انتقادات شيعية لدعوة الراعي إلى مؤتمر دولي

TT

انتقادات شيعية لدعوة الراعي إلى مؤتمر دولي

تحوّلت دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي لعقد مؤتمر دولي بشأن لبنان برعاية الأمم المتحدة، إلى مادة سجالية دخلت على خطها المرجعيات الدينية؛ ما أوحى أن الجدل أخذ بعداً طائفياً أكثر منه وطنياً.
وظهر ذلك واضحاً من ردود الأفعال الصادرة عن المرجعيات الشيعية، لا سيما بعد موقف أمين عام «حزب الله» حسن نصرالله الذي وجد في الطرح «دعوة إلى الحرب»، وما قاله المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، معتبراً أنها «إجهاز على صيغة لبنان وسيادته ليست صيحة موضة، ساعة نشاء نلبسها وساعة نشاء نخلعها».
وفي حين قال النائب علي خريس، من «كتلة التنمية والتحرير»، التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، إن هذا الطرح يحتاج إلى نقاش معمّق قبل اتخاذ موقف منه، مؤكداً «إذا كان الهدف منه تغيير صيغة لبنان واتفاق الطائف نرفضه من الآن»، رفض مسؤول الإعلام في البطريركية المارونية وليد غياض وضع السجال الحاصل في خانة الانقسام الطائفي، مع تأكيده أن «بكركي تطرح حلاً ولا تهوّل بحروب أو لديها مشاريع مخفية، وأبوابها مفتوحة دائماً للحوار».
وأوضح خريس لـ«الشرق الأوسط»، «المهم أن يكون هناك نقاش معمّق في هذه الدعوة، أي ما المقصود من المؤتمر الدولي؟ وهل يعني تدخلاً دولياً أو عملاً عسكرياً وأمنياً؟ وإذا كان الهدف منه تغيير صيغة لبنان واتفاق الطائف نعارضه منذ الآن»، مؤكداً «الطرح يحتاج إلى جدول أعمال واستراتيجية واضحة، لكن حتى الآن لم يطرح علينا الموضوع حتى نبدي رأينا به، مع استعدادنا الدائم للحوار لمصلحة لبنان».
ويشدد خريس على أن وضع البلد لا يحمل اصطفافات، ولا سيما طائفية، معتبراً أن الأولوية اليوم يجب أن تعطى لتشكيل الحكومة التي من شأنها أن تنعكس إيجاباً على الوضع العام وقطع الطريق أمام أي خلل قد يحصل، وبعد ذلك يتم البحث في أمور أخرى».
في المقابل، يؤكد غياض لـ«الشرق الأوسط»، «ليس لدى بكركي أي نية ليتحول الأمر إلى اصطفاف طائفي، بل هي تسعى لانتشال البلد من القعر الذي وصل إليه بعد كل المحاولات التي باءت بالفشل والتوصل إلى قناعة أن هناك مشكلة ثقة بين الأطراف المحلية وفي ظل كل الثغرات التي نشهدها في تطبيق اتفاق الطائف».
ويشدّد غياض على «أن فكرة الشك أو الارتياب من دعوة بكركي لا يفترض أن تكون موجودة، وهي لا يمكن أن يكون لها أي مصالح خاصة أو مشاريع خفية، وبالتالي يفترض أن تكون هذه الدعوة خطوة نحو كسر الجدار وفتح الباب للحوار بين جميع مكونات لبنان».
وفي رد على سؤال عما إذا كان هناك تواصل مع الأطراف الأخرى، ولا سيما الأحزاب والمرجعيات الشيعية و«حزب الله» أو دعوة للقاء موسع، يقول غياض «التواصل هو غير مباشر عبر شخصيات وأطراف يلعبون دور الوسطاء، على غرار مدير عام الأمن العام عباس إبراهيم الذي التقى الراعي قبل أسابيع». وعن إمكانية الدعوة إلى حوار، يقول «كل شيء وارد، اليوم يتم عقد لقاءات مصغرة ونأمل أن تكون أوسع في المرحلة المقبلة، مع تأكيدنا أن طرح الحياد الذي يدعو له الراعي ليس مشروعه وحده إنما مشروع جامع تنص عليه بيانات الحكومات وقسم رئيس الجمهورية».
وعن نتائج اللقاء الذي جمع يوم أول من أمس بين الراعي ومنسقة الأمم المتحدة في لبنان، حيث تم البحث بالمؤتمر حول لبنان، يكتفي غياض بالقول «إنها أثنت على مواقف الراعي بينما طرح عقد المؤتمر لا يزال قيد الدرس، وهو في طور التبلور ليتم تحديد الهدف والغاية منه».
ومع اللقاءات المستمرة التي تعقد في بكركي بشكل شبه يومي دعماً لمواقف الراعي الداعية لمؤتمر دولي، كانت ردود مباشرة أطلقت باتجاه المعارضين للمؤتمر، من خلال مرجعيات مسيحية بشكل خاص.
وكانت الرابطة المارونية أدانت ما قالت إنه «تجرؤ على البطريركية المارونية»، وقالت في بيان لها «إن الراعي دعا الأسرة الدولية إلى الاهتمام بلبنان، وهو لم يدعُ إلى إرسال أي قوات أو وضع لبنان تحت الوصاية الدولية، كما أنه لم يفرض أي حل خارجي، ولا سيما أنه لا يسمح بتهميش أي مكون لبناني طائفي، ولا التعرّض لحقوقه انطلاقاً من عدم قبوله بأي تعرض مثيل إلى المكوّن المسيحي».
كذلك، ردّت اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام بشكل مباشر على قبلان يوم الاثنين الماضي، حيث «أكدت أن منطق الاستقواء الذي يستخدمه البعض هو بعيد كل البعد عن أسلوب ونهج بكركي، ولا يمكن اتهامها به على الإطلاق، كما لا يمكن للبعض في مناسبة وفي غير مناسبة أن يمنّن سائر اللبنانيين، وتحديداً المسيحيين بتقديم التضحيات والدماء في سبيل سيادة وحرية واستقلال لبنان».
وأسفت اللجنة «أن يكون نجل المرجعية الشيعية الوطنية المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أحد الذين تسرّعوا في إطلاق الأحكام المسبقة على الدعوة إلى المؤتمر الدولي، نافية أن يكون الهدف هو «الإجهاز على صيغة لبنان، إنما الخوف عليها من المشاريع الغريبة عن الكيان اللبناني والمستوردة من دولة من هنا ومشروع من هناك، ويرفع الوصاية المقنّعة عنه ويستعيد سيادته وقراره الحر المخطوفين، والمطلوب اليوم حصر السلاح بيد الشرعية اللبنانية وحدها»، وسألت اللجنة «إن كان موقف المفتي قبلان يعبّر عن رأي المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى أم أنه يغرّد خارج سرب المجلس؟».



مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.