موريتانيا تتولى رئاسة الاتحاد الأفريقي للمرة الأولى منذ تأسيسه

الوضع في جنوب السودان وأفريقيا الوسطى يهيمن على قمة أديس أبابا

الرئيس السوداني عمر البشير لدى حضوره حفل افتتاح الدورة العادية الـ 22 لقمة الاتحاد الافريقي في العاصمة الاثيوبية أديس أبابا، في يناير الماضي (رويترز)
الرئيس السوداني عمر البشير لدى حضوره حفل افتتاح الدورة العادية الـ 22 لقمة الاتحاد الافريقي في العاصمة الاثيوبية أديس أبابا، في يناير الماضي (رويترز)
TT

موريتانيا تتولى رئاسة الاتحاد الأفريقي للمرة الأولى منذ تأسيسه

الرئيس السوداني عمر البشير لدى حضوره حفل افتتاح الدورة العادية الـ 22 لقمة الاتحاد الافريقي في العاصمة الاثيوبية أديس أبابا، في يناير الماضي (رويترز)
الرئيس السوداني عمر البشير لدى حضوره حفل افتتاح الدورة العادية الـ 22 لقمة الاتحاد الافريقي في العاصمة الاثيوبية أديس أبابا، في يناير الماضي (رويترز)

تولت موريتانيا أمس الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي خلال افتتاح القمة العادية الـ22 للاتحاد المنعقدة بالعاصمة الإثيوبية أديس بابا، وهي القمة التي تخصص لملفات الصراع الدائر في جنوب السودان وأفريقيا الوسطى.
وتسلمت موريتانيا الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي من إثيوبيا خلال الجلسة الافتتاحية للقمة التي حضرها بالإضافة إلى عشرات القادة الأفارقة كل من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ونبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية، ومحمود عباس رئيس دولة فلسطين.
وقال الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز في خطابه بمناسبة توليه الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي إنه يتقدم بالشكر إلى قادة الدول الأفريقية على تشريفه برئاسة الاتحاد الأفريقي، وأضاف: «هذه ثقة أعتز بها، وأود هنا أن أتوجه إلى إخوتي قادة بلدان شمال أفريقيا بالشكر العميق على دعمهم ومؤازرتهم»، وأشار إلى أن قبوله الرئاسة الدورية للاتحاد «يترجم حرصي على أن نحقق معا، خلال هذه المأمورية، الأهداف النبيلة التي تطمح إليها شعوبنا، والمتمثلة في تعزيز دور ومكانة أفريقيا في العالم والحفاظ على وحدتها ضمن تنوعها الغني وتوطيد الديمقراطية والحرية والأمن والسلم والاستقرار، والحكامة الرشيدة من أجل حياة كريمة».
وقال ولد عبد العزيز إنه «على الرغم من الجهود الجبارة التي بذلتها كل دولة من دولنا منفردة لمواجهة تحديات العصر، فإن الطبيعة العابرة للحدود لبعض التهديدات تفرض علينا إيجاد مقاربات قارية تنصهر فيها جهودنا وجهود شركائنا الدوليين»، قبل أن يشدد على ضرورة أن «تتبوأ القارة المكانة اللائقة بها في المحافل الدولية، وخصوصا على مستوى مجلس الأمن الدولي»، وفق تعبيره. ودعا إلى «تنظيم مؤتمر دولي تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، يخصص للهجرة وآثارها على الاقتصادات والمجتمعات الأفريقية، وعلى الدول التي يقصدها المهاجرون، من أجل وضع مقاربة مشتركة لهذه الظاهرة، والحد من بعدها المأساوي».
يشار إلى أن عضوية موريتانيا في الاتحاد الأفريقي جمدت سنة 2008 إثر انقلاب عسكري قاده الرئيس الحالي ولد عبد العزيز عندما كان جنرالا في الجيش وقائد كتيبة الحرس الرئاسي، وأطاح آنذاك بالرئيس المدني سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، ولكن موريتانيا عادت إلى أنشطتها في الاتحاد الأفريقي بعد تنظيم انتخابات رئاسية سنة 2009، وهي الانتخابات التي ترشح لها ولد عبد العزيز بعد أن استقال من الجيش ليحقق الفوز ويصبح رئيسا للبلاد.
من جهة أخرى، غابت مصر، لأول مرة منذ تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية عام 1963، ويأتي غياب مصر بعد تجميد عضويتها في الاتحاد الأفريقي إثر الإطاحة بحكم الرئيس محمد مرسي بعد موجة من الاحتجاجات الشعبية الرافضة لحكم الإخوان المسلمين، وتعد مصر عضوا مؤسسا لمنظمة الوحدة الأفريقية (تحولت في ما بعد إلى الاتحاد الأفريقي).
وحضر القمة الأفريقية وزير الشؤون الأفريقية المصري، حيث أجرى عدة اتصالات مع مسؤولين أفارقة على هامش القمة، وبحث معهم السبل الكفيلة باستعادة مصر لنشاطها في إطار الاتحاد الأفريقي، والتقى الوزير المصري بوزير الشؤون الخارجية والتعاون الموريتاني، الذي تسلمت بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي.
وهيمن على انطلاق قمة أديس أبابا النزاعان الدائران حاليا في جنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى. وقالت رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي، الهيئة التنفيذية في المنظمة، نكوسازانا دلاميني - زوما لدى افتتاح القمة إن «قلوبنا مع شعبي جمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان اللذين يواجهان نزاعين خطيرين في بلديهما وخصوصا على النساء والأطفال الذين أصبحوا ضحاياه». وأضافت: «يجب علينا العمل سويا من أجل ضمان بناء سلام دائم».
وقبل ذلك، افتتح النقاشات الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريم ديسالين الذي ستسلم بلاده رئاسة الاتحاد الدورية إلى موريتانيا.
وفي جنوب السودان، يتواجه الجيش الموالي للحكومة منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي مع قوات بقيادة نائب الرئيس السابق رياك مشار. ورغم التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار الأسبوع الماضي، تواصلت المواجهات بين الطرفين. وأوقعت المعارك خلال ستة أسابيع آلاف القتلى وتسببت بنزوح أكثر من 800 ألف شخص.
وفي هذا البلد الذي أنشئ حديثا مع انشقاقه عن السودان في يوليو (تموز) 2011 بعد حرب أهلية طويلة، تحولت الخصومة السياسية بين الرئيس سلفا كير ونائبه السابق رياك مشار إلى مواجهة مسلحة تتخذ منحى إثينا خطيرا بين قبائل الدينكا والنوار، المجموعتين الرئيستين في جنوب السودان.
وفي هذا النزاع، طلب من الاتحاد الأفريقي الأسبوع الماضي لعب دور أكبر بعدما كانت الهيئة الحكومية لتنمية شرق أفريقيا (إيقاد) تتولى حتى الآن جهود الوساطة.
أما أفريقيا الوسطى حيث تنتشر قوة تابعة للاتحاد الأفريقي قوة (ميسكا) إلى جانب كتيبة للجيش الفرنسي، فهي غارقة في أزمة منذ مارس (آذار) 2013 حين أطاحت حركة تمرد ذات غالبية مسلمة بالحكومة، ما تسبب بدوامة عنف طائفي كان المدنيون أبرز ضحاياه. وأدى هذا النزاع أيضا إلى سقوط آلاف القتلى ونزوح مئات آلاف الأشخاص.
وبعد استقالة الرئيس الانتقالي الزعيم السابق للمتمردين ميشال جوتوديا خلفته الرئيسة كاترين سامبا بانزا وجرى تشكيل حكومة جديدة بينما أخلى متمردو سيليكا السابقون الذين يرفضهم السكان المسيحيون بغالبيتهم آخر معاقلهم في العاصمة.



وفاة زعيم محلي في مالي اختطفه تنظيم «القاعدة»

تييرنو أمادو تال اختطفه تنظيم «القاعدة» وتوفي في ظروف غامضة (صحافة محلية)
تييرنو أمادو تال اختطفه تنظيم «القاعدة» وتوفي في ظروف غامضة (صحافة محلية)
TT

وفاة زعيم محلي في مالي اختطفه تنظيم «القاعدة»

تييرنو أمادو تال اختطفه تنظيم «القاعدة» وتوفي في ظروف غامضة (صحافة محلية)
تييرنو أمادو تال اختطفه تنظيم «القاعدة» وتوفي في ظروف غامضة (صحافة محلية)

أعلن تنظيم «القاعدة» أن زعيم مجموعة محلية يتمتع بنفوذ واسع في مالي ومنطقة غرب أفريقيا توفي حين كان رهينة بحوزة مجموعة تابعة للتنظيم، في حادثة أثارت ردود فعل غاضبة، ومطالب شعبية في مالي والسنغال بالانتقام من التنظيم الإرهابي.

