قراءة أوروبية في تمهل طهران للعودة إلى طاولة المفاوضات

وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا قبل اجتماع لبحث الملف الإيراني في باريس (الخارجية الألمانية)
وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا قبل اجتماع لبحث الملف الإيراني في باريس (الخارجية الألمانية)
TT

قراءة أوروبية في تمهل طهران للعودة إلى طاولة المفاوضات

وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا قبل اجتماع لبحث الملف الإيراني في باريس (الخارجية الألمانية)
وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا قبل اجتماع لبحث الملف الإيراني في باريس (الخارجية الألمانية)

رغم مرور 5 أيام على بيان وزراء خارجية الرباعي الغربي )فرنسا وبريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة( الذي نص على قبول الطرف الأميركي الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع إيران، في إطار مجموعة 5+1، وتكليف «وزير» خارجية الاتحاد جوزيب بوريل القيام بالاتصالات اللازمة، لم يصدر بعد، أقله علناً، جواب من طهران بالقبول أو بالرفض، بعكس الموقف الأميركي القابل الذي عبّر عنه وزير الخارجية أنتوني بلينكن ومسؤولون آخرون.
وحتى أمس، اقتصر الرد الإيراني على القول بأن طهران «تدرس» الاقتراح. وكشف بوريل، عقب اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الاثنين، شارك في قسم منه بلينكن عبر الفيديو، عن وجود «اتصالات دبلوماسية مكثفة»، مضيفاً أنه يسعى بصفته منسقاً للاتفاق ورئيس اللجنة المشتركة لتنفيذه، لتوفير ما سماه «مساحة للعمل الدبلوماسي» آملاً التوصل إلى الإعلان في الأيام القليلة المقبلة، عن «خبر» سار بخصوص نتيجة اتصالاته.
السؤال الذي يطرح نفسه في الأوساط الأوروبية المعنية بالملف المذكور يتناول الأسباب التي من شأنها أن «تفسر» التردد الإيراني في قبول الجلوس إلى طاولة المفاوضات واضحة الغرض وهي عودة الطرفين الإيراني والأميركي إلى العمل بالتزامات الاتفاق.
ترى المصادر الأوروبية أن طهران ما زالت حتى اليوم متمسكة بطرحها الأول الذي يقول إنه «لا حاجة للمفاوضات» بشأن الاتفاق القائم بذاته، الذي تبناه القرار الأممي 2231 في صيف 2015، وأن طهران «غير مهتمة» بعودة واشنطن إليه، إذ إن ما يهمها هو رفع العقوبات كافة، وفي حال تمت هذه الخطوة، فإنها مستعدة للرجوع «فوراً» عن انتهاك التزاماتها، وآخرها البدء بإنتاج اليورانيوم المعدني المستخدم في تصنيع القنبلة النووية، ووقف البروتوكول الإضافي.
وبالمقابل، فإن الموقف الأميركي، بعد الخطوات «الرمزية» التي أقدمت عليها واشنطن الأسبوع الماضي (توسيع دائرة تحرك الدبلوماسيين الإيرانيين في الأمم المتحدة، والتراجع عن قرار ترمب الداعي لإعادة فرض العقوبات الدولية، وقبول الجلوس مجدداً إلى طاولة المفاوضات)، غدا واضحاً؛ لا «هدايا» إضافية لإيران قبل المفاوضات، بمعنى أن أي خطوة أميركية لاحقة يجب أن تنبع مما ستسفر عنه المفاوضات. كما أن إدارة بايدن تريد أن تكون سياستها تجاه طهران بالتشاور مع الكونغرس حيث توجد مجموعة واسعة رافضة لأي تساهل مع طهران.
وبحسب بلينكن، فإن واشنطن تريد العمل مع الحلفاء من أجل «تعزيز الاتفاق ومد فترته الزمنية ومعالجة المواضيع الأخرى المثيرة للقلق»، ذاكراً منها أنشطة إيران «المزعزعة للاستقرار» و«تطوير وانتشار صواريخها الباليستية». ويؤكد بلينكن أن بلاده «لن تسمح أبداً بتحول إيران لقوة نووية»، وترى أن «الدبلوماسية هي الطريق»، المفضية لهذا الهدف. إذا كان الغرض من المفاوضات المرتقبة تحقيق هذه الغايات، فمن الواضح، وفق القراءة الأوروبية، أن إيران «غير مرتاحة ومتشجعة للدخول في غمارها»، رغم أن المطلوب في المرحلة الأولى أن تكون «غير رسمية» و«استكشافية» وعلى «مستوى منخفض».
لكن مشكلة طهران، كما تقول الأوساط الأوروبية، أنها ربما كانت تأمل أن يعمد بايدن إلى رفع العقوبات لتعود الأمور إلى سابق عهدها، وهو ما لم يحدث، والأرجح أنه لن يحصل. من هنا، تعتبر هذه الأوساط أن طهران «تريد أن تعرف مسبقاً أين تضع قدميها وإلى أين يمكن أن تفضي هذه المفاوضات».
وفي ظل الصراع الداخلي الإيراني بين تيارين؛ واحد متشدد رافض لأي «تنازل» للغرب، وآخر أقل تشدداً يعي أن باب الخروج من العقوبات ضيق للغاية، وأن التعامل مع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والصحية يفترض الاستجابة لمطلب المفاوضات، فإن المفاوضات تضع إيران في موقف حرج.
وبحسب القراءة الغربية، فإن التصعيد الذي تعمد إليه طهران وآخر تجلياته إعلان «المرشد» الإيراني علي خامنئي عن استعداد بلاده لتخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة إذا دعت الحاجة لذلك، ليس سوى من باب «مراكمة الأوراق التفاوضية».
يضاف إلى ذلك، أن الجميع متيقن اليوم أن ورقة الضغط الرئيسية على طهران عنوانها العقوبات الأميركية، وبالتالي فإن تراجع واشنطن عنها يعني أنها أصبحت فارغة اليدين ولن تمتلك ما سيمكنها لاحقاً من أن تفرض على طهران تناول الملفات الإضافية، أي برامجها الصاروخية ــ الباليستية وسياستها الإقليمية، فضلاً عن إطالة أمد صلاحية الاتفاق لما بعد العام 2025.
وباختصار، يريد الغرب «الأميركي والأوروبي» أن يتأكد من أن إيران «لن تصبح أبداً قوة نووية»، وهو ما أكد عليه الرئيس بايدن، وكرره بلينكن في كلمته إلى مؤتمر نزع السلاح الذي ترعاه الأمم المتحدة في جنيف.
حقيقة الأمر أن إيران تعي اليوم أنها خسرت ورقة اللعب على التناقضات الأميركية - الأوروبية السابقة، وأن بايدن حريص على التشاور في كل خطوة مع الأوروبيين الثلاثة، الأمر الذي يقوي موقفه كما أنه يريد أن يكون للأطراف الإقليمية دور في المفاوضات الخاصة بأمن الإقليم.
وإزاء هذه الملفات الساخنة كافة، ستكون طهران معرضة للضغوط القوية، وستكون مدعوة للخوض فيها، رغم رفضها المعروف التفاوض على اتفاق نووي جديد، ورفضها فتح الملف الباليستي، باعتباره يتعلق بـ«الأمن القومي». أما بشأن أنشطتها الإقليمية، فإنها تعتبر نفسها «قوة استقرار» في المنطقة، وأن الآخرين هم الذين يهددونه.
ولذا، فإن العوائق على درب التفاوض كثيرة، ومهلة الأشهر الثلاثة التي حصل عليها مدير عام الوكالة الدولية للطاقة النووية رافاييل غروسي في طهران قد لا تكون كافية لسلوك درب المفاوضات مجدداً، خصوصاً أنها تحل في عز العراك الانتخابي الإيراني.



في زيارة علنية نادرة... مسؤولون من كوريا الشمالية يصلون إلى إيران

إيرانيون يمرون بجانب صاروخ «أرض- أرض» من طراز «شهاب 3» معروض بجوار صورة المرشد علي خامنئي في معرض بأحد شوارع طهران (إ.ب.أ)
إيرانيون يمرون بجانب صاروخ «أرض- أرض» من طراز «شهاب 3» معروض بجوار صورة المرشد علي خامنئي في معرض بأحد شوارع طهران (إ.ب.أ)
TT

في زيارة علنية نادرة... مسؤولون من كوريا الشمالية يصلون إلى إيران

إيرانيون يمرون بجانب صاروخ «أرض- أرض» من طراز «شهاب 3» معروض بجوار صورة المرشد علي خامنئي في معرض بأحد شوارع طهران (إ.ب.أ)
إيرانيون يمرون بجانب صاروخ «أرض- أرض» من طراز «شهاب 3» معروض بجوار صورة المرشد علي خامنئي في معرض بأحد شوارع طهران (إ.ب.أ)

قالت وسائل إعلام رسمية في كوريا الشمالية اليوم (الأربعاء) إن وفداً من بيونغ يانغ برئاسة وزير التجارة الدولية يزور إيران حالياً، وذلك في تقرير علني نادر عن تعاملات البلدين اللذين يُعتقد بأن لهما علاقات عسكرية سرية.

وذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية أن وزير العلاقات الاقتصادية الخارجية يون جونغ هو غادر بيونغ يانغ، أمس (الثلاثاء) جواً على رأس وفد وزاري لزيارة إيران. ولم تذكر تفاصيل أخرى.

ويُشتبه منذ فترة طويلة بأن كوريا الشمالية وإيران تتعاونان في برامج الصواريخ الباليستية، وربما تتبادلان الخبرات الفنية والمكونات التي تدخل في تصنيعها.

وأفادت «رويترز» في فبراير (شباط) بأن إيران قدمت عدداً كبيراً من الصواريخ الباليستية إلى روسيا لاستخدامها في حربها مع أوكرانيا.

ويُشتبه أيضاً بأن كوريا الشمالية تزود روسيا بالصواريخ والمدفعية، على الرغم من أن كلا البلدين نفى هذا الادعاء.

وتشير قاعدة بيانات حكومة كوريا الجنوبية إلى أن يون سبق له العمل على توطيد علاقات كوريا الشمالية مع سوريا.

وكان ليون دور نشط في المعاملات المتزايدة بين كوريا الشمالية وروسيا؛ حيث قاد هذا الشهر وفداً لزيارة موسكو، وفقاً لوكالة الأنباء المركزية الكورية.


بطلب من الأرجنتين... «الإنتربول» يلاحق وزير الداخلية الإيراني

وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي خلال مؤتمر صحافي (رويترز)
وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي خلال مؤتمر صحافي (رويترز)
TT

بطلب من الأرجنتين... «الإنتربول» يلاحق وزير الداخلية الإيراني

وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي خلال مؤتمر صحافي (رويترز)
وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي خلال مؤتمر صحافي (رويترز)

أعلنت الأرجنتين الثلاثاء أنّها طلبت من الإنتربول توقيف وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي بتهمة ضلوعه في التفجير الذي استهدف مركزاً يهودياً في بوينوس آيرس في 1994.

وقالت الوزارة إنّ وحيدي هو حالياً في عداد وفد إيراني يزور باكستان وسريلانكا وقد أصدر الإنتربول، بناء على طلب الأرجنتين، نشرة حمراء بحقّه.

وأضافت أنّ الأرجنتين طلبت أيضاً من حكومتي باكستان وسريلانكا توقيف الوزير الإيراني وتسليمها إياه.

وفي 12 أبريل (نيسان)، حمّلت محكمة أرجنتينية طهران المسؤولية عن هجومين دمويين استهدفا قبل ثلاثة عقود الجالية اليهودية في البلاد.

وفي 1992 خلّف هجوم على السفارة الإسرائيلية في بوينوس آيرس 29 قتيلاً. بعد ذلك بعامين، تعرّض مركز «الجمعية التعاضدية الإسرائيلية-الأرجنتينية» (أميا) في العاصمة لتفجير نُفّذ بشاحنة محمّلة بالمتفجرات، ممّا أسفر عن مقتل 85 شخصاً وإصابة 300 آخرين بجروح.

وبعد أكثر من ثلاثة عقود على هذين الهجومين، حمّلت الغرفة الثانية في محكمة النقض الجنائية إيران المسؤولية عنهما، معلنة إياها «دولة إرهابية».

كما اتهمت المحكمة «حزب الله» اللبناني المدعوم من طهران، ووصفت الهجوم على مركز أميا - الأكثر دموية في تاريخ الأرجنتين - بأنه «جريمة ضد الإنسانية».

والثلاثاء، قالت وزارة الخارجية في بوينوس آيرس في بيان، إنّ «الأرجنتين تسعى إلى الاعتقال الدولي للمسؤولين عن الهجوم الذي استهدف مركز أميا في 1994 وأسفر عن مقتل 85 شخصاً والذين ما زالوا في مناصبهم في ظلّ إفلات تامّ من العقاب».

وأضافت أنّ أحد هؤلاء المطلوبين «هو أحمد وحيدي، المطلوب من قبل العدالة الأرجنتينية باعتباره أحد المسؤولين عن الهجوم على مركز أميا».

وتابعت: «هذا الشخص يشغل حالياً منصب وزير الداخلية في جمهورية إيران الإسلامية، وهو في عداد وفد حكومي يزور حالياً باكستان وسريلانكا».

ولفت البيان إلى أنّ «الأرجنتين طلبت من حكومتي باكستان وسريلانكا اعتقاله وفقاً للآليات التي يوفّرها الإنتربول».

وعيّن الفريق وحيدي وزيراً للداخلية في 2021 بعد أن شغل سابقاً منصب وزير الدفاع.

وحين وقع اعتداء بوينس آيرس، كان وحيدي قائداً لفيلق القدس، وحدة العمليات السرية في الحرس الثوري الإيراني.

وتوجد في الأرجنتين أكبر جالية يهودية في أميركا اللاتينية يبلغ تعداد أفرادها نحو 300 ألف شخص. كما يعتبر هذا البلد موطناً لمجتمعات مهاجرين من الشرق الأوسط، خصوصاً من سوريا ولبنان.

يوجد في الأرجنتين أكبر جالية يهودية في أميركا اللاتينية، حيث يبلغ عدد أعضائها حوالي 300 ألف. كما أنها موطن لجاليات المهاجرين من الشرق الأوسط - من سوريا ولبنان على وجه الخصوص.


إيران «على بُعد أسابيع» من مواد قنبلة نووية


عبداللهیان يتحدث إلى دبلوماسيين أجانب بعد ساعات من الرد الإيراني على إسرائيل في 14 أبريل الماضي (الخارجية الإيرانية)
عبداللهیان يتحدث إلى دبلوماسيين أجانب بعد ساعات من الرد الإيراني على إسرائيل في 14 أبريل الماضي (الخارجية الإيرانية)
TT

إيران «على بُعد أسابيع» من مواد قنبلة نووية


عبداللهیان يتحدث إلى دبلوماسيين أجانب بعد ساعات من الرد الإيراني على إسرائيل في 14 أبريل الماضي (الخارجية الإيرانية)
عبداللهیان يتحدث إلى دبلوماسيين أجانب بعد ساعات من الرد الإيراني على إسرائيل في 14 أبريل الماضي (الخارجية الإيرانية)

أفاد مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، بأن إيران باتت «على بعد أسابيع وليس أشهراً» عن امتلاك المواد الكافية لتطوير قنبلة نووية.

