هجوم انتحاري في بغداد استهدف وزير النقل

تحرير رهائن احتجزهم المعتدون بعد مقتل 24 شخصا * تفجير منزل رئيس مجلس محافظة الأنبار

شرطي يمر أمام زجاج مهشم بسبب الهجوم الانتحاري على وزارة النقل في بغداد أمس (أ.ب)
شرطي يمر أمام زجاج مهشم بسبب الهجوم الانتحاري على وزارة النقل في بغداد أمس (أ.ب)
TT

هجوم انتحاري في بغداد استهدف وزير النقل

شرطي يمر أمام زجاج مهشم بسبب الهجوم الانتحاري على وزارة النقل في بغداد أمس (أ.ب)
شرطي يمر أمام زجاج مهشم بسبب الهجوم الانتحاري على وزارة النقل في بغداد أمس (أ.ب)

أعلنت قيادة عمليات بغداد أن قوات مكافحة الإرهاب تمكنت من إحباط محاولة لاقتحام مبنى الوفود المجاورة لوزارة النقل في بغداد بعد مقتل 24 بينهم ستة انتحاريين. وقال المتحدث باسم عمليات بغداد العميد سعد معن، في بيان له أمس إن «القوات الأمنية أحبطت محاولة جبانة لعناصر إرهابية حاولت اقتحام الشركة العامة للوفود في العاصمة بغداد وأخلت جميع موظفي الشركة»، مبينا أن «القوات الأمنية تمكنت من قتل ستة انتحاريين حاولوا اقتحام الشركة».
وأضاف البيان أن «أحد الانتحاريين أقدم على تفجير نفسه في الباب الرئيسي للشركة مما أدى إلى استشهاد أحد عناصر حماية البناية في حين فجر انتحاري آخر نفسه مسببا استشهاد مسؤول مراقبة الكاميرات للشركة ذاتها»، مشيرا إلى «إصابة ثمانية أشخاص بجروح مختلفة».
وأوضح معن أن «هذه العملية جرت بإشراف مباشر من قائد عمليات بغداد وقائد الفرقة الأولى شرطة اتحادية بالاشتراك مع مغاوير اللواء الرابع واستخبارات الشرطة الاتحادية وبالتعاون مع مرور الرصافة ومديرية مكافحة المتفجرات»، مؤكدا أن الأخيرة «عملت على تفكيك عجلة مفخخة وحزام ناسف وعدد من القنابل اليدوية».
وفيما نفى معن في بيانه عدم قطع الطرق بالعاصمة بغداد فإنه قال نقلا عن شهود عيان في مختلف أحياء العاصمة {إن فوضى مرورية كبيرة شهدتها بعض أحياء بغداد بسبب الإجراءات التي اتخذتها الجهات المسؤولة تحسبا لإمكانية وقوع هجمات أخرى}. في سياق ذلك، أغلقت القوات الأمنية جميع الشوارع المحيطة بالمنطقة الخضراء، وسط بغداد، تحسبا لاقتحامها من قبل مسلحين مجهولين.
يذكر أن هذا الإجراء بات يتكرر عند كل عملية اقتحام لمؤسسة حكومية من قبل المسلحين حيث يتم غلق منافذ المنطقة الخضراء التي تضم المكاتب الحكومية الرئيسية مثل مبنى رئاستي الوزراء والبرلمان فضلا عن سكن عدد كبير من المسؤولين في مقدمتهم رئيس الوزراء نوري المالكي.
من جهة أخرى، أكد مصدر أمني مطلع أن «العملية التي حصلت أمس فشلت في تحقيق أهدافها في الوصول إلى مكتب وزير النقل هادي العامري ولأنها لم تتمكن من احتلال المبنى طبقا لخطة الاستهداف بل لأننا يمكننا القول إنها فشلت حتى في السياقات الإجرائية لعملية الاقتحام بسبب سرعة انقضاض القوات المعدة لهذا الغرض. وأضاف المصدر الأمني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» شريطة عدم الإشارة إلى اسمه أو هويته أنه «بعد تكرار حوادث من هذا النوع من اقتحام للسجون وأهمها حادثة اقتحام سجني الحوت وأبو غريب والتي نجحت في تهريب عدد كبير من السجناء فضلا عن عملية اقتحام مبنى وزارة العدل العام الماضي أيضا وحوادث أخرى كان آخرها محاولة اقتحام سجن الأحداث في الطوبجي فإن الأجهزة المختصة باتت تملك الخبرة في التعامل مع هذه الحالات لأن الطريقة التي يتبعها الانتحاريون باتت معروفة إلى حد كبير»، مشيرا إلى أنها «تقوم في الغالب إما بتفجير سيارة مفخخة قرب المكان المراد اقتحامه بهدف خلق فوضى أمنية أو في حال لم تتوفر مثل هذه الحالة لأي سبب فإن أحد الانتحاريين يقوم بتفجير نفسه عند عملية الاقتحام لكي يخلق فوضى أيضا بالبوابات الرئيسية مما يسهل دخول باقي الانتحاريين».
وأكد أن «الانتحاريين يعلمون جيدا أن الأجهزة المسؤولة سوف تقوم بعملية تطهير المبنى تحت أي ظرف ولكن ما يدعوهم إلى اتباع مثل هذه السبل هو البعد الإعلامي للعملية حتى يؤكدوا وجودهم من خلاله بالإضافة إلى محاولة التخفيف عن جماعاتهم الذين باتوا محاصرين في الرمادي والفلوجة».
في سياق ذلك، أكد عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي مظهر الجنابي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مجرد تكرار مثل هذه الحوادث بصرف النظر عن طبيعة الأهداف أو الأجندات التي تقف خلفها فإنها تدل على أن هناك خللا أمنيا وأن عمليات الاختراق واضحة».
وأضاف أن «هناك من كان يقول إن معظم عمليات التفخيخ والتفجير وغيرها إما تجري في خيم الاعتصام أو في المدن التي هي محاصرة الآن وتدك بالدبابات والمدفعية وبالتالي فإنه حين تحصل مثل هذه العمليات في بغداد فإنه لا بد من إعادة النظر في التعامل مع ملف الإرهاب ومفهومه معا».
وأكد الجنابي أن «تكرار مثل هذه الحوادث فضلا عن عمليات التفجير التي حصلت اليوم (أمس) وأمس (أول من أمس) وفي بغداد أيضا وبسيارات مفخخة ألا يدل هذا أن هناك أمرا آخر يجب أن تأخذه الجهات المسؤولة بعين الاعتبار لا أن تبقى التهم ترمى جزافا بحق الناس في مناطق معينة يقاتل أهلها اليوم الإرهاب القادم من وراء الحدود». ميدانيا أيضا أدى انفجار عبوة ناسفة بالقرب من مطعم للمأكولات في ساحة 83 بمنطقة الطالبية، شرق بغداد إلى مقتل شخص وإصابة خمسة آخرين بجروح متفاوتة. كما شهدت بغداد مقتل وإصابة 11 شخصا على الأقل بتفجير سيارة مفخخة في منطقة الوزيرية، شرق بغداد.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم