القضاء التونسي يفرج بكفالة عن مرشح سابق للرئاسة

اتهامات لـ «النهضة» بلعب دور في إطلاق سراح نبيل القروي

نبيل القروي (د.ب.أ)
نبيل القروي (د.ب.أ)
TT
20

القضاء التونسي يفرج بكفالة عن مرشح سابق للرئاسة

نبيل القروي (د.ب.أ)
نبيل القروي (د.ب.أ)

أفرج القضاء التونسي، أمس، عن نبيل القروي، رئيس حزب «قلب تونس»، بعد تأمين كفالة مالية لا تقل قيمتها عن 30 مليون دينار تونسي (نحو 11 مليون دولار)، وهو المبلغ الذي جاءت به نتيجة الاختبار التكميلي الذي أجري في القضية التي اتهم فيها.
وقال محسن الدالي، المتحدث باسم المحكمة الابتدائية بالعاصمة، إن قاضي التحقيق بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي أذن بإطلاق سراح القروي، المرشح السابق للرئاسة، بعد تأمين الضمان المالي المطلوب.
وكان القضاء التونسي قد أصدر في 24 ديسمبر (كانون الأول) الماضي أمراً بسجن القروي في قضايا تتعلق بشبهات فساد مالي، وتهرب ضريبي، من خلال استعمال شركات يملكها صحبة شقيقه غازي القروي في عدد من الدول، وحوكم القروي في هذه القضايا، التي رفعتها ضده منظمة «أنا يقظ» (منظمة حقوقية مستقلة) سنة 2016.
وسبق للقروي أن أُودع السجن سنة 2019 في القضية نفسها، وذلك إبان الحملة الانتخابية الرئاسية، ثم أُطلق سراحه في 9 أكتوبر (تشرين الأول) من السنة ذاتها، قبل أيام قليلة من موعد الانتخابات الرئاسية التي جرت في 13 أكتوبر، وذلك للمشاركة في الدور الثاني من منافسات الرئاسة في مواجهة الرئيس الحالي قيس سعيّد، الذي اكتسح النتائج باستحواذه على أكثر من 72 في المائة من أصوات الناخبين.
وكان حزب «قلب تونس»، الذي أسسه القروي قبل أشهر قليلة من الانتخابات التشريعية والرئاسية، قد حقق نتائج غير مسبوقة في الانتخابات البرلمانية التي جرت سنة 2019؛ حيث حل في المرتبة الثانية بعد «حركة النهضة». لكن المعارضة اتهمته باستغلال فقر الناخبين من خلال تقديم مساعدات مالية وعينية لهم لتحقيق تلك النتائج المتقدمة.
ويرى مراقبون أن تحالف «قلب تونس» مع «حركة النهضة»، وإنقاذه لها في أكثر من مناسبة، خصوصاً عند التصويت لفائدة راشد الغنوشي، رئيس الحركة، للفوز برئاسة البرلمان، ساهما في الإفراج عن القروي.
وسبق أن صرح الغنوشي بأن بعض السياسيين يريدون منه أن يقول إن القروي؛ حليفه البرلماني وشريكه في الحكم، يجب أن يؤبّد في السجن، عادّاً أن «النهضة» تلتقي مع القروي في عدد من النقاط، خصوصاً على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، وقال إنه ليس مقتنعاً بالاتهامات التي وجهت له؛ «لأنها تفتقد إلى سند وحجج قانونية»، على حد تعبيره.
على صعيد آخر، وبشأن البت في مآل الخلاف الدستوري بين الرئيس قيس سعيّد ورئيس الحكومة هشام المشيشي، أكدت «الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين»، عدم اختصاصها للنظر في استشارة رئيس الحكومة بخصوص أداء اليمين الدستورية للوزراء الذين نالوا ثقة البرلمان.
وبينت الهيئة في قرارها أن المحكمة الدستورية هي التي تختص بالنظر في النزاعات التي قد تحدث بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، مشيرة إلى أن تفسير الدستور يقوم على الانسجام التام بين فصوله، بصفته نصاً كاملاً، وليس متفرقاً.
إلى ذلك، اعتصمت عبير موسى، رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعارض، أمس، بمكتب مدير «الإدارة العامة للجمعيات والأحزاب» داخل مقر رئاسة الحكومة. وقالت إنها اضطرت لتنفيذ هذه الخطوة الاحتجاجية بسبب تلكؤ هذه الإدارة في الرد على مطلبها بخصوص مآل فرع منظمة «اتحاد العلماء المسلمين»، الذي تتهمه بتهديد الدولة المدنية في البلاد، وتحالفه مع ممثلي الإسلام السياسي، وتدعو إلى إقفال فرعه في تونس.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.