وأعرب غروسي عن قلقه من اقتراب طهران لهذا المستوى، لكنه قال إن «هذا لا يعني أن إيران تملك أو ستملك سلاحاً نووياً في غضون تلك الفترة الزمنية»، لافتاً إلى أن «الرأس الحربي النووي الفعال يتطلب أشياء إضافية كثيرة بمعزل عن امتلاك المواد الانشطارية الكافية».

وجدّد غروسي في حديث لقناة «دويتشه فيله»، دعوة طهران لرفع مستوى التعاون مع مفتشي الوكالة الدولية، بما يتناسب مع متطلبات الوكالة، محذراً من تزايد الشكوك بشأن شفافية البرنامج الإيراني. وقال إنه ينوي زيارة طهران، الشهر المقبل، لمناقشة القضايا العالقة بين الطرفين، قبل أن يصدر تقريراً فصلياً حول الأنشطة الإيرانية.

وطالبت القوى الغربية غروسي بتقديم تقرير فصلي في توقيت مبكر على الاجتماع الفصلي لمجلس المحافظين في الوكالة الدولية المقرر مطلع يونيو (حزيران) في فيينا، وذلك لتمكينها من مناقشة قرارات حول إيران.

في الأثناء، قال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، جواد كريمي قدوسي، إن إيران قادرة على إجراء أول اختبار نووي خلال أسبوع إذا صدر إذن بذلك. وقالت مواقع إيرانية إنه كان يشير إلى فتوى المرشد الإيراني علي خامنئي بشأن تحريم الأسلحة.

وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية قال الاثنين إن «الأسلحة لا مكان لها في العقيدة النووية الإيرانية»، وذلك بعدما هدد مسؤول إيراني بمراجعة السياسة النووية إذا تعرضت المنشآت لقصف إسرائيلي.


استقالة قائد المنطقة الوسطى في إسرائيل أخطر من استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية

جنود إسرائيليون في الضفة الغربية المحتلة (أرشيفية - رويترز)
جنود إسرائيليون في الضفة الغربية المحتلة (أرشيفية - رويترز)
TT

استقالة قائد المنطقة الوسطى في إسرائيل أخطر من استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية

جنود إسرائيليون في الضفة الغربية المحتلة (أرشيفية - رويترز)
جنود إسرائيليون في الضفة الغربية المحتلة (أرشيفية - رويترز)

أكدت مصادر سياسية وعسكرية بتل أبيب أن إعلان قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، الجنرال يهودا فوكس، أنه ينوي الاستقالة من منصبه في أغسطس (آب) المقبل، يشكل ضربة كبيرة للمؤسسة العسكرية.

وعلق عدد منهم على مظاهر الفرح التي بدت واضحة في ديوان رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، قائلاً إن «هذا الحدث المفرح لدى نتنياهو ورفاقه في اليمين هو بمثابة مصيبة بالنسبة للقدرات العسكرية»، وحذرت من هزة ذات تبعات قوية على مستوى استراتيجي عالمياً، لافتين إلى أنها «أخطر حتى من استقالة رئيس (أمان) (شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش)، أهرون هاليفا».

المعروف أن الجنرال فوكس، ورغم صداقته المميزة مع الجنرال هاليفا، فإن استقالته جاءت لأسباب مختلفة ولا تمت بصلة إلى أوضاع الحرب على غزة، ولا إلى الإخفاق الذي حصل قبيل السابع من أكتوبر (تشرين الأول). فهو مسؤول عن الضفة الغربية وليس عن غزة. لذلك فإن استقالته تثير علامات سؤال واستفهام كثيرة جداً.

ويعد الفلسطينيون والمستوطنون اليهود على السواء فوكس «معادياً لهم». بالنسبة للفلسطينيين يعد لعنة، لأنه المسؤول المباشر عن التصعيد الذي تشهده الضفة الغربية منذ توليه زمام القيادة، في أغسطس 2021. وفي مارس (آذار) 2022، باشر تنفيذ خطة عسكرية باسم «كاسر الأمواج»، ينظم خلالها حملات اعتقال ليلية، تستمر حتى اليوم، أي لأكثر من سنتين، بلا توقف. وقد استهدفت الاعتقالات بحسب البيانات الرسمية «مشتبهين بالنشاط الإرهابي المسلح في جميع أنحاء الضفة الغربية».

فلسطينيون يتفقدون دراجة نارية محترقة بعد هجوم للجيش الإسرائيلي على مخيم الفارعة للاجئين (إ.ب.أ)

كما تعمد إجراء الاعتقالات بشكل جماعي، حيث يداهم في كل ليلة 10 - 15 بلدة لاعتقال شخص أو أكثر. أول عملية اعتقال مثل هذه تحولت إلى عملية احتلال عسكري بكل معنى الكلمة، يشارك فيها مئات الجنود والضباط، يطوقون البيت المقصود بعدة دوائر: تطويق للبلدة، تطويق آخر للحي، وتطويق ثالث للبيت. ويحتلون أسطح البيوت المحيطة، بعد اقتحامها والبطش بسكانها. ثم يقتحمون بيت المعتقل وينشرون جو رعب. وإذا جرى الاعتراض فيرد الجيش بعنف وحدة. وإذا جرت مقاومة فيتم إطلاق الرصاص الحي والقنابل وحتى الصواريخ بلا تردد.

وقد تسببت هذه الاعتقالات في عدة اشتباكات، في بعض الأحيان، وكلما وقعت إصابة في الجيش الإسرائيلي خلال الهجوم (ووقعت بالفعل إصابات كثيرة)، كان ينتقم بطرق جنونية. ففي مخيمات اللاجئين مثلاً، دمّر الجيش الإسرائيلي البنى التحتية تماماً، الشوارع والمجاري وخطوط المياه وقنوات التصريف والجوالات والكهرباء. حصل هذا في معظم المخيمات، وبشكل خاص في مخيمات جنين ونور شمس وبلاطا والعوجا. وكان يجلب الجرافات من طراز «D - 9»، ويدخلها في أزقة المخيم لتهدم بيتاً، وفي طريقها تهدم الأسوار وكل ما تصطدم به، بما فيها البيوت والمقاهي والحوانيت. وحيثما يصطدم بمقاومة وكمائن، وقد اصطدم فعلاً بكثير من المقاومة، كان يدمر ويقتل أكثر، واستخدم الطائرات المقاتلة من طراز «إف 16» و«أباتشي» ليقصف البيوت والطائرات المسيّرة للاغتيالات.

عداء المستوطنين

المعروف أن هذا التصعيد، ترافق مع تشكيل حكومة اليمين المتطرفة بقيادة نتنياهو، وتعيين وزير المالية بتسلئيل سموتريتش وزيراً ثانياً في وزارة الدفاع، وإيتمار بن غفير وزيراً للأمن القومي، وهما اللذان جلبا معهما سياسة البطش بالأسرى في السجون ومضاعفة الاقتحامات للأقصى وانفلات المستوطنين، وتشكيل حرس وطني عبارة عن ميليشيات مسلحة، الذي كان أحد الأسباب الأساسية لانفجار هجوم حماس في 7 أكتوبر.

لكن الجنرال فوكس، حاول في بعض الحالات عمل بعض التوازن، فمنع إقامة بؤر استيطانية وأخلى بعضاً منها وفرض حوالي 20 أمر اعتقال إداري ضد مستوطنين أشاعوا الفوضى، وخططوا لعمليات إرهاب يهودي ضد الفلسطينيين.

وقبل عدة شهور كشف النقاب عن أنه أجري تدريباً في الجيش على سيناريو قيام إرهابيين يهود بخطف فلسطيني رهينة.

