قتيل وجريح.
ويتهم آخرون فصائل وجماعات ميليشياوية تعمل تحت غطاء الأجهزة الأمنية بقتل المتظاهرين والسعي لإجهاض الحراك الاحتجاجي، كما هددوا بالتصعيد المناطقي في الأيام المقبلة وجددوا مطلبهم بإقالة المحافظ ناظم الوائلي.
وسبق أن شهدت الناصرية أحداثاً مماثلة سقط خلالها عشرات القتلى والجرحى نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2019، في ذروة تصاعد الحراك الاحتجاجي ضد السلطة وأحزابها. وقالت مصادر طبية في المدينة إن «مستشفى الحبوبي عجز عن استقبال المصابين الجدد بسبب امتلاء غرفه وردهاته». وأضافت أن «إدارة مستشفى الحبوبي طلبت تحويل الجرحى الجدد إلى المستشفى العام في المدينة، فيما جرى نقل بعضهم إلى مستفشى الأمل الأهلي».
وناشد مصرف الدم في الناصرية، الناس للتبرع بالدم لجرحى المظاهرات، وقال معاون مدير مصرف الدم في الناصرية راجي السعد في بيان: «مناشدة لإخوتنا في محافظة ذي قار للتبرع بالدم لجرحى المظاهرات لحاجة مصرف الدم ومن جميع الفصائل». ووقف العشرات من أهالي المدينة في طوابير أمام مصرف الدم للتبرع.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.