قصف مدفعي وجوي حكومي على الرمادي يؤدي إلى سقوط مدنيين

قطع الاتصالات في الأنبار.. و«متحدون» تعلن خريطة طريق لحل الأزمة

عراقيون يتجمعون قرب موقع انفجار سيارة في سوق شعبي في حي الشعلة ببغداد أمس(أ.ف.ب)
عراقيون يتجمعون قرب موقع انفجار سيارة في سوق شعبي في حي الشعلة ببغداد أمس(أ.ف.ب)
TT

قصف مدفعي وجوي حكومي على الرمادي يؤدي إلى سقوط مدنيين

عراقيون يتجمعون قرب موقع انفجار سيارة في سوق شعبي في حي الشعلة ببغداد أمس(أ.ف.ب)
عراقيون يتجمعون قرب موقع انفجار سيارة في سوق شعبي في حي الشعلة ببغداد أمس(أ.ف.ب)

انتقدت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي ما سمته «التعتيم الإعلامي المقصود لما يجري في عموم الأنبار واقتصاره على الرؤية الحكومية فقط». وفيما طرحت كتلة «متحدون» التي يتزعمها رئيس البرلمان أسامة النجيفي خريطة طريق لمعالجة الأزمة في الأنبار، فقد استمر القصف المدفعي على بعض الأحياء في محيط مدينة الرمادي وهو القصف الذي أسفر طبقا لمصادر أمنية هناك عن مقتل وجرح نحو عشرة أشخاص. وشمل القصف المدفعي والهاونات والطائرات المروحية مناطق حي الملعب، وشارع 20. والثيلة، والطاش. وفي هذا السياق، أعلنت قيادة عمليات الأنبار أنها تمكنت من تطهير منطقة البوفراج التي كانت خلال الأيام الماضية إحدى أهم المناطق سخونة. وجرت عملية تطهير هذه المنطقة بالتعاون مع قوات الجيش وأبناء العشائر المتحالفة معها.
وقال فارس إبراهيم عضو المجلس التأسيسي لأبناء العراق في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه المنطقة وكذلك منطقة البوبالي كانت من بين أهم المناطق التي تمكنت داعش من إيجاد موطئ قدم لهم فيها بسبب التواطؤ مع بعض شيوخ العشائر هناك». وأضاف إبراهيم أن «القتال سوف يستمر لفترة حتى بعد تطهير هذه المناطق لأن هناك رؤيتين للتطهير، رؤية عسكرية وتقوم على أساس مسك الأرض وهذا صحيح ورؤية أخرى وهي استمرار الحواضن لأن المعركة لا تجري بين جيشين محترفين بل بين قوات عسكرية وعصابات مسلحة». وأوضح إبراهيم أنه «يمكن القول إن الصفحة العسكرية طويت في هذه المناطق ولكن تبقى جهود العشائر وأبناء العراق في كيفية التعامل مع العصابات الإرهابية التي نتوقع أن تستغل أي ظرف لمعاودة أنشطتها».
وفي الفلوجة (50 كم شرق الرمادي) قامت مجموعة مسلحة تستقل سيارات دفع رباعي باقتحام مركز للشرطة هناك واستولت على عجلاته ومعداته، بعد هروب أغلب عناصره. وتكررت في الفلوجة عمليات اقتحام مراكز الشرطة والسيطرة عليها من قبل المسلحين في وقت لم يتمكن ثاني مدير شرطة يجري تعيينه في غضون شهر من مزاولة عمله. وفي تطور لافت جرى قطع الاتصالات وشبكة الإنترنت في مدينتي الرمادي والفلوجة منذ فجر أمس دون معرفة الأسباب.
من جهتها انتقدت لجنة الأمن والدفاع البرلمانية عملية التعتيم الإعلامي المقصود عما يجري في الأنبار. وقال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي عن كتلة التحالف الكردستاني شوان محمد طه في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «قضية الأنبار لم تعد قضية عراقية فقط بل باتت قضية إقليمية ودولية وإن كان لا يزال حلها عراقيا في حال صدقت نوايا الكتل والقوى السياسية غير أن الإجراءات الحكومية حتى الآن لا تميل إلى إشراك الآخرين في الحل إلا بوصفهم تابعين وليسوا شركاء».
وأضاف طه أن «عملية قطع الاتصالات والإنترنت واختصار نقل المعلومة لوسائل الإعلام الحكومية أو المتعاونة معها لا يمكن أن يعطي الصورة الصحيحة عما يجري هناك وبالتالي فإن الصورة ليست واضحة بما فيها الكفاية ولهذا أسبابه التي تخدم صانع القرار ولكنها لا تخدم المصلحة الوطنية». وأضاف: «إننا بوصفنا لجنة أمن ودفاع أو شركاء سياسيين بحاجة إلى معلومات مؤكدة في كل الجوانب المتعلقة بالأزمة» داعيا الكتل السياسية ومنظمات المجتمع المدني المعنية بمثل هذه الأزمات إلى «عدم الوقوف مكتوفة الأيدي حيال هذا التعتيم المقصود وبالتالي فإن هناك عملية تسييس للأزمة مع محاولة لتصفي الحسابات مع الآخرين».
سياسيا أعلنت كتلة «متحدون» تفاصيل خريطة الطريق التي تضمنتها مبادرة رئيس البرلمان أسامة النجيفي لحل الأزمة. وقال المتحدث باسم الكتلة ظافر العاني، في مؤتمر صحافي عقده في منزل رئيس مجلس النواب، بحي القادسية وسط بغداد إن «متحدون أعدت خريطة طريق لحل المشكلة في الأنبار تتلخص بإيقاف القصف الجوي والمدفعي على المدن، وانسحاب الجيش منها بعيدا عن التماس مع المدنيين ليمارس مهامه في الدفاع عن الحدود وملاحقة الإرهابيين خارج المدن»، مشيرا إلى أن «المبادرة تتضمن إعادة الحكومة المحلية في الفلوجة وتمكين قوات الشرطة من حفظ أمنها بالتعاون مع العشائر». وأكد العاني على «قدرة أبناء العشائر حفظ الأمن بالأنبار بالتعاون مع القوات الأمنية بحسب ما أثبتته التجارب السابقة عندما تم تطهير المحافظة من عناصر تنظيم القاعدة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.