فلسطيني من قرية ترمسعيا الفلسطينية بالضفة الغربية يعبر كتابات بالعبرية «الانتقام - الموت للعرب» تركها مستوطنون في الضفة الغربية 18 فبراير الماضي (أ.ب)

لذلك، ناصبه المستوطنون العداء، ودعا بن غفير لإقالته، وتعرض لحملة تحريض دموية من المستوطنين في الشبكات الاجتماعية، ونشرت صوره عليها شارة النازية (الصليب المعقوف)، وصور أخرى ألبسوه فيها حطة فلسطينية. ويقال إن رئيس الشاباك، رونين بار، دخل ذات مرة غاضباً على نتنياهو، وقال له: «في عهدك سيتم اغتيال جنرالات في الجيش». وتم وضع حراسة خاصة على فوكس، ليكون اللواء الوحيد في الجيش تحت حراسة 24 ساعة، وذلك خوفاً من اغتياله بأيدٍ يهودية.

لذلك، فقد أصيب فوكس باليأس. وحسب هيئة البث الإسرائيلية (كان 11)، فإن فوكس اجتمع برئيس الأركان الإسرائيلي، هرتسي هليفي، قبل نحو الشهر، وأبلغه أنه يعتزم الاستقالة من منصبه، في الصيف المقبل. لكن الخبر تسرب فقط يوم أمس. ونقلت هيئة البث عن مقربين من فوكس أنه يشعر بأنه «استنفد نفسه»، وقرر إنهاء مسيرته العسكرية بعد 6 سنوات من ترقيته إلى رتبة لواء، خدم خلالها لمدة ثلاث سنوات بصفته ملحقاً عسكرياً في واشنطن، وثلاث سنوات كان فيها قائداً للمنطقة الوسطى.

وحاول هليفي ثنيه عن عزمه، مؤكداً له أنه ضابط واعد ويريد له أن يعين نائباً لرئيس الأركان. لكنه رفض. ورجّح موقع «واي نت» أن تكون «الأجواء الصعبة والمشحونة في الجيش بشكل عام وهيئة الأركان العامة بشكل خاص، في ظل الحرب (على غزة)، قد دفعت فوكس إلى الاعتقاد بأنه من الصواب أن يخلع زيه العسكري ويعود للحياة المدنية».

طفل يقف بجوار مبنى تضرَّر خلال هجوم إسرائيلي على مخيم نور شمس للاجئين الفلسطينيين قرب مدينة طولكرم بالضفة الغربية يناير الماضي (أ.ف.ب)

ويخشى هليفي أن تكون هذه الاستقالة بداية لسلسلة استقالات لكبار الضباط في الجيش من دون علاقة مع موضوع الحرب، أو إضافة للضباط الذين ينوون الاستقالة بسبب إخفاق 7 أكتوبر، مثل رئيس الأركان نفسه وقائدي القيادة الجنوبية الحالي والسابق، ورئيس شعبة العمليات، وقائد فرقة غزة وضباط آخرين موجودين في قائمة الذين يتحملون مسؤولية مباشرة، وسيضطرون إلى استخلاص العبر من ذلك. ولذلك تعد استقالة فوكس بداية إعصار في الجيش الذي يُعتقد أنه سيتعرض لهزة كبيرة.

إزاء كل ذلك، يبدو أن نتنياهو وحده يواصل التصرف كأن هذه الأمور لا تتعلق به أبداً، بل يعتقد أنه يفرك يديه فرحاً. إن الثمن الذي ستدفعه إسرائيل سيكون هائلاً، وإن هذه النار ستحرق بالتالي أيضاً ثياب نتنياهو بينما هي على جسده.


الجيش الإسرائيلي يأمر بعمليات إخلاء جديدة في شمال غزة

جنود إسرائيليون عند الحدود مع قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
جنود إسرائيليون عند الحدود مع قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يأمر بعمليات إخلاء جديدة في شمال غزة

جنود إسرائيليون عند الحدود مع قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
جنود إسرائيليون عند الحدود مع قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، اليوم (الثلاثاء)، إن إسرائيل أمرت بعمليات إخلاء جديدة في منطقة بيت لاهيا بشمال قطاع غزة، واصفاً إياها بأنها «منطقة قتال خطيرة»، وفق ما أوردته وكالة «رويترز».

قال سكان، في وقت سابق اليوم، إن إسرائيل كثفت ضرباتها في أنحاء قطاع غزة في بعض من أعنف عمليات القصف منذ أسابيع، وقصفت شمال القطاع الذي كان الجيش الإسرائيلي قد سحب قواته منه في السابق. ووردت أيضاً أنباء عن ضربات جوية وقصف دبابات في المناطق الوسطى والجنوبية فيما قال سكان إنه قصف شبه مستمر. وقال سكان ووسائل إعلام تابعة لحركة «حماس»، إن دبابات الجيش توغلت مجدداً شرق بيت حانون على الطرف الشمالي لقطاع غزة الليلة الماضية، لكنها لم تتوغل كثيراً في المدينة. ووصل إطلاق النار إلى بعض المدارس التي يحتمي بها نازحون هناك.


مقتل جندي إسرائيلي في غزة يرفع الإجمالي إلى 261 منذ بدء العملية البرية

جانب من عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة (أ.ف.ب)
جانب من عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة (أ.ف.ب)
TT

مقتل جندي إسرائيلي في غزة يرفع الإجمالي إلى 261 منذ بدء العملية البرية

جانب من عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة (أ.ف.ب)
جانب من عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة (أ.ف.ب)

أفادت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، اليوم الثلاثاء، نقلاً عن الجيش الإسرائيلي بمقتل جندي في شمال قطاع غزة، أمس الاثنين.

وبحسب «وكالة أنباء العالم العربي»، أوضحت الصحيفة أن الجندي يُدعى سالم الكريشات وعمره 43 عاماً.

وأضافت أنه بمقتل الجندي يرتفع عدد قتلى الجيش الإسرائيلي إلى 261 منذ بدء العملية العسكرية البرية في قطاع غزة.


حملة «قمع» في إيران تواكب التوتر مع إسرائيل

إيرانيات في أحد الشوارع وسط تنفيذ مراقبة الحجاب الجديدة في طهران الأسبوع الماضي (رويترز)
إيرانيات في أحد الشوارع وسط تنفيذ مراقبة الحجاب الجديدة في طهران الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

حملة «قمع» في إيران تواكب التوتر مع إسرائيل

إيرانيات في أحد الشوارع وسط تنفيذ مراقبة الحجاب الجديدة في طهران الأسبوع الماضي (رويترز)
إيرانيات في أحد الشوارع وسط تنفيذ مراقبة الحجاب الجديدة في طهران الأسبوع الماضي (رويترز)

في نفس اليوم الذي شنّت فيه إيران أول هجوم مباشر لها على الإطلاق على إسرائيل، شرعت السلطات في مواجهة أقل متابعة في الداخل، وأمرت الشرطة في عدة مدن بالنزول إلى الشوارع لاعتقال النساء المتهمات بانتهاك قواعد الحجاب.

وتصرّ السلطات على أن حملتها المسماة «نور» تستهدف الشركات والأفراد الذين يتحدون قانون الحجاب، بهدف الاستجابة لمطالب المواطنين المتدينين الغاضبين من العدد المتزايد للنساء غير المحجبات في الأماكن العامة.

لكن الناشطين وبعض السياسيين أبلغوا وكالة «رويترز» أن الحملة لا تهدف على ما يبدو إلى فرض ارتداء الحجاب فحسب، بل إلى كبت أي معارضة أشمل في لحظة ضعف بالنسبة للحكام الدينيين.

وشدّدت حكومة الرئيس المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي من الإجراءات الصارمة لتطبيق قانون الحجاب الذي يلزم النساء بارتداء الحجاب وارتداء ملابس طويلة وفضفاضة. ويواجه المخالفون التوبيخ العلني أو الغرامات أو الاعتقال.

وأصبحت هذه القوانين قضية سياسية ملتهبة، منذ أن تحولت الاحتجاجات على وفاة امرأة شابة أثناء احتجازها من قبل «شرطة الأخلاق» في البلاد عام 2022 إلى أسوأ اضطراب سياسي منذ الثورة الإسلامية عام 1979.

وفي استعراض للعصيان المدني، ظهرت النساء غير المحجبات بشكل متكرر في الأماكن العامة منذ وفاة مهسا أميني، البالغة من العمر 22 عاماً. وقمعت قوات الأمن بعنف الانتفاضة اللاحقة التي دعت إلى إسقاط الحكومة.

ومع بدء الهجوم الإيراني بالطائرات المسيرة والصواريخ في 13 أبريل (نيسان)، ظهر قائد شرطة طهران عباس علي محمديان على شاشة التلفزيون الرسمي للإعلان عن الحملة الجديدة.

اعتقالات

قال: «اعتباراً من اليوم، ستنفذ الشرطة في طهران والمدن الأخرى إجراءات ضد من تنتهكن قانون الحجاب»، فيما انتشر مئات من عناصر الشرطة في شوارع العاصمة والمدن الأخرى.

ونشر مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي صوراً لوجود كثيف لشرطة الأخلاق في طهران، ومقاطع مصورة للشرطة، وهي تعتقل بعنف نساء زعمت أنهن يرتدين ملابس غير لائقة، بما في ذلك قوات أمن بملابس مدنية تجرّ شابات إلى عربات الشرطة.

واختفت عربات شرطة الأخلاق إلى حد كبير من الشوارع منذ العام الماضي. وسرعان ما أثارت الحملة تعبيرات شعبية عن الانزعاج.

وبسبب القلق بشأن ما يقولون إنه قد يكون صدعاً عميقاً بين المؤسسة والمجتمع كله، انتقد بعض السياسيين حملة القمع المكثفة.

قوات الشرطة الإيرانية في أحد الشوارع مع بدء تنفيذ مراقبة الحجاب الجديدة في طهران الأسبوع الماضي (رويترز)

وكتبت السياسية الإصلاحية، آذر منصوري، على موقع «إكس»: «... في الوقت الذي أصبحت فيه الوحدة الوطنية أكثر أهمية من أي وقت مضى، تتزايد نفس المشاهد القبيحة (التي شوهدت خلال الاحتجاجات) مع مزيد من العنف ضد النساء والفتيات الإيرانيات! أي نوع من السياسة هذه؟».

ونشر وزير العمل السابق، علي ربيعي، على حسابه على موقع «إكس»: «أنا حقاً لا أفهم عندما يشعر الشعب الإيراني بالارتياح والفخر بخصوص مواجهة إسرائيل، فجأة مجموعة (من صناع القرار) تدفع المجتمع نحو المواجهة مع المؤسسة!».

ويشتبه البعض الآخر في أن الحملة لها دافع سياسي. وقال ناشط في مجال حقوق الإنسان في طهران إن هذه الخطوة تهدف إلى «بثّ الخوف في المجتمع لمنع أي احتجاجات مناهضة للحرب وقمع المعارضة الداخلية عندما يكون الحكام في حالة حرب مع إسرائيل».

موقف أكثر صرامة

قال الناشط، الذي تحدث شريطة عدم نشر هويته بسبب حساسية الأمر: «لم يكن من باب المصادفة أنه في نفس يوم الهجوم على إسرائيل، غمرت الشرطة الشوارع. فقد كانوا يخافون من عودة الاضطرابات».

وقد أثار احتمال اندلاع حرب مع إسرائيل، بعد سلسلة من الأعمال الانتقامية المتبادلة بين الخصمين اللدودين، قلق كثير من المواطنين العاديين الذين يكابدون بالفعل مجموعة من المشكلات تتراوح بين الضيق الاقتصادي إلى تشديد القيود الاجتماعية والسياسية بعد الاضطرابات التي شهدتها البلاد بين عامي 2022 و2023.

وقال مسؤول حكومي سابق يوصف بالمعتدل إن رجال الدين الذي يحكمون البلاد تبنوا موقفاً أكثر صرامة في وجه الأصوات التي تطالب بتغييرات سياسية واجتماعية خشية أن تكتسب مثل هذه الآراء زخماً في وقت تتعرض فيه البلاد لضغوط خارجية.

وقال المسؤول السابق: «هذا جزء من استراتيجية الحكام لتعزيز قبضتهم على السلطة عندما تواجه البلاد تهديدات من عدوها اللدود إسرائيل».

وقال سياسي إيراني، وهو برلماني سابق، إن «الأمر لا يتعلق بقمع النساء اللاتي ينتهكن قواعد الزي فقط. ففي الأيام الماضية، شهدنا حملة قمع جلية ضد أي مظهر للمعارضة».

وبحسب مواقع إخبارية معارضة، فقد تعرض صحافيون ومحامون ونشطاء ومدافعون عن حقوق الإنسان وطلاب للاعتقال أو الاستدعاء أو غير ذلك من التدابير خلال الأيام الماضية. وأشارت تلك المواقع إلى أن التهمة الأساسية الموجهة لمن تم إلقاء القبض عليهم كانت «إثارة الرأي العام».

ووفقاً لوسائل إعلام رسمية، فقد سبق أن حذّرت وحدة الاستخبارات التابعة لـ«لحرس الثوري» الإيراني، في 14 أبريل، رواد وسائل التواصل الاجتماعي من أي منشورات تتضمن دعماً لإسرائيل.


«الذرية الدولية»: أمام طهران أسابيع للحصول على مواد قنبلة

مدير «الطاقة الدولية» رافائيل غروسي ورئيس «الذرية الإيرانية» محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران مارس 2022 (رويترز)
مدير «الطاقة الدولية» رافائيل غروسي ورئيس «الذرية الإيرانية» محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران مارس 2022 (رويترز)
TT

«الذرية الدولية»: أمام طهران أسابيع للحصول على مواد قنبلة

مدير «الطاقة الدولية» رافائيل غروسي ورئيس «الذرية الإيرانية» محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران مارس 2022 (رويترز)
مدير «الطاقة الدولية» رافائيل غروسي ورئيس «الذرية الإيرانية» محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران مارس 2022 (رويترز)

حذّر مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي من إن إيران أمامها «أسابيع وليس أشهراً» للحصول على ما يكفي من اليورانيوم المخصب لتطوير قنبلة نووية.

وقال غروسي في حديث لقناة «دويتشه فيله» الألمانية إن «تخصيب اليورانيوم إلى مستويات قريبة من مستوى تصنيع الأسلحة يشكل سبباً للقلق»، لكنه أضاف أن «هذا لا يعني أن إيران تمتلك أو ستمتلك سلاحاً نووياً في تلك الفترة الزمنية».

وأوضح غروسي أن «الرأس الحربي النووي الفعال يتطلب أشياء إضافية كثيرة بمعزل عن امتلاك المواد الانشطارية الكافية»، لافتاً في الوقت نفسه إلى إن «أهداف إيران من تخصيب اليورانيوم بمستوى قريب من القنبلة «مسألة تكهنات».

وتقوم إيران بتخصيب اليورانيوم 60 في المائة، منذ أبريل (نيسان) 2021 في منشأة نطنز، وفي وقت لاحق باشرت تخصيب اليورانيوم بالنسبة نفسها في منشأة فوردو الواقعة تحت الجبال. كما تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة. وقال تقرير للوكالة الدولية في مارس (آذار) الماضي إن مخزون إيران أكثر من 27 ضعفاً من المستوى المرخص به بموجب الاتفاق الدولي المبرم عام 2015.

وتقول الوكالة إن لدى إيران ما يكفي من اليورانيوم المخصب لدرجة 60 في المائة لصنع ثلاث قنابل نووية، إذا تم تخصيبها بدرجة أكبر.

وأشار غروسي إلى المشكلات التي تواجه الوكالة التابعة للأمم المتحدة في مراقبة البرنامج الإيراني. وقال إن الوكالة «لا تحصل على المستوى المطلوب الذي تحتاج إليه في إيران»، محذراً من أن ذلك يزيد من الشكوك.