وكانت «جبهة تحرير ماسينا» التي تتبع تنظيم «القاعدة» وتنشط في وسط دولة مالي قد اختطفت الزعيم تييرنو أمادو تال، قبل أكثر من أسبوع حين كان يتحرك في موكب من أتباعه على متن عدة سيارات، على الحدود مع موريتانيا.

ويعد تال زعيم طريقة صوفية لها امتداد واسع في مالي والسنغال وموريتانيا، وعدة دول أخرى في غرب أفريقيا، ويتحدر من قبائل «الفلاني» ذات الحضور الواسع في الدول الأفريقية.

أمادو كوفا زعيم «جبهة تحرير ماسينا» الذي خطف أمادو تال... وأعلن عن وفاته (متداول- موقع «القاعدة»)

واشتهر تال بمواقفه المعتدلة والرافضة للتطرف العنيف واستخدام القوة لتطبيق الشريعة، كما كان يركز في خطبه وأنشطته على ثني شباب قبائل «الفلاني» عن الانخراط في صفوف تنظيم «القاعدة».

تال يتحدر من عائلة عريقة سبق أن أسست إمارة حكمت مناطق من مالي والسنغال وغينيا، خلال القرن التاسع عشر، وانهارت على يد الفرنسيين، ولكن العائلة ظلت حاضرة بنفوذها التقليدي.

تشير مصادر محلية إلى أن تال ظهر مؤخراً في موقف داعم للمجلس العسكري الحاكم في مالي، وخاصة رئيسه آسيمي غويتا، وكان ذلك السبب الذي دفع تنظيم «القاعدة» إلى استهدافه.

ولكن مصادر أخرى تشير إلى أن التنظيم الإرهابي كان ينوي اختطاف تال واستجوابه من أجل الحصول على معلومات تتعلق بالحرب الدائرة ضد الجيش المالي المدعوم من «فاغنر»، ولكن الأمور سلكت مساراً آخر.

ونشر أمادو كوفا، زعيم «جبهة تحرير ماسينا»، مقطعاً صوتياً جرى تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي، أعلن فيه وفاة تال بعد عملية الاختطاف «أثناء نقله إلى موقع كان من المقرر استجوابه فيه».

وأشار زعيم الجماعة الإرهابية إلى أنهم كانوا ينوون تقديم تال للمثول أمام «محكمة» بخصوص تهمة «العمالة» لصالح السلطات المالية، مؤكداً أنه أثناء نقله نحو مكان المحاكمة «فارق الحياة»، وذلك بعد أن تعرض للإصابة خلال محاولة الاختطاف، وتسببت هذه الإصابة في وفاته بعد ذلك.

وكان التنظيم ينفي بشكل ضمني أن يكون قد «أعدم» زعيم طريقة صوفية لها انتشار واسع في دول غرب أفريقيا، ولكن الظروف التي توفي فيها لا تزالُ غامضة، وتثير غضب كثير من أتباعه الذين يقدرون بالملايين.

وقال أحد أفراد عائلة تال إنهم تأكدوا من صحة خبر وفاته، دون أن يكشف أي تفاصيل بخصوص الظروف التي توفي فيها، وما إن كانوا على تواصل بتنظيم «القاعدة» من أجل الحصول على جثمانه.

وتثير وفاة تال والظروف التي اكتنفتها مخاوف كثير من المراقبين، خاصة أنه أحد أبرز الشخصيات النافذة في قبائل «الفلاني»، وتوفي حين كان بحوزة أمادو كوفا الذي يتحدر من نفس القبائل، ويعد أحد أكبر مكتتبي شباب «الفلاني» في صفوف «جبهة تحرير ماسينا»، مستغلاً إحساس هذه القبائل بالغبن والتهميش.

ويزيد البعد القبلي من تعقيد تداعيات الحادثة، وسط مخاوف من اندلاع اقتتال عرقي في منطقة تنتشر فيها العصبية القبلية.

في هذه الأثناء لم يصدر أي تعليق رسمي من الحكومة المالية حول الحادثة التي أسالت الكثير من الحبر في الصحافة المحلية، كما حظيت باهتمام واسع في السنغال المجاورة.