مصر تدعم مقترحاً سودانياً بتوسيع وسطاء مفاوضات السد الإثيوبي

عبر «رباعية دولية» تشمل أميركا والأمم المتحدة والاتحادين الأوروبي والأفريقي

وفد كونغولي يبحث في القاهرة استئناف مفاوضات «سد النهضة» (الخارجية المصرية)
وفد كونغولي يبحث في القاهرة استئناف مفاوضات «سد النهضة» (الخارجية المصرية)
TT

مصر تدعم مقترحاً سودانياً بتوسيع وسطاء مفاوضات السد الإثيوبي

وفد كونغولي يبحث في القاهرة استئناف مفاوضات «سد النهضة» (الخارجية المصرية)
وفد كونغولي يبحث في القاهرة استئناف مفاوضات «سد النهضة» (الخارجية المصرية)

دعمت مصر، أمس، مقترحاً سودانياً، يقضي بتوسيع دائرة الوساطة الدولية في مفاوضات «سد النهضة» الإثيوبي، من خلال تكوين «رباعية دولية»، تشمل بجانب الاتحاد الأفريقي كلا من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
وكان السودان قد اقترح آلية جديدة للمفاوضات بإشراك أطراف دولية للتوسط بشأنه، بعدما فشل الاتحاد الأفريقي، الذي يرعى المفاوضات منذ يوليو (تموز) الماضي، تحت رئاسة دولة جنوب أفريقيا، في الوصول إلى توافق.
وتطالب القاهرة والخرطوم باتفاق قانوني مُلزم ينظم عمليتي ملء وتشغيل السد، بما يحقق التنمية الإثيوبية المنشودة ودون أضرار جسيمة على دولتي المصب، بينما ترفض إثيوبيا إضفاء طابع قانوني على أي اتفاق يتم التوصل إليه يلزمها بإجراءات محددة لتخفيف حدة الجفاف.
واستقبل وزير الخارجية المصري سامح شكري، في القاهرة أمس، البروفسور ألفونس نتومبا منسق خلية العمل المعنية برئاسة جمهورية الكونغو الديمقراطية الحالية للاتحاد الأفريقي.
وتسلمت الكونغو الديمقراطية، الرئاسة السنوية للاتحاد، في فبراير (شباط) الحالي، بعد انتهاء دورة جنوب أفريقيا. وتأمل مصر أن يُحدث التغيير في رئاسة الاتحاد الأفريقي، دفعة في المفاوضات المتعثرة.
ووفق السفير أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، فإن الوزير المصري أعرب عن تقدير بلاده لـ«حرص الجانب الكونغولي على إتمام هذه الزيارة في إطار التعرف على آخر التطورات الخاصة بملف سد النهضة وأبعاده المختلفة، آخذاً في الاعتبار رعاية الاتحاد الأفريقي لمسار المفاوضات».
وأكد شكري «تقدير بلاده الكبير للمساعي الكونغولية في هذا الصدد»، موضحاً تطلعها إلى الدور المهم الذي تستطيع الكونغو الديمقراطية الاضطلاع به من أجل المساعدة على التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة يراعي مصالح الدول الثلاث.
وأضاف المتحدث الرسمي أن الوزير شكري بحث مع الوفد الكونغولي المقترح الذي كان قد تقدم به السودان، والذي تؤيده مصر، لتطوير آلية مفاوضات سد النهضة من خلال تكوين رباعية دولية تشمل بجانب الاتحاد الأفريقي كلا من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة للتوسط في المفاوضات تحت رعاية وإشراف الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي، لدفع المسار التفاوضي قدماً ولمعاونة الدول الثلاث في التوصل للاتفاق المنشود في أقرب فرصة ممكنة.
ويعد إدخال الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، كوسطاء - إذا ما تم - مجرد توسيع لصلاحياتهما، حيث يشاركان بالفعل في المفاوضات، بقيادة الاتحاد الأفريقي، من خلال مراقبين. كما سبق أن قادت وزارة الخزانة الأميركية، بالشراكة مع البنك الدولي، وساطة بين الدول الثلاث، نهاية عام 2019، لكنها انتهت برفض إثيوبيا التوقيع على وثيقة واشنطن في فبراير (شباط) 2020، متهمة إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بـ«الانحياز لمصر».
وتشيّد أديس أبابا السد على الرافد الرئيسي لنهر النيل منذ عام 2011. وقد بلغت نسبة بناء السد 78.3 في المائة، حسب وزارة المياه والري والطاقة الإثيوبية. وتقول مصر إن السد يهدد بتقليص حصتها من المياه التي تبلغ نحو 55.5 مليار متر مكعب، ولا تفي باحتياجاتها الأساسية.
ومؤخراً، أعلنت الحكومة الإثيوبية عزمها على البدء في المرحلة الثانية من ملء الخزان بنحو 13.5 مليار متر مكعب منتصف العام الحالي.
وكانت قد أنهت المرحلة الأولى في يوليو (تموز) الماضي، بنحو 5 مليارات متر مكعب، في إجراء قوبل باحتجاج مصري - سوداني.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».