وقال: «لقد أخبرت نظرائي الإيرانيين مراراً وتكراراً... أن هذا النشاط يثير بعض الدهشة ويتفاقم مع حقيقة أننا لا نحصل على الدرجة اللازمة من الوصول والرؤية التي أعتقد أنها ضرورية.... عندما تجمع كل ذلك معاً، سينتهي بك الأمر بالطبع مع الكثير من علامات الاستفهام.»

وأشار غروسي في حديثه لقناة «دويتشه فيله» إلى تفاقم الشكوك حول شفافية إيران، على ضوء التحقيق الذي تجريه الوكالة الدولية منذ سنوات بشأن المواقع السرية. وقال إن هذه الشكوك «كانت في قلب الحوار الذي كنت وما زلت أحاول إجراؤه مع إيران».

ومن المتوقع أن يصدر غروسي أواسط الشهر المقبل، تقريراً حول الأنشطة الإيرانية، قبل أسابيع من التئام شمل الدول الأعضاء في مجلس محافظي الوكالة الدولية، في فيينا. وسيركز الاجتماع بشكل أساسي على تعاون إيران والوكالة الدولية.

وحضّ غروسي طهران على التعاون بشكل أكبر، وقال إنه يعتزم زيارة طهران قريباً، مبدياً تمسكه بالحوار مع الإيرانيين. وصرح «هناك أشياء كثيرة تحتاج إلى توضيح... سأكون هناك لمحاولة إعادة هذه الأمور إلى مسارها الصحيح».

وحاول غروسي زيارة طهران في فبراير (شباط) الماضي، قبل الاجتماع الفصلي للوكالة الدولية مطلع مارس. لكن إيران وجّهت له دعوة حينذاك لحضور مؤتمر دولي بشأن البرنامج النووي الإيراني وسيعقد خلال الأيام العشرة الأولى من الشهر المقبل.

وأعرب عن إدانته الواضحة لفكرة قصف المنشآت النووية، في إشارة إلى تحذيره من قصف إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية في ظل تفاقم التوترات بينهما. وأضاف أن «مهاجمة المنشآت النووية أمر محظور تماماً».

وتعليقاً على الأنباء بشأن محادثات مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، قال غروسي إن الوكالة الدولية «تحاول دائماً تعزيز الحوار».

قبل ذلك، بساعات قال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، النائب جواد كريمي قدوسي إن بلاده يفصلها أسبوع عن أول اختبار نووي إذا سمح المرشد الإيراني علي خامنئي بذلك.

وقال كريمي قدوسي على منصة «إكس»: «في حال صدر الأذن يفصلنا أسبوع عن أول اختبار». ووضع هاشتاغ «قوة إيران». وكتب صحيفة «همشهري» التابعة لبلدية طهران أن «إشارة كريمي قدوسي قد تعود إلى فتوى تحريم إنتاج واستخدام الأسلحة التي صدرت قبل سنوات».

وجاء تعليق كريمي قدوسي بعد ساعات من نفي المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني أي نية لبلاده بشأن تغيير مسار برنامجها النووي.

وقال كنعاني خلال مؤتمر صحافي في طهران إن «الأسلحة النووية لا مكان لها في العقيدة النووية الإيرانية»، وأضاف: «قالت إيران مرات عدة إن برنامجها النووي يخدم الأغراض السلمية فقط. ولا مكان للأسلحة النووية في عقيدتنا النووية».

وحذر أحمد حق طلب، القائد المسؤول عن حماية المنشآت النووية في «الحرس الثوري»، الأسبوع الماضي بعد تصاعد التوتر مع إسرائيل، بأن طهران ستعيد النظر في عقيدتها وسياستها النووية إذا تعرّضت المنشآت النووية الإيرانية لهجوم إسرائيلي.

ولفت أحمد حق طلب إلى أن التهديدات الإسرائيلية «ليست جديدة»، وأشار إلى أعمال تخريبية في الصناعة النووية ونُسبت لإسرائيل.

وقال أحمد حق طلب: «إذا أراد النظام الصهيوني استخدام التهديد بمهاجمة المراكز النووية بوصفه أداة ضغط فمن المحتمل مراجعة العقيدة والسياسات النووية للجمهورية الإسلامية، وتعديل الملاحظات المعلنة في السابق».

وقال: «المراكز النووية للعدو الصهيوني تحت إشرافنا الاستخباراتي، ولدينا المعلومات اللازمة لكل الأهداف، أيدينا على زناد الصواريخ القوية لتدمير الأهداف رداً على إجرائهم المحتمل».

و الشهر الماضي، أعرب غروسي عن قلقه من أن «هناك خطاباً مقلقاً، ربما سمعتم مسؤولين كباراً في إيران يقولون إنه صار لديهم في الآونة الأخيرة كل العناصر اللازمة لصنع سلاح نووي».

وكان يشير بذلك إلى ما قاله الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي، بشأن امتلاك بلاده جميع الأدوات اللازمة لصناعة أسلحة نووية.

وقال صالحي في برنامج تلفزيوني إيراني نهاية فبراير الماضي، بشأن امتلاك بلاده كل ما تحتاج إليه لصنع سلاح: «لدينا كل (قطع) العلوم والتكنولوجيا النووية. دعوني أضرب مثالاً: إلامَ تحتاج السيارة؟ تحتاج إلى هيكل، تحتاج إلى محرك، تحتاج إلى عجلة قيادة، تحتاج إلى علبة تروس. هل صنعت علبة التروس؟ أقول نعم. المحرك؟ ولكن كل عنصر موجه لغرضه الخاص».


الاتحاد الأوروبي يبحث عن نقطة توازن في سياسته إزاء حرب غزة

حجة لحبيب وزيرة خارجية بلجيكا مع منسّق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في لوكسمبورغ (إ.ب.أ)
حجة لحبيب وزيرة خارجية بلجيكا مع منسّق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في لوكسمبورغ (إ.ب.أ)
TT

الاتحاد الأوروبي يبحث عن نقطة توازن في سياسته إزاء حرب غزة

حجة لحبيب وزيرة خارجية بلجيكا مع منسّق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في لوكسمبورغ (إ.ب.أ)
حجة لحبيب وزيرة خارجية بلجيكا مع منسّق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في لوكسمبورغ (إ.ب.أ)

بعد مرور 200 يوم على حرب غزة التي أوقعت، وفق آخر إحصاء لوزارة الصحة في القطاع، ما يزيد على 34 ألف قتيل وعشرات الآلاف من الجرحى، يبدو ضرورياً التوقف عند المحطات التي وصلت إليها المواقف الدولية ومن بينها الاتحاد الأوروبي الذي يرى في الشرق الأوسط «جاره الجنوبي»، وبالتالي فإنه معني بما يحصل فيه من تطورات وأزمات وحروب. وجاءت حرب غزة لتضع «الاتحاد» في مرمى السهام والاتهامات وعلى رأسها «ازدواجية المعايير» وإشاحة النظر عما ترتكبه القوات الإسرائيلية من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، والامتناع عن اتخاذ أي تدبير أو إجراء لمحاسبتها واعتبار أن العلاقات التي تربط الطرفين يجب ألا تتأثر بأداء القوات الإسرائيلية.

