هجوم إرهابي يودي بحياة تسعة جنود في وسط مالي

قتل تسعة جنود ماليين، في وقت متأخر، إثر هجوم شنه عشرات المقاتلين من تنظيم «القاعدة» على مركز للدرك في قرية «باندياغارا»، الواقعة في وسط دولة مالي، غير بعيد من نهر النيجر، وهي منطقة حيوية يحاول تنظيم «القاعدة» منذ سنوات السيطرة عليها، ويقيم مقاتلوه قواعد إمداد داخل الغابات والأحراش المنتشرة على ضفاف النهر. وقال مسؤول عسكري، أمس الجمعة، إن مقاتلي مجموعة إرهابية محلية، تتبع لتنظيم القاعدة، هاجمت مركز الدرك خارج قرية «باندياغارا»، عند نحو الساعة التاسعة ليلاً واشتبكوا مباشرة مع الجنود الموجودين في المركز لقرابة ساعتين.
وأضاف المسؤول، الذي فضل حجب هويته، أن الحصيلة الأولية لهذا الاشتباك كانت «ثمانية قتلى وتسعة جرحى في صفوف الجنود الماليين»، دون أن يعطي أي حصيلة للخسائر في صفوف المهاجمين. وأعلنت مصادر عسكرية، بعد الهجوم مباشرة، أن الجرحى التسعة من ضمنهم خمسة جنود إصاباتهم خطيرة، وهنالك تهديد كبير لحياتهم، وهو ما يرجح إمكانية ارتفاع حصيلة الهجوم خلال الساعات المقبلة، وبالفعل توفي أحد الجنود الجرحى لترتفع مؤقتاً الحصيلة إلى تسعة قتلى. وقال أداما ديونكو، وهو مسؤول محلي في القرية التي وقع فيها الهجوم، إن «تبادل إطلاق النار (بين الجنود والمهاجمين) استمر لقرابة ساعتين لأن المهاجمين كانوا بأعداد كبيرة». وتنشط في المنطقة التي وقع فيها الهجوم «جبهة تحرير ماسينا»، وهي جماعة محلية يقودها أمادو كوفا الذي سبق أن أعلن الفرنسيون والماليون مقتله نهاية 2019، ولكنه عاد ليظهر ويكذبهم، وهو أحد قادة التحالف الإرهابي «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، ويبايع تنظيم «القاعدة» في بلاد المغرب الإسلامي منذ سيطرته على شمال مالي 2012.
وتعيش مالي منذ 2012 حالة من عدم الاستقرار بسبب جماعات تابعة للقاعدة وداعش، اتسعت دائرة نشاطها لتشمل دولاً مجاورة كالنيجر وبوركينا فاسو، ولو أن خسائر كبيرة لحقت بهذه الجماعات بسبب الحرب التي تخوضها دول الساحل الخمس (موريتانيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد)، بالتعاون مع فرنسا وبدعم من المجموعة الدولية.
في غضون ذلك، يحتدم النقاش في دولة مالي، ومنطقة الساحل عموماً، حول مدى فاعلية الحرب التي تخوضها دول الساحل وفرنسا ضد الجماعات الإرهابية، بدعم من المجموعة الدولية، وقال رئيس الحكومة الانتقالية في مالي مختار واني إن «العمليات العسكرية والأمنية، لا سيما تلك التي تستهدف الجماعات المسلحة المتطرفة والإجرامية، ضرورية للحد من قدرات تلك الجماعات، ولحماية السكان المدنيين»، قبل أن يضيف: «إن كان العمل العسكري والأمني ضرورياً، إلا أنه لن يكون كافياً وحده».
وقال رئيس الحكومة الانتقالية، في ندوة دولية حول «إدارة الأزمة في منطقة الساحل» اختتمت أمس، في العاصمة المالية باماكو، إن خطط حكومته تقوم على «أجندة أمنية لحماية المدنيين، ثم المضي قدماً نحو تحقيق توازن أفضل بين الحكم الرشيد والأمن والتنمية»، ومع ذلك تبدو التحديات صعبة أمام هذه الحكومة الانتقالية التي جاءت بعد انقلاب عسكري ووضع سياسي مضطرب وانعدام للأمن في مناطق واسعة من البلاد.
فيما اعتبر محمد صالح النظيف، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في مالي، خلال الندوة الدولية أنه «لا بد من التعبئة والوعي المتزايد بأن الإرهاب في منطقة الساحل هو تهديد عالمي، وأن الاستجابة له يجب أن تكون جماعية»، وأكد أن «الاستجابة للأزمة الأمنية في منطقة الساحل لا يجب أن تنفصل عن دعم دول الساحل وتقوية مؤسساتها»، وفق تعبيره. الندوة التي شاركت فيها أطراف دولية عديدة، اختتمت أمس بكتابة تقرير تضمن توصيات تولى صياغتها «المرصد الجيوسياسي لمنطقة الساحل والصحراء»، من المنتظر أن يقدم إلى هيئة إدارة النزاعات والأزمات في منطقة الساحل.