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين: دعم غير مشروط لإسرائيل - متحدثة في مؤتمر صحافي في بروكسل في 18 أبريل الحالي

ثمة إجماع لدى المهتمين بالشأن الأوروبي على أن انقساماته الداخلية بين ثلاث مجموعات؛ «أولاها تضم دولاً مؤيدة بالمطلق لإسرائيل بغض النظر عما ترتكبه من أفعال، وثانيتها تسعى لاتباع سياسات متوازنة رغم الصعوبات التي تواجهها، وثالثتها متأرجحة بين هذه وتلك»، تمنع الاتحاد من اتباع سياسة قوية ومؤثرة، وبالتالي فإن المواقف الجماعية تبدو دوماً ثمرةَ مساومات لا تخرج عن سقف «الحد الأدنى». وثاني القناعات أن النادي الأوروبي «لا يملك الأوراق الكافية»، ليكون له دور مؤثر على مسار الأحداث، خصوصاً على الجانب الإسرائيلي، فيما يرى آخرون أنه «يفتقد للإرادة السياسية»، وأنه لو أراد فعلاً أن يؤدي دوراً مؤثراً، فإن الاتفاقيات التجارية والاقتصادية والعلمية المبرمة مع إسرائيل، تمثل أوراق ضغط حقيقية ومؤثرة. أخيراً، ترى أكثرية القادة الأوروبيين أن الانغماس في ملف النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، لا يرجى منه أي مكسب سياسي بل العكس هو المتوقع، ولذا، ما دام أن النزاع يمكن ركنه في زاوية أو إدارته من غير الكثير من القلاقل، فلا بأس من بقائه حيث هو، ما دام لا يؤثر على المصالح الأوروبية.

اصطفاف وراء إسرائيل

منذ اليوم الأول لحرب غزة، اصطفت دول الاتحاد الأوروبي وراء إسرائيل، وتبنت مبدأ حقها في الدفاع عن النفس، والقضاء على حركة «حماس». وتبدّى ذلك في أمرين: الأول، مسارعة أوليفيه فارهيلي، المفوض الأوروبي لسياسات الجوار إلى «التجميد الفوري» لكل المساعدات المقدمة للفلسطينيين القائمة والمستقبلية، وذلك من غير التشاور مع أحد. والثاني، برز مع الزيارة التي قامت بها رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين، إلى إسرائيل في 13 أكتوبر (تشرين الأول)، حيث عبرت عن «التضامن التام» مع إسرائيل، وأكدت حقها في الدفاع عن النفس، ووصفت «حماس» بأنها تنظيم إرهابي، ولم تشر من قريب أو بعيد إلى ضرورة أن تحترم إسرائيل القانون الدولي الإنساني والتزامها بحماية المدنيين.

غضب الموظفين

وأثارت مواقف المسؤولة الأوروبية نقمة داخل الاتحاد، حيث وجّه 850 موظفاً، في 20 أكتوبر رسالة إلى مكتبها يرفضون فيها «دعمها المطلق غير المشروط» لإسرائيل، وعدم مبالاتها بـ«المجزرة المتواصلة ضد المدنيين في غزة وتجاهل حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني». كذلك انتقد جوزيب بوريل، المسؤول عن السياسة الخارجية، وشارل ميشال، رئيس المجلس الأوروبي، مبادرات فون دير لاين.

رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال يرفض أن تقوم فون دير لاين بمبادرات في السياسة الخارجية (أ.ب)

وجاءت البيانات الجماعية الصادرة رسمياً، ومنها يوم 26 أكتوبر ويوم 13 نوفمبر (تشرين الثاني) متضمنة إدانة ما قامت به «حماس»، والتعبير عن التضامن مع إسرائيل، وتأكيد حقها في الدفاع عن نفسها، ولكن في إطار احترام القانون الدولي والتشديد على إيصال المساعدات الإنسانية الطارئة إلى سكان القطاع. كذلك سارع الاتحاد إلى تجميد الأموال المخصصة لوكالة «الأونروا» التي اتهمتها إسرائيل بأنها «مخترقة» من «حماس».

ثلاث لاءات

في اليوم التالي للاجتماع، اقترح بوريل الخطوط الرئيسية للسياسة الأوروبية وتتشكل من ثلاث لاءات: لا للترحيل القسري للفلسطينيين، لا لطردهم من غزة نحو دول أخرى، ولا إعادة احتلال القطاع أو ضم أجزاء منه. بالمقابل، طرح بوريل ثلاثة مبادئ لمستقبل القطاع: تمكين «سلطة فلسطينية مؤقتة» من إدارة القطاع بموجب قرار من مجلس الأمن ومشاركة دول عربية يثق بها الفلسطينيون والإسرائيليون في إدارة القطاع، على أن تشكل خطوة باتجاه إقامة الدولة الفلسطينية. والمبدأ الثالث ينص على انخراط الاتحاد الأوروبي في المنطقة والمساعدة على قيام دولة فلسطينية تتمتع بالسيادة وقادرة على إبرام السلام مع إسرائيل وتوفير الأمن لها وللفلسطينيين.

ازدواجية المعايير

رغم أهمية مقترح بوريل، فإن «الاتحاد» لم يتخذ موقفاً قوياً من استهداف القوات الإسرائيلية للمستشفيات والمساجد والمدارس التي بعضها أقيم بأموال أوروبية. كذلك لم يصدر عن الاتحاد - بوصفه كتلة - أي إدانة لما تقوم به إسرائيل في القطاع أو دعوة لوقف إطلاق النار بسبب معارضة مجموعة من دوله، الأمر الذي يعكس انقساماته الداخلية التي ظهرت في تصويت دول الاتحاد في الأمم المتحدة. ففي 27 أكتوبر، اختارت 15 دولة أوروبية الامتناع عن التصويت على مشروع قرار يدعو إلى وقف إنساني لإطلاق النار ووضع حد للأعمال العدائية، فيما صوتت لمصلحته ثماني دول: فرنسا وآيرلندا وبلجيكا ولوكسمبورغ وإسبانيا وسلوفينيا ومالطا والبرتغال. أما الدول الأربع المتبقية فقد صوتت ضده، وهي النمسا وتشيكيا والمجر وكرواتيا.

نتائج التصويت في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة على الدعوة إلى وقف النار في غزة (إ.ب.أ)

في 12 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، صوتت الجمعية العامة على مشروع قرار يدعو إلى «توفير الحماية للمدنيين واحترام القوانين الإنسانية ولوقف إطلاق النار وإطلاق السراح الفوري وغير المشروط لجميع الرهائن، دعمت 17 دولة القرار وعارضته الدول الأربع المذكورة سابقاً، وامتنعت الدول المتبقية عن التصويت.

أما في مجلس الأمن، فإن الدول الأوروبية الثلاث الممثلة حالياً فيه «فرنسا وسلوفينيا ومالطا» فقد صوتت جميعها لصالح مشروع القرار الذي تقدمت به الجزائر فيما لم تعارضه الولايات المتحدة، الأمر الذي أتاح تبنيه وقد دعا، بشكل أساسي، إلى وقف فوري إنساني لإطلاق النار خلال شهر رمضان، كما تضمن العناصر الأخرى المتكررة في كل مشاريع القرارات. ويمكن، بناء على ما جرى في نيويورك وبروكسل، استخلاص وجود ثلاث مجموعات أوروبية: الأولى، تريد وقفاً فورياً لإطلاق النار وتمثلها فرنسا، بلجيكا، إسبانيا ولوكسمبورغ وآيرلندا ومالطا وسلوفينيا. والثانية معارضة لكل ما يعد «فرضاً» على إسرائيل، وأعضاؤها الأشد «النمسا، تشيكيا والمجر». أما الثالثة فممتنعة بحجة أن القرارات المذكورة إما أنها لا تدين «حماس»، وإما أنها لا تشير إلى حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ومن أعضائها ألمانيا، رومانيا، بولندا وإيطاليا.

مسؤول العلاقات الخارجية جوزيب بوريل مع وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في 19 أبريل بمناسبة اجتماع لوزراء خارجية مجموعة السبع في جزيرة كابري الإيطالية (أ.ب)

في السعي لنقطة التوازن، اضطلع بوريل بدور مهم؛ إذ دعا الأوروبيين إلى الالتفات لجذور المشكلة وليس الاكتفاء باقتفاء أثر المواقف الإسرائيلية. وشرح رؤيته في مقال نشرته مجلة «Le Grand Continent « داعيا إلى الابتعاد عن «ازدواجية المعايير» والوفاء لمبادئ وقيم الاتحاد الأوروبي.

ومع ارتفاع أعداد القتلى والدمار الرهيب الذي حل بغزة والقضاء على قطاعي التعليم والصحة وضرب البنى التحتية والقتل الأعمى وضغوط الشارع في العواصم الأوروبية، سعى القادة الأوروبيون إلى تعديل سياساتهم. وكان واضحاً أنه إزاء تجاهل إسرائيل لقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية وتصاعد العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية/ حيث الجيش والمستوطنون أوقعوا مئات القتلى، كان على هؤلاء القادة ووزرائهم ودبلوماسياتهم التحرك. وأحد العوامل التي دفعتهم للتحرك أن رئيس الوزراء الإسرائيلي قال علناً إنه يرفض حل الدولتين، وهو ما تدعو إليه أوروبا، وإنه عازم على اجتياح رفح، الأمر الذي يقلق الأوروبيين من وقوع مجازر إضافية. وليس من مجال للتوقف عند خصوصيات مواقف كل دولة أوروبية.

ولكن يمكن اعتبار أن الأوروبيين وجدوا في فرض عقوبات على أربعة مستوطنين وكيانين إسرائيليين وسيلة للتعبير عن نقمتهم ورفضهم للمسار الذي تسلكه إسرائيل. ولم يكن ذلك ممكناً إلا بعد أن سبقتهم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا إلى فرض عقوبات محدودة. وجاء في بيان صادر عن الاتحاد في 19 أبريل الحالي أن هؤلاء «مسؤولون عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ضد الفلسطينيين»، وأنهم «مارسوا عمال تعذيب، وغيرها من أشكال المعاملة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة، فضلاً عن انتهاك الحق في الملكية والحق في الحياة الخاصة والعائلية للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة». وتشمل العقوبات تجميد الأصول وحظر التأشيرات، ولن يسمح لهؤلاء الخاضعين للعقوبات بدخول الاتحاد الأوروبي أو التعامل مع مواطنيه، كما سيتم تجميد أي أصول أو حسابات لديهم في الاتحاد.

وزراء الخارجية الأوروبيون مع نظيريهم الأميركي والكندي في كابري 18 أبريل الحالي (أ.ب)

ثمة أمر تجدر الإشارة إليه، وهو أن إسرائيل تريد تجيير الهجمات الجوية الإيرانية لصالحها، وللتأثير على العالم الغربي والأوروبي على وجه الخصوص. ويرى كثيرون أن أحد أهداف تهديد إسرائيل باجتياح رفح، يكمن في حرف الأنظار عما ارتكبته قواتها وعما برز من مجازرها من خلال الكشف عن المقابر الجماعية، حيث طمرت مئات الجثث ما يشكل جريمة حرب موصوفة.

وحتى الساعة، كانت نادرة التعليقات الأوروبية على هذا الأمر البشع الذي لو حصل في أوكرانيا مثلاً لكانت الدول الأوروبية قد عبأت قدراتها السياسية والدبلوماسية والقضائية على وجه السرعة. ولذا، فإذا كان الموقف الأوروبي قد تغير قليلاً، فإنه يحتاج للكثير حتى يكون متطابقاً مع الشعارات والقيم التي جعلتها القارة القديمة نبراساً للاتحاد الأوروبي. لكن دولاً أوروبية مثل إسبانيا وآيرلندا ومالطا وبلجيكا وسلوفينيا تسير بخطوات أسرع من خطوات الآخرين؛ إذ تريد الاعتراف بالدولة الفلسطينية وهي تبحث عن آلية لذلك، وإن من غير أن يكون الاعتراف عملاً جماعياً أوروبياً، الأمر الذي يبرز، مرة أخرى، عمق الانقسامات بين الأوروبيين.


استطلاع إسرائيلي: خُمس السكان فكروا بترك البلاد

متظاهرون إسرائيليون ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في تل أبيب (رويترز)
متظاهرون إسرائيليون ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في تل أبيب (رويترز)
TT

استطلاع إسرائيلي: خُمس السكان فكروا بترك البلاد

متظاهرون إسرائيليون ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في تل أبيب (رويترز)
متظاهرون إسرائيليون ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في تل أبيب (رويترز)

وفق نتائج استطلاع أجراه معهد «الحرية والمسؤولية» في جامعة رايخمن، ونشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الثلاثاء، فإن «مشاعر القوة ما زالت تسيطر على الإسرائيليين، ولكنهم لا ينامون في الليل، وليس لديهم ثقة على الإطلاق بالحكومة». ويقول المعلق الإسرائيلي نداف إيال على نتائج الاستطلاع: «ما زالت توجد للإسرائيليين ثقة بالجيش، وهم فخورون جداً بأن يكونوا إسرائيليين». ويظهر الاستطلاع أن «87 في المائة من الإسرائيليين يشعرون بفخر بمواطنتهم (بين المواطنين العرب فلسطينيي 48، يشعر بهذا الفخر في المواطنة 61 في المائة)».

ويقول إيال: «هذا مؤشر مذهل، لكن يجب له ألا يخفي الصورة القاسية التي تنعكس من الاستطلاع. فلا يقل عن خُمس السكان يقولون إنهم فكروا بترك البلاد. ولدى مصوتي الوسط واليسار زادت النسبة بقليل، وفي أوساط رجال اليمين أقل كثيراً. لكن الصورة واضحة جداً. يهود، عرب، يسار، وسط ويمين يعتقدون أن الدولة تواجه خطراً وجودياً».

ووفق إيال فإن «أكثر من 6 من كل 10 إسرائيليين يعتقدون أن إسرائيل تحت تهديد الإبادة في هذه الأيام. وعندما يُسألون ما هو التهديد الأكبر على وجود الدولة تكون الفوارق واضحة وجلية: بالنسبة لليمين تكون إيران، ومنظمات الإرهاب والانشقاق في الشعب، وبين من ينتمون للوسط واليسار، فإن التهديد الأكبر في نوعية الزعماء السياسيين (أي نتنياهو وحكومته)، وبعد ذلك يضعون الانشقاق في الشعب وإيران ومنظمات الإرهاب. أما في أوساط مصوتي اليمين فإن جودة الزعماء السياسيين تكاد لا تكون عاملاً».

الاستطلاع يكشف كذلك أن 98 في المائة من المصوتين في الوسط واليسار ليست لديهم ثقة بهذه الحكومة؛ لكن أيضاً في أوساط اليمين يدور الحديث عن نحو 66 في المائة لا يثقون بالحكومة.

أما الجيش الإسرائيلي، رغم الإخفاق في رصد هجوم «حماس»، وفشل الردع والأداء، فإنه، وفق الاستطلاع، يحظى بثقة هائلة «77 في المائة بين مصوتي اليمين، و80 في المائة لدى الوسط واليسار». ويقول معدو الاستطلاع إنهم عندما سألوا المستطلعين: «هل تنامون في الليل جيداً منذ أن شنت (حماس) هجمة الإبادة الجماعية على إسرائيل؟ أجاب 7 من كل 10 بأنهم يعانون من قلق أكبر، بينما لدى الجمهور العربي فإن الوضع أفضل: 5 فقط من كل 10 يبلغون عن ارتفاع في مستوى القلق». وأبلغ 12 في المائة من المستطلعين أنهم توجهوا للمساعدة النفسية (أي نحو مليون شخص). وفي قراءة إيال للاستطلاع فإن إسرائيل قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) كانت دولة تسير في اتجاه محافظ يميني وديني أكثر. في المجتمع اليهودي وفي المجتمع العربي أيضاً. وجاءت الحرب، وعززت هذه الميول فقط. وابتعد الناس عن الحل السياسي، ويستند في ذلك إلى أن «56 في المائة، دون فرق بين يمين، وسط ويسار، عبروا عن اعتقادهم أن احتمال تحقيق اتفاق سياسي مع الفلسطينيين انخفض إلى 22 في المائة